|
تداعيات عام مضى وآخر قادم
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 1796 - 2007 / 1 / 15 - 08:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل حقا انتهى عام وبدأ آخر ، أين كانت في العام القديم ، التحق يآلاف السنين المنصرمات بلا هوادة ، تاركا في قلبها حسرة أبدية ، كلما عنت لها كتمتها ، وأمسكت دمعها من الهطول ، عام آخر ولم يثمر شيئا ، ينفرط العمر بلا حدود ، أين هي من أعوام الصبا والأسئلة الممنوعة ، اين انبهارة استاذها لسؤالها بعد أن أنجز محاضرته الطويلة أمام طلابه ليثبت وجود الجنة تاريخيا : لوكان لها وجود تاريخي فلا بد أن يكون لها زمان محدد ومكان ثابت ، لم يُحدد لها مكان ولا زمان في أي سفر أو مأثور ، نظر اليها مليا أدركت ضيق الزاوية التي أوجدته فيها تأبط كتبه محييا الجميع مومئا لها بابتسامة خبيثة ، أرادت أن تقول له أن الجنة والنار هنا في هذه الفسحة الواهنة من الزمان الا انه انطلق لا يلوي على شئ وغاب في لمحة يصر . نظرت في عيني زوجها بعد هذه السنوات العجاف ويكاد الربع ساعة الأخير أن ينقضي ، تركت الغرفة آملة منه أن يدعوها لكأس معا ، حتى ولو كأس ماء . سألت نفسها والواحدة من العام الجديد حلت أتوجد حياة أقسى من علاقة زوجين من غير تعبيرعن حب . ألم يهنئ أصحابه ومعارفه رجالا ونساءً بالعيد لماذا يبخل عليها أن يتشاركا أعيادهما ، ربطهما هدف تحقق لهما وعصي على كثيرين وهو الخروج من المحنة وأولادهم أحياءً . في المدارس يحشون الأذهان بمعلومات وأعراف كثار ، لكنهم بعيدون جدا عن تعليمهم ماهي الحياة وأهم ما تصل اليه العلوم فهو أبعد ما يكون عن مناهجهم ،أما الحب وتجلياته فهو كالسياسة أو دونه قليلا ، محرم حتى ذكره ومن يذكره فقد كفر وفجر . انتهى عام ، قررت أن تبدأ حياتها من جديد متناسية العمر الذي يقف حائلا بينها وبين أن تبدأ من الصفر ثانية وعازمة على أن تترك الحديث عما مر منذ ِشباط عام 63 المقبور انتهاءً باعدام الطاغية ، ستبدأ عطلتها ويومها الأول من العام بالبحث عن فلم تتسلى برؤيته ، بين الإنتقالة من فضائية لأخرى لا بد من المرور عبر فضائيات ، صممت أن تجتازها ولكن حب الإستطلاع وفضولها يدفعها للوقوف لحظات ، ملؤها غضب وغيض مما تسمعه لم يهزهم الدمار الذي لحق شعبا بكامله ولم تهزهم الجرائم التي ارتكبها بحق شعوب أُخر بل أثارهم نيله عقابا أقل بكثير مما يستحقه ، لم يرحم أحدا فكيف يُرحم انها تكره العنف بكل أشكاله ولكنها لم تعش عنفا كالذي عاشته في وطنها . . أغلقت كل القنواة وفتحت قناة الأفلام التي أدمنت على عرض أفلام لاتمت الى الواقع بصلة . لملت نفسها وأغلقت كل شئ وسارت بها خطاها الى عالم السوق ، كل الوجوه غريبة عنها حتى وجهها الذي تتفاجأ به منعكسا على زجاج المحال التجارية . أيها النجم الآفل للغياب ، آن الرجوع الى أمنياتها الساذجة البسيطة ، لكنها مستحيلة ، آن الرجوع الى ذلك الحب الذي مضى ولم يأت غيره ، يحرقها شوق الى أيام مضت لم تَرُق في عينها ولم تُسعد بها ، لكنها اليوم ذكرى أثيرة ، كرؤيتها لنصب الحرية في رواحها ورجوعها ونُصبٍ أُخر مازالت ماثلة أمام عينيها بالرغم من فراقها الطويل لمدينتها الجميلة مدينة الف ليلة وليلة ، ولقصصها التي ضاعت في منعطفات التاريخ الذي لم ينته بعد من مدنها المسبية بالغدر . ولأمها التي رحلت الى غير عودة وبقيت في لاوعيها أملة في رجوعها . تحن لتلك الأيام الخصبة بين الأهل والجيران يتبادلون خبز التنورالحارالمطيب بالمحبة وعطر الحنطة ، لاحصة تموينية تقلقل الجميع بأفولها ، أيام كان النضال فيه للفكر ولمنابر الأدباء والشعراء القدح المعلا. أيام لا تعرف الناس فيه لغة المدافع والهاونات والقنبرات والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعبوات القاتلة المزروعة بالأفكار السوداء المسمومة بكل أنواع التخلف والجهل والغرور، تصرف عليها ملايين الدولارات غير آبيهين لصراخ طفل من جوع أو موت ، شوهوا الدين والتارخ والحياة . عام مضى كغيره من السنين الآفلة وها عام يتهادى ، زمن خرج من المحسوس الى اللامحسوس ، ولم يبق منه سوى نتف تبقى كذكرى في زوايا الفكر تعن بين حين وآخر ، وآخر قادم سيعاش حتى لحظته الأخيرة . ما أقسى هذا العمر وتبقى الأسئلة تحوم حولها تفزعها حينا وتسليها حينا وتدمرها في أغلب الأحيان ، لماذا يسود الرعاع لينتزعوا الفرح من عيون كل الناس ، لماذا لا تسود المحبة في هذه الفسح من الزمان فتكون الجنة هنا غير بعيدة عنا ، لماذا لم يبن مجتمع متمدن في كل زمان ومكانو منذ بدأ التاريخ. لماذا لايسود حب حقيقي بين الناس الذين ولدوا جميعا من غير اختيار لدين أو طائفة أوملة أو مكان ، لماذا لايسود الأعتراف بالآخر وبأحقيته في حياة لاجوع فيها ولا خوف ولا ذل ، لماذا لا تتمتع المرأة بحقها الطبيعي في العلم والعمل والحب ، فتكون النصف الفعلي في الجتمع ولا تكون نصفه المعطل ، ولماذا ترتضي بعض النسوة بقوانين تدوس عليهن وتتجاهل أحاسيسهن وتنتهك مشاعرهن تحت مسميات شتى وبأسم الدين ، لماذا لا تعزل السياسة عن الدين وتكون العلاقة بين الخالق والمخلوق ، خاصة ، بين المخلوق والخالق دون وساطات بشرية ، لماذا لا تكون السياسة علما كباقي العلوم لا يستحقها الا من يُؤهل لها ويختاره الآخرون ، تحيطها اللماذا من كل صوب تتصاعد أمامها أعمدة من نار تلهبها ، تصب لنفسها كوب شاي ترتشفه بسرع نافظة جسدها من دوامة الخمول والتساءلات، تقرأ شرائط الأخبار باحثة عن أمل جديد بين السطور يوحي لها أن العام القادم سيكون أفضل من غيره وسيكون للقانون والعقل دورا أساسيا وليس مؤجلا . هُوةٌ عميقة بينها وبين الواقع حاولت عبورها سترسل أول رسالة لها في العام الجديد الى اختها وأبيها تهنأهم فيها ، سرعان ما جاءها الجواب عبر الهاتف ، فثورة المعلومات تتطور بسرعة البرق أما الأنسان فما زال ابنا بارا لشرائع الغاب الأُولى حبيبتي الحمد لله طيبون ولو البرد أمرضنا ، لا نفط لا غاز لا كهرباء لا أطباء ، سلام 1/ 1 / 2007
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللهب
-
وأزهر الشجر
-
من أشعل النار فيها
-
الندم الثاني
-
سعد والله
-
زينب والمسرح
-
حكاية من زمن الموت
-
مناجاة
-
التلفاز
-
الآن حان الدرس الأول
-
الحب بعد الرحيل
-
الندم الأول
-
أعاصير
-
تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
-
تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
-
في يوم ما
-
صورة
-
مكتبتي
-
جنون
-
لحظة من لحظات الحرب
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|