أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود عباس - القضية الفلسطينية بين واقع التاريخ وخطاب الأنظمة العروبية















المزيد.....


القضية الفلسطينية بين واقع التاريخ وخطاب الأنظمة العروبية


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 23:55
المحور: القضية الفلسطينية
    


عقدت الجامعة العربية قبل يومين جلسة خاصة في القاهرة لمناقشة قضية غزة، متأثرةً بتصريحات ترامب ومخططه حول المنطقة، ولربما للمرة الأولى، ساد خطاب أكثر واقعية، مغايرًا لما اعتادت عليه الجامعة منذ تأسيسها، حيث لطالما طُرحت القضية الفلسطينية ضمن شعارات شعبوية جوفاء، تخدم الأنظمة العروبية الدكتاتورية أكثر مما تخدم القضية ذاتها.
على مدى عقود، رفعت هذه الأنظمة، إلى جانب بعض القوى الإسلامية، شعار "مواجهة المشروع الصهيوني" لتبرير سياساتها، لكنها في الوقت ذاته تجاهلت الحقائق التاريخية والجغرافية التي تثبت أن اليهود، كالفلسطينيين، لهم جذور وحقوق في هذه الأرض، وأن إسرائيل ليست مجرد "مشروع سياسي" كما تروج له الدعاية العروبية، بل كيان قائم على أسس تاريخية موثقة.
فهل جاء هذا التحول في الخطاب خوفًا من تصريحات ترامب، أم أنه استجابة للمتغيرات الكبرى التي بدأت ملامحها تتشكل في الشرق الأوسط، سواء من خلال التصريحات أو عبر خطوات فعلية على الأرض؟
اليوم، ومع تغير موازين القوى، بات الخطاب العربي أكثر براغماتية، لكن التساؤل الأهم: هل هذه الصحوة تمثل تحولًا حقيقيًا في الموقف العربي، وهل ستغير مواقفها تجاه قضايا الشعوب الأخرى كالشعب الكوردي أيضا، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية تفرضها الضرورات السياسية المؤقتة؟ فمن خطاب شعاراتي كان يدعو إلى إزالة إسرائيل وإلقاء اليهود في البحر، أصبحنا نشهد تهافتًا على تبني حل الدولتين كخيار منطقي وواقعي، فهل هذا التحول وليد القناعة، أم أنه مجرد قبول قسري بالواقع المفروض؟
فعلى مدار القرن الماضي، استغلت الأنظمة العروبية القضية الفلسطينية لتوحيد شعوبها خلف شعارات قومية زائفة، معتمدة على خطاب معادٍ لليهود يهدف إلى طمس الحقائق التاريخية:
• إلغاء الحقائق التوراتية والتاريخية: رغم أن التوراة والإنجيل والقرآن تعترف جميعها بوجود بني إسرائيل في هذه الأرض، وأن القدس كانت مركزًا للحضارة اليهودية، إلا أن الأنظمة القومية سعت إلى محو هذه الحقيقة من الوعي الجماهيري.
• الترويج لنظرية "المشروع الصهيوني": بدلًا من الاعتراف بحق الشعب اليهودي في دولته، سعت الدعاية العروبية إلى تصوير إسرائيل ككيان "مصطنع" تم إنشاؤه بقرار دولي، متجاهلة الحقائق التاريخية الممتدة لآلاف السنين.
• تشويه مصطلح الصهيونية: بدلاً من الاعتراف بها كحركة قومية تهدف إلى إعادة الشعب اليهودي إلى أرضه، تم تحويل "الصهيونية" إلى مصطلح مشحون بالكراهية، تُستخدم لتبرير السياسات القمعية ضد أي تواصل سلمي بين إسرائيل وجيرانها.
في ظل عجز الأنظمة العربية عن تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية، وجدت في القضية الفلسطينية وسيلة فعالة لصرف الأنظار عن إخفاقاتها الداخلية:
• تبرير القمع السياسي: أي معارضة للحكومة كانت تُوصف بأنها "خيانة للقضية الفلسطينية"، وبالتالي، تم استخدام العداء لإسرائيل كأداة لسحق الحريات وإسكات الأصوات المعارضة.
• إلهاء الشعوب عن الفساد والفشل: بدلاً من التركيز على الإصلاحات، استخدمت الأنظمة العربية فلسطين كقضية مركزية لإثارة المشاعر الوطنية، بينما كانت تمارس أبشع أنواع الفساد والتسلط في الداخل.
• التحكم في الخطاب الديني: عبر تحويل الصراع من نزاع سياسي إلى صراع ديني بين "المسلمين واليهود"، أُجبر الناس على تبني موقف عدائي ضد إسرائيل دون إدراك الخلفيات الحقيقية للصراع كرفع شعار (زوال اليهود) و(الموت لليهود) و (سنرمي اليهود في البحر) وغيرها.
انتقل الصراع الفلسطيني - اليهودي، إلى مواجهة بين الغرب والعالم الإسلامي، مع تصاعد التحشيد العربي والإسلامي ضد إسرائيل، وخاصة بعد حرب 1973، بدأ الغرب ينظر إلى إسرائيل كحليف استراتيجي لا يمكن التخلي عنه، ليس فقط كدولة ذات حق تاريخي، ولكن أيضًا كحصن أمام التطرف الذي بدأ يهدد الاستقرار الدولي.
• الولايات المتحدة وأوروبا عززتا دعمهما لإسرائيل: نتيجة للتحريض العربي والإسلامي، أصبح الدفاع عن إسرائيل جزءًا من استراتيجية الغرب للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط ومنع انتشار الحركات المتطرفة.
• روسيا استخدمت القضية الفلسطينية كأداة ضغط: رغم علاقتها بإسرائيل، حاولت موسكو استغلال الدعم العربي للقضية الفلسطينية لمناكفة الغرب، مما أدى إلى تعقيد المشهد أكثر.
• إسرائيل أصبحت محور الصراع الدولي: بدلاً من أن يبقى الصراع محصورًا بين إسرائيل والفلسطينيين، أصبح جزءًا من المواجهة بين الغرب والدول العربية وبعض الإسلامية، مما أدى إلى تشويه القضية الفلسطينية وإدخال حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته إلى جانب إسرائيل في متاهات كارثية، وإدخالها في صراع عالمي غير متكافئ.
نتيجة لتحويل القضية الفلسطينية إلى أداة للصراع العربي-الإسلامي ضد الغرب، كان الفلسطينيون أنفسهم أكبر الخاسرين:
• فقدان التأييد الدولي: بعدما كان العالم ينظر إلى الفلسطينيين كشعب يسعى للحصول على حقوقه، تحولوا إلى جزء من تحالفات سياسية ودينية، مما أفقدهم التعاطف والدعم.
• الانقسامات الداخلية الفلسطينية: بسبب التدخلات الخارجية، انقسم الفلسطينيون بين تيارات مختلفة، من فتح المدعومة عربيًا إلى حماس المدعومة إسلاميًا، مما أضعف القضية أكثر.
• استمرار الاحتلال بدلًا من البحث عن حلول سياسية: لو أن الفلسطينيين ركزوا على بناء دولتهم بدلاً من الدخول في صراعات إقليمية، لكان الوضع مختلفًا اليوم، لكن التحريض المستمر ضد إسرائيل جعل الوصول إلى حل دائم أكثر صعوبة.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
• إعادة القضية إلى إطارها الحقيقي كصراع سياسي: يجب فصل القضية الفلسطينية عن الصراعات الإقليمية والدينية، والتركيز على الحلول الواقعية التي تحقق الأمن والاستقرار لجميع الأطراف.
• الاعتراف بالحق التاريخي لليهود في أرضهم: بدلاً من الاستمرار في إنكار حقائق التاريخ، يجب الاعتراف بأن الشعب اليهودي له جذور تاريخية عميقة في هذه الأرض، وأن السلام القائم على الاعتراف المتبادل هو الحل الوحيد.
• التخلي عن الشعارات العاطفية والدعاية التحريضية: آن الأوان لأن يدرك الفلسطينيون أن استغلالهم في أجندات الدول العربية والإسلامية لم يخدم قضيتهم، بل جعلهم وقودًا لحروب لم تجلب لهم سوى المزيد من المعاناة.
إن استمرار تصوير إسرائيل كـ "مشروع صهيوني" بدلاً من دولة ذات شرعية تاريخية، هو تزييف للواقع يخدم الأنظمة القمعية أكثر مما يخدم الفلسطينيين. لا يمكن للقضية الفلسطينية أن تجد حلًا حقيقيًا ما دامت تُستخدم كأداة سياسية في صراعات إقليمية ودولية، وما لم يدرك الفلسطينيون واليهود أن الحل يكمن في الحوار والتعايش، وليس في الشعارات الفارغة التي أثبتت فشلها على مدى العقود الماضية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
12/2/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان في قبضة ترامب هل يواجه مصير زيلينسكي أم يراوغ بذكاء؟
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- ترامب وبينس إهانة للبيت الأبيض باسم السلام
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- الجميع حضر في قاعة مؤتمر دمشق إلا الوطن!
- مخرجات المؤتمر الوطني السوري سلاح جديد في معركة تركيا ضد الك ...
- تركيا وإعادة إنتاج الاستبداد والدور الفاجر في صياغة مؤتمر ال ...
- تحويل القضية الفلسطينية من صراع قومي إلى أداة للتلاعب الإقلي ...
- كيف ابتلعت العروبة شعوبًا وحضاراتٍ بأكملها؟
- لماذا يتهافت الكورد على دمشق بدل فرض شروطهم من قامشلو؟
- الحرب النفسية والدعاية السوداء كيف تستهدف تركيا استقرار غربي ...
- ما بين التسوّل السياسي الكوردي والقيادة الحقيقية
- ميلاد كوردستان بداية الاستقرار والتعايش في الشرق الأوسط
- إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخل ...
- إعادة تشكيل الشرق الأوسط هل هو مخطط خارجي أم نتيجة بنية داخل ...
- مؤتمر الحوار الوطني السوري تهميش للكورد ومخطط لإقصاء الحراك ...
- من متطلبات المرحلة تصعيد دور القيادة السياسية في الإدارة الذ ...
- آن الأوان لفصل المسار السياسي عن العسكري في الإدارة الذاتية


المزيد.....




- تقطعت بهما السبل 3 أيام أسفل منحدر جبلي.. إنقاذ متنزهين سقطا ...
- 74 جلدة للمغني الإيراني مهدي يراحي بسبب أغنيته عن خلع الحجاب ...
- زاخاروفا: الاتحاد الأوروبي ينسف أي مقدمات للتسوية السلمية في ...
- هل تستطيع أوروبا سد الفجوة بعد إيقاف الولايات المتحدة الدعم ...
- انهيار النظام العالمي في عهد ترامب - الإندبندنت
- ما هي خطة -إعادة تسليح أوروبا- والعقبات التي قد تواجهها؟
- جنوب السودان على صفيح ساخن: الجيش يحاصر منزل نائب الرئيس ويع ...
- عن طريق الخطأ.. مقاتلة كورية جنوبية تلقي قنابل على منطقة مدن ...
- السويد تعتزم نشر مقاتلات -جاس غريبن- لدعم مهام الناتو في بول ...
- موسكو تعتبر حديث ماكرون بشأن الردع النووي -تهديدا لروسيا-


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود عباس - القضية الفلسطينية بين واقع التاريخ وخطاب الأنظمة العروبية