سامي خاطر
الحوار المتمدن-العدد: 8273 - 2025 / 3 / 6 - 21:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صورة من الخلفية التاريخية لإيران المعاصرة
إيران التي تحولت السلطة فيها بعد ثورة عام 1979الوطنية المسلوبة إلى سلطة استبدادية في ظل حكم نظام الملالي بقيادة الولي الفقيه، والذي يمارس سلطة شمولية واسعة على جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية، ومع ذلك وعلى مدار العقود الماضية، ظهرت حركات احتجاجية متكررة تطالب بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتحسين حقوق الإنسان وزيادة الحريات الفردية؛ هذه الحركات واجهت قمعًا شديدًا من قبل النظام، مما أدى إلى تصاعد التوترات الداخلية وزيادة الاهتمام الدولي بالوضع في إيران.. ففي ظل التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجهها إيران، وفي تطور يعكس تنامي الدعم الدولي لـ ائتلاف (المقاومة الإيرانية) ومسعاه لإقامة الديمقراطية في إيران؛ جدد الكونغرس الأمريكي دعمه لتطلعات الشعب الإيراني نحو الحرية والديمقراطية، وذلك من خلال إصدار قرارات وتصريحات رسمية أكدت الوقوف إلى جانب المعارضة الإيرانية في نضالها ضد النظام الحاكم في طهران، وفي الوقت الراهن أظهرت الإدارة الأمريكية والكونغرس اهتمامًا متزايدًا بالوضع الإنساني والسياسي في إيران معربين عن دعمهم لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يناضل من أجلها الإيرانيون.
القرار 166 للكونغرس الأمريكي: خطوة منصفة لدعم الشعب الإيراني في مواجهة القمع والهزائم الإقليمية للنظام
في وقت يشهد فيه الشعب الإيراني تصعيدًا غير مسبوق في ممارسات القمع الحكومي، وتصاعدًا مروعًا في حملات الإعدامات التي تستهدف المعارضين والناشطين؛ يأتي القرار 166 للكونغرس الأمريكي كرسالة قوية متضامنًا مع التطلعات الديمقراطية للإيرانيين، ولا يعكس هذا القرار إدانةً للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران فحسب بل يُعد أيضًا استجابةً لهزائم نظام الملالي المتتالية في المنطقة، والتي كشفت عن تراجع نفوذه وفشله في تحقيق أطماعه التوسعية.
تصاعد القمع في إيران
في الأشهر الأخيرة، شهدت إيران موجةً من الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار الفساد، وانعدام الحريات الأساسية. وبدلًا من الاستجابة لمطالب الشعب، لجأ النظام الإيراني إلى أساليب قمعية وحشية لقمع هذه الاحتجاجات، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإعدامات السريعة. وقد تم تنفيذ العديد من عمليات الإعدام تحت ذرائع واهية، مثل "محاربة الله" أو "الإفساد في الأرض"، في محاولة لبث الرعب وإسكات الأصوات المعارضة، وقد برز دور النساء والشباب في مقدمة هذه الاحتجاجات، حيث أصبحت هتافات مثل “المرأة، المقاومة، الحرية” رمزًا للتحدي ضد النظام. واجهت هذه الانتفاضات قمعًا وحشيًا من قبل قوات النظام، لا سيما حرس النظام الإيراني، مما جعل الحاجة إلى دعم دولي أكثر إلحاحًا في هذا السياق، جاء القرار 166 كخطوة دولية هامة في الاعتراف بشرعية الاحتجاجات وحركات المقاومة الإيرانية.
القرار 166: رسالة تضامنٍ ودعم
يأتي القرار 166 للكونغرس الأمريكي في هذا السياق كخطوة مهمة لدعم الشعب الإيراني في مواجهة هذه الانتهاكات.. القرار يدين بشكل صريح انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ويطالب بالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، ووقف حملات الإعدامات التعسفية، كما يؤكد القرار على دعم الولايات المتحدة للتطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني، ويدعو إلى تعزيز الجهود الدولية للضغط على النظام الإيراني لاحترام حقوق مواطنيه.
التأييد لخطة السيدة مريم رجوي ذات العشر نقاط
من أبرز نقاط القوة في القرار 166 دعمه الصريح لخطة مريم رجوي ذات العشر نقاط، والتي تقدم رؤية شاملة لمستقبل إيران بعد سقوط نظام الملالي، وتتضمن هذه الخطة مبادئ أساسية مثل فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الجنسين، إلغاء عقوبة الإعدام، والالتزام بنظام ديمقراطي ودولة غير نووية، وهي مبادئ تتماشى مع القيم العالمية لحقوق الإنسان، وقد حظيت هذه الرؤية بدعم واسع النطاق من أكثر من 4000 برلماني حول العالم، بما في ذلك 243 عضوًا في الكونغرس الأمريكي، إلى جانب دعم 33 هيئة تشريعية، و130 قائدًا عالميًا سابقًا، و80 فائزًا بجائزة نوبل، ولا تعد هذه الخطة مجرد بيان سياسي، بل تقدم خارطة طريق عملية للشعب الإيراني، ومن خلال التركيز على هذه الرؤية يدعو القرار 166 المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدور أكثر فاعلية في دعم عملية التغيير الديمقراطي في إيران، وتركز هذه المقاربة على عكس التدخلات العسكرية أو الضغوط الخارجية على تمكين الشعب الإيراني وتعزيز حراكه الداخلي مما يضفي على القرار شرعية سياسية وأخلاقية كبيرة.
دور المرأة في الثورة الديمقراطية الإيرانية
يبرز القرار 166 بشكل خاص الدور الريادي للمرأة الإيرانية في مواجهة نظام الملالي المعادي للمرأة، وقد جاء في نص القرار:
“كانت النساء والفتيات الإيرانيات الهدف الرئيسي للقمع من قبل حرس النظام الإيراني، ولذلك أصبحن القوة الرئيسية في المقاومة ضد هذا النظام المعادي للمرأة، لقد رفعن شعارات ضد النظام مطالبات بالحرية، من بينها شعار ‘المرأة، المقاومة، الحرية.”
كما يسلط القرار الضوء على وضع سكان أشرف-3 في ألبانيا، حيث يشير إلى أن أكثر من 900 منهم من السجناء السياسيين السابقين وشهود مجزرة عام 1988 الذين يعتبرون شهودًا أحياء على جرائم النظام الإيراني. ويؤكد القرار ضرورة توفير الحماية الكاملة لهم بموجب اتفاقية جنيف لعام 1951 والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، باعتبار ذلك التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا لضمان بقاء شهاداتهم في السجلات الدولية، تمهيدًا لمحاكمة الجناة مستقبلاً، ويوجه هذا البند من القرار رسالة قوية للنظام الإيراني بأن محاولاته لإسكات أصوات المعارضين سواء داخل البلاد أو خارجها لن تنجح.
خطوة على طريق التضامن
يُعد القرار 166 خطوة منصفة على طريق التضامن مع الشعب الإيراني ومقاومته الديمقراطية؛ فهو لا يكتفي بإدانة الانتهاكات بل يعبر عن التزام الولايات المتحدة بدعم الجهود السلمية للإيرانيين في تحقيق الحرية والديمقراطية؛ كما أن القرار يرسل رسالة قوية إلى النظام الإيراني مفادها أن العالم لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان.
يدعم قرار الكونغرس الأمريكي رقم 166 تطلعات الشعب الإيراني نحو الحرية والديمقراطية باعترافه بحق الشعب الإيراني ووحدات المقاومة في مواجهة قوى الملالي القمعية، وقد تُسهم مرحلة جديدة في المواجهات القائمة منذ عقود بين المقاومة الإيرانية ونظام الملالي؛ إسهاماً كبيرا في خلق تحركات نوعية لوحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران بعد الإعتراف الأمريكي بشرعية نضال الشعب الإيراني ومقاومته وحقهم المشروع في مواجهة قوى النظام القمعية دفاعا عن النفس وسعيا نحو نيل الحرية والديمقراطية وإنهاء عقودا من الظلام والقتل وانتهاك حقوق الإنسان.
موقف الكونغرس الأمريكي ودعمه المتزايد
في السنوات الأخيرة، اتخذ الكونغرس الأمريكي خطوات واضحة لدعم الشعب الإيراني في سعيه نحو الديمقراطية. عبر إصدار قرارات وتشريعات، أعرب فيها عن تضامنه مع المتظاهرين والمطالبين بالإصلاح، ودعا إلى احترام حقوق الإنسان في إيران. من بين هذه القرارات، قرارات تدين انتهاكات حقوق الإنسان، وتدعم حرية التعبير والتجمع السلمي وتطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين؛ كما أن الكونغرس قد فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين متورطين في قمع المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان. هذه العقوبات تهدف إلى الضغط على النظام الإيراني لوقف انتهاكاته واحترام حقوق مواطنيه. بالإضافة إلى ذلك، أقر الكونغرس تمويلًا لبرامج دعم المجتمع المدني والإعلام المستقل في إيران، بهدف تعزيز القيم الديمقراطية وحرية التعبير، وقد شهدت الأشهر الأخيرة سلسلة من المبادرات في الكونغرس الأمريكي تهدف إلى تعزيز الضغط على النظام الإيراني، ودعم قوى المعارضة التي تسعى إلى إقامة نظام ديمقراطي في إيران حيث تبنى عدد من أعضاء الكونغرس قرارات تؤكد تضامنهم مع مطالب الشعب الإيراني بالحرية مع الإشارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الحاكم.
كما شارك عدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب في مؤتمرات واجتماعات للمقاومة الإيرانية بحضور السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والتي طرحت رؤية واضحة لمستقبل إيران يقوم على فصل الدين عن السياسة، والمساواة بين الجنسين واحترام حقوق الأقليات، وقد أدان أعضاء الكونغرس الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين في إيران، حيث شهدت البلاد موجات من الاحتجاجات الشعبية التي قوبلت بالعنف والاعتقالات التعسفية، وقد أكد المشرعون الأمريكيون على ضرورة محاسبة المسؤولين الإيرانيين المتورطين في هذه الانتهاكات، ودعوا إلى فرض عقوبات أشد على النظام، بما في ذلك على قوات الحرس الثوري الإيراني، التي تُعتبر الأداة الرئيسية للقمع الداخلي والخارجي.
ردود الفعل الدولية
لاقى دعم الكونغرس الأمريكي للتطلعات الديمقراطية في إيران ترحيبًا من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية التي تدعم حقوق الإنسان، وقد واجه هذا الدعم انتقادات من قبل النظام الإيراني حيث وصفه بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، واتهم النظام الإيراني الولايات المتحدة بمحاولة زعزعة الاستقرار في إيران؛ بينما أكدت الولايات المتحدة أن دعمها موجه للشعب الإيراني وليس للنظام.
مستقبل الدعم الأمريكي والتشديد على تبني سياسة حازمة تجاه النظام الإيراني
يبدو أن دعم الكونغرس الأمريكي للشعب الإيراني سيستمر في المستقبل، خاصة في ظل استمرار الاحتجاجات والمطالبات بالإصلاحات في إيران. مع تزايد الاهتمام الدولي بالوضع الإنساني في إيران، قد تشهد الفترة القادمة المزيد من القرارات والعقوبات التي تهدف إلى دفع النظام الإيراني نحو احترام حقوق الإنسان وإجراء إصلاحات سياسية، ويعتبر دعم الكونغرس الأمريكي للمعارضة الإيرانية جزءًا من نهج أوسع يهدف إلى تبني سياسة حازمة تجاه طهران، خاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة. وقد أكد العديد من المشرعين على ضرورة عدم تقديم أي تنازلات للنظام الإيراني، مشددين على أن مستقبل إيران يجب أن يكون بيد شعبها وليس بيد نظام قمعي لا يمثل إرادته.
انعكاسات الدعم الأمريكي على النضال الإيراني، والتداعيات السياسية والدولية
إن الدعم المتزايد من الكونغرس الأمريكي يشكل دفعة قوية للحركة الديمقراطية في إيران، حيث يمنحها شرعية دولية ويزيد من الضغوط على النظام الإيراني. كما أنه يرسل رسالة واضحة إلى الشعب الإيراني بأن العالم يقف إلى جانبه في سعيه نحو التغيير الديمقراطي، ومن منظور سياسي يحمل القرار 166 رسائل متعددة الأبعاد منها:
يسلط الضوء على الإجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة حول قضية إيران، وهو أمر نادر في ظل الانقسامات السياسية الحادة داخل الكونغرس، وقد عزز هذا الإجماع وجود شخصيات بارزة مثل توم مككلينتوك وبراد شيرمان كرؤساء مشاركين لمجموعة حقوق الإنسان والديمقراطية في إيران إلى جانب نواب من مختلف التيارات السياسية مثل راندي ويبر وديبي واسرمان شولتز.
يبعث القرار برسالة حاسمة إلى المجتمع الدولي بأن دعم حقوق الإنسان والديمقراطية في إيران ليس مجرد شأن داخلي، بل جزء من الجهود العالمية لمواجهة الاستبداد والإرهاب الذي ترعاه الدولة.
يضع القرار النظام الإيراني أمام تحدٍ دبلوماسي كبير حيث يسلط الضوء على الجرائم السابقة مثل مجزرة عام 1988 وقمع الانتفاضات الشعبية مما يزيد من الضغوط الدولية على النظام ويمهد الطريق لاتخاذ مزيد من الإجراءات بما في ذلك تحقيقات دولية وفرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين عن الانتهاكات.
يشكل قرار 166 الصادر عن الكونغرس الأمريكي خطوة هامة في الاعتراف بدور الشعب الإيراني في تقرير مصيره، ومن خلال إدانته لانتهاكات النظام، ودعمه لخطة مريم رجوي، وإبرازه لدور المرأة في الثورة الإيرانية يثبت القرار الالتزام الأمريكي الثابت بقضية الديمقراطية في إيران، ومع تصاعد الحراك الدولي لدعم المقاومة الإيرانية فإن هذا القرار يبعث برسالة واضحة إلى نظام الملالي الحاكم بأن العالم يقف إلى جانب الشعب الإيراني في سعيه لتحقيق الحرية والعدالة.
الخاتمة
في وقت يواجه فيه الشعب الإيراني قمعًا وحشيًا من قبل نظام لا يتردد في استخدام العنف لإسكات الأصوات المعارضة يأتي القرار 166 للكونغرس الأمريكي كبصيص أمل نحو المستقبل، ولم يأتي هذا القرار لإدانةً للانتهاكات فحسب بل هو أيضًا تعبير عن تضامن حقيقي مع الشعب الإيراني في سعيه نحو الحرية والعدالة في ظل تراجع نفوذ النظام الإيراني إقليميًا وافتضاح أمره دوليًا، قد تكون هذه الخطوة بدايةً لمرحلة جديدة من الدعم الدولي للشعب الإيراني في نضاله من أجل مستقبل ديمقراطي.
إن الدعم الذي يقدمه الكونغرس الأمريكي للتطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني يعكس التزام الولايات المتحدة باحترام حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والحرية في إيران، وفي وقت يواجه فيه الشعب الإيراني تحديات كبيرة في سعيه نحو الحرية والعدالة يظل الدعم الدولي عاملاً مهمًا في تعزيز جهودهم، ومع استمرار الضغوط الدولية قد تفتح الأبواب أمام مستقبل أكثر ديمقراطية وإنسانية لإيران، ومع تصاعد الحراك الشعبي داخل البلاد فإن هذا الدعم الدولي يمكن أن يسهم في تسريع عملية التغيير وإقامة نظام ديمقراطي يعكس تطلعات الشعب الإيراني نحو مستقبل أكثر حرية وعدالة.
#سامي_خاطر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟