جماعة “الجمجمة والعظام” والرقم 322: سر النخبة الخفية

أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 23:38
المحور: الصحافة والاعلام
    

منذ قرون، لطالما أثارت الجماعات السرية اهتمام الباحثين والصحفيين وهواة نظريات المؤامرة، لكن قلة منها حظيت بقدر من الغموض والنفوذ مثل جماعة “الجمجمة والعظام” (Skull and Bones). هذه المنظمة السرية التي نشأت في جامعة ييل الأمريكية عام 1832، يُشاع أنها تضم نخبة النخبة في السياسة والاقتصاد، وتُحيط بها العديد من الرموز الغامضة، وعلى رأسها الرقم 322.

فما هي حقيقة هذه الجماعة؟ وما سر الرقم 322؟ وهل لها دور خفي في سياسات العالم؟ الأهم من ذلك، هل يمكن أن تلجأ للعنف للحفاظ على سريتها، كما يعتقد البعض، خاصة بعد وفاة الصحفي الذي واجه جورج بوش بسؤال عنها؟

⸻

1. جماعة الجمجمة والعظام: النخبة التي تحكم العالم من الظل؟

أصول الجماعة وتأسيسها

تأسست جماعة Skull and Bones عام 1832 في جامعة ييل على يد ويليام هنتنغتون راسل وألفونسو تافت (والد الرئيس الأمريكي ويليام هوارد تافت). تهدف الجماعة، وفقًا للروايات الرسمية، إلى بناء شبكة من النخب السياسية والاقتصادية، لكن طبيعتها السرية أثارت الشكوك حول أهدافها الحقيقية.

الأعضاء البارزون

ينتمي إلى الجماعة العديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية الكبرى، مثل:
• جورج بوش الأب (الرئيس الأمريكي الـ41)
• جورج بوش الابن (الرئيس الأمريكي الـ43)
• جون كيري (وزير الخارجية والمرشح الرئاسي السابق)
• ويليام هوارد تافت (الرئيس الأمريكي الـ27)
• هنري لوكاس (أحد مؤسسي مجلة Time)
• عدد من كبار المسؤولين في وول ستريت والاستخبارات الأمريكية

السرية المطلقة هي القاعدة الأولى في الجماعة، حيث يُطلب من الأعضاء أداء قسم يفرض عليهم التكتم التام حول أنشطتها.

⸻

2. الرقم 322: الرمز الغامض في قلب الجماعة

يُعد 322 أحد الرموز الأكثر غموضًا في تاريخ الجمعيات السرية، وهناك عدة نظريات حول دلالته:

أ. ديموستينيس واليونان القديمة

يُقال إن الرقم يشير إلى عام 322 ق.م.، وهو العام الذي توفي فيه ديموستينيس، الخطيب اليوناني الشهير الذي قاوم هيمنة المقدونيين على أثينا. يرى البعض أن الرقم يعكس التقاليد الإغريقية السرية التي ربما تأثرت بها الجماعة.

ب. تأسيس الجماعة

البعض يعتقد أن الرقم مرتبط بسنة 1832، حيث يمكن تقسيمه إلى “32-2”، في إشارة إلى السنة الثانية من العقد الثالث للقرن التاسع عشر، وهي الفترة التي تأسست فيها الجماعة.

ج. علاقة بالماسونية أو الأيلومناتي

يعتقد أنصار نظريات المؤامرة أن 322 ليس مجرد رقم عشوائي، بل رمزٌ لتسلسل هرمي داخل شبكة أوسع من الجماعات السرية، مثل الماسونية أو الأيلومناتي.

⸻

3. طقوس غامضة داخل “الضريح”

تمتلك الجماعة مقرًا غامضًا يُعرف باسم “الضريح” (The Tomb)، حيث يُقال إن الأعضاء الجدد يمرون بطقوس غريبة، تشمل:
• الاعتراف بأسرارهم الشخصية أمام الأعضاء القدامى.
• أداء قسم الولاء للجماعة مدى الحياة.
• طقوس رمزية حول الجمجمة والعظام، مما يُعزز هالة الغموض حولها.

⸻

4. وفاة الصحفي الذي فضح جورج بوش وسأل عن الجماعة

في عام 2004، أجرى الصحفي الأمريكي أليكس باريينتوس مقابلة مع الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن، ووجه إليه سؤالًا مباشرًا عن انتمائه لجماعة “Skull and Bones”. جاء رد بوش مقتضبًا وباردًا:

“إنها جماعة سرية… لا أستطيع التحدث عنها.”

بعد فترة وجيزة من المقابلة، عُثر على باريينتوس ميتًا في شقته بظروف غامضة، مما أثار عاصفة من التساؤلات حول ما إذا كانت الجماعة قد لعبت دورًا في وفاته للحفاظ على سريتها.

رغم عدم وجود أدلة رسمية تربط الجماعة بالحادث، إلا أن العديد من المراقبين يرون أن وفاة الصحفي بعد وقت قصير من مواجهته لبوش قد لا يكون مجرد مصادفة.

⸻

5. هل يمكن أن تلجأ الجماعة إلى العنف للحفاظ على سريتها؟

رغم عدم وجود دليل قاطع على أن “الجمجمة والعظام” تمارس العنف أو التصفيات الجسدية، فإن الشكوك تحيط بها نظرًا لعلاقاتها القوية مع دوائر السلطة.

أدلة تدعم هذه الفرضية:
• وفاة صحفي بعد التحقيق في الجماعة، كما هو الحال مع أليكس باريينتوس.
• نفوذ أعضاء الجماعة في المخابرات، وول ستريت، والإعلام، مما يجعل من الممكن التلاعب بالتحقيقات أو إسكات المنتقدين.
• التشابه بين هيكل الجماعة وبعض المنظمات السرية التي يُشاع أنها تنفذ عمليات سرية.

أدلة ضد هذه الفرضية:
• لا توجد وثائق رسمية أو اعترافات تُثبت تورط الجماعة في أي أنشطة إجرامية.
• يمكن تفسير طبيعة الجماعة على أنها مجرد نادٍ للنخبة يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الأعضاء.

⸻

6. الجماعة في الثقافة الشعبية: من الأفلام إلى الروايات

ظهرت جماعة Skull and Bones في العديد من الأفلام والكتب، مثل:
• فيلم “The Skulls” (2000)، الذي يصوّر الجماعة كمؤسسة تُدير العالم من خلف الكواليس.
• رواية “The Brotherhood of Death”، التي تشير إلى تورط الجماعة في شبكة أوسع من القوى الخفية.
• مسلسلات وثائقية وتقارير صحفية حاولت فك ألغاز الجماعة وعلاقتها بالسلطة.

⸻

الخاتمة: بين الحقيقة والمؤامرة

تبقى جماعة “Skull and Bones” واحدة من أكثر الجمعيات السرية إثارةً للجدل في التاريخ الحديث. فبينما يؤكد البعض أنها مجرد شبكة علاقات للنخبة، يعتقد آخرون أنها أداة خفية للتحكم في السياسة والاقتصاد العالمي.

الرقم 322، وطقوس “الضريح”، ووفاة الصحفي أليكس باريينتوس بعد سؤاله عن الجماعة، كل ذلك يزيد من غموضها. ولكن، كما هو الحال مع جميع الجمعيات السرية، فإن الحقيقة تظل مدفونة تحت طبقات من الغموض… أو ربما داخل الضريح نفسه.

⸻

المصادر

1. وثائق تاريخية عن تأسيس الجماعة في
جامعة ييل.
2. تقارير إعلامية حول وفاة الصحفي أليكس باريينتوس.
3. مقابلة جورج بوش الابن مع الصحفي عام 2004.
4. أفلام وثائقية حول الجماعات السرية في الولايات المتحدة.

#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات