ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 8272 - 2025 / 3 / 5 - 14:03
المحور:
الادارة و الاقتصاد
انتهجت هيئة تحرير الشام، منذ أن أحكمت قبضتها على دمشق، أسلوباً فريداً في محاولة ضبط سعر صرف الدولار، في أسلوبٌ لم تجرؤ أي حكومة في العالم على تبنّيه، بل ربما لم يخطر على بال أكثر الأنظمة الاقتصادية فشلاً. الحل العبقري كان ببساطة: إخفاء الليرة السورية من السوق!
فقد أوقفت صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، فوجد المواطن نفسه في مواجهة مباشرة مع العدم. من كان يملك مدّخراتٍ بالدولار أو الذهب سارع إلى بيعها ليحصل على الليرة السورية المغيّبة قسراً، أما من لم يكن لديه شيءٌ يدّخره، فلم يجد أمامه سوى بيع ممتلكاته، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى تصفية أثاث بيته ليؤمّن قوت يومه.
وبالفعل، نجح هذا "الإجراء العبقري" في تخفيض سعر الصرف، فانخفض الدولار أمام الليرة بنسبة وصلت إلى 40%، ولكن بأي ثمن؟
السوق امتلأت بدولارات الفقراء، لكنها لن تعود إليهم، فقد التهمها تجار الأزمات وأصحاب رؤوس الأموال الذين اشتروا العملة الصعبة بأسعارٍ زهيدة، ثم أعادوا بيعها لاحقاً بأضعاف، ليزداد الأغنياء غنىً، بينما أُضيفت طبقاتٌ جديدة إلى قوائم الفقر والجوع.
نعم، تراجعت أسعار بعض السلع والخدمات، لكن كما يقول المثل الشعبي: "الجمل بليرة، وما معنا ليرة".
فلا الرواتب صُرفت، ولا السيولة عادت إلى الأسواق، ولا المعيشة أصبحت أيسر، بل على العكس، تفاقم الفقر، وازدهرت الجريمة، واتّسعت رقعة الدعارة، وأصبح الشارع ساحةً مفتوحة للنهب والاستغلال، بينما تنعم قلةٌ قليلة بما جنته من هذه اللعبة القذرة.
لقد أثبت التاريخ أن الاقتصاد لا يُدار بعقلية المُقامر، ولا تُبنى الدول على حساب كرامة مواطنيها، وما يجري اليوم ليس سياسةً نقديةً، بل عملية إفقارٍ ممنهجة، تدفع المواطن نحو خيارٍ وحيد: الانكسار أو الانفجار!
فأيّهما أقرب؟
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟