حازم كويي
الحوار المتمدن-العدد: 8281 - 2025 / 3 / 14 - 13:51
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إعداد: حازم كويي
يمكن لحزب اليسار، الذي حقق نجاحاً غير متوقع، أن يشكل ثقلاً موازناً وكبيراً بعد حصول حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف على المرتبة الثانية في الانتخابات الألمانية داعياً النازيين الجُدد للإنضمام إلى صفوفه.
فقد فاز حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بعدد قياسي من الأصوات في إنتخابات البوندستاغ ، وليحصل على دعم 20.8٪ من الناخبين الألمان. ونتيجة لذلك سيكون له، وحصل على 152 مقعداً في البرلمان، بزيادة69 مقعداً. وقالت زعيمة الحزب أليس فايدل إن حزبها حقق "نجاحاً تأريخياً" في الانتخابات.
ولأول مرة في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حقق حزب يميني متطرف مثل هذه النتيجة المهمة في الانتخابات الفيدرالية. في عام 2021حصل على نسبة 10.3%. وبعد أربع سنوات، تضاعفت النسبة. تشير الشعبية المتزايدة للحزب إلى هدفهم بلفوز في إنتخابات عام 2029. إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يتولى حزب يميني متطرف مرة أخرى قيادة ألمانيا بعد قرن من وصول الاشتراكيين القوميين إلى السلطة.
لقد أحتلت كتلة الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ اليمينية بقيادة مرشح المستشار فريدريش ميرز المركز الأول في الانتخابات بحصوله على 28.5% من الأصوات، أي 164 مقعداً في البوندستاغ، أي بزيادة 12 مقعداً عن الدورة السابقة، حيث حصل على 24.1%. وللحصول على الأغلبية البسيطة في البوندستاغ، يلزم الحصول على 316 مقعداً على الأقل. ولم يفز أي حزب في تاريخ ألمانيا الحديث بالمقاعد المطلوبة للأغلبية البسيطة. وبالتالي، يتعين على القوى السياسية التفاوض لتشكيل إئتلاف حاكم.
وقد أستبعدت الأحزاب الأخرى في التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا من خلال آلية تسمى "جدار الحماية". وبصفته زعيم الحزب الأكبر، وعد ميرز بأنه لن يشكل حكومة إئتلافية مع أقصى اليمين. وفي الوقت نفسه، قالت أليس فايدل إنها مستعدة للعمل مع أي شخص. وسيتعين على ميرز الآن تشكيل ائتلاف مع "حزب وسطي" آخر.
سجل الحزب الديمقراطي الأجتماعي أسوأ نتيجة له في تاريخه، حيث حصل على 16.4%. وبالتالي، لم يفز الحزب الحاكم إلا بـ 120 مقعداً في البوندستاغ، أي أقل بـ 86 مقعداً عن الدورة السابقة. ووصف المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتز نتائج الانتخابات بأنها "مريرة".
وخرج الحزب الديمقراطي الليبرالي الحر اليميني من البرلمان بحصوله على 4.3%. وفشل (تحالف فاكنكنيشت) بفارق ضئيل في الوصول إلى عتبة الخمسة في المائة اللازمة: ووفقاً لرئيس لجنة الانتخابات الفيدرالية، فقد فشل حزب الخضر، مع مرشحه لمنصب المستشار روبرت هابيك في الحصول على 11.6% فقط من الأصوات مقارنة بـ 14.7% في عام 2021.
لقد عاد حزب اليسار
حقق حزب اليسار نجاحاً أنتخابياً غير متوقع، مما أدى إلى تحسين وضعه بشكل كبير إلى 8.8٪، مما ضاعف تقريباً حضوره في برلمان البلاد. قبل عام 2025، أظهرت أستطلاعات الرأي فشل اليسار في تجاوز عتبة الخمسة في المائة. ومع ذلك، تمكن الحزب من القيام بعمل شاق في غضون بضعة أشهر فقط وتحويل الأمور لصالحه، والفوز في أماكن حرجة. تحولت الشبيبة الذي كانت تُعتبر ذات يوم الدائرة الانتخابية للخضر، الآن إلى جانب اليسار، حيث صوت 25٪ منهم والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، أحتل حزب اليسار المركز الأول في برلين، وفاز أحد قدامى الحزب، المُخضرم والبالغ من العمر 77 عاماً غريغور غيسي، بولاية مباشرة في العاصمة.
وقد حقق اليسار هذا النجاح بفضل إستراتيجية ماهرة تم تطويرها من خلال القيادة الجديدة للسياسية هايدي رايشينك البالغة من العمر 36 عاماً، وعالم الأحياء يان فان آكين البالغ من العمر 63 عاماً، والصحفية إينيس شفيرتنر البالغة من العمر 35 عاماً. فقد ركزوا على التفاوت الاجتماعي، وإرتفاع الإيجارات وغلاء أسعار المواد الغذائية. وتخص هذه القضايا 79٪ من سكان ألمانيا وهي مهمة بشكل خاص للشبيبة، الذين تضرروا بشدة من الأزمات الاقتصادية. لذلك، كان الحزب نشطاً على شبكات التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو مُعدة للشبيبة، ونتيجة لذلك أصبح لدى اليسار الآن متابعون على Instagram أكثر من جميع الأحزاب السياسية الألمانية الأخرى.
ولإظهار نفسه كحزب يهتم بمشاكل الناس، تبنى الحزب نهج اليسار النمساوي المُتمثل في مساعدة المواطنين على أرض الواقع. وكجزء من هذه الاستراتيجية، طور اليسار تطبيقاً يراقب أسعار الإيجار في المدن الكبرى (في بعض الأماكن، ساهم هذا التطبيق بالفعل في خفض الأسعار بشكل طفيف). كما ساعد الناس على تجنب دفع مبالغ زائدة مقابل الفواتير الاخرى.
وفي الوقت نفسه، تم إستبعاد القضايا المثيرة للجدل من جدول الأعمال تماماً. ولم تتم مناقشة المساعدات المقدمة لأوكرانيا، والصراع الفلسطيني، وغيرها من القضايا اليسارية المثيرة للجدل في المناسبات العامة تقريباً. وتم طرد الناشطين الأكثر إثارة للجدل من الحزب (أو تركوه طواعية، مثل ساره فاكنكنيشت)، وتم أختيار القيادة الجديدة من أشخاص لم يشاركوا في خلق نزاعات أو مؤامرات.
كما ساعد وضع الحزب باعتباره الحصن الأخير ضد "التحول اليميني المتطرف". في حين سمح الخضر بتشكيل ائتلاف مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي ولم يدين رسمياً سوى المبادرات المحافظة، أثبت اليسار نفسه كمقاوم مبدئي والبديل الوحيد للتحيز اليميني. ونتيجة لهذا، اختار أكثر من مليون من أنصار الحزب الديمقراطي الأجتماعي والخضر الانتقال إلى اليسار في هذه الانتخابات.
" الوجه الودود للاشتراكية القومية"
وبحسب خبراء، أجرت صحيفة فاينانشال تايمز مقابلات معهم ، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا لم ينجح في الحد من التطرف، بل على العكس من ذلك، عززه، على عكس التجمع الوطني الفرنسي بقيادة مارين لوبان، بعد إعادة إنتخابه الناجحة. وفور إعلان النتائج، بدأ حزب البديل من أجل ألمانيا في قبول النازيين الجُدد والمتطرفين اليمينيين في مجموعته البرلمانية.
تم قبول عضو البرلمان عن دورتموند ماتياس هيلفيريش في الحزب بعد تصويت داخلي. في مراسلات شخصية تسربت عبر الإنترنت وأثارت ضجة حتى في فرع حزب البديل من أجل ألمانيا المحلي، وصف نفسه بأنه "الوجه الودود للاشتراكية القومية"
فاز داريو سيفرت، 31 عاماً، بالمنطقة ذات التفويض الفردي التي أنتُخبت فيها المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل. وهو عضو سابق في الجناح الشبابي للحزب الوطني الديمقراطي الألماني الذي أُبتلي بالفضائح. الحزب الوطني الديمقراطي هو حزب نازي جديد نشأ في عام 1964 وأقام روابط مع الحركة السرية اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا. روج الحزب لأفكار القومية الألمانية والانتقام، مطالباً بإعادة الأراضي التي فقدتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. في عام 2023، تمت إعادة تسمية الحزب Heimat "الوطن"
كما ضمت المجموعة البرلمانية أعضاء من الجماعةالمتطرفة المسماة "الجناح". في مارس 2020، صنف المكتب الفيدرالي لحماية الدستور (BfV) الجماعة على أنها تهديد للنظام الديمقراطي في البلاد. غازل أعضاء الجناح الخطاب النازي وطالبوا بفرض قيود على المواطنين الألمان المتميزين عرقياً. وتحت ضغط من الجمهور وكبار أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا، أعلنت قيادة المجموعة أنها ستحل نفسها في عام 2020، لكنها ستجلس الآن في البوندستاغ.
عاد السياسي ماكسيميليان كراه البالغ من العمر 48 عاماً إلى الكتلة البرلمانية. كان في السابق مندوب حزب البديل من أجل ألمانيا الرئيسي في البرلمان الأوروبي، لكنه طُرد بعد أن زعم، أن كل من خدم في قوات الأمن الخاصة التابعة لأدولف هتلر ليسوا مجرمين.
ومن خلال مضاعفة حضوره في البرلمان، سيحصل حزب البديل من أجل ألمانيا على ملايين اليورو الإضافية من الميزانية. وفي عام 2023، حصل الحزب بالفعل على 11.6 مليون يورو. ومن المستحيل تقريباً تتبع أين ستذهب هذه الأموال على وجه التحديد.
#حازم_كويي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟