أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياءالدين محمود عبدالرحيم - [حكمة الإسلام في ستر المعاصي والذنوب والآثام]














المزيد.....

[حكمة الإسلام في ستر المعاصي والذنوب والآثام]


ضياءالدين محمود عبدالرحيم
مفكر وداعية اسلامي و اقتصادي، مطور نظم، مدرب دولي معتمد، وشاعر مصري

(Diaaeldin Mahmoud Abdel Moaty Abdel Raheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8281 - 2025 / 3 / 14 - 19:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإسلام دينٌ شاملٌ يهدف إلى بناء مجتمعٍ فاضلٍ قائمٍ على الأخلاق والقيم الإنسانية الراقية. ومن بين الأسس التي وضعها الإسلام لتحقيق هذا الهدف هو تشريعُه لحماية الفرد والمجتمع من الفوضى الأخلاقية والاجتماعية. ومن هذه التشريعات الحكيمة، حثُّ الإسلام على إخفاء المعاصي والذنوب والآثام، سواء كانت متعلقة بالفرد نفسه أو بالآخرين. فما هي الحكمة من ذلك؟ وكيف يعكس هذا المبدأ رحمة الإسلام وعدالته؟

حماية الفرد من العار والفضيحة
لقد حرص الإسلام على حماية كرامة الإنسان وصون سمعته، فنهى عن إشاعة الفواحش والمعاصي، سواء كانت متعلقة بالفرد نفسه أو بالآخرين. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19]. فإخفاء الذنوب والمعاصي يحفظ للفرد مكانته في المجتمع، ويجنبه العار والفضيحة التي قد تؤدي إلى تدمير حياته الاجتماعية والنفسية.

التشجيع على التوبة والاستغفار
من حكمة الإسلام في إخفاء الذنوب أنه يفتح باب التوبة والرجوع إلى الله تعالى. فالإنسان الذي يقع في المعصية ويخفيها عن الناس يكون أقرب إلى التوبة والاستغفار، لأنه لا يخشى نظرة المجتمع أو حكمه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" (رواه البخاري ومسلم). فإخفاء الذنب يسهل على العبد الرجوع إلى ربه دون خوف من نظرة الآخرين.

حفظ تماسك المجتمع
إخفاء الذنوب والمعاصي يساهم في حفظ تماسك المجتمع وعدم انتشار الفوضى الأخلاقية. فإذا ما انتشرت المعاصي وأصبحت علنية، فإن ذلك يؤدي إلى تدهور القيم الأخلاقية وانتشار الفساد. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور: 11]. فإخفاء الذنوب يحفظ المجتمع من التفكك والانهيار الأخلاقي.

الرحمة بالعاصي
الإسلام دين الرحمة، ومن رحمته أنه يحث على إخفاء الذنوب حتى لا يُفضح العاصي. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة" (رواه مسلم). فستر الذنوب ليس فقط لحماية الفرد، بل هو أيضًا تعبير عن الرحمة والشفقة بالآخرين، وفرصة لهم لتصحيح أخطائهم دون أن يتعرضوا للعقاب الاجتماعي.

التوازن بين العدل والرحمة
الإسلام يوازن بين العدل والرحمة، فمن ناحية يحث على إخفاء الذنوب، ومن ناحية أخرى يوجب على الفرد أن يحاسب نفسه ويتوب إلى الله. قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]. فإخفاء الذنوب لا يعني التغاضي عنها، بل يعني منح الفرصة للتوبة والإصلاح.

الخاتمة
حكمة الإسلام في إخفاء المعاصي والذنوب والآثام تعكس رحمة الله بعباده، ورغبته في أن يعودوا إليه تائبين منقادين. فالإسلام يهدف إلى بناء مجتمعٍ تسوده القيم الأخلاقية، ويحفظ كرامة الفرد، ويحمي المجتمع من التفكك. لذا، فإن إخفاء الذنوب ليس تشجيعًا على ارتكابها، بل هو دعوةٌ إلى التوبة والاستغفار، وإلى بناء مجتمعٍ تسوده الرحمة والعدل.

وليس أحب إلىَّ من أن أختم بكلام الله تعالى عز وجل حيث يقول في القرآن الكريم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)} [سورة المائدة].

المراجع:
القرآن الكريم.

صحيح البخاري.

صحيح مسلم.



#ضياءالدين_محمود_عبدالرحيم (هاشتاغ)       Diaaeldin_Mahmoud_Abdel_Moaty_Abdel_Raheem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطل
- وطنُّى أنا
- وطنيٌ أنا
- مقدمة عن توحيد عملة العالم: رؤية اقتصادية
- أموال دافعى الضرائب الأمريكان والأوروبيون: كيف ضاعت؟
- الدور الإيجابي للمؤسسات الاقتصادية غير الهادفة للربح في الاق ...
- إنشاء محكمة عدل عربية كجهة قضائية دولية لحل النزاعات الإقليم ...
- مبادرة: تفعيل المادة 107 من ميثاق الأمم المتحدة لاستعادة حقو ...
- مبادرة إصلاح قطاع الصحة والصيدلة في مصر: نحو نظام صحي مستدام ...
- مبادرة -كفالة المرأة بلا عائل-
- (وعد)
- ثورة 25 يناير الجديدة
- معًا نحو السلام: مبادرة الوحدة العربية كقوة داعمة للاستقرار ...
- حكايتى مع حزب الوفد المصري (تاريخ عريق وحاضر متجدد)
- قيامة السنوار
- التحالف الضروري لحفظ السلام العالمي
- نحو عالم أكثر رقيا وتحضرا وإنسانية 3
- نحو نظام عالمى أكثر إنصافا 2
- آلية التعامل مع الأنظمة غير الديموقراطية نحو نظام عالمى اكثر ...
- نصرة المستضعفين، والمظلومين والدفاع عنهم في الشريعة الاسلامي ...


المزيد.....




- -الحصار الاقتصادي.. أحكامه وآثاره الفقهية-.. بين فقه الواقع ...
- مغردون عن جريمة المسجد بفرنسا: إرهاب غاشم نتاج خطاب كراهية م ...
- بدء الاجتماع المغلق لاختيار بابا الفاتيكان الجديد
- سلفي صلاح يأسر قلوب عشاق الريدز
- ألمانيا: المسيحيون الديمقراطيون يوافقون على اتفاق تشكيل الحك ...
- مغردون يجمعون على أن منشور رامي مخلوف محاولة لاستغلال الطائف ...
- الدولة الأردنية والإسلاميون من التوافق إلى الحظر
- ألمانيا: المسيحيون الديمقراطيون يوافقون على اتفاق الحكومة
- ثبت تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات لمشاهدة ...
- أغلبية من اليهود الأميركيين يعتقدون إن ترمب يُسيّس مكافحة مع ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياءالدين محمود عبدالرحيم - [حكمة الإسلام في ستر المعاصي والذنوب والآثام]