أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أوزجان يشار - “برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفاف؟”














المزيد.....

“برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفاف؟”


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 23:39
المحور: الصحافة والاعلام
    


في كل شهر رمضان، تعود إلينا برامج رامز بمزيد من الإرهاب والمضايقات والتنمر، وكأن هذا الشهر الكريم، الذي يُفترض أن يكون موسمًا للروحانية والتأمل والتسامح، يستحق أن يُلوث بمثل هذه البرامج عديمة القيمة. عامًا بعد عام، تزداد جرعة العنف النفسي، والسخرية القاسية، والإهانة الممنهجة للضيوف، تحت غطاء الكوميديا، بينما في الحقيقة لا تقدم للمشاهد سوى التكرار الرتيب، والإزعاج المتعمد، وهدر الملايين على إنتاج لا يحمل أي قيمة ثقافية أو فكرية. هذه البرامج لم تكتفِ بالإزعاج والصدمة، بل تحولت إلى استعراض للترهيب والإهانة، مما يثير تساؤلًا جادًا حول مدى تأثيرها السلبي على الوعي المجتمعي، والسلوكيات العامة، بل وحتى على الذوق العام.

“ما من أمة تُدمر ثقافتها إلا وسقطت في الهاوية”

يقول الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي: “السيطرة الثقافية هي أخطر أنواع السيطرة، لأنها تجعل الشعوب ترضى بواقعها دون مقاومة.” وهذا بالضبط ما تفعله مثل هذه البرامج، حيث تساهم في تشكيل وعي جماهيري سطحي، يرى في السخرية من الألم والرهبة نوعًا من الترفيه، وتُشجع على ثقافة “المحتوى الفارغ” الذي لا يضيف أي قيمة فكرية أو اجتماعية.

أما الفيلسوف إريك فروم فيقول: “الخطر الأكبر على الإنسان ليس أن يُدمره الشر، بل أن يسلب منه إحساسه بالفرق بين الخير والشر.” وهذه البرامج تساهم بشكل مباشر في طمس الحدود بين ما هو مقبول أخلاقيًا وما هو مجرد إساءة مبررة تحت مسمى “المقلب” أو “المزاح”.

أثر سلبي عميق على الوعي والسلوك

بدلًا من تقديم محتوى يرتقي بالمشاهد، تعتمد هذه البرامج على أسلوب الصدمة والإيذاء النفسي كوسيلة لجذب الانتباه، غير آبهة بالانعكاسات الخطيرة لذلك. حيث يتم تصوير الضيوف – سواء بعلمهم أو بدونه – في مواقف تثير التوتر والخوف، مما يؤدي إلى ترسيخ ثقافة السخرية من الألم والخوف، وإضعاف الإحساس بالتعاطف الإنساني. الأطفال والمراهقون، وهم الفئة الأكثر تأثرًا، قد يجدون في هذه السلوكيات نماذج قابلة للتقليد، مما يؤدي إلى نشر التنمر وقلة الاحترام بين الأفراد.

“قل لي أين تنفق أموالك، أقل لك من أنت”

عندما نرى مئات الملايين تُهدر في إنتاج برامج مثل هذه، بينما يعاني الوطن العربي من أزمات اقتصادية متلاحقة، يتضح مدى العبثية واللامسؤولية في توجيه الموارد الإعلامية. الفيلسوف جون ستيوارت ميل يقول: “الحضارة لا تُقاس بما تستهلكه من مواد، بل بما تنتجه من أفكار.” وإذا طبقنا هذا المقياس، فإن هذه البرامج تمثل قمة الانحطاط الإعلامي، حيث يتم ضخ ملايين الدولارات فقط لإضحاك الجمهور على مشاهد الرعب المصطنعة والمواقف المهينة.

المحاسبة.. لمن ولماذا؟

يجب أن يكون هناك مساءلة حقيقية للقائمين على هذه البرامج، من المنتجين إلى القنوات التي تروج لها، فهم مسؤولون عن نشر ثقافة فارغة تسهم في تدمير الذوق العام. لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير هذا الهدر المالي الضخم بينما يمكن استثماره في:
1. دعم الإنتاج الدرامي الهادف: هناك قصص عربية وإسلامية عظيمة يمكن تقديمها بطرق حديثة وجذابة بدلًا من إهدار المال على التفاهة.
2. البرامج الثقافية والترفيهية الراقية: مثل المسابقات الفكرية، والبرامج التي تجمع بين العلم والمتعة، بدلًا من الترويج للخوف والإهانة كأدوات للترفيه.
3. دعم الشباب والمبدعين: يمكن استثمار هذه الأموال في تمويل مشاريع فنية شبابية هادفة تُعبر عن واقع المجتمعات العربية وتساهم في الارتقاء بالوعي.
4. تعزيز الإعلام المسؤول: يجب أن تلتزم القنوات الكبرى بمعايير أخلاقية ومهنية، وتقديم محتوى يحترم المشاهد بدلًا من معاملته كوسيلة لتحقيق الأرباح فقط.

الحل: إعادة تعريف مفهوم الترفيه

يقول المفكر الإسلامي مالك بن نبي: “إذا غابت الفكرة عن مجتمع ما، سقط في مستنقع التفاهة.” وما نشاهده اليوم من إنتاجات تافهة هو انعكاس لفقدان الرؤية الإعلامية الحقيقية. الترفيه لا يعني الإهانة، ولا يعني أن يسقط الإنسان في دوامة السطحية والاستهتار بقيمته الإنسانية. يجب أن يكون الترفيه وسيلة لبناء ثقافة جديدة، تواكب العصر دون أن تفقد الأخلاق والاحترام.

الخاتمة: وعي المشاهد هو الحل الحقيقي

يجب أن يدرك الجمهور أن استمرار مثل هذه البرامج يعتمد على نسبة المشاهدة العالية التي تحققها. إن نجاح هذه الإنتاجات قائم على استهلاكنا لها، وعلى سكوتنا عن هذا المستوى من الهدر المالي والعبث الإعلامي. يقول جورج أورويل: “الجماهير التي تضحك على تفاهة الإعلام، هي ذاتها التي ستبكي عندما تكتشف أنها ضحكت على نفسها.” فهل سنبقى أسرى لهذا النوع من الترفيه السطحي؟ أم سنطالب بإعلام يرتقي بنا، بدلًا من أن يستهتر بعقولنا؟

الإجابة بيد المشاهد أولًا، وبيد من يملك القرار الإعلامي ثانيًا. لكن التغيير لن يحدث إلا عندما يتحول الوعي الفردي إلى مطلب مجتمعي، يرفض التفاهة ويطالب بمحتوى يليق بعقل الإنسان العربي، ويليق بتاريخ أمة عريقة، لا يليق بها أن تُختزل ثقافتها في “مقلب رامز”!



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماعة “الجمجمة والعظام” والرقم 322: سر النخبة الخفية
- رؤية السعودية الخضراء: خارطة طريق لتشجير المملكة ومستقبل بيئ ...
- قراءة في كتاب “عقل القائد: كيف تقود نفسك وموظفيك ومؤسستك لتح ...
- إشكالية تكيف المثقف العربي بين الاستقطاب السياسي والفكري ودو ...
- البحرين: رحلة عبر الزمن بين القلاع والأسواق والمعابد والأساط ...
- بيئة العمل المسمومة: كيف تؤثر على نجاح الشركات؟
- البلد: روح مدينة جدة القديمة
- معضلة القنفذ: فلسفة المسافة الآمنة في العلاقات الإنسانية
- الحمار المظلوم وحكمة “موت يا حمار”
- مجتمع النبل والإنسانية: دروس مستوحاة من الذئاب
- الصراع العالمي القادم على الليثيوم: وقود معركة الطاقة المستق ...
- إتقان منهج يونغ: رحلة إلى أعماق النفس البشرية
- سبينوزا وفلسفة السعادة: طريق العقل إلى الحرية
- الإحباط من الواقع قد يقتل فرص النجاح
- قواعد التعامل الاجتماعي
- مصاصي الطاقة والعلاقات السامة
- خطاء المديرين في الإدارة
- طواحين الهواء (متلازمة دون كيشوت)
- أنواع العقد النفسية: تحليل لأشهرها وأسبابها وآثارها وطرق الت ...
- من مذكرات الكاتب التركي عزيز نيسين..- الفأر الصغير في زيت ال ...


المزيد.....




- وزارة الصحة في غزة: حصيلة الحرب تتجاوز 52 ألف قتيل مع استمرا ...
- بيع رسالة أحد الناجين من غرق تيتانيك مقابل 400 ألف دولار في ...
- القيادة الأمريكية استهدفت 800 موقع للحوثيين، والإنفاق العسكر ...
- الشرع يتسلم دعوة رسمية من العراق للمشاركة في القمة العربية
- كورسك.. كيف سقطت أهم ورقة أوكرانية؟
- الجيش الأميركي يكشف تفاصيل عملياته ضد الحوثيين
- ترامب: أعتقد أن زيلينسكي مستعد للتخلي عن شبه جزيرة القرم
- نتنياهو يردّ على اتهامات رئيس الشاباك -الخطيرة-
- واشنطن تتحدث عن -أسبوع حاسم- أمام أوكرانيا وروسيا
- زيادة قياسية في الإنفاق العسكري العالمي خلال 2024


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أوزجان يشار - “برامج رامز: عبثية المحتوى وهدر المال.. متى ينتهي هذا الإسفاف؟”