أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نجاح محمد علي - سوريا: إبادة العلويين بصمت مريب















المزيد.....


سوريا: إبادة العلويين بصمت مريب


نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 14:19
المحور: حقوق الانسان
    


تشهد سوريا تصعيدًا خطيرًا في العنف المسلح من جانب الحكومة الجديدة وفصائلها المسلحة ومعظمها قادم من خارج البلاد ، خاصة في المناطق الساحلية التي كانت حتى وقت قريب تُعتبر من أكثر المناطق استقرارًا في البلاد.

المجازر الوحشية التي تُرتكب بحق العلويين وغيرهم من الأقليات تتم تحت أنظار المجتمع الدولي، في ظل تواطؤ إقليمي واضح وصمت إعلامي عربي مشبوه. ما يجري اليوم ليس مجرد صراع داخلي، بل هو تطهير عرقي وطائفي ممنهج تقوده جماعات مسلحة ، بغطاء حكومي سياسي ودعم عسكري من قوى إقليمية ودولية. في هذا التحليل، سنفصّل الأبعاد المختلفة لهذه الكارثة الإنسانية ونسلط الضوء على الدور المشبوه لبعض القوى، مع التأكيد على كذب الادعاءات التي تتهم إيران أو ما يسمى (فلول النظام السابق) بالتورط فيما يحدث.

أولًا: تصاعد المجازر بحق العلويين

1. تطور العمليات العسكرية في الساحل السوري

شهدت المناطق الساحلية، وخاصة اللاذقية وطرطوس، تصعيدًا كبيرًا في العمليات العسكرية التي تستهدف العلويين، بحجة أنهم موالون للنظام السابق. الفصائل المسلحة، وعلى رأسها جماعة الجولاني (هيئة تحرير الشام)، كثفت من هجماتها ضد القرى والبلدات العلوية، مستخدمة أسلحة ثقيلة في عمليات القتل الجماعي والتدمير الممنهج. التقارير الواردة من الداخل السوري تشير إلى تنفيذ إعدامات ميدانية بحق مدنيين لمجرد انتمائهم الطائفي، فضلًا عن عمليات خطف منظمة تهدف إلى ترهيب السكان وإجبارهم على النزوح الجماعي.

2. التدمير المنهجي للممتلكات والبنية التحتية

لم تقتصر جرائم الفصائل المسلحة على القتل المباشر، بل شملت تدمير منازل العلويين، وإحراق الأسواق، واستهداف البنى التحتية في المناطق ذات الأغلبية العلوية. الهدف من هذه الممارسات ليس فقط الانتقام السياسي، بل تطهير طائفي يسعى إلى تغيير التركيبة الديموغرافية لهذه المناطق، مما يعكس أجندة واضحة للتغيير السكاني الممنهج.

ثانيًا: التواطؤ الإقليمي والدولي في الجرائم ضد العلويين

1. تركيا: الدعم العسكري واللوجستي للفصائل المسلحة

لا يمكن فصل الجرائم التي تُرتكب اليوم في سوريا عن الدور التركي الواضح في دعم الجماعات المسلحة، وخاصة هيئة تحرير الشام. التقارير الاستخباراتية تؤكد أن تركيا زودت هذه الفصائل بالسلاح والذخيرة، بل وسهلت عبور المقاتلين الأجانب إلى سوريا. الحكومة التركية، التي لطالما زعمت أنها تسعى لحل سياسي، هي في الواقع أحد أهم داعمي إشعال الحرب الطائفية، حيث تستغل الفوضى السورية لتحقيق أهدافها التوسعية حتى بعد سيطرتها على الحكومة المركزية.

2. التخاذل العربي والصمت الإعلامي المشبوه

رغم أن المجازر التي تُرتكب ضد العلويين وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، إلا أن الإعلام العربي يتجاهلها عمدًا، في مشهد يعكس ازدواجية المعايير. بينما رأينا تغطية إعلامية مكثفة لأي حادثة تُستغل ضد النظام السوري السابق ، نجد أن الجرائم التي ترتكبها الفصائل المسلحة الحاكمة اليوم، تمر بصمتٍ مطبق. بعض القنوات الإعلامية، تروج لروايات زائفة تحاول تصوير الأحداث على أنها “ثورة شعبية” مدعومة من الخارج في إشارة إلى إيران، في حين أن ما يجري على الأرض هو تطهير طائفي بامتياز.

3. الولايات المتحدة والغرب: ازدواجية المعايير في التعامل مع الإرهاب

الموقف الغربي تجاه ما يحدث في سوريا يعكس بوضوح ازدواجية المعايير. رغم أن الفصائل المسلحة التي تسيطر على سوريا {هيئة تحرير الشام والرئيس الحالي } مصنفة إرهابية وفقًا للقوانين الدولية، فإن الغرب يغض الطرف عن جرائمها، بل ويتعامل معها كطرف سياسي مشروع. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذان يدعيان محاربة الإرهاب، لم يتخذا أي خطوات جدية لوقف المجازر التي تُرتكب ضد العلويين، ما يعزز الشكوك حول نواياهم الحقيقية في سوريا.

ثالثًا: إيران ليست طرفًا في الصراع الدائر

1. تفنيد الادعاءات حول دور إيران

رغم الدعاية التي تحاول الزج بإيران في الأحداث الأخيرة، فإن الحقائق على الأرض تثبت عدم تورطها فيما يجري. طهران لم تتدخل في هذه الصراعات حتى عندما كانت الأزمة السورية مشتعلة قبل سقوط النظام السابق ، بل دعت مرارًا إلى حل سياسي يحفظ وحدة سوريا ويمنع المزيد من سفك الدماء. المزاعم التي تروج لها بعض وسائل الإعلام حول دور إيراني في دعم العلويين ليست سوى محاولة مكشوفة لإيجاد ذريعة لتبرير الجرائم الطائفية.

2. “فلول النظام السابق”: كذبة لتبرير التطهير العرقي

واحدة من أخطر الأكاذيب التي تروج لها الجماعات المسلحة ومن يدعمها هي الادعاء بأن المستهدفين في المجازر الحالية هم فلول النظام السوري السابق. هذه الرواية تهدف إلى إضفاء شرعية على عمليات القتل الجماعي ضد العلويين، رغم أن الضحايا هم في معظمهم مدنيون لا علاقة لهم بالصراع السياسي. هذه الكذبة الإعلامية تستخدم لتغطية حقيقة أن ما يجري هو إبادة طائفية، وليس مجرد تصفية حسابات سياسية.

رابعًا: المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي جديد

1. مسؤولية الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية

رغم التقارير الحقوقية التي توثق الجرائم التي ترتكبها الجماعات المسلحة تحت غطاء حكومي في سوريا، لا يزال المجتمع الدولي متقاعساً في اتخاذ أي إجراءات جادة لوقف هذه الانتهاكات. الأمم المتحدة، التي كان من المفترض أن تكون جهة محايدة تحمي المدنيين، لم تصدر حتى الآن أي إدانة واضحة لما يجري. هذا الصمت الدولي يطرح تساؤلات حول مدى نزاهة هذه المؤسسات ومدى قدرتها على حماية حقوق الإنسان في ظل التواطؤ السياسي الواضح.

2. الحاجة إلى تحرك دولي عاجل

في ظل استمرار المجازر بحق العلويين، فإن الحاجة إلى تحرك دولي عاجل أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. على الدول الكبرى أن تتخلى عن سياساتها القائمة على المصالح الضيقة وأن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية. يجب فرض عقوبات صارمة على الدول التي تدعم الجماعات المسلحة ، وعلى الحكومة التي تنفذ علناً إعدامات ميدانية ، كما يجب إنشاء لجنة تحقيق دولية لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم.

خاتمة: مسؤولية الجميع في مواجهة الإبادة الطائفية

ما يحدث في سوريا اليوم ليس مجرد صراع سياسي، بل هو إبادة طائفية ممنهجة تُرتكب تحت أنظار العالم. المجازر التي تُرتكب بحق العلويين، بدعم مباشر من قوى إقليمية وتحت غطاء الصمت الإعلامي العربي، تمثل كارثة إنسانية لا يمكن السكوت عنها. التواطؤ الدولي والإقليمي واضح، والصمت الإعلامي العربي مشبوه، ما يجعل من الضروري كشف هذه الجرائم وفضح الجهات التي تدعمها.

* هذه الجرائم المروعة تعكس فشل الحكومة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع (الجولاني) في تحقيق الاستقرار، مع تزايد الانقسامات بين الفصائل المسلحة. كما أن التدخلات الخارجية تزيد من تعقيد المشهد السوري وتضعف فرص الحل السياسي.
الوضع الحالي يشير إلى استمرار التوترات مع احتمالية تصاعدها إذا لم يتم تحقيق توافق داخلي أو تدخل دولي فعال لوقف المجازر.

على المجتمع الدولي، والقوى الفاعلة، والمنظمات الحقوقية أن تتحمل مسؤولياتها لمنع تكرار السيناريوهات السوداء التي شهدها العالم في جرائم إبادة سابقة. إن تجاهل هذه الجرائم لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والتطرف، وسيكون وصمة عار على جبين كل من سكت أو تواطأ في هذه المجازر.



#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)       Najah_Mohammed_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجازر ضد العلويين : صفحة جديدة من المأساة السورية
- الجيش الصهيوني يخطط لعمليات اغتيال مركزة: استراتيجية جديدة ل ...
- العلاقة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في ظل العملية العسكري ...
- وهم الوثوق بأمريكا: تعلموا الدرس من زيلينسكي
- المتغطي بالأمريكان عريان: المثال الأوكراني نموذجًا
- أوجلان يدعو للسلام: هل تتراجع تركيا عن العراق؟
- زيارة لافروف إلى إيران في الإعلام الروسي: تحالف استراتيجي أم ...
- صراعات الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الدولة العميقة بعد إعا ...
- تقدير موقف: العلاقات العراقية-الإيرانية والتحديات الأمنية وس ...
- جسر الثقافات: الاحتفال بالتعايش والحوار في مهرجان الانسجام ب ...
- تقييم قمة الرياض وتأثيراتها على إيران والعراق ومحور المقاومة
- خطة لنقل جميع سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء كخيار مفضل
- المهمة الحيوية لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة
- هل ايران متورطة في طوفان الأقصى..؟!
- اتفاقية عدم اعتداء سعودية ايرانية مطلوبة قبل إعلان التطبيع م ...
- شرق أوسط جديد ..فقاعة بايدن الانتخابية !
- كركوك مدينة القوميات المتآخية تبحث عن هوية
- سوريا أزمة تلد أزمات
- الوجود الأمريكي في العراق وسوريا : ما الذي تغير؟
- رئيس باكستان يحل البرلمان تمهيدا للانتخابات..و لكن !


المزيد.....




- بعد وفاة طفلة.. وزير الداخلية التركي يتعهد بإعدام ملايين الك ...
- تصعيد إسرائيلي متواصل للاقتحامات والاعتقالات بالضفة الغربية ...
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: لن نناقش تفكيك البرنامج النووي ...
- الآلاف يغلقون شارع بيغن بتل أبيب للمطالبة بإتمام صفقة الأسرى ...
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: لن نناقش تفكيك البرنامج النووي ...
- وزير الخارجية الأمريكي يدعو إلى محاسبة -مرتكبي المجازر- ضد ا ...
- النمسا ترفض خطط برلين المتعلقة برد طالبي اللجوء عند الحدود ا ...
- فون دير لاين تدعو إلى تشديد قوانين دخول المهاجرين وزيادة عمل ...
- جراء الحرب.. الاحتلال يقر بارتفاع عدد الجرحى والمعوقين في ال ...
- ذعر في طهران قبل الاحتجاجات.. موجة جديدة من الاعتقالات


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نجاح محمد علي - سوريا: إبادة العلويين بصمت مريب