ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 13:07
المحور:
حقوق الانسان
منذ سقوط النظام البعثي في 8 كانون الأول 2024 وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يظهر أي خبر جادّ عن مصير عشرات الآلاف من المعتقلين الذين اختفوا في زنازين النظام البائد على خلفية الاحتجاجات التي عمّت البلاد منذ عام 2011. لقد أُفرِج عن جميع السجناء في معتقلات الأسد، سواء كانوا معتقلي رأي أم مجرمين جنائيين، وسط الفوضى العارمة التي رافقت انهيار النظام وهروب رموزه من ضباط ومسؤولين سياسيين واقتصاديين.
لكن، وسط هذا الانفلات، أُحرِقت السجلات وأُتلِفت الأضابير، لتُطمس معها الحقائق التي كانت قد تكشف الأعداد الحقيقية للمعتقلين. واليوم، لا يزال السؤال الأكثر إيلاماً يتردد في الأذهان: ما مصير هؤلاء المفقودين؟ هل طُمرت أجسادهم في مقابر جماعية؟ هل أُذيبوا في أحواض الأسيد؟ أم أن بعضهم لا يزال يُصارع الموت في أقبية مظلمة لا تصلها الشمس؟
تلك الأسئلة تقضّ مضاجع عائلات المعتقلين، الذين يعيشون في عتمة الانتظار، تتجاذبهم مشاعر اليأس والأمل. وحتى الآن، لم تُشكَّل أي لجنة تقصّي حقائق لكشف مصير المختفين، على الرغم من التداعيات الاجتماعية الكارثية التي ترتبت على اختفائهم.
كيف لعائلة أن تمضي قدماً وهي لا تعلم إن كان ابنها أو زوجها أو أباها حياً أم ميتاً؟ وكيف للأرامل والأيتام أن يطالبوا بحقوقهم القانونية دون شهادة وفاة أو دليل حياة؟
إن المطلوب، وبشكل عاجل، تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تضم خبراء قانونيين وقضاة نزيهين. تبدأ فوراً بزيارة مراكز الاعتقال السابقة، وجمع ما تبقّى من الوثائق، والتنقيب عن الأدلة التي قد تكشف عن المصير المجهول للمغيبين قسراً. كما ينبغي تفعيل مذكرات الإحضار عبر الإنتربول لملاحقة المسؤولين الذين فرّوا خارج البلاد واستجوابهم حول الجرائم المرتكبة بحق الآلاف من الأبرياء.
في الوقت ذاته، فإن استمرار تجاهل هذه القضية من قبل الجهات الحاكمة في دمشق يُعدّ جريمة إضافية تُضاف إلى سجل المعاناة الطويل الذي يرزح تحته السوريون.
لن تندمل جراح ذوي المفقودين، ولن يهدأ أنينهم حتى تتكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت مريرة. ستظل العيون مترقبة، والقلوب معلقة بين الرجاء والخوف، إلى أن تتحمل الجهات المسؤولة تبعات جرائمها، وتُحاسب أمام العدالة على تلاعبها بمصائر الأبرياء، وتركهم يواجهون مصيراً مجهولاً في ظلمات القهر والنسيان.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟