سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 1796 - 2007 / 1 / 15 - 11:11
المحور:
المجتمع المدني
كان هناك حلم عراقي، على الأقل منذ عشرينيات القرن الماضي، حلم بدولة قوية وغنية تضمن لمواطنيها الحرية والكرامة ورغد العيش والفرص المتكافئة وتحقيق الذات.. هذا الحلم راود أذهان ومخيلات أجيال متعاقبة. ولا شك أن العراقي في الخمسينيات أو الستينيات أو السبعينيات الذي كان يفكر بحال بلاده ومآلها في بداية الألفية الثالثة كان يتصور جنة على الأرض ستنبثق، تسر الناظرين.. مدن عامرة وآمنة بحدائق تضج بالخضرة والعبير، ودور علم وثقافة وفن في كل مكان، وشوارع عريضة ونظيفة، ومطاعم مزدحمة وأسواق منظمة مملوءة بالسلع وليال مضيئة، وترف ما بعده ترف، حيث الأمية صارت من الماضي، والتقدم التقني لا يضاهى، ووفرة في الإنتاج، ولكل فرد سكن لائق وأثاث باذخ وسيارة ( آخر موديل ) ودخل يفيض عن حاجاته وضمان صحي واجتماعي وشيخوخة محترمة، الخ، الخ.
غالباً ما أتخيل امرؤا عراقياً حالماً مثل هذا، جمّدوه منذ ثلاثين أو أربعين سنة كما يحدث في بعض أفلام الخيال العلمي ليعود إلى الحياة الآن.. ماذا سيجد؟. وكيف ستكون ردة فعله؟ في أي حال من الصدمة والذهول سيقع؟ ولا بدّ أن أول سؤال سيسأله؛ بربكم، ما الذي حصل؟. هذا السؤال ينطوي على الأسئلة الأخرى كلها، وأكاد أقول؛ على المأساة كلها. ولست هنا بصدد تقديم أية إجابة، لكن التفكير بالإجابة يفيد، كما أظن، من أجل إحياء ذلك الحلم المتسرب من بين أصابعنا مثل حبات الرمل.
مع إطلالة كل سنة جديدة يستعيد عراقيون كثر حلمهم ذاك ( ماذا أردنا، وإلى أين وصلنا؟ ) ينتابهم الهمّ والأسى، إن لم يكونوا قد تشبعوا باليأس والقنوط.
كان السياب/ الرائي ينادي منذ ذلك الحين ( يا خيول الموت في الواحة/ تعالي واحمليني/ هذه الصحراء/ لا أمل يرف بها ولا أمن ولا حب ولا راحة ) أكان السياب يرى ما لا يراه غيره؟ ربما.
أهو قدرنا؟ أم ما زلنا ندفع ثمن خطيئة ما، مثلما يعتقد بعضنا؟ خطيئة لم نرتكبها نحن!. هل أُخذنا على حين غرّة، كما يقال؟. هل خُدعنا؟. أم هو خلل في الكيفية التي فكرنا بها وأدرنا بها شؤوننا، والطرق الخاطئة التي سلكناها؟.
من الصعب أن نعيش بلا أمل، بلا حلم، والأمل والحلم مسؤولية وعبء، وعلينا أن نتحمل عبئنا ومسؤوليتنا، أن نستعيد حلمنا العراقي الخالص ، مع الحرص على أنْ لا نُخدع ثانية. وهنا يحضرني مثل هندي يقول "إن تخدعني مرة عليك اللعنة، إن تخدعني مرتين عليّ اللعنة".
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟