ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 12:37
المحور:
حقوق الانسان
عندما يفقد الإنسان عزيزاً عليه بطريقة وحشية، سواء بيد سلطةٍ متغوّلة أو على يد جمهورٍ منفلت، فإن الألم يتجاوز حدود الفقد ذاته، ليتحوّل إلى جرحٍ غائر في الروح، جرحٍ لن يندمل، لأن اليد التي خطفته ليست يد القدر، بل يد البشر.
في مثل هذه اللحظات، يتلاشى صوت العقل وسط هدير الغضب، ويصبح من الصعب على القلب أن يتقبل منطق التروّي، إذ تتفجّر في داخله تساؤلات ملتهبة: كيف أستكين وقد غُدر بأخي؟ كيف أصمت وقد قُتلت أمي على قارعة الطريق؟ أي عدالةٍ هذه التي تطلبونها منّي وأنا أرى دم أحبّتي يُهدر بلا حساب؟
لكنّ الحقيقة المرّة، أيها الأصدقاء، هي أن ردّ الفعل الغريزي، مهما بدا مشروعاً، لا يجلب إلا مزيداً من الدمار.
فالانتقام، في جوهره، دائرةٌ جهنمية لا تكتفي بضحاياها، بل تستدعي المزيد منهم. أليس هذا ما أثبتته كل الحروب؟ أليس هذا ما تعلمناه من سنواتٍ طويلةٍ من الصراعات التي لا تبقي ولا تذر؟
إن الألم، حين يقود صاحبه، يصنع منه وحشاً آخر، ويصبح من الصعب التفريق بين الجلاد والضحية.
لهذا، وعلى الرغم من قسوة الجراح، لا بدّ من التمسك بخيط النضال السلمي، ذلك الخيط الرفيع الذي يبدو واهناً لكنه أقوى مما نتصور.
فكما قال السيد المسيح: "إذا قابلت الإساءة بالإساءة، فمتى تنتهي الإساءة؟" العدالة الحقيقية لا تُبنى على ركام الانتقام، بل على أسسٍ متينةٍ من الوعي والحق.
قد يكون الصبر على الألم ضرباً من ضروب البطولة الصامتة، لكنه وحده الكفيل بإنهاء دوّامة العنف، وفتح نافذةٍ نحو أفقٍ أكثر إنسانية، حيث لا يُقتل الأبرياء باسم الثأر، ولا يُبرَّر القتل بأي ذريعة.
قد يبدو الطريق صعباً، لكنه الطريق الوحيد للخلاص.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟