رنده محمد سليمان الرواشدة
الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 22:19
المحور:
المجتمع المدني
ظهر في ميدان الحقل الإداري العديد من المفاهيم والمصطلحات العصرية التي شقت طريقها كأحد المتطلبات الرئيسية للعمل المهني في شتى ميادينه الحياتية، بما في ذلك الميدان الأكاديمي، والاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، والثقافي، ومن هذه المفاهيم مفهوم العمل المؤسسي أو كما يطلق عليه في اللغة الإنجليزية اسم (Institutional work)، والذي بدوره يشير إلى أبرز المتطلبات التي تحتاجها المؤسسات ليتم تأسيسها بصورة كاملة بغض النظر عن طبيعة عمل هذه المؤسسات، سواء خيرية وأهلية، أم ربحية وتجارية.
ما هو العمل المؤسسي
العمل المؤسسي عبارة عن أحد التجمعات المنظمة التي تهدف بصورة مباشرة إلى رفع كفاءة الأداء الخاص بالعمل وتحسين فعاليته، وذلك لغرض تحقيق جملة من الأهداف والغايات، وعلى رأسها الأهداف الأولية، كما تسعى تلك التجمعات من خلال العمل المؤسسي إلى توزيع المهام والأدوار على كافة اللجان وخاصة الكبرى، بالإضافة إلى أنها تشكل فرق العمل والإدارات المتخصصة، وتستهدف كافة المجالات بما في ذلك العملية، والاجتماعية، وتساهم في اتخاذ القرارات السليمة في كافة الاختصاصات، مما يجعل العمل مؤسساتياً بصورة بحتة، ولا بد من الإشارة إلى أنّ العمل المؤسسي ينقسم إلى قسمين رئيسين، وهما: العمل المؤسسي الفردي، والعمل المؤسسي الجماعي.
صفات العمل المؤسسي
- الانفتاح على العالم الخارجي، وامتلاك عقلية ناضجة، بالإضافة إلى الابتعاد بشكلٍ تام عن عقليات السيطرة والتملك.
- اليقين والتأكد من النجاح.
- الثقة العالية.
- التخطيط والتنظيم السليم.
- امتلاك عقلية إيجابية في التفكير، والابتعاد عن اليأس والسوداوية.
- امتلاك المهارات الإدارية التخصصية اللازمة.
عناصر البناء المؤسسي
1. الأفكار: الإبداع كقاعدة للتأسيس: الأفكار هي الأساس الفكري للمؤسسة، وتشمل: الرؤية والرسالة: تحددان الاتجاه الاستراتيجي (مثال: رؤية جوجل "تنظيم المعلومات العالمية"، وكذلك الثقافة المؤسسية: قيم وسلوكيات تُشجع الابتكار ، ويمكن للأفكار تُترجم إلى مشاريع مبتكرة تُعزز الميزة التنافسية، وقد تواجه الأفكار مجموعة من التحديات التي تتعلق بصعوبة مواءمة الأفكار مع الواقع التشغيلي، ومقاومة التغيير من داخل المؤسسة، أما أفضل الممارسات التي يمكن أن تنتهجها الأفكار فهي تعمل على تشجيع الحوار المفتوح وإنشاء حاضنات أفكار، وكذلك تساعد في الربط بين الأفكار والأهداف الاستراتيجية.
2. المشروعية القانونية: الإطار الحامي للمؤسسة والتي تعلق الجانب الرسمي فيها بالتسجيل القانوني، والتراخيص، والامتثال للقوانين ، وهناك الجانب الأخلاقي، والمسؤولية الاجتماعية، وقد يتعرض هذا العنصر إلى جملة من التحديات التي لا تبتعد عن التعقيدات القانونية في الأسواق العالمية، وتضارب القوانين المحلية مع المعايير الدولية. فيما تبرز معضلة العواقب والإدارة التي تتعلق بالمخاطر التي هي عبارة عن غرامات مالية أو فقدان السمعة، ولغرض التغلب على هذه التحديدات لا بد من إيجاد الحلول اللازمة مثل استشارة خبراء قانونيين، واعتماد شفافية عالية.
3. الهدف: وهو البوصلة الاستراتيجية حيث الأهداف الذكية (SMART) التي تضمن الوضوح والقياس، إلى جانب التمييز بين الأهداف قصيرة المدى وطويلة المدى.
ومن التحديات التي تواجهها أهداف العمل المؤسسي تلك التي تتعلق بغموض الأهداف أو عدم واقعيتها، والتغيرات الخارجية غير المتوقعة (جائحات، تقلبات سوقية)، الأمر الذي يفرض التكيف مع التحديات عبر المراجعة الدورية للأهداف، واستخدام أدوات تحليلية .
4. المال: وهو شريان الحياة المؤسسية، حيث يمتد إلى مصادر التمويل في الاستثمارات، والقروض، وإيرادات المبيعات، أو منصات التمويل الجماعي، وكذلك يمتد إلى إدارة الموارد، حيث وضع ميزانيات مرنة وتوزيعها على الأولويات، ومن التحديات التي يواجهها العمل المؤسسي في عنصر المال تلك التي تتعلق بتقلبات السوق المالية، وصعوبة جذب المستثمرين في المشاريع الجديدة.
أهمية العمل المؤسسي
- يحقق العمل التعاوني والتشاركي والجماعي، والذي يعتبر من أفضل الأعمال التي تحقق الأهداف المختلفة في الوقت المناسب لها.
- يحقق حالة من التكامل في العمل.
- يعين على توفير الاستقرار والهدوء النسبي.
- تحقيق الموضوعية وعدم التحيز.
- ضمان استمرارية العمل.
- تحقيق المنفعة العامة والقصوى لأغلب الفئات.
- يقضي على كافة أشكال الفوضى والعشوائية، ويحقق حالة من التنظيم والاتزان، مما يقي من ضياع الوقت والجهود والأموال.
- يساهم في الاستفادة من التجارب المختلفة.
- يؤمن بالمبادىء والقيم الجوهرية السامية التي يجب أن تتوفر في بيئات العمل السليمة، كالشفافية، والنزاهة، والأمانة، ويساهم في تحقيقها.
- يشير على خطى ثابتة وواضحة نحو تحقيق الأهداف المطلوبة، ويأخذ شكلاً من أشكال التخطيط الإستراتيجي الذي يقود إلى النجاح.
- يحاول الاستفادة من كافة الإمكانيات والقدرات المتوفرة، بما في ذلك البشرية، والمادية.
وفي الختام لا بد من التأكيد على أن العمل المؤسسي الناجح هو نتاج تكامل العناصر الأربعة، حيث أن الأفكار الابتكارية تُترجم إلى أهداف واضحة، فيما تحمي المشروعية القانونية سمعة والعمل المؤسسي تضمن الاستمرارية، كما هناك الإدارة المالية الرشيدة التي تدعم التنفيذ، ويجب على المؤسسات مراجعة هذه العناصر دوريًّا لمواكبة التغيرات المحلية والعالمية، مع الاستفادة من الدروس المستفادة من النماذج الناجحة والفاشل.
ويبقى لزماً العمل على :
• تبني أدوات رقمية لتحليل البيانات لدعم صنع القرار.
• الاستثمار في تدريب الموظفين على الابتكار والإدارة القانونية والمالية.
• تعزيز الشفافية لبناء ثقة العملاء والشركاء.
#رنده_محمد_سليمان_الرواشدة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟