أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - واقع جديد يتشكل بعد 7 أكتوبر















المزيد.....


واقع جديد يتشكل بعد 7 أكتوبر


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 10:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


تحاول إسرائيل منذ حدوث هجوم السابع من أكتوبر تصويره وتهويله وكأنه أشبه بأحداث 11 سبتمر التي هزت الولايات المتحدة والعالم منذ أكثر من عقدين، لتبرير ردات فعلها العنيفة. يأتي ذلك على الرغم من عدم وجود أي تشابه بين الحادثتين. جاء هجوم 7 أكتوبرعلى خلفية احتلال مديد للأراضي الفلسطينية وحصار صارم على قطاع غزة وسياسات احتلالية قاهرة، وفي سياق رفض هذا الاحتلال، والرغبة من التحرر من آثامه. في حين جاء هجوم 11 سبتمبر مباغتاً ومفاجئاً، ومخططاً له من قبل جهات أجنبية، من خارج الولايات المتحدة، فالأسباب وطبيعة الفاعلين وتفاصيل الهجوم كلها مختلفة. لكن ما تحاول أن توصله إسرائيل من خلال هذا التشبيه المبالغ به هو التبعات، أي تشبية تبعات 7 أكتوبر بتبعات هجوم 11 سبتمبر، الذي بدأت بعده الولايات المتحدة سياسة خارجية جديدة تجاه الشرق الأوسط تقوم على استخدام سياسة العصا وشن الحروب، وسعت من خلال ذلك لتغيير واقع المنطقة بالقضاء على قوى فيها وتغييرها وفرض تحالفات جديدة.

لابد من الإقرار بأن واقع جديد بدأ يحاك ضد الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر، وعليهم أن يستعدوا له. ولعل هناك أربعة محاور مهمة يواجه الفلسطينيون في اطارها تبدلات يعمل الاحتلال على فرضها داخل الأراضي الفلسطينية. وقد ترتبط أول تلك التبدلات بسياسة الاحتلال تجاه قطاع غزة، فالتوجه يميل نحو عدم السماح بعودة القطاع لسابق عهده. ويأتي ثاني تلك التبدلات في الضفة الغربية، فما يفرضه الاحتلال اليوم، والذي يعتبر سياسة تصعيدية ضمن مستويات متقدمة، لن يكون استثنائياً، وإنما هو مجرد البداية. ويتعلق ثالثها بالأونروا والمخيمات في الأراضي المحتلة، والذي يعكس الموقف الحقيقي والمعلن لإسرائيل من حل الدولتين وقضايا الحل النهائي، وعلى رأسها قضية الاستيطان واللاجئين. في حين يركز الرابع على مساعي تقويض القيادة الفلسطينية، وهو توجه يرتبط بما سبقه، فكل التوجهات السابقة تتحقق بشكل أكثر سلاسة في ظل تجاهل إسرائيل للقيادة الفلسطينية.

ولعله ليس مستغرباً أن يأتي كل ذلك التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل حكومة يمينية متطرفة، بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي لم تخف نواياها وتوجهاتها ضد الفلسطينيين منذ اليوم الأول لها في الحكم. ويساعد وجود الرئيس دونالد ترامب في سدة الحكم إسرائيل لتحقيق تطلعاتها وأهدافها. ولم يعد خفياً توجه ترامب واستشراف موقفه تجاه الفلسطينيين من خلال تصريحاته وسياساته، فدعمه لإسرائيل بلا حدود، ويفسر انتظار نتنياهو وحكومته لسنوات حكمه. كان من بين أول القرارات التي اتخذها ترامب، في موقف موجه ضد الفلسطينيين، وقف العقوبات ضد المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين؛ وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية، لأنها اتخذت اجراءات ضد قادة إسرائيل؛ وحجب التمويل عن الفلسطينيين والأونروا.

وبدأت إدارة ترامب ولايتها الحالية بالسماح بإطلاق سراح قنابل تزن 2000 رطل لإسرائيل في 25 يناير 2025، كانت محتجزة من قبل الإدارة السابقة. وقامت بعد ذلك بتدابير إضافية، كإخطار الكونجرس في 7 فبراير بخطط لبيع أسلحة بقيمة ما يقرب من 7.4 مليار دولار لإسرائيل، والموافقة في 28 فبرايرالماضي على بيع قنابل ورؤوس حربية خارقة لها بقيمة حوالي 2.04 مليار دولار، وبيع ذخائر وأجهزة توجيه بقيمة 675.7 مليون دولار. كما عمل ترامب على استثناء متطلب مراجعة الكونجرس على مراقبة تصدير الأسلحة، والذي يعمل بموجب قانون. كما استخدام ترامب "سلطات الطوارئ" في مطلع الشهر الجاري لتسريع وصول ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل. واتخذ إجراءات تصعيدية ضد من يقف مع الفلسطينيين وقضيتهم في الولايات المتحدة. يأتي ذلك على الرغم من مواقف ترامب وإداراته على سبيل المثال من حليف الولايات المتحدة فولوديمير زيلينسكي، حيث أوقف الدعم عنه، وأجبره على الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب، وتقديم تنازلات، لا يقبل بها حلفاؤه الأوروبيون.

لا يعطي ترامب اعتباراً لحلفائه التقليديين، باستثناء إسرائيل، فهو يترك حليفه زيلينسكي وحيداً، بعد أن تقاطعت أهدافه مع أهداف الولايات المتحدة في حربه ضد روسيا، وتحصن بدعم الولايات المتحدة طوال الأشهر السابقة. ويضرب ترامب في عرض الحائط بعلاقته مع حلافائه الأوروبيين، الأمر الذي أوجب عليهم إجراء مرجعات عميقة في معادلة الردع العسكري والنووي وفي إطار حلف الناتو. كما قرر ترامب فرض قيود تجارية وتعريفات جمركية على حلفاء الولايات المتحدة وأندادها، في مخالفة صارخة لتراث تبنته الولايات المتحدة بعد نهايات الحرب الباردة. ويبدو أن الاعتبار الوحيدة التي يتمسك به ترامب في سياسات الولايات المتحدة الخارجية هو فقط ما يتعلق بإسرائيل.

وكان موقف ترامب من غزة صادماً، فقد عكست تصريحاته حوّل مصادرة غزة من أهلها وتهجيرها وعدم وضع أدنى اعتبار للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين تحولاً هاماً في السياسة الأميركية. ويتساوق موقفه هذا مع ما كشف عنه في ولايته الأولى، عندما تجاهل الفلسطينيين ومطالبهم العادلة، بنقل سفارة بلاده للقدس، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وقطع المساعدات عن الفلسطينيين وطرح عرضاً للحل عرف بـ "صفقة القرن" ينسجم مع رؤية نتنياهو ودولته. وقد يكون منسقاً معه عبر حلفائه من اليهود في البيت الأبيض، وعلى رأسهم جارلد كوشنر. من خلال المعطيات السابقة، على الفلسطينيين فهم مواقف الولايات المتحدة تجاه قضية الهدنة وتبادل الأسرى في غزة، والتي لا تخرج عن توجهات وأهداف نتنياهو. ورغم توجه إدارة ترامب للتفاوض مع حركة حماس بعيداً عن إسرائيل، للإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأميركي، وجثث أربعة آخرين، إلا أن ذلك لا يخرج عن الحدود التي تضعها إسرائيل، ولن تختلف أهداف الولايات المتحدة عن أهدافها النهائية. وبالامكان ملاحظة أن جميع ما وضع أمام حركة حماس، سواء من قبل إسرائيل او حتى الولايات المتحدة، يرتكز على إخراج المحتجزين المتبقين في غزة، وإنهاء حكم وقدرة حركة حماس في غزة، وربط ذلك بالوقف المستدام للحرب. على الرغم من عدم التأكد، حتى في حال حدوث ذلك، من واقع ما بعد الحرب، الذي ستحدده إسرائيل.

بعد 7 أكتوبر، ساعد الصمت الدولي على إقدام إسرائيل على ارتكاب جرائم بحق المدنيين في غزة، والتي تستمر في ارتكابها حتى اللحظة، وتجرؤها على التصريح بمخططاتها لتهجير الغزيين عن وطنهم. كما أعلنت الحرب ضد العزل في الضفة، فاجتاحت المدن الفلسطينية، خصوصا في شمال فلسطين، وأقدمت على تهجير وترحيل السكان، في اجراءات غير مألوفة من قبل الاحتلال. إلا أن ذلك يطرح علامة سؤال كبيرة حول ما يقف وراء تلك الاجراءات، ودوافعها. هل تريد إسرائيل فرض الترحيل والتهجير على الفلسطينيين، وجعل ذلك وسيلة متداولة للتعامل معهم، حتى في الضفة الغربية؟ وهل يرتبط ذلك بما تعلن عنه إسرائيل حول نيتها ضمن أجزاء من الضفة الغربية؟ وهل ترتبط توجهاتها بحل الأونروا ومنع وجودها في الأراضي المحتلة، بما تحمله تلك الوكالة من اعتبار سياسي وقانوني لحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، بإبطال قضايا الحل النهائي بشكل تام، كمقدمة لفرض حل للقضية الفلسطينية بطريقتها الخاصة، في عهد ترامب؟

يقتضي ارث ترامب أخذ الحيطة والحذر والتدقيق في الفعل والقول من قبل الفلسطينيين، والثبات على الثوابت والحقوق، والتصدي بحكمة ووعي للمخططات التي تحاك ضدهم، كما يستوجب ذلك تحركاًً واسع النطاق على المستويات الفلسطينية والعربية والدولية، والتأكيد أن السلام والأمن في المنطقة بأسرها لن يتحقق بدون نيل الفلسطينيين حقوقهم المشروعة في تقرير المصير فوق أرضهم وعودتهم.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب ضد مخيمات الضفة ليست لاعتبارات أمنية فقط
- ترامب أمام تعقيدات تجعل طريقه غير يسير
- العلاقات العربية الأميركية على مفترق طرق
- سيناريو نهاية الحرب في عهد ترامب
- هل يستفيد ترامب من دروس الماضي في الشرق الأوسط؟
- خطاب ترامب مؤشر إضافي لسياسته تجاه الشرق الأوسط
- الصفقة المفخخة
- عام جديد وحرب مستمرة وتغيير لازم
- أيام صعبة تنتظرنا في الضفة
- ترامب ومعضلات الشرق الأوسط
- ما لم ينجز بالحرب تريد إسرائيل فرضه بالاتفاقيات
- العدالة الدولية الغائبة: اعتقال نتنياهو هو الاختبار
- وقف الحرب في لبنان أكثر احتمالاً من غزة
- تفويض شعبي لترامب وسنوات عجاف للفلسطينيين
- هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟
- الهدف تصفية القضية الفلسطينية و«الأونروا» مجرّد خطوة
- رغم استشهاد السنوار لا تبدو نهاية الحرب قريبة
- ملاحظات على هامش الحرب الدائرة في الشرق الأوسط
- حدود الرد الإسرائيلي على إيران
- 7 أكتوبر بعد عام … واقع فلسطيني جديد يتبلور


المزيد.....




- ملاعق طعام وآلات موسيقية..مصممة أزياء تصنع الملابس من أغرب ا ...
- خامنئي يرفض دعوة ترامب لإجراء محادثات نووية ويعتبرها -خداعا ...
- -فايننشال تايمز- تسلط الضوء على مشكلة كبيرة تواجه نظام كييف ...
- أولى اللقطات من مدينة سودجا المحررة في مقاطعة كورسك
- روسيا تطور قمرا صناعيا عالي الدقة لرصد الأرض
- فيديو دراماتيكي: لحظة مقتل صحفي عراقي بالرصاص في بغداد.. وال ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير مدينة سودجا الاستراتيجية بالكامل ( ...
- المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف يصل مطار -فنوكوفو- ...
- هجوم صاروخي روسي على مدينة وسط أوكرانيا
- باريس تستضيف اجتماعا بشأن أوكرانيا وتعزيز القدرات العسكرية ا ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - واقع جديد يتشكل بعد 7 أكتوبر