أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حلويات رمضان (٢)














المزيد.....


حلويات رمضان (٢)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 11:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حلويات رمضان (٢)
Facebook: @NaootOfficial

حدثتكم في مقالي يوم الاثنين الماضي عن الوصفات السحرية لبعض "حلويات رمضانَ" المصنوعة من الشهد المُصفّى؛ ولا تسبب أمراض السمنة والسكر والكوليسترول، بل على العكس، تُنعشُ البدنَ وتُطيلُ العمرَ وتغمرُ الروحَ بهرمون السعادة. وتلك الحلوى قسمان، أولهما: حلوى عامّة نتذوقُها جميعًا، ممهورةٌ بختم: "صُنع في مصر"، مثل: "زينة رمضان" التي يتشاركُ في صنعها وتعليقها في الشوارع مسيحيو مصر ومسلموها، و"موائد المحبة" يقيمها أشقاؤنا المسيحيون في رمضان لنُفطر عليها مع أذان المغرب، فنستظلُّ معًا بوارفة الإنسانية والوطن، والشبابُ الجميلُ ترسلُهم الكنائسُ ينتشرون عند نواصي الطرقات، يحملون التمرَ والماءَ لكل عابرٍ أدركه أذانُ المغربِ بعيدًا عن داره. وأما القسم الثاني فهو حلوى خاصّة لا يعرفُ وصفتَها ومذاقَها إلا مَن عاينه. وفي حياة كلًٍّ منّا عشراتُ الأصناف من تلك الحلوى، مثل جارٍّ وقف إلى جوار أخيه في شدّته، أو طبيب أنقذ حياة طفل، أو معلّم ذي فضل على تلامذته، وغيرها من آلاف القصص التي تذخر بها ذاكرةُ المصريين وتحمل طابع: "خاص/مصر". حدثتكم عن بعض حلواي الخاصة، ونفدت مساحةُ مقالي السابق دون أن تنفد حكاياي، واليوم أكملُ لكم بعض حلواي التي رزقني بها اللهُ؛ لأحيا.

“مسيو/ موريس إسكندر"، معلّم الرياضيات في الثانوية العامة الذي راهنَ على نبوغي في مادته وعدَّني لدخول كلية الهندسة. في منتصف العام الدراسي سافر في بعثة إلى دولة "غانا” لنبوغه وتفرّده. وارتبكتْ خُطاي وبكيتُ خوفًا من إخفاقي. وبعد أسبوع من سفره، جاءني ساعي البريد حاملا خطابًا من معلّمي النبيل، به مسائلُ في التفاضل والتكامل والفراغية. وتوالت المراسلات الورقية تحملُ المعادلاتِ المعقدةَ من أستاذي، وإجاباتي، لكي يصححها لي. وسائل التواصل الحديثة مثل الإيميل وواتس آب، لم تكن متاحة آنذاك. وتفوقتُ بفضل هذا المعلّم النبيل، ودخلتُ هندسة عين شمس.
“قلقاس وعظام". ابني "عمر"، كما تعرفون، يقعُ تحت "طيف التوحد". ولهذا يعاني من "نفاذية الأمعاء"، ولا علاج لها إلا "شوربة العظام"، التي تحملُ مادةً تُرمّم الأنسجة. والعثور على العظام في الحي الذي أسكنه عسيرٌ عسير، لكن صديقتاي الجميلتان "هالة كامل"، "سميرة صبحي"، تأتيانني كل شهر حاملتين كميات ضخمة من العظام لكي أنقذ ابني. وأما "القلقاس" فرغم عشقي له، أبدًا لا أطهوه لصعوبته، وعدم حب أسرتي له. لكن صديقتيَّ السابقتين دائمًا ما تطهوانه لأجلي. فضلا عن عزومات "عيد الغطاس" التي تصلني من آلاف المسيحيين الذين يعرفون ولعي بالقلقاس الأخضر.
“رامز سعد"، الكيميائي الحيوي المصري الكندي، الذي تبنّى حالة ابني "عمر" منذ سنواتٍ ثلاث، فحلّل أنسجة شعره ليعرف نسب المعادن الثقيلة في جسمه، ووضع له بروتوكول علاج ونظامًا غذائيًّا صحيًّا، ظل يتابعه معي يوميًّا، دون مقابل، حتى تخلص جسد صغيري من السموم، وصار اليوم، ولله الشكر، شابًّا رياضيًّا رشيقًا مقبلا على الحياة.
“سحور على الرصيف"، مجموعة من الشباب الجميل "مورا- ليوناردو- مايكل" أصحاب نادي "أروم" ، جلبوا "عربة فول" كبيرة ووضعوها على الرصيف، وفي كل ليلة من ليالي رمضان يقدمون للمارة السحور في شارع "عمر بن الخطاب" بمصر الجديدة تحت أضواء فوانيس رمضان، في طقس مبهج يجمعُنا على المحبة والفرح.
“فانوس رمضان"، الضخم الذي أهداه لي صديقي الإعلامي المصري الأمريكي "وائل لطف الله"، أثناء زيارته القصيرة لمصر. ولضخامته مع صغر مساحة شقتي، أهديتُه بدوري إلى نادي "أروم" السابق ذكره.
البروفيسور د."فتحي فوزي مرقس"، طبيب العيون النبيل. أثناء الثورة وتبعاتها، فقدت سيدةٌ بسيطة ابنتَها الوحيدة؛ بكتها الأمُّ حتى ذهب نورُ عينيها. ذهبتُ بأم الشهيدة إلى مستشفى "الوطني للعيون"، وأصرّ هذا الطبيب العظيم على مباشرة علاجها بنفسه. وبعد تمام الشفاء، هممتُ بدفع المقابل؛ لكن قسم الحسابات أبلغ الدكتورَ "فتحي" بذلك، فنزل بنفسه، وردَّ إليَّ المالَ بحسم قائلا: "من فضلك سيبينا ناخد بَركة معاكي!”. ولم يكتفِ بذلك بل قدّم لها الأدوية والقطرات من صيدلية المستشفى هدية طيبة.
أما "قطعة الحلوى التاريخية" التي لن يزول مذاقُها من ألسنِنا، ولن تكفَّ ألسنُنا عن ذكرها، فكانت زيارة الرئيس السيسي للكاتدرائية عشيةَ عيد الميلاد المجيد عام ٢٠١٥، والتي لم تنقطع على مدى الأعوام، ليرسِّخَ في دفتر الوطن رسالةً تقول: إن الرئيسَ أبٌ للمصريين جميعًا دون تمييز. وفي كتابي القادم الذي أعكف الآن على كتابته: "دفترُ المحبة التي لا تسقطُ"، سوف أضعُ وصفاتِ المئات من قطع الحلوى الخالية من السكر، والمعجونة بالشهد المصفّى وعسل النحل النقي. كل عام ونحن شعبٌ جميل لا يعرف إلا مذاقَ المحبة التي لا تسقطُ أبدًا.



***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلويات رمضان … دون سكّر… بالشهد المُصفّى (١)
- ألا في الفتنةِ سقطوا (٢)
- مايسترو -الضمير- … في صالوني
- مدرستي الجميلة CGC ... ١١٠ عامًا من المجد ...
- مدرستي الجميلة CGC ... ١١٠ عامًا من المجد ...
- التسامحُ الدينيُّ ومكافحةُ خطابِ الكراهية
- “مش روميو وجولييت-… التحليقُ بالفنِّ
- ألا في الفتنةِ سقطوا (١)
- رأسُ السنة الصينية... في دفء القاهرة
- طقسُ الشتاء والقراءة في -معرض الكتاب-
- المرأةُ وحقوقُها … في -منتدى القيادات النسائية-
- “خبيئة بيكار- … في صُوانِ طفولتنا
- إحدى خوالد: الدكتور -بدر عبد العاطي-
- “خالد العناني- … صوتُ مصرَ الحضاريُّ في اليونسكو
- “مكرم هارون-… واحدٌ من النبلاء
- صلاح دياب: -إيجي لاند- الفرعونية
- عيد الميلاد المجيد … مِحرابٌ ومَذبح
- سنة حلوة بالحب… شكرًا ستّ -عفاف-
- كسّارة البندق … عصا -نادر عباسي-
- قلوبُنا أخبرتنا …. ميري كريسماس


المزيد.....




- الفاتيكان: الحالة الصحية للبابا فرنسيس ما زالت -مستقرة-
- تاسع يوم رمضان.. 60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في رحا ...
- السيد الحوثي يدين جرائم -الجماعات التكفيرية- في سوريا
- المرشد الأعلى الإيراني ينتقد -الدول المتسلطة- بعد رسالة ترام ...
- الفصائل المسلحة بسوريا توسع مجازرها الطائفية وتوقف الاتصالات ...
- غزة… أهناك حياة قبل الموت؟ أنطولوجيا شعرية توثق صمود الروح
- تحقيق: حملة إلكترونية تتذرع بالطائفية لترويج تدخل إسرائيل في ...
- مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى
- الفاتيكان يكشف عن أحدث التطورات الصحية للبابا فرنسيس
- عائلة الباشا المقدسية حافظت على كنيس يهودي فكانت المكافأة طر ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حلويات رمضان (٢)