أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - قراءة أولية في اتفاق -قسد- مع دمشق















المزيد.....


قراءة أولية في اتفاق -قسد- مع دمشق


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ليلةٍ تكاد تكون استثنائية، تلقّى الشعب السوري نبأً مفاجئاً ومثيراً للاهتمام مفاده؛ توقيع اتفاق تاريخي بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش)، التي تسيطر على مقاليد السلطة في دمشق.
هذا الاتفاق، الذي جاء بعد مفاوضات طويلة وشاقة، لم يكن مجرد حدث سياسي عابر، بل يعدّ نقطة تحوّل كبرى قد تُعيد تشكيل ملامح المستقبل السوري، وتفتح أبواباً جديدةً نحو الاستقرار وإنهاء سنوات من الصراع الدامي.
وبينما كان الإعلان يتردد عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية، ارتفعت أصوات الرصاص في مختلف المحافظات السورية، ولكن هذه المرة لم تكن كأداة حرب أو عنف، بل كأصوات فرحٍ وابتهاجٍ من شعبٍ أنهكته سنوات الحرب والمعاناة.
هذه الأصوات، التي امتزجت بالتفاؤل والأمل، كانت تعبيراً صادقاً عن توق الشعب السوري إلى غدٍ أفضل، وهذا المشهد الذي جمع بين الفرح العفوي والترقب الحذر، دليل واضح على حجم الأمل الذي يعلّقه السوريون على هذا التطور غير المسبوق.
فالاتفاق، الذي يُنظر إليه على أنه خطوة جريئة نحو المصالحة الوطنية، قد يمثل بدايةً لمرحلة جديدة في تاريخ سوريا، مرحلة تُعيد بناء ما دُمّر وتُصلح ما انكسر.

خلفية الاتفاق والمتغيرات الإقليمية
الاتفاق الذي تمّ، جاء في أعقاب مجازر مروّعة ارتكبتها فصائل تابعة للسلطة الحاكمة في دمشق، ضد العلويين في مدن الساحل السوري وقراه، أسفرت عن آلاف القتلى والمصابين والمفقودين والنازحين.
كما تزامن مع تحولات إقليمية ودولية كبرى، قد تعيد تشكيل خريطة التحالفات والتوازنات في الشرق الأوسط. ففي ظل توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس ترامب، التي تسعى إلى تهدئة الصراعات في المنطقة، بدأت بوادر سياسة جديدة تهدف إلى إحلال الاستقرار، بدءاً من تعزيز وقف إطلاق النار في غزة وصولاً إلى الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع بين روسيا وأوكرانيا. هذه المتغيرات الإقليمية والدولية شكلت خلفيةً حاسمةً لتحقيق هذا الاتفاق، الذي قد يكون نقطة تحول في مسار الصراع السوري.

اتفاق مفصلي يعيد رسم المشهد السوري
بعد اتهامات متبادلة عديدة بين الطرفين، عقب تولّي هيئة تحرير الشام مقاليد السلطة في دمشق، شهدت الفترة الماضية سلسلة لقاءات بين قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، والرئيس أحمد الشرع، تخللتها مفاوضات شاقة عبر لجان متخصصة، انتهت في 10 آذار 2050 بالإعلان الرسمي عن اتفاق من ثمانية بنود رئيسة، أبرزها؛ ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وجميع مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، بغضّ النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافةً في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز. بالإضافة إلى ضمان عودة كل المهجّرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، وتأمين حمايتهم من قبل الدولة السورية.
إذا نُفذّ هذا الاتفاق على أرض الواقع، فسيشكل نقطة تحوّل كبرى، ويضع حداً لفكرة التقسيم التي لطالما وُجّهت إلى "قسد"، ويمهّد لاستعادة السيادة الكاملة للدولة السورية، بما يشمل إنهاء الاحتلال التركي لبعض المناطق. كما أنه يمنح أكثر من 400 ألف مهجّر، لا سيما من عفرين، وتل أبيض، ورأس العين، فرصة العودة إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح والمعاناة.

عوامل مهّدت للتفاهم
لعبت عدة عوامل دوراً محورياً في تسهيل التفاهم بين الطرفين، كان أبرزها التحول في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، حيث اعتمدت إدارة ترامب نهجاً يهدف إلى تقليص بؤر التوتر والسعي إلى حلول دبلوماسية بدلاً من تأجيج الصراعات.
إلى جانب ذلك، جاءت رسائل عبد الله أوجلان إلى حزب العمال الكردستاني، التي دعا فيها إلى إنهاء العمل المسلح والبحث عن تسوية سياسية، كما وجّه رسائل إلى "قسد" شدد فيها على ضرورة التفاهم مع سلطة دمشق لضمان سلام دائم في سوريا.
كما أسهمت الوساطة التركية - القطرية في دفع عجلة المفاوضات، نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربط أنقرة والدوحة بهيئة تحرير الشام.
وبالطبع، لا يمكن إغفال الضغط الأمريكي لإنجاح الاتفاق، حيث كشف مسؤول أمريكي لصحيفة ذا ناشيونال الإماراتية أن واشنطن دفعت بقوة نحو هذه التسوية، واصفاً إياها بأنها "أهم خبر يخرج من سوريا منذ سنوات".

التحديات المحتملة أمام تنفيذ الاتفاق
إن التحدي الأكبر هو ترجمة هذا الاتفاق إلى واقع ملموس على الأرض، ومدى التزام الطرفين ببنوده، لا سيما أنه يقتضي دمج المؤسسات العسكرية والمدنية في الشمال الشرقي مع الدولة السورية، وهو أمر قد يواجه مقاومة من بعض الفصائل المحلية المتضررة من الاتفاق.
وأيضاً دمج "قسد" مع الجيش الجديد، الذي يُعدّ أحد أكبر التحديات، خاصة أنها ترغب في الدخول ككتلة واحدة وليس كأفراد، وأيضاً مستقبل مدارس الإدارة الذاتية وجامعاتها، بالإضافة إلى آلية إدارة قطاع النفط، وطريقة التعامل مع معتقلي داعش والمخيمات.
وكذلك موقف القوى الإقليمية، وخاصة إيران، التي قد تجد في هذا الاتفاق تهديداً لنفوذها في سوريا، ما قد يدفعها إلى عرقلته أو التأثير على مسار تنفيذه.
وأخيراً؛ الموقف الإسرائيلي، إذ يُتوقع أن تكون "إسرائيل" أكثر المتضررين من الاتفاق، نظراً لأنه يقوّض السردية التي لطالما تبنّتها حول ضرورة تقسيم سوريا لضمان حقوق الأقليات، فضلاً عن أن أي تقارب سوري داخلي قد يهدد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
ويتطلّب هذا الأمر جهوداً كبيرة لضمان تنفيذ بنوده وتحقيق الاستقرار المنشود. فالشعب السوري، الذي عانى طويلاً، يستحق أن يرى نهايةً لهذا النفق المظلم، وأن يبدأ فصلًا جديداً من السلام والازدهار.

الخلاصة:
يُعدّ هذا الاتفاق، نظرياً، خطوة مهمة نحو إنهاء حالة التشظي في سوريا، ويمثل تحوّلاً كبيراً في خريطة الصراع، ومهلة تسعة أشهر تنتهي مع نهاية عام 2025، ستكون لتنفيذ جميع بنوده، لكن نجاحه مرهون بمدى التزام الطرفين بتنفيذه، وتجاوز المصالح المتضاربة للقوى الفاعلة في المشهد السوري.
وأخيراً؛ يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هذا الاتفاق بداية حقيقية لمسار سياسي جديد، أم أنه مجرد محطة أخرى في طريق طويل من التعقيدات والتجاذبات؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جراح الروح: بين غريزة الانتقام وضرورة النضال السلمي
- هل أهدرت هيئة تحرير الشام لحظة التحول في سوريا؟
- سوريا الجديدة: فلول النظام وإرهابيو المعارضة المسلحة.. عدالة ...
- من السلاح إلى السلام.. تحولات النضال الكردي في تركيا
- الليرة المحبوسة.. جوعٌ مُنظّم وسوقٌ بلا روح
- عذراً نيوتن.. الجاذبية ليست وحدها التي تسحبنا للأسفل!
- فراغ أمني وبطالة متفشية.. سوريا إلى أين؟
- كيف تصنع حرباً أهلية في ستة أيام؟ (دليل الطغاة والمغامرين!)
- تداعيات رسالة أوجلان: فرصة سلام أم بداية صراع جديد؟
- مؤتمر الحوار.. اجتماع 🚀 سريع لحلول مسبقة الصنع
- السرديات المتضاربة في المشهد السوري: استباق التقسيم أم سقوط ...
- شاوِروهم وخالِفوهم: الحوار الوطني السوري بين الوهم والحقيقة
- الإيزيديون في سوريا: تاريخهم ومعتقداتهم ومعاناتهم من الاضطها ...
- من التطرف إلى الاعتدال.. حقيقة التحول أم ضرورات البقاء؟
- ثقافة التصفيق والتهليل: متلازمة الاستبداد والتبعية
- دور الخوف في تخلّف الشعوب
- الغطرسة لا تُهزم إلا بمثلها
- الساحل السوري بعد فرار الأسد.. فرح عابر وتحديات مستمرة
- خطة ترامب لتهجير غزة: بين المخطط الأمريكي وإرادة الشعوب
- هل يشكل نظام اللامركزية تهديداً للوحدة السورية؟


المزيد.....




- ترامب يوقف خطة فرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة على الصلب و ...
- العالم في غياب الناتو: سيناريوهات محتملة
- العراق يشكل فريقا لملاحقة مرتكبي أعمال عنف بحق عمال سوريين
- أميركا تعلق على اتفاق دمج مقاتلي قسد في مؤسسات الدولة بسوريا ...
- واشنطن توسع انتشارها العسكري عند حدود المكسيك وتدفع بـ600 جن ...
- ظهور مكة محمد صلاح في صور من كواليس -كامل العدد++-
- النواب الأمريكي يمرر مشروع قانون الإنفاق لتجنب الإغلاق الحكو ...
- الإعلام الأمريكي يشيد بالأسلحة الروسية التي تفوق قدرات قوات ...
- سوريا.. كمائن وإطلاق نار ضد القوات الإسرائيلية في حوض اليرمو ...
- وزير الخارجية الفرنسي يؤكد رغبة باريس في تهدئة العلاقات مع ا ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - قراءة أولية في اتفاق -قسد- مع دمشق