أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حمدي سيد محمد محمود - العلمانية العسكرية وتداعياتها على الواقع السياسي العربي














المزيد.....


العلمانية العسكرية وتداعياتها على الواقع السياسي العربي


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 09:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


برزت العلمانية العسكرية في العالم العربي كنتاج للتحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ سقوط الدولة العثمانية وتصاعد المد القومي والوطني في القرن العشرين. تبنت العديد من الأنظمة العسكرية العلمانية كإطار أيديولوجي للحكم، مستندة إلى شعارات التحديث والتنمية والاستقلال الوطني، لكنها في الوقت ذاته فرضت رؤية استبدادية للعلمانية، فصلت فيها الدين عن الدولة بشكل قسري، واحتكرت المجال العام، وقوضت التعددية السياسية والاجتماعية. كان الجيش، في كثير من الدول العربية، هو الأداة الفعلية لإعادة تشكيل الدولة وفق هذه الرؤية، حيث تحول من مؤسسة وطنية إلى سلطة فوقية تتحكم في المجال السياسي والاقتصادي والإعلامي.

آليات فرض العلمانية العسكرية

لم تكن العلمانية العسكرية مجرد مشروع فكري أو فلسفي، بل كانت برنامجاً سياسياً مدعوماً بالقوة والقمع. اعتمدت الأنظمة العسكرية على أدوات عدة لفرض هذا النموذج، أبرزها السيطرة على أجهزة الدولة العميقة، وتوظيف الخطاب القومي لتبرير الاستبداد، وتهميش القوى الدينية والسياسية المعارضة. كما استخدمت هذه الأنظمة الإعلام والتعليم لإعادة تشكيل الهوية الوطنية وفق رؤية علمانية، غالباً ما كانت متأثرة بالنموذج الغربي، دون مراعاة الخصوصيات الثقافية والمجتمعية.

الصراع بين السلطة والمجتمع

واجهت العلمانية العسكرية مقاومة شديدة من المجتمعات العربية، حيث رفضت قطاعات واسعة من الشعوب محاولات إقصاء الدين من المجال العام. أدى هذا الصراع إلى صعود تيارات إسلامية بمختلف توجهاتها، بعضها انتهج المقاومة السلمية عبر الحركات السياسية والاجتماعية، بينما لجأت أخرى إلى العنف كرد فعل على القمع الممارس ضدها. خلقت هذه المواجهة حالة من عدم الاستقرار السياسي، حيث دخلت العديد من الدول العربية في دوائر من الثورات والانقلابات والصراعات الداخلية، التي أدت إلى تفكيك الدولة في بعض الأحيان، كما حدث في سوريا وليبيا والعراق.

التداعيات السياسية للعلمانية العسكرية

كانت للعلمانية العسكرية انعكاسات خطيرة على الواقع السياسي العربي، أبرزها تكريس الحكم الفردي، وإلغاء التعددية الحزبية، وتقويض المشاركة الشعبية. تحولت الدولة إلى أداة لخدمة النخب العسكرية، وأصبح الولاء للنظام بديلاً عن الولاء للوطن. كما أدت هذه الأنظمة إلى تراجع المؤسسات الديمقراطية، حيث أصبحت الانتخابات شكلية، والقضاء مسيساً، والبرلمانات أداة في يد السلطة التنفيذية.

الأثر الإقليمي والدولي

على المستوى الإقليمي، أسهمت العلمانية العسكرية في إضعاف الوحدة العربية، حيث انشغلت الأنظمة العسكرية بالحفاظ على بقائها بدلاً من بناء تحالفات قوية. كما أدى ارتباطها بالقوى الكبرى، سواء من خلال التحالفات الأمنية أو الاعتماد على الدعم الخارجي، إلى تعميق التبعية السياسية والاقتصادية.

أما دولياً، فقد استخدمت القوى الكبرى هذه الأنظمة كأدوات لتحقيق مصالحها، حيث دعمت بعضها بحجة الاستقرار، بينما استهدفت أخرى بحجة الديمقراطية وحقوق الإنسان. خلقت هذه السياسات واقعاً متناقضاً، حيث ظلت بعض الأنظمة العسكرية قائمة رغم ضعف شرعيتها، في حين سقطت أخرى نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية.

نحو مستقبل جديد؟

في ظل التحولات التي يشهدها العالم العربي، تبرز تساؤلات حول مستقبل العلمانية العسكرية. فمع صعود الحركات الاحتجاجية والتطورات التكنولوجية التي كسرت احتكار الأنظمة للإعلام والمعلومات، بات واضحاً أن هذه الأنظمة تواجه تحديات وجودية. ومع ذلك، فإن البديل لم يتشكل بعد، حيث ما زالت الصراعات قائمة بين مختلف القوى الفاعلة، دون وجود رؤية واضحة لمستقبل أكثر ديمقراطية وتعددية.

إن إنهاء تداعيات العلمانية العسكرية يتطلب إعادة النظر في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبناء أنظمة سياسية توازن بين الهوية الثقافية ومتطلبات الحداثة، وتكفل التعددية والحقوق السياسية لجميع المواطنين، بعيداً عن الإقصاء والاستبداد.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرر من سجن العقل: فن إيقاف التفكير الزائد واستعادة صفاء ا ...
- جدلية الدين والسياسة عند المعتزلة: رؤية عقلانية لمفهوم الحكم
- ثورة المصانع المظلمة: كيف تبني الصين اقتصادا بلا عمال
- جملة التوحيد في الفكر الاعتزالي: المفهوم والأسس الفلسفية
- الماهية والوجود في الفلسفة الأوروبية الحديثة والمعاصرة: صراع ...
- الجيش والسياسية في العالم العربي: تاريخ الانقلابات العسكرية ...
- الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل الهوية: نحو تصنيفات ما بعد بشر ...
- العلمانية السياسية: قراءة نقدية في المفهوم والممارسة
- آرثر شوبنهاور: الفيلسوف التشاؤمي وتأثيره الفلسفي العميق
- خطة مورغنثاو: محاولة خنق ألمانيا اقتصاديًا بعد سقوط النازية
- الفلك في ميزان الوحي والعلم: كشف أسرار الكون بين القرآن والا ...
- الاستبداد وصناعة العقول: كيف يُعيد الطغيان تشكيل الوعي الجمع ...
- صناعة الحقيقة: كيف يشكل الدين والسياسة والإعلام وعينا بالعال ...
- العلمانية الفلسفية: جدلية العقل والدين في تشكيل المجتمعات ال ...
- التفكير النقدي الإسلامي: بين ثوابت الدين وتحولات العصر
- أفلاطون والمجتمع المثالي: المدينة الفاضلة كمشروع فلسفي للعدا ...
- المجتمع العاقل بين الوهم والحقيقة: إريك فروموتشريح الاغتراب ...
- الحرب الأمريكية الإسبانية: صراع الإمبراطوريات وتحول القوى ال ...
- حرب الرفاق: جذور الصراع السوفيتي-الصيني عام 1969 وتداعياته ع ...
- عادة الساتي في الهند: طقس الموت المقدس ونهايته


المزيد.....




- شاهد كيف علق بوتين على اقتراح وقف إطلاق النار في أوكرانيا
- -لا أحد سيطرد أي فلسطيني من غزة-... هل وافق ترامب على الخطة ...
- ماذا يشكل الإعلان الدستوري في العملية السياسية الجديدة بسوري ...
- مشاهد لمبنى سكني مدمر جراء غارة إسرائيلية على دمشق
- عودة الأمل: الأطفال الفلسطينيون يعودون إلى المدارس بعد 15 شه ...
- ترامب: ويتكوف يجري مباحثات -جادة للغاية- في روسيا بشأن أوكرا ...
- بوتين يتحدث عن التعاون بين واشنطن وموسكو في مجال الطاقة وعود ...
- بوتين: العديد من زعماء العالم مهتمون بالتسوية الأوكرانية
- بوتين يشكر ترامب على اهتمامه بحل الأزمة في أوكرانيا
- ترامب يعرب عن رغبته في لقاء بوتين ويؤكد أن الوضع في أوكرانيا ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حمدي سيد محمد محمود - العلمانية العسكرية وتداعياتها على الواقع السياسي العربي