أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - أوزجان يشار - البحرين: رحلة عبر الزمن بين القلاع والأسواق والمعابد والأساطير














المزيد.....


البحرين: رحلة عبر الزمن بين القلاع والأسواق والمعابد والأساطير


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 09:05
المحور: السياحة والرحلات
    


حين تطأ قدمك البحرين، لا تظنّ أنك تدخل جزيرةً صغيرة، بل تخترق بوابة زمنية تلتقي فيها حضارة دلمون الساحرة بلمعان ناطحات السحاب، وتتعانق أصوات الأذان مع ترانيم المعابد والكنائس. هنا، حيث تُنثر الأساطير على رمال الشواطئ، وتهمس الحجارة القديمة بحكايات التعايش، قررت أن أبدأ رحلتي كـ “رحّالة ثقافات” لأكتشف كيف تحوّلت هذه الجزيرة إلى لوحة إنسانية نادرة.



شجرة الحياة في الرفاع – حيث تلتقي الأسطورة بالواقع

بعيدًا عن صخب المدن، في قلب الصحراء البحرينية الممتدة، تقف شجرة الحياة، وحيدة شامخة، وكأنها حارس الزمن الذي يشهد على العصور التي مرت بهذه الأرض.

الوصول إليها ليس مجرد رحلة في الجغرافيا، بل هو عبور إلى قصة لم تُكتب نهايتها بعد. وأنت تقترب، يلفك الصمت، ويأخذك شعور غريب بين الدهشة والتأمل. كيف لشجرة أن تعيش لأكثر من 400 عام دون مصدر واضح للماء؟ وكيف لصحراء قاسية أن تحتضن هذا اللون الأخضر، الذي يبدو وكأنه جزء من حلم أكثر منه جزءًا من الواقع؟

الوقوف تحت ظلالها، ولمس جذعها العتيق، يجعلك تفكر في القصص والأساطير التي حيكت حولها. البعض يعتقد أنها بقايا من جنة دلمون المفقودة، والبعض يرى فيها معجزة طبيعية لم يفسرها العلم بالكامل. لكن الأكيد أنك عندما تكون هناك، ستشعر وكأنك تشهد معجزة صامتة، تعيش وحدها في مواجهة الزمن، تروي حكاية لا أحد يعرف بدايتها، ولا أحد يستطيع أن يتخيل نهايتها.



من اللؤلؤ إلى الطين: بصمات الأجداد

مسار اللؤلؤ في المحرق – كنوز البحارة

بدأتُ رحلتي في مسار اللؤلؤ بالمحرق، حيث وقفتُ أمام “بيت سيادي” الفاخر، يتناغم خشبُ نوافذه المنقوشة مع عبق التاريخ. تخيّلتُ الغواصين يغوصون في أعماق الخليج، يخاطرون بحياتهم لاستخراج “الألماس الأبيض” الذي جعل من البحرين إمبراطوريةً تجارية.

في “مرفأ الغواصين”، لمستُ خشبَ السفن القديمة وكأنها تحتفظ بدفء أيادي البحارة الذين ودعوا أحباءهم هنا.

مصنع الفخار في العالي – حرفة متوارثة منذ دلمون

اتجهتُ إلى مصنع الفخار في العالي، حيث تدور العجلة بذات الإيقاع الذي عرفته حضارة دلمون قبل 4000 عام! قال لي الحرفي وهو يشكّل وعاءً من الطين: “هذه ليست حرفة، بل رسالة من أجدادك”. اشتريت جرةً صغيرة، كأنني اشتريت ذاكرةً من عصرٍ غابر.



قلاع البحرين – رحلة عبر الحصون والأسوار العتيقة

1. قلعة البحرين – مهد حضارة دلمون

بدأت رحلتي من قلعة البحرين، هذا الصرح العريق الذي يعود تاريخه لأكثر من 5000 عام. لم يكن مجرد حصن دفاعي، بل كان عاصمةً لحضارة دلمون القديمة.

2. قلعة الرفاع – بين الدفاع والسياسة

انتقلت إلى قلعة الرفاع، التي بنيت عام 1812 بأمر من الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح. كانت هذه القلعة مقرًا للحكم والإدارة، وشعرت وأنا أتجول فيها وكأنني أسمع أصوات الحراس وهم يراقبون المنطقة.

3. قلعة عراد – الحارس البحري القديم

أما قلعة عراد، التي تعود إلى القرن الـ 15، فكانت تحرس الجزيرة من الغزاة. موقعها قرب البحر جعلني أتصور كيف كانت الحامية تراقب الأفق بحثًا عن أي تهديد.



سوق المنامة: حيث يلتقي الماضي بالحاضر

في باب البحرين، حلّت بي حالة من التيه بين أروقة السوق العتيق. رائحة البخور تختلط بعبق القهوة العربية، وألوان التوابل تزاحم بريق الذهب في واجهات المحلات.

توقفتُ عند قهوة حاجي، حيث شربتُ “مشروب الزعفران” مع صديق بحرينيٍّ أخبرني عن أيام زمان: “كان السوق ملتقى التجار من الهند وفارس، حتى اليهود والهندوس مروا من هنا”.

لم أتفاجأ حين وجدتُ المعبد الهندوسي مختبئًا بين المحلات، وتماثيل الآلهة الملوّنة تطلّ من نوافذه، بينما يُسمع في الخلفية نداء الصلاة من مسجد قريب. قال لي أحد المصلين الهندوس: “نحتفل معًا بالأعياد، الدين هنا ليس حاجزًا يفصل بيننا”.

وفي زاوية أخرى، وجدتُ بيت الوصايا العشر، حيث التقطتُ صورة للمصحف والتوراة على رفٍّ واحد، كرمزٍ صامت لتاريخ التعايش في البحرين.



المعابد: نوافذ على السماء

1. معبد دلمون في باربار

زُرتُ معبد باربار القديم، حيث حكيتُ للحجارة عن إله الحكمة “إنكي”، فكأنها همست لي بأن التعايش بدأ هنا منذ 5000 عام.

2. المعبد السيخي في البديع

في منطقة البديع، دخلتُ المعبد السيخي أثناء “اللانجار”، حيث رأيتُ مسلمين ومسيحيين يتناولون الطعام معًا، بينما تُقرأ تعاليم “الغورو جرانث” بصوتٍ هادئ.

3. مسجد الخميس وكنيسة الإرسالية – حوار الأديان

وقفتُ عند مسجد الخميس بأعمدته التي تعود للقرن السابع، ثم زرتُ كنيسة الإرسالية الأمريكية، حيث قال لي القس: “أبناء البحرين لا يعرفون يسألون عن دينك، بل عن إنسانيتك”.



مقبرة السفن في المحرق – حيث تنام الأساطيل القديمة

على سواحل المحرق، بعيدًا عن صخب المدينة، ترقد مقبرة السفن، حيث تتحول المراكب الخشبية القديمة إلى تحف طبيعية تروي تاريخ البحرين البحري. المكان يحمل أجواء من الحنين والتاريخ، حيث يمكنك تخيل البحارة الذين أبحروا بهذه السفن في رحلات طويلة، قبل أن تنتهي رحلاتهم هنا.



متحف البحرين الوطني – رحلة عبر الزمن

في ختام رحلتي، زرتُ متحف البحرين الوطني، حيث رأيت أواني فخارية، نقوشًا حجرية، وتماثيل دلمونية تعود إلى أكثر من 5000 عام. استكشفتُ قسم الغوص على اللؤلؤ، ونموذج الحياة البحرينية التقليدية.



البحرين ليست وجهة، بل حكاية

هنا، حيث تُبنى ناطحات السحاب فوق أطلال المعابد، وتُسمع أجراس الكنائس مع أذان المساجد، تدرك أن البحرين مختبرٌ إنساني ناجح. هذه الجزيرة الصغيرة علمتني أن التاريخ ليس حجارةً ميتة، بل نبضٌ حي في قلوب الناس. فهل نصدق بعد اليوم أن التعايش مستحيل؟



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيئة العمل المسمومة: كيف تؤثر على نجاح الشركات؟
- البلد: روح مدينة جدة القديمة
- معضلة القنفذ: فلسفة المسافة الآمنة في العلاقات الإنسانية
- الحمار المظلوم وحكمة “موت يا حمار”
- مجتمع النبل والإنسانية: دروس مستوحاة من الذئاب
- الصراع العالمي القادم على الليثيوم: وقود معركة الطاقة المستق ...
- إتقان منهج يونغ: رحلة إلى أعماق النفس البشرية
- سبينوزا وفلسفة السعادة: طريق العقل إلى الحرية
- الإحباط من الواقع قد يقتل فرص النجاح
- قواعد التعامل الاجتماعي
- مصاصي الطاقة والعلاقات السامة
- خطاء المديرين في الإدارة
- طواحين الهواء (متلازمة دون كيشوت)
- أنواع العقد النفسية: تحليل لأشهرها وأسبابها وآثارها وطرق الت ...
- من مذكرات الكاتب التركي عزيز نيسين..- الفأر الصغير في زيت ال ...
- مخلوقات تهدد المرافق الصناعية
- -العفريت والمحيط- من مذكرات الكاتب التركي -عزيز نيسين-
- يا جملي الصغير
- الديك و الشادوف
- رؤية جاك ديريدا


المزيد.....




- اكتشاف صادم يفتح باب الغموض حول جرائم سرقة مخفية.. شاهد ما ع ...
- انطلاق مناورات -الحزام الأمني البحري 2025- بين روسيا وإيران ...
- بن غفير يطرح مشروع قانون لإلغاء اتفاقيات أوسلو والخليل وواي ...
- الشرع يشكل لجنة للتحقيق بـ -أحداث الساحل السوري-، واجتماع دو ...
- وسط إدانات دولية.. دمشق تعلن تشكيل لجنة تحقيق -مستقلة-
- العاهل الأردني: نقف إلى جانب سوريا في الحفاظ على أمنها ووحدة ...
- القوات الأوكرانية تهاجم سوقا مزدحمة في خيرسون بصاروخي -هيمار ...
- سيارتو: من المستحيل الحديث عن الأمن في أوروبا بمعزل عن روسيا ...
- مباحثات جزائرية أمريكية مرتقبة لتوقيع صفقات عسكرية وتبادل ال ...
- ترامب يدافع عن القرارات الأمريكية الأخيرة بشأن أوكرانيا


المزيد.....

- قلعة الكهف / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - أوزجان يشار - البحرين: رحلة عبر الزمن بين القلاع والأسواق والمعابد والأساطير