أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علوان حسين - الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 15-20















المزيد.....


الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 15-20


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 16:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


14. منهج وأسلوب البحث
لمّا كان السيد عبد الحسين سلمان المحترم يسمّي نفسه "باحثاً" - وهذا من حقه - لذا، فإنه يتوجب عليه أن يكون قد استوعب - قبل توريط نفسه باجراء أي بحث علمي - الخطوات الأساسية الست المميزة لاتباع المنهج العلمي في البحث: 1) طرح السؤال الذي تثيره الملاحظة لظاهرة ما، 2) إجراء بحث استرجاعي لمعرفة ما هو متوفر بالفعل من المعلومات عن تلك الظاهرة، 3) بناء الفرضية حول الإجابة المحتملة على السؤال المطروح نفسه في ضوء نتائج البحث الاسترجاعي، 4) إجراء التجارب لاختبار مدى صحة تلك الفرضية، 5) تحليل البيانات من التجربة واستخلاص النتائج، و6) توصيل النتائج للغير.
يلاحظ من لوازم الترتيب أعلاه أن البحث العلمي - كل بحث علمي - يجب، يجب، يجب أن يبدأ بسؤال واضح ومحدد ودقيق مطلوبة اجابته، وليس بمقولة خبرية (statement) يتصدى الباحث للبرهنة عليها. لماذا يجب على البحث العلمي أن يبدأ بسؤال، وليس أي شيء غير السؤال؟ الجواب: لكون كل بحث علمي إنما يستهدف أولاً وآخراً حل المشكلة (problem solving) المتمثلة بالسؤال المطروح بغية تقديم الإجابة العلمية عليه والتي يجب أن تكون قابلة للتحقق من مصداقيتها من طرف غيره من الباحثين. ولكي يكون البحث منتجاً، يجب أن يكون السؤال المطلوبة أجابته "مهماً" وليس "تافهاً" أولا، وواضحا ثانياً، و دقيقا ثالثاً - عبر تعريف مصطلحاته- وقابلاً للقياس والتحقق، رابعاً.
دعنا نرى المنهج الذي يتبعه المنقود في بحثه. إنه يبدأ مقالته بالسؤال الذي يقول:
(هل التاريخ الاسلامي صناعة عباسية / أعجمية ؟)
إذاً، فهذا السؤال يسأل عن "التاريخ الأسلامي"، ومن المعلوم أن تاريخ الاسلام يمتد عبر أكثر من 14 قرناً، في مختلف بقاع العالم؛ لذا، فإن سائله - بربطه إياه بالعباسيين/ الأعاجم تحديداً دون غيرهم – إنما يعني أن العباسيين والأعاجم هم الذين صنعوا تاريخ الاسلام قبل العباسيين (عهد الرسول والخلفاء الراشدين وبني أمية) وهم الذين ما زالوا يصنعونه حتى اليوم منذ 14 قرناً حيثما وُجد الاسلام في أي بقعة من الأرض. هذا السؤال لا يسأله من لديه ذرة من عقل وفهم بالتاريخ لكون مبتدأه (التاريخ الاسلامي) لا يتطابق مع خبره (صناعة عباسية / أعجمية) ابتداءً، أي أنه مطروح أصلاً للضحك على الذقون لسخافته واختزاله لتاريخ الاسلام بحقبة معينة واحدة دون غيرها من عشرات الحقب، ولقوم دون غيرهم، وهذا جهل معيب بالتاريخ، واختزال إلغائي.
ولهذا، نجد المنقود يكتفي بوضع هذا السؤال غير العلمي والسخيف عنواناً لبحثه بغية الولوج إلى المهمة الحقيقية التي عقد العزم على تكريس مقاله لها، الا وهي مقولة أبن خلدون:
"من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم، وليس في العرب حملة علم لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية إلا في القليل النادر، وإن كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته..."…... عبد الرحمن بن خلدون. "
ثم يقرر من جانبه:
نبرهن على صدق قول ابن خلدون بالقول : أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم....…"

يبدأ المنقود هنا بمقولة ابن خلدون الباتة أعلاه؛ وبدلا من طرح السؤال العلمي الواجب على كل باحث طرحه بصددها هنا، ألا وهو:
هل هذه المقولة صحيحة، أم لا؟
نراه يقول: " نبرهن على صدق قول ابن خلدون بالقول: أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم....…"!
ما هي طريقته الفاسدة في البحث؟ أنها اعتباره ابتداءً أن مقولة ابن خلدون أعلاه صحيحة قطعاً حتى دون أن يكون قادراً على فهم مغزاها ومعناها الحقيقيين، وهي بحاجة للبرهان؛ لذا، فإن المطلوب منه إنما هو أن يتولى هو تقديم البرهان عليها، وليس التثبّت من صحتها من عدمها!
ولكن: هل كلمة "البرهان" التي يستخدمها المنقود هنا تذكرنا بشيء؟
نعم، بالتأكيد ! إنها تذكرنا بمبرهنات (formulas) الهندسة الأقليدية المستوية! ولكن هذه الأخيرة هي مسائل هندسية - مثل: تساوي زوايا المثلث المتساوي الأضلاع - مبرهنة أصلاً، في حين أن مقولة ابن خلدون هي "استنتاج" شخصي، وهي بالتالي لا تحتاج من الباحث البرهان عليها مثلما يتوهم المنقود، وانما على طرح هذا السؤال المهم: هل هذه المقولة صحيحة استناداً للوثائق التاريخية المتوفرة، أم لا؟
ولكن هل أن طرح هذا السؤال بصدد مقولة أبن خلدون هو موضوع مهم؟ الجواب هو: قطعاً لا، وذلك للبديهية التي لا تحتاج "برهاناً"، ألا وهي أن العلوم - عبر كل تاريخها - ليست حصراً على قوم ما دون غيرهم.
ومن المفروغ منه أن من يتصدى "للبرهنة" (كذا!) على أي مقولة لا بد له أن يكون قد أستوعب معناها ومبناها، أليس كذلك؟
لنعد إلى نص ملاحظة أبن خلدون اعلاه. النص يتضمن القول: " ... وإن كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته .."
إذاً، فالنص أعلاه ينصرف على العالِم الذي هو "عربي النَسَب"، ولكنه "أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته". فما هو معنى هذا النص الخلدوني؟ معناه الواضح القاطع هو أن أبن خلدون في مقولته أعلاه إنما يعزل نَسَبَ العالِم جانباً (لكونه – مثلما تبيَّن لنا سابقاً - يعتبر الأنساب "وهمية"، وهو على حق في هذا). كما أنه يتخذ لنفسه معايير أساسية ثلاثة على حكمه: لغة العالِم، ومرباه، ومشيخته. أي أن العالِم العربي النَسَب أو الأعجمي النسب الذي تكون لغته أعجمية ومرباه أعجمي ومشيخته أعجمية فهو أعجمي بالنسبة لإبن خلدون؛ والعكس بالعكس؛ أي أن العالِم العربي والأعجمي الذي تكون لغته ومرباه ومشيخته عربية، فهو عربي. وبالتالي فإن كل كلام السيد عبد الحسين سلمان المحترم عمَّن يزيّف من أنساب العلماء العرب في مقالته تلك كائن خارج الموضوع أصلاً، ولا علاقة له بمقولة ابن خلدون برمَّتها البتة، ولا بـتلفيق "البرهنة" عليها.
لقد كان على الباحث أن يجمع البيانات الشاملة عن لغة العلماء في العصر العباسي الذين تكلم عنهم، وعن مرباهم، وعن مشيختهم، وليس عن أنسابهم أبداً عبر التلاعب غير النزيه بدلالة مفردة "الموالي" في معرض اختباره لمصداقية (validity) مقولة ابن خلدون من عدمها. ولو فعل ذلك مقدماً بتطبيقه لمعايير ابن خلدون العلمية الثلاثة أعلاه (اللغة، المربى، المشيخة) لتوصل لنفس النتيجة الواضحة التي سبق وأن أكدها عشرات الباحثين العرب والاجانب بأممية الثقافة الاسلامية التي لا تعود لعرق واحد دون غيره؛ وهذه حقيقة مفروغ منها ولا يمكن لمنهج "تلقيط القراد" ولا اللف والدوران الدلالي حول مفردة "الموالي" نفيها. ولَتَوصَّل كذلك لحقيقة أن الحضارة الأسلامية هي حضارة عربية بامتياز: لغةً ومربى ومشيخةً، أسسها النبي العربي وصحابته العرب وليس أحداً غيرهم، وهذه معلومات عامة معروفة وثابتة تاريخياً وليست قابلة للاجتهاد، بالضبط مثلما كانت الحضارية السومرية هي سومرية والحضارة الأكدية هي أكدية والحضارة اليونانية هي يونانية.
لله درك، أبا خلدون، أيها العبقري العظيم ! أي معايير علمية معاييرك: اللغة، والمربى، والمشيخة ! هذا العالم الجليل يقرر بمعاييره الثلاثة هذه أن الإنسان، أي انسان - العالِم وغير العالِم - إنما هو ابن بيئته، وليس ابن نسبه؛ بالضبط عكس ما يفتريه المنقود. وهذا ما يثبت أيضاً كم يحتاج المنقود من الدراسة والتحصيل كي يتوصل إلى فهم ابن خلدون، ناهيك عن استكناه منطقه العلمي.
ولكن من هم الذين تشير إليهم عبارة ابن خلدون: " وإن كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته "؟ أبن خلدون يقصد هنا أولئك الأعلام العرب النسب ممن تربَّوا والّفوا في لغات غير عربية، مثل جلال الدين الرومي: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْنَ بَهَاءٌ الدِّين البَلَخي الْبَكْرِيّ (604 هـ - 672 هـ = 1207 - 1273م) الذي ولد في بلخ، بأفغانستان، وانتقل في الرابعة من عمره مع أبيه إلى بغداد، فترعرع بها في المدرسة المستنصرية حيث نزل أبوه، ثم سافر من بعدها برفقة أبيه ليستقر أخيراً في مدينة قونية بتركيا سنة 623 هـ في عهد دولة السلاجقة الأتراك. وهو الناظم للشعر الفارسي الشهير المعروف بـ "المثنوي" الذي ترك - وما يزال - تأثيراً واسعاً في العالم الإسلامي وغير الإسلامي، وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأُردية والبنغالية والتركية وغيرها.
والآن، إلى السؤال الأهم، الا وهو: ما هو الزمن الذي يطبق عليه إبن خلدون مقولته تلك عن الملة الإسلامية؟ هل هو عصر صدر الأسلام، الأموي، العباسي، الأموي في الأندلس، ملوك الطوائف، المغولي، المملوكي، التركي ...؟ أم أنه يتكلم عن عصره هو في القرن الرابع عشر الميلادي: (732 هـ / 1332م – 808هـ/ 1406م) ؟ أم كل تلك العصور؟
هذا هو موضوع الحلقة القادمة.
يُتبع، لطفاً.



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 14-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 13-20
- مأساة أوجلان: مأساة شعب مظلوم
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 12-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 11-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 10-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 9-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 8-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 7-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 6-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 5-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 4-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 3-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 2-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 1-20
- وئام ملا سلمان: الشاعرة المجددة توحّد الشاعرة مع الشعر لخلق ...
- الانقلاب الكوري الجنوبي والحرب الاوكرانية
- دواعش نتنياهو-أردوغان-بايدن يستبيحون حلب الشهباء
- يحيى السنوار: شهيد من طراز فريد
- البقرة الشاردة مع عجلها


المزيد.....




- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد “هنـــــــــــا” .. ...
- “من هنــــــــــا” .. رابط التسجيل في الاعتكاف بالمسجد الحرا ...
- ممنوع لهؤلاء .. شروط الاعتكاف في المسجد الحرام وخطوات التسجي ...
- الفاتيكان يكشف تطورات الحالة الصحية للبابا فرنسيس
- الان.. بدء تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 2025 رابط رسمي شغ ...
- المسجد الأقصى يحتضن أكثر من 80 ألف مصل في صلاة التراويح
- شاهد..وفاة أردني وهو يقرأ القرآن في المسجد برمضان
- الظلم الذكوري باسم الطاعة وبلبوس الشريعة
- حصري - مالي: اجتماع مفصلي بين --جبهة تحرير أزواد- و-جماعة نص ...
- تفعـيل موقع التسجيل في الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 alhara ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علوان حسين - الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 15-20