أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محفوظ بجاوي - خطر الفكر الظلامي في الجزائر : بين الإهمال والسياسة الممنهجة














المزيد.....

خطر الفكر الظلامي في الجزائر : بين الإهمال والسياسة الممنهجة


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 23:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها الجزائر في السنوات الأخيرة، أصبح من الواضح أن المجتمع يواجه تحديات حقيقية على أكثر من صعيد، أبرزها انتشار الفكر السلفي والتطرف الذي بدأ يتغلغل في مؤسسات الدولة، وحتى في الأجهزة الأمنية. هذا الوضع يثير العديد من التساؤلات حول من المستفيد من هذا الانحدار نحو التطرف والانغلاق. هل هو مجرد إهمال من قبل الدولة، أم أن هناك سياسة ممنهجة تهدف إلى ضمان السيطرة على المجتمع من خلال تديينه وربطه بخطاب الطاعة والاستسلام؟

لقد أصبح من الصعب تجاهل أن الفكر السلفي قد وجد طريقه إلى قلب المؤسسات الجزائرية، وهو ليس مجرد ظاهرة فردية، بل أصبح جزءًا من معادلة أكبر تتعلق بكيفية إدارة البلاد. لا يمكن اعتبار هذا الانتشار غير ذي أهمية، لأنه يؤثر بشكل مباشر على السلم الاجتماعي، ويشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة الدولة واستقرارها. إن الفكر السلفي الذي يروج له بعض المتشددين في الجزائر يعزز الانغلاق ويزيد من الانقسام داخل المجتمع، حيث يتم ربط الدين بمواقف سياسية ضيقة تجعل المجتمع عالقًا في دوامة من الاستبداد الفكري.

وبالنظر إلى الوضع الحالي، يبدو أن الجزائر تواجه خطرًا أكبر مما مرّت به في التسعينات. فالأزمة التي قد تواجهها البلاد اليوم لا تقتصر فقط على وجود جماعات متشددة أو إرهابية، بل هي أزمة فكرية واجتماعية عميقة. التطرف الذي نشهده الآن ليس محصورًا في جماعات معزولة، بل بدأ يتسلل إلى قطاعات حساسة في الدولة، وفي أوساط المواطنين، بما في ذلك الأجهزة الأمنية. هذا التغلغل الفكري قد يهدد مستقبل الجزائر بشكل أشد من أي وقت مضى، لأنه يأتي من داخل المؤسسات نفسها التي من المفترض أن تحمي المجتمع من مثل هذه الأفكار المتطرفة.

إذا كان التحدي في التسعينات قد تمثل في الإرهاب العنيف الذي دمر الكثير من الأرواح والممتلكات، فإن التحدي اليوم يختلف في كونه تحديًا فكريًا وثقافيًا أكثر عمقًا. عندما يبدأ الفكر السلفي في اختراق الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني، يصبح من الصعب كبح جماح تأثيره، ويزداد خطره على النسيج الاجتماعي الذي يحتاج إلى التنوع والقبول بالاختلاف الفكري. هذا يشير إلى ضرورة التحرك بسرعة لضمان عدم وصول المجتمع إلى نقطة اللاعودة، حيث يصبح من الصعب تصحيح المسار بعد أن تتغلغل هذه الأفكار في المؤسسات الرسمية.

الحل لا يكمن في المجاملات أو السياسات المؤقتة التي فشلت سابقًا في التصدي لهذه الظاهرة، بل يتطلب الأمر تغييرًا جذريًا يعيد بناء المجتمع على أسس من التنوع والاحترام المتبادل. النظام الفيدرالي، الذي يضمن توزيع السلطة بشكل عادل بين المناطق المختلفة، قد يكون الحل الأنسب لكبح انتشار الفكر الظلامي. فبدلاً من تركيز السلطة في يد واحدة، يتيح النظام الفيدرالي لكل منطقة إدارة شؤونها بما يتناسب مع احتياجاتها الثقافية والاجتماعية، مما يحد من هيمنة أي تيار فكري واحد على الدولة بأسرها. كما يمكن للنظام الفيدرالي أن يعزز التنوع الثقافي والديني في الجزائر، ويعطي فرصة للمجتمعات المحلية للازدهار بعيدًا عن ضغوط المركزية التي قد تكون عرضة لتأثيرات الفكر المتطرف.

إلى جانب ذلك، يجب أن يكون هناك اهتمام كبير بالتعليم، حيث يمثل التعليم الركيزة الأساسية لمكافحة الفكر المتطرف. من خلال تطوير المناهج التعليمية لتشجيع التفكير النقدي، وتأكيد احترام التنوع الثقافي والديني، يمكننا بناء جيل قادر على مواجهة التحديات الفكرية التي قد تهدد استقرار المجتمع. على الرغم من أن الفكر الظلامي قد يبدو جذابًا للبعض في البداية، إلا أن الحل يكمن في نشر العلم والمعرفة، وتوفير بيئة تعليمية تحفز على التفكر والتحليل العقلاني.

الجزائر اليوم بحاجة إلى سياسات تأخذ بعين الاعتبار الواقع المعقد الذي يعيشه المجتمع. إذا استمرت الدولة في تجاهل هذه القضايا أو محاولة التقليل من خطورتها، فإننا سنواجه خطرًا حقيقيًا يمكن أن يهدد ما تبقى من استقرار الجزائر. الفكر المتطرف لا يُحارب بالوعظ فقط، بل من خلال تحولات جذرية تشمل السياسة، والتعليم، والاقتصاد. إذا أردنا تجنب السيناريوهات المظلمة التي مررنا بها في التسعينات، يجب علينا العمل على بناء نظام سياسي واجتماعي يعزز قيم الحرية والتنوع ويحمي المجتمع من أي محاولات للانغلاق الفكري.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 8 مارس-عيد المرأة : ليس مجرد احتفال...بل صرخة للحقوق والكرام ...
- عيد المرأة : بين الاحتفاء والبحث عن العدالة والمساواة
- علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع ...
- رمضان : فرصة للتوازن الأخلاقي وتجديد الذات
- التجسس على الناس باسم الدين : أزمة أخلاقية أم انحراف فكري
- قفة رمضان : بين التكافل الإجتماعي وإهانة الكرامة
- عبء التاريخ : كيف نتحرر من الماضي لبناء المستقبل ؟
- المدرسة الجزائرية : كيف شوهت الهوية الوطنية وضلّلت الأجيال؟
- العبودية الاختيارية... لماذا يتأقلم البعض مع القمع؟
- الجزائر بين الماضي والحاضر، ضرورة الإصلاح والنهضة الفكرية
- التربية السليمة للأبناء : بين التوجيه والحرية
- ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي ف ...
- الفكر السلفي والوهابي : عانق أمام التقدم الفكري والتحرر في ا ...
- مامعنى أن تكون يساريًا ؟
- حين يصبح الجهل مقدسًا...لابد من التمرد ، لأن الحقيقة لا تخشى ...
- رسالة اعتذار وحب لعائلتي
- نور العقل في مواجهة ظلام الجهل والتطرف
- إضراب التلاميذ في الجزائر: صرخة من أجل حقوق مستقبلية وأزمة ا ...
- التعليم في الجزائر : أزمة التطهير وتهديدات المستقبل
- حب الجد لأحفاده الأعزاء :عاطفة صادقة تعيدني إلى شبابي


المزيد.....




- ألمانيا: المسيحيون الديمقراطيون يوافقون على اتفاق الحكومة
- ثبت تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات لمشاهدة ...
- أغلبية من اليهود الأميركيين يعتقدون إن ترمب يُسيّس مكافحة مع ...
- أسعدي طفلك بالأغاني..أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- الفاتيكان يغلق كنيسة سيستين استعدادًا لانتخاب بابا جديد بعد ...
- الفاتيكان يحدد موعد انتخاب خليفة للبابا فرنسيس
- الفاتيكان يحدد موعد انتخاب البابا الجديد
- الفاتيكان يحدد موعد انتخاب البابا الجديد
- كرادلة الفاتيكان يحددون موعد اجتماعهم لانتخاب البابا الجديد ...
- الاحتلال يسلم إخطارات بإزالة سياج واقتلاع أشجار غرب سلفيت


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محفوظ بجاوي - خطر الفكر الظلامي في الجزائر : بين الإهمال والسياسة الممنهجة