أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محفوظ بجاوي - علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع؟














المزيد.....


علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع؟


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8273 - 2025 / 3 / 6 - 19:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في وطني، يخضع علم الاجتماع لعملية تجهيل ممنهجة، بدلًا من أن يكون أداةً لفهم مشكلات المجتمع والسعي نحو حلول واقعية. والمفارقة الصادمة أن بعض أساتذة علم الاجتماع في جامعاتنا أنفسهم يساهمون في هذا التجهيل، إذ يتركون القضايا الاجتماعية الحقيقية، مثل التعليم، والصحة، والسكن، والعمل، والعدالة الاجتماعية، وينشغلون بوعظ الطلاب حول ما سيحدث لهم بعد الموت!

أيها الأساتذة، أليس دوركم تفكيك الواقع، لا الهروب منه؟ أليس علم الاجتماع وسيلةً لفهم الفقر، والتفاوت الطبقي، والبطالة، وتدهور الخدمات العامة، وغياب العدالة الاجتماعية؟ كيف يُعقل أن يتحول علمٌ وُجد أصلًا لتحليل المجتمع وإصلاحه إلى أداة لإلهاء الناس عن حقوقهم الأساسية؟

علم الاجتماع ليس مجرد نظريات تُدرّس بمعزل عن الواقع، بل هو علمٌ تحليليٌّ نقديٌّ يسعى لفهم الظواهر الاجتماعية وتفكيكها من أجل تحقيق التغيير. ومن العار أن يتحول في بعض الجامعات إلى مادة جامدة، لا تُناقش مشكلات الناس الحقيقية، بل تُستخدم لتبرير الأوضاع القائمة أو تمرير أفكار لا علاقة لها بجوهر العلم.

إن التعليم ليس مجرد تلقينٍ نظري، بل يجب أن يكون فضاءً للنقد والتفكير المستقل، لكنه في واقعنا يُختزل في ترديد محفوظات لا علاقة لها بحياتنا اليومية. أما الصحة، فبدلًا من مناقشة الأزمات التي تعصف بالمستشفيات، وارتفاع أسعار الأدوية، ورداءة الخدمات الصحية، نجد من يحاول إقناعنا بأن المعاناة قدرٌ لا مفر منه! وماذا عن السكن والعمل؟ بدل تحليل السياسات الاقتصادية التي تخلق الفقر والتهميش، يُطلب منا أن نصبر وننتظر الفرج من الغيب!

علم الاجتماع نشأ تاريخيًا كاستجابة للتحولات العميقة التي مرت بها المجتمعات، من الثورة الصناعية إلى التغيرات الاقتصادية والسياسية الحديثة. وهو ليس مجرد ترف فكري، بل هو علم يرتكز على أدوات بحثية وتحليلية تهدف إلى فهم كيف تتشكل الهياكل الاجتماعية، والعلاقات بين الأفراد، وآليات السلطة، والتغيرات الثقافية. لكن حين يُستخدم لإلهاء الناس عن قضاياهم الجوهرية، فإنه يفقد جوهره ويصبح وسيلة لترسيخ الجهل بدل مكافحته.

إن تحويل علم الاجتماع إلى منبر للوعظ، بدل أن يكون منبرًا للتحليل والتغيير، ليس مجرد خطأ أكاديمي، بل هو انحراف خطير عن جوهر المسؤولية الحقيقية. فالمجتمعات لا تنهض بالمواعظ، بل بالنقد العلمي، والجرأة على مواجهة المشكلات، والعمل على بناء حلول عادلة وواقعية.

لذلك، على أساتذة علم الاجتماع، وكل المثقفين، أن يدركوا أن مسؤوليتهم ليست تهيئة الناس للآخرة، بل مساعدتهم على بناء حاضر أكثر إنسانية، حيث يجد الفرد حقوقه الأساسية مصانة، وكرامته محفوظة، وحياته تستحق أن تُعاش بعدل وكرامة. فعلم الاجتماع الحقيقي هو الذي يُسهم في خلق وعي مجتمعي، ويجعل من الإنسان محور التنمية، لا مجرد متلقٍّ للخطاب الديني أو الأخلاقي الذي يُستغل لإلهائه عن حقوقه.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان : فرصة للتوازن الأخلاقي وتجديد الذات
- التجسس على الناس باسم الدين : أزمة أخلاقية أم انحراف فكري
- قفة رمضان : بين التكافل الإجتماعي وإهانة الكرامة
- عبء التاريخ : كيف نتحرر من الماضي لبناء المستقبل ؟
- المدرسة الجزائرية : كيف شوهت الهوية الوطنية وضلّلت الأجيال؟
- العبودية الاختيارية... لماذا يتأقلم البعض مع القمع؟
- الجزائر بين الماضي والحاضر، ضرورة الإصلاح والنهضة الفكرية
- التربية السليمة للأبناء : بين التوجيه والحرية
- ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي ف ...
- الفكر السلفي والوهابي : عانق أمام التقدم الفكري والتحرر في ا ...
- مامعنى أن تكون يساريًا ؟
- حين يصبح الجهل مقدسًا...لابد من التمرد ، لأن الحقيقة لا تخشى ...
- رسالة اعتذار وحب لعائلتي
- نور العقل في مواجهة ظلام الجهل والتطرف
- إضراب التلاميذ في الجزائر: صرخة من أجل حقوق مستقبلية وأزمة ا ...
- التعليم في الجزائر : أزمة التطهير وتهديدات المستقبل
- حب الجد لأحفاده الأعزاء :عاطفة صادقة تعيدني إلى شبابي
- تربية الأطفال بين الخوف من الموت وفهم الحياة: أثر الترهيب وا ...
- الهوية بين الصدق والزيف: أثر الأكاذيب على الأجيال القادمة
- التخطيط السليم للإنجاب: مسؤولية ووعي لمستقبل مشرق


المزيد.....




- السعودية وإيران تبحثان تعزيز التعاون في القضايا ذات العلاقة ...
- “احجـز مكانك قبل الغلـق”رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام ...
- 85 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الجيش الإسرائيلي يمهد لإدخال 250 يهوديا لزيارة ضريح حاخام دا ...
- خطوات التسجيل في الاعتكاف بالمسجد الحرام شهر رمضان 1446
- علماء ينتجون -فئرانًا صوفية- في خطوة لإعادة حيوان الماموث إل ...
- متحف السيرة النبوية بالسنغال.. تجربة تفاعلية تكشف تفاصيل حيا ...
- رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 والضوابط المفروضة ...
- مستعمرون يقتحمون الأقصى بقيادة يهودا غليك
- لماذا تعد التحديثات اليومية التي يقدمها الفاتيكان عن البابا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محفوظ بجاوي - علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع؟