مع الأحداث!! (4)
د نوري المرادي
لا للقوات الدولية في العراق!
لا لحكومة المطهّمين!
لا لمجلس الإمعات الإستشاري!
نعم للمقاومة المسلحة للإحتلال!
حفل الأسبوع الماضي بعدة أحداث، تستوجب المتابعة، منها على وجه الحصر:
- إعلان قائد قوات الإحتلال في العراق تومي فرانكس، بأن معدل عمليات المقاومة العراقية ضد الجنود الأمريكيين هو 25 عملية في اليوم، وفي مكان أخر نسب إليه قوله أن المعدل هو 10 – 25 عملية يوميا، وهي منظمة، كما يبدو، حسب قوله.
- تبرع رئيس المخابرات الأمريكية جورج تنت، بتحمل مسؤولية الخطأ المقصود الذي تضمنه تقرير رئيسه بوش عن أسلحة العراق
- إعلان بوش ذاته أن الحرب في العراق تكلفه 4 مليارات دولار شهريا
- طلب وزير خارجية أمريكا من الحلف الأطلسي وبعض الدول، المشاركة في حفظ الأمن في العراق
- خروج القوات الأمريكية من وسط الفلوجة
- محاولة أكثر من مئة جندي أمريكي إجتياز الحدود إلى سوريا بملابس عربية
- تشكيل المجلس الإستشاري
وعليه:
أولا:
في مقال (أرشيف المقاومة الوطنية لشهر حزيران) الذي صدر عن الحزب الشيوعي العراقي – الكادر (كتابات) و(الحوار المتمدن) بلغت حصيلة عمليات حزيران ما مقداره: 172 قتيلا و91 جريحا مع 44 آلية وثلاث طائرات اف16 وثلاثة طائرات أباتشي وطائرة نقل وثلاث زوراق حربية.
وهذه الحصيلة إعتمدها زملاء لي في الحزب الشيوعي العراقي - الكادر من الفضائيات ومواقع (عراق الغد) و(المؤتمر) و(إيلاف) و(رويتر) و(بي بي سي). وهي حصيلة تتناقلها الأخبار عن الناطق العسكري الأمريكي في العراق أو عن مقر القيادة العليا للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط في البحرين وقطر. وبحساب بسيط راجعنا معدل تلك العمليات (التي يعلن عنها الأمريكان) فتبين أنه عمليتان في اليوم تقريبا. وكان معلوما لدينا أن الناطق الأمريكي لابد ويقلل من الخسائر. كما كنا نسمع من مراسلي الفضائيات تلميحات واضحة بأن العمليات التي لا تعرف بها وكالات الأنباء لا يعلن عنها الأمريكان. لكننا لم نتوقع أن يكون المعدل كالذي أعلنه فرانكس وهو 25 عملية يوميا وكما يبدو أنها منظمة.
طبعا أعلن هذا بالضد من أحلام بعض العراقيين المتأمركين الذين قالوا بأن ما يجري ليس مقاومة وإنما عمليات فردية محدودة لفلول بعث أو نظام. وهؤلاء المتأمركون سيجدون تخريجا، كالذي أوجدوه للحالة عموما، حيث قال الأمريكان عن أنفسهم أنهم محتلون، بينما يقول المتأمركون أنهم محررون وتحالف.
فهل كذب تومي فرانكس أم قال الحقيقة.
فإن كذب، فأما لصالح تقليل الخسائر، وهو ما يعني أن معدل العمليات أعلى من هذا كثيرا. ولا شيء يمنع من كذبه الآن وقد حجب الحقيقة عن معدل العمليات سابقا. أو أنه كذب ففخم النتائج، لصالح لعبة تجري الأن في أمريكا وتبحث عن كبش فداء. حيث تفخّم الخسائر ليحمل هذا الكبش مسؤولية توريط الجيش الأمريكي بهذه المذبحة. ولا شيء يمنع من هذا أيضا، فتومي فرانكس وبعد قيادته حربي إحتلال أفغانستان والعراق، يقال الآن من منصبه ويحال إلى التقاعد، فيففد بريقه الذي قد يؤهله لموقع قيادي ما أعلى شأنا في المستقبل.
لكن، إذا صدق تومي فرانكس فيما إدعاه وأن معدل العمليات هو 25 عملية في اليوم، فعلينا أن نعيد النظر بنتائج عمليات المقاومة العراقية.
فبحساب بسيط، وإن إعتبرنا أن العملية الواحدة تنتج أما قتيلا واحدا فقط، أو جريحا واحدا فقط. وأن كل ثلاث عمليات تعطب آلية واحدة، فستكون الحصيلة في شهر حزيران كالتالي:
375 قتيلا و375 جريحا و250 آلية.
فإذا أضفنا إلى هذا ما أعلنه جورج بوش من أن كلفة وجود الجيش الأمريكي في العراق تبلغ أربعة مليارات دولار شهريا، وأنه صرح سابقا أن إحتلال العراق كلف الميزانية 120 مليار دولارا إستلفتها الحكومة الأمريكية داخليا وبمعدلات فائدة بحدود ملياري دولار شهريا، إن أخذنا كل هذا بعين الإعتبار،، فمن العاقل إذن؟!
- المصدقِ بأن أمريكا لن تحتاج لبقاء طويل الأمد حتى تبيع كل نفط العراق وبأسعار سيفرضها تدهور السوق، لتسترد ما وظفته من أموال مع فوائد قروضها ؟
- أم المصدقِ أن قرشا ما سبفظل من مبيعات هذا النفط لبناء ولو أكواخ في العراق؟
- أم المصدقِ أن هذه الخسائر مع الخسائر البشرية اليومية لجنود الإحتلال ستقصم ظهر العدو المحتل، فتجبره على ترك العراق؟
ثانيا:
إن ما حدث في الفلوجة من مظاهرة رجال الشرطة العراقيين، لا أراه غير مسرحية تسويق. مثله مثل ما حدث في بغداد من محاصرة الشرطة وبالتعاون مع قوات الإحتلال، فيها لعصابة، وتبادلت معها إطلاق النار أمام أعين الجمهور، فهربت العصابة(!!) وإنتصرت الشرطة.
هذه المسرحيات تشبه تماما، مثيلاتها التي تطلب بها الإدارة الأمريكية من الملك عبدالله، أو من أحد عائلة الصباح بأن يصرح بموضوع ما، لتستشهد بتصريحه فيما بعد. وهذا من النسق ذاته الذي كذبت به أمريكا وبريطانيا عن أسلحة العراق، وإستندت إلى كذبها في شن الحرب.
إن الشرطة القلوجية هي من صناعة أمريكا وتدريبها، وهي غير مقبولة من الفلوجيين الأحرار، مثلها مثل قوات الإحتلال ذاته. ولا مبرر لأية مسرحيات، وقد إتخذ الشعب العراقي قرار المقاومة. فإن دلت مسرحية مظاهرة شرطة الفلوجة على شيء فهو إن مقاومي الفلوجة الشجعان أذاقوا المحتل الويل فجعلوه يبحث عن مخرج وإن هزيل ترقيعي كهذا بدفع شرطته للتظاهر فيقبل وجهة(!) نظرها فينسحب تاركا المدينة لينصب سعير مقاوميها على رؤوس كباش الفداء – شرطة بريمر هؤلاء.
ثالثا:
كثيرة هي الأمثال التي تفيد بأخذ المرء عبرة مما يدور حوله أو من ماضيه أو ماضي غيره. منها: الجاهل يحلم مع الزمن، والصغير يكبر، والحر تكفيه الإشارة، والباب الذي يأتي منه ريح أغلقه وإستريح، والمؤمن إن لدغ فمرة وحسب.
إلا أن المسلمات التي تقولها الأمثال، هذه أو غيرها، مشروطة أولا وآخرا بإفتراض أن من يجري عليه المثل أو يضرب له، حرّا عزيز النفس وممن يعقلون.
ولو تذكرنا مؤتمر لندن وما أعطت أمريكا به للمعارضة العراقية من وعود، لوجدناها لا تختلف عن تلك التي يعطيها الآن بريمر، لمن سيجتمع اليوم أو غدا تحت يافطة المجلس الإستشاري، الذي سيعينه هو بنفسه. لا تختلف لفظا، سوى أنه يقول صراحة أن هذا المجلس سيكون إستشاريا بحتا ولا سلطات لديه مطلقا، أو له سلطات ولكن كسلطة كاتب العرائض وحسب. وقول بريمر هذا سمعه القاصي والداني، ولابد وسمعه هؤلاء المعارضون المعينون. ومع ذلك فهم فرحون مستبشرون لما ينتظرهم، مما قد يضيف مسلمة جيدة إلى عالم الأمثال وهي: (( لا يلدغ المعارضون المتأمركون من جحر واحد مرتين، فقط)) حيث: (( لا كرامة لعميل ولا مشاعر ))
هذا، وكلنا يعلم أن هذه المعارضة تركت الأمر منذ البدء بين طرفين، أمريكا والنظام. وكم من مرة تمنى هؤلاء المعارضون علنا أن تنتصر أمريكا. وخلال الغزو عملوا من أتباعهم لها مخبرين وجواسيس وخدم للجيش الأحتلال. والآن أيضا ليس لهم من الأمر شيئا، وكم من مرة ردد هؤلاء المعارضون أو كتابا تابعين لهم أقولا تنضح رعبا من قبيل: (( لو إنتصرت المقاومة وإنسحبت أمريكا، فسيعود النظام السابق )) أي أن الأمر لازال بين إثنين المحتل والمقاومة الوطنية. والرعب، هو ما يشعرون به عن هاجس إحتمال إنسحاب أمريكا من العراق، فتتركهم يواجهون مصيرهم.
لقد إعتاشت هذه المعارضة على الهامش وهي الآن تبحث عن دور على الهامش، وإن كخدم للمحتل ومخبرين أو ناصحين غير ملزمين. وكم أتمنى على هؤلاء إدراك، أن يومهم الأسود آت لا محالة، وستهرب أمريكا حتما جراء ضربات المقاومة الوطنية، كما هربت من كوبا وكمبوديا ولبنان والصومال، وتركت حلفاءها لتقول الشعوب حكمها فيهم؟! وليس للشعب العراقي في الخونة العملاء غير حكم واحد. فهل من مراجعة للذات؟!
رابعا:
إن أمريكا، سبق وأعدت العدة لمرحلة ما بعد إحتلال العراق، وتوزعت شركاتها مقدما كل عقود التجارة والبناء والإتصالات، بل وأشيع أن شركات أمريكية قد تتولى إعادة صياغة مناهج التعليم، بما فيه الديني، وأن المعلمين والمدرسين سيكونون أمريكيين فقط. والله وحده يعلم عدد ونوع العقود التي لم يتسرب للصحافة شيئا عنها حتى الآن.
وتقاسم الشركات الأمريكية للعقود في العراق، لابد وتم بعمولات ورشاو، يتناسب حجمها بلاشك مع حجم تلك المليارات التي حلم بها صاحب قرار الإحتلال. على سبيل المثال رسا عقد إعادة بناء ميناء أم قصر على شركة أمريكية كان يرأسها سابقا دك تشيني. رسا عليها العقد مقابل 36 مليون دولار عمولة لتشيني نفسه، تحت يافطة حقوق نهاية خدمة. كما إستلمت كوندوليزا رايس مبلغ 25 مليون دولار لرسو أحد العقود على الشركة التي كانت ترأسها وتمتلك الآن أسهما فيها. ولا ندري مقدار العمولة التي إستلمها جورج تنت ليتلاعب بتقريره فيمهد للغزو.
وبالمناسبة فالتهرب من المسؤولية كالذي نراه الآن ما بين قادة الغزو ومؤسساتهم الداخلية، أو إلقاء المسؤولية على الغير، كذلك الذي إتهم بوش به المخابرات البريطانية ليلقي المسؤولية على بلير ضمنا، وإنتقاد رئيس وزراء أستراليا لنفسه،، هذا التهرب أو التلاوم، ما كان ليحدث لولا ضربات المقاومين العراقيين الأبطال، التي أفشلت حلمه. ولو سكتت بندقية المقاومة وترك الأمر لخصيان المعارضة الأمريكية، لإحتجنا لعدة عرائض ووساطات لنجعل مواطنا أمريكيا يتنازل ليتحدث مع عراقي.
والشركات الأمريكية التي دفعت العمولات والرشاوي، لا ولن توافق على التراجع أو إشراك شركات أخرى أوربية ولا حتى بريطانية، معها.
أي أن العائد الإقتصادي من الأحتلال كان محسوما لصالح الشركات الأمريكية. وبديهي أن هذا العائد المغري يحتم على الجيش الأمريكي حمايته. لكن هذا لم يتم، لأن الجيش الأمريكي وبشهادة، قائده تومي فرانكس، يتكبد الآن خسائر تجعل من حمايته لنفسه أمرا ملحا. خصوصا وقد بدأ التذمر في صفوف الجنود الأمريكان الذي تشهد عليه مفارقة هربهم بالدشداشة، اللباس الذي ربما كان إلغاؤه، أحد مهام ما سمي بإعادة صياغة ثقافة العراق الأمريكي المزمع.
وحتى اللحظة لم تعلن أية شركة أمريكية تنازلا عن عقد، أو مشاركة أخت لها أوربية أو آسيوية. ومن هنا فستكون الدعوة الأمريكية (المتأخرة) لمشاركة القوات الدولية أو قوات حلف الأطلسي في ضمان الأمن في بغداد، هذه الدعوة، التي إحتقرتها أمريكا سابقا وذهبت إلى الحرب بالضد من رغبة العالم وحلفائها في الأطليسي. هذه الدعوة، هي ليست أكثر من رغبة مدلل مخبول سرق شكولاتا، ويطالب الأخرين بحمايته.
كما إنها دعوى مبطنة لصوملة العراق. فكل دولة من الدول التي سترسل جنودها لابد وتميل إلى طائفة أو حزب من تلك الأحزاب والتكتلات العراقية العديدة التي تبحث عن موقع لها. ستميل وستحمي من تميل إليه، لتتكون كانتونات مدن وشوارع، يحاط كل بيت فيها بأسلاك شائكة وإجهزة إنذار مبكر. ويحاط كل زعيم بجلاوزة حماية تماما كالوضع الآن مع حكيم وكلبي والطرزان.
ولا ندري أي الدول سترسل جنودها إلى العراق، إنما الذي ندريه أن هؤلاء الجنود سموتون دفاعا عن مصالح الشركات الإحتكارية الأمريكية. كما الذي ندريه أيضا أن المعارضة الأمريكية قد فقدت ليس مصداقيتها وأتباعها وحسب وإنما كرامتها أيضا. فالعراق مهد الحضارات وصاحب قوانين التشريع في الأرض، يحتاج، وبكرامات هذه المعارضة إلى من يحمي أمنه ويعلمه القراءة الأمريكية والكتابة!
إن المقاومين العراقيين الأبطال لن يرهبهم عبيد السيد وقد قهروا السيد ذاته وأذاقوه الأمرين، وهم حتما لن يرهبوا جنود مشرف ولا برلسكوني ولا أزنار وقد أرعبوا السيد الأعلى لهؤلاء – بوش ذاته. ولقد أرسل قائد برتغالي أراد إحتلال عُمان، رسالة إلى إمام عمان في القرن السابع عشر، يتهدده فيها قائلا: (( أما أن تسلم البلاد لي أو آتيك بجنود كثيرة كالحيوان لا تعرف الرحمة)) فرد عليه الإمام ما معناه: (( نحن صيادون ماهرون لا تخيفنا كثرة الأسود، ونحن جزارون متمرسون، ولا يخشى الجزار كثرة الغنم. فتعال!)) كما قال الكسندر دونسكوي بعد معركة الدون: (( من جاءنا ضيفا فيا مرحبا، ومن جاءنا بالسيف فالسيف يطرد)) وهما الرسالتان اللتان يجب أن يعيهما من يريد الدفاع عن مصالح أمريكا في العراق.
سلمت أياديكم أيها المقاومون!
سلمت راياتكم يا مقاتلو الفلوجة والرمادي وبلد والحلة وتكريت والنجف وبعقوبة وأم قصر!
لا تتهانوا! وحيث ثقفتموهم!