|
عن ( القبور والأجداث / عماربن ياسر )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 14:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال من الاستاذ عمران حمدى : ما هو الفرق فى القرآن بين القبور والأجداث ؟ الجواب : أولا : لكل منا قبران : قبر للجسد المادى فى الأرض المادية ، ثم قبر للنفس فى البرزخ . ليس فى القرآن الكريم مصطلح ( دفن ) . البديل هو ( قبر ) بمعنى دفن وأخفى . يقول جل وعلا عن مراحل الانسان : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) (21) عبس ) : هى نطفة تتحول الى انسان يخرج الى الحياة ، يختار طريقه ، ثم يموت ويتم (قبره ودفنه ) ثم فى الموعد الذى شاءه رب العزة يكون البعث والنشور . هنا نفهم معنى ( قبر ) فى قوله جل وعلا (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) . ( أقبره ) أى أخفاه ودفنه، وجعل فوقه قبرا يحجبه عن الرؤية . هذا واضح بالنسبة لجسد الميت الذى نقبره ونخفيه حتى لا نتقزز بمنظره وبرائحته . ولكن هناك قبرا آخر برزخيا يتم فيه (قبر ) النفس . ويالتالى فلدينا قبران : مادى زائل للجسد المادى للميت ، وبرزخى لنفس الميت الخالدة حين ترجع الى برزخها الذى أتت منه من قبل . ثانيا : القبر المادى 1 ـ بدأت القصة مع أول قبر لأول جثة فى تاريخ الانسانية ، حين قتل ابن آدم أخاه فى حياة أبيه ، ولم يعرف كيف يوارى (سوأة) أى جثة أخيه ، وتعلم هذا من الغراب ، قال جل وعلا: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ (31) المائدة ) 2 ـ من أعظم التكريم لبنى آدم هو ( دفن ) جثته أو ( سوأته ) فى التراب فيما يعرف بالقبر ، وهذا لا يحدث للحيوانات الأخرى ، وخصوصا ما نأكله منها ، حين تتحول بطوننا الى قبور لجثث هذه الحيوانات. يقول جل وعلا فى تكريم بنى آدم :( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الاسراء ) 3 ـ ونعطى أمثلة قرآنية ورد فيها مصطلح (القبر ) المادى : 3 / 1 : فى التشريع الاسلامى يمكن الصلاة على الميت بالدعاء على قبره. الميت لا يستفيد من هذا شيئا ، فقد تم قفل كتاب أعماله ، هو مجرد تكريم لذكراه . وتكريم ذكرى الميت، أو ( تأبينه ) عادة بشرية فى كل الثقافات . ولقد حرم رب العزة بعض من مات من المنافقين من هذا التكريم ، فقال جل وعلا للنبى عليه السلام :( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ) (84) التوبة ). الشاهد هنا الحديث عن قبر مادى . 3 / 2 : والموتى فى قبورهم لا يتكلمون ولا يسمعون ، ومثلهم فى هذا ـ على سبيل المجاز ــ الكافرون الذين على قلوبهم أكنّة فلا يسمعون الهداية ، يقول جل وعلا :( وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) فاطر ). ثالثا : ( الأجداث ) القبور البرزخية : كل نفس تموت ترجع الى البرزخ الى قبر أُعدّ لها فيه . هذا القبور البرزخية يقال ( أجداث ) . ونعطى توضيحا : 1ـ هناك نوعان من الانفجارات . الانفجار الأول الذى أنتج السماوات والأرض من الصفر أو اللاشىء . قال جل وعلا : ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ) (30) الأنبياء ) . ثم الانفجار الذى يتم به تدمير السماوات والأرض ، والعودة الى نقطة الصفر ، والتعبير القرآنى هو( النفخ فى الصور ) ، ثم النفخ فى الصور للمرة الثانية ، قال جل وعلا عن النفختين : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) الزمر ) بهذه النفخة الثانية يكون بدء اليوم الآخر بالبعث . 2 ـ عن النفخة الثانية للصور والتى ينتج عنها البعث قال جل وعلا : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) يس ) . جاء تعبير الأجداث عن القبور البرزحية . 3 ـ تخرج أنفسهم من قبورها البرزخية تطير كأنها جراد منتشر تتجه الى حيث الحشر . قال جل وعلا ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر ). 4 ـ : ( الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4). تصويرهم السابق كأنهم جراد منتشر ، يطير . تصويرهم هنا كفراش يطير . 5 ـ فى تصوير خروجهم من أجداثهم ـ قبورهم البرزخية ـ يكونون مثل أفواج الزائرين للقبور المقدسة فى الموالد ، وهم يسرعون فى الذهاب اليها سعداء ، ولكن فى البعث سيكونون أذلّاء . قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44) المعارج ) . 5 ـ ونتدبّر قول الله جل وعلا : ( إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ) السؤال الثانى : ما رأيك فى الرواية التاريخية فى السيرة أن عمّار بن ياسر وأمه وابوه كانوا تحت العذاب ، وان النبى قال لهم ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) ؟ إجابة السؤال الثانى : 1 ـ لم يكن النبى محمد عليه السلام يعلم الغيب ولم يكن له ان يتكلم فيه ، يكفى قوله جل وعلا له : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) الاحقاف ) .بهذه الحقيقة القرآنية فانها رواية كاذبة التى تجعل النبى يبشر ( آل ياسر ) بالجنة . 2 ـ قال جل وعلا : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة ) لو كان عمّار بن ياسر ضمن السابقين الأولين تقوى لاجتنب الفتوحات وهى أفظع جريمة إرتكبها أولئك الذين مردوا على النفاق المذكورين فى الآية التالية : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) . التاريخ ينام فى أحضان الطُغاة لذا ذكر صحابة الفتوحات وصحابة الفتنة الكبرى . 3 ـ عماربن ياسر كان نشطا فى الفتوحات وكان نشطا فى الفتنة الكبرى مع ( على ) . وقُتل دفاعا عن ( على ) فى موقعة صفين . وكوفىء عماربن ياسر على هذا بإفتراء أحاديث من نوعية ( عمار تقتله الفئة الباغية ) و ( صبرا آل ياسر فإن موعدكمالجنة ). 4 ـ فى تسعينيات القرن الماضى كتبت مقالة نشرتها جريدة الأحرار عن معاناة موظف مصرى نظيف السلوك يتمنى ان يأكل اللحم .وليس لا يقدر سوى على الفول والطعمية ..والكشرى .وقلت فى نهاية المقال ساخرا : ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم المزيد من الكشرى ).!
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن( النجدين / عند قيام الساعة / من الأقدم : ابراهيم أم شعيب
...
-
الفصل الأول : التقوى والايمان باليوم الآخر أساس الاجتهاد الا
...
-
عن ( القطع )
-
عن ( على وشك الموت / تقعدون / توبة قطاع الطرق )
-
الفصل الخامس : الاجتهاد الشيطانى العملى فى إضطهاد أهل الكتاب
-
عن ( الخطف / عبد الله بن الزبير والقصّاصين )
-
العزة
-
عن ( شر الدواب / دراسة الكتاب الالهى / سوّى / النفس والاغماء
...
-
الفصل السادس : التلاعب فى قواعد التشريع ومقاصده العظمى
-
القاموس القرآنى: ( ظهر ) ومشتقاتها .
-
عن ( عين وعيون)
-
الفصل الخامس : التلاعب بالأسس التشريعية القرآنية
-
عن ( عبادة العجل )
-
عن ( يعقلون / تعقلون )
-
الفصل الرابع : إهمال الجانب الأخلاقى فى القرآن الكريم
-
عن ( العقيم والبوار / سكر وسكارى وسكرت / كتاب الاعمال هو زوج
...
-
الفصل الثالث : إجتهادهم فى التلاعب بأسباب النزول
-
فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين .
-
عن ( سعيكم مشكور / لا تزغ قلوبنا )
-
القاموس القرآنى : التوكل على الله
المزيد.....
-
علماء ينتجون -فئرانًا صوفية- في خطوة لإعادة حيوان الماموث إل
...
-
متحف السيرة النبوية بالسنغال.. تجربة تفاعلية تكشف تفاصيل حيا
...
-
رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 والضوابط المفروضة
...
-
مستعمرون يقتحمون الأقصى بقيادة يهودا غليك
-
لماذا تعد التحديثات اليومية التي يقدمها الفاتيكان عن البابا
...
-
خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد “هنـــــــــــا” ..
...
-
“من هنــــــــــا” .. رابط التسجيل في الاعتكاف بالمسجد الحرا
...
-
ممنوع لهؤلاء .. شروط الاعتكاف في المسجد الحرام وخطوات التسجي
...
-
الفاتيكان يكشف تطورات الحالة الصحية للبابا فرنسيس
-
الان.. بدء تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 2025 رابط رسمي شغ
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|