علا الشربجي
كاتبة و محلله سياسية و اقتصادية ، اعلامية مقدمة أخبار و برامج سياسية
(Ola Alsharbaji)
الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 16:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عاش الاردنييون تحت وطأة ضغوطات لا تُحتمل منذ اندلاع الحرب في غزة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو النفسي. فقد كانت الأشهر الماضية حافلة بالقلق، والاحتقان الشعبي، والتدهور المعيشي الذي أرهق الطبقة الوسطى وزاد من معاناة الفئات الأكثر ضعفاً. وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية، يصبح الحديث عن العفو العام أكثر من مجرد مطلب قانوني، بل ضرورة إنسانية واجتماعية.
الوضع الاستثنائي يتطلب إجراءات استثنائية
يعلم الجميع أن الأردنيين كانوا من أكثر الشعوب تفاعلاً وتأثراً بالأحداث في غزة، ليس فقط بحكم الروابط التاريخية والجغرافية، ولكن أيضاً لأن القضية الفلسطينية ركن أساسي من وجدانهم وهويتهم الوطنية. ومع كل مجزرة تنقلها الشاشات، ومع كل خبر عن مجاعة أو دمار في غزة، كانت مشاعر الغضب والقهر تتراكم في النفوس، مما انعكس على الحالة العامة في البلاد، وفاقم من حالة الاحتقان الشعبي.
ترافقت هذه المشاعر مع أوضاع اقتصادية خانقة، حيث ارتفعت الأسعار، وتآكلت القدرة الشرائية للمواطن، وزادت نسب البطالة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الجريمة والتعثر المالي. وفي ظل كل هذه التحديات، أليس من حق المواطن أن يلمس شيئًا من الرحمة والإنصاف من دولته؟
العفو العام ليس ضعفاً بل حكمة
قد يرى البعض أن العفو العام قد يُفسر على أنه تساهل مع المخالفين، لكن في الحقيقة، فإن الحكومات القوية هي التي تدرك متى تحتاج إلى إظهار الحزم، ومتى يكون العفو أداة لترميم النسيج الاجتماعي وتخفيف الاحتقان.
هناك آلاف الأردنيين اليوم ممن يرزحون تحت وطأة الأحكام القضائية نتيجة ديون أو مخالفات بسيطة لم تكن سوى نتاج الظروف الاقتصادية الصعبة. وهناك شباب فقدوا مستقبلهم بسبب أخطاء ارتكبوها في لحظة ضعف أو يأس. فهل يستحق هؤلاء أن يُترَكوا في السجون بينما يعاني المجتمع بأسره من أزمات غير مسبوقة؟
ترميم جدار الثقة بين المواطن والدولة
في أوقات الشدة، يكون العفو رسالة بأن الدولة تقف إلى جانب مواطنيها، وتتفهم معاناتهم، وتسعى إلى احتضانهم بدلاً من معاقبتهم. العفو العام في هذه المرحلة سيكون خطوة نحو إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وسيعطي فرصة جديدة للكثيرين لبدء حياتهم من جديد، بعيداً عن دوامة الإقصاء والتهميش.
العفو العام ليس مجرد تساهل، بل استجابة عادلة لظروف استثنائية مر بها الأردنيون. فالدولة التي تطالب شعبها بالصبر ومواجهة الأزمات عليها أيضاً أن تبادر إلى التخفيف عنهم واتخاذ قرارات تعيد التوازن للمجتمع. العدالة الحقيقية لا تكمن فقط في تطبيق القانون بحزم، بل في إدراك اللحظة التي يصبح فيها العفو ضرورة لإعادة بناء الثقة وتعزيز التلاحم الوطني. الرحمة ليست ضعفاً، بل قوة تمارسها الدول الراسخة لإصلاح المجتمع وتمكين أبنائه من فرصة جديدة تضمن لهم مستقبلاً أكثر استقراراً وإنتاجية.
#علا_الشربجي (هاشتاغ)
Ola_Alsharbaji#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟