أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - سماء القدس السابعة؛ اسامة العيسة















المزيد.....


سماء القدس السابعة؛ اسامة العيسة


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 20:09
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


سماء القدس السابعة ، رواية لاسامة العيسة تقع على متن 677 صفحة من القطع المتوسط وهي من اصدارات منشورات المتوسط في ميلانو بايطاليا سنة 2023.

رواية مقدسية بامتياز، كتبت بعين عاشق للقدس وتاريخها وحكايات المكان والزمان والاشخاص والبطولات والاديان والانهزامات والانكسارات والصمود والبقاء والحب والحرب ..

ويغلب على هذا العمل الوطني بامتياز البعد التاريخيّ والتوثيقي، كما ويمكن وصفه بأنه موسوعي بإطار روائي كمحاولة لتخفيف الثقل على القارئ من كم المعلومات التاريخية التي يحفل بها هذا الكتاب.

العيسة في هذا العمل يتنقل بنا عبر دروب القدس وتاريخها ليقص علينا سيرة المدينة الاسيرة، و ليحكي لنا قصة كل معلم ومكان، ويعرض عبر حكاياته المتوالدة كيف يري العرب والمسلمين أنفسهم وكذلك المسيحيين [اصحاب الحظوة و الظهور الاكبر في صفحات الرواية] و كيف يري اليهود موقعهم من الاحداث ، وذلك من خلال كم وافر وزاخر من المعلومات... وهذه المعلومات على وفرتها وجودتها الا انها اثقلت كثيرا عن السرد الروائي حتى انها احيانا دفعت شخصيات الرواية الأساسية دفعا لسرد قصص وثائقية مغرقة في التاريخ والتوثيق..

البطل في هذا العمل هو الراوي وهو يوسف الاب تارة والطفل والشاب كافل تارة اخرى، اختصارا لاسمه ذو الكفل، الذي يدون لنا حكايات تلد بعضها بعضا كما تلد الشخوص الذين يسردون ويتناوبون على الاجابة على اسئلة البطل [كافل] وتباعا تتوالد الحكايات التي اثقل كاهلها التوثيق والتاريخ ..

في سماء القدس السابعة نحن مع سرد روائي سلس تدور احداثه مع وحول شخصية كافل ذي الثلاث مراحل [الطفل فالشاب والاب]، فمع كافل الطفل يكون البطل اباه يوسف الملقب ب "شامان"، والذي يعمل سائقاً في حي المصرارة بالقدس، والسائق هنا وظيفة احسن الكاتب انتقائها لما تحمل في ثناياها معرفة السائق بالطرقات والدروب والاماكن وحكايا الناس ومروياتهم، وطفله "كافل" الذي يقوم بدوره بمرافقته في عمله ويقوم بطرح الاسئلة ويتلقى عليها الاجابات، بحيث يتولى سرد تلك الحكايات بواسطة والده اساسا وعبر شخصيات اخرى ابتدعها المؤلف حسب غرض الحكاية وموضعها ، كل ذلك يتم عبر تقسيم الكتاب الى ثلاثة اسفار لنتمكن من اكتشاف تاريخ مدينة القدس..

هذه الشخصيات، وأهمها والده يوسف، ووالدته وصديقته لور والعم جورج والجد أبو نقولا وعلى قلتها.. اسهمت باتساع افق الرواية واغراقها بكل ما يريد الكاتب، وتحديد مذاهبه وحواراته والاهم توظيف كل انواع المعارف التاريخية والاثارية والدينية والثقافية التي تزخر بها خلفية المؤلف اسامة العيسة، والتي استطاع توظيفها بسلاسة على لسان شخصيات الرواية وتحكم بها بخفة ظاهرة بحيث تذهب الى حيث يريد ككاتب والى حيث نريد كعشاق للقدس وتاريخها الذي لا ينضب...

تمضي صفحات الرواية تباعا ومعها تمضي السنوات وتتلاحق الاحداث وتتعدد مصائر البشر وتغترب وتتغرب وتبتعد وتقترب الشخصيات ويلتقط الكاتب هذه المصائر ويرصدها تباعا عبر شخصيات الرواية لكن يبقى اهم مصير يتتبعه الكاتب هو مصير البطل [كافل] والذي تاهذه اقداره بعيدا عن الوطن ثم تدور في خلده وتنازعه اسئلة مصيرية فيتقين حجم الامانة الملقاة على عاتقه، فيعود للبلاد ليروي حكايته لابنه الصغير ليسلم الامانة ويروي حكايته بطريقته وبتصحيحاته وتنقيباته التي اخبره والده عنها يوما ما في اول صفحات الرواية قائلا في ص 149 و 150 :"قلت له: يا ابي، اراك تعيد الحكايات عن هذه المواقع، وتخلط بعضها ببعض، وتحيرني"، فقال:" هذه طبيعة حكايات بلادنا، في كل مرة، ربما ترويها بطريقة مختلفة، تعدد الرواة والفاتحون والغزاة والمحتلون، وكل له روايته، وكل ترك نتفا من روايته، ورحل، وانت سيكون لك روايتك، ربما ترويها لابن او لحفيد".

ماذهب اليه العيسة في هذه الرواية من ديمومة الرواية وحفظ موقعها في الذاكرة والتاريخ كان التقاطا مهما وملهما لما تشكل الرواية حجر الزاوية في صراعنا مع المحتل صاحب الروايات الزائفة القادمة من بطون الكتب والخرافات والبعيدة كل البعد عن التاريخ الحقيقي الذي يعتمد العلم والمنهجية وادواته الحقيقية في التنقيب والتوثيق والدراسة واهمها اللقا والحفريات والاثار الحسية والادلة الملموسة ....

كل هذا واكثر اوجب ان تبقى الرواية الفلسطينية حية في نفوس ابنائها جيلا بعد جيل؛ وهذا بالذات ما ايقنه العيسة في هذه الرواية وهذا ما احسن توظيفه وتوثيقه ، وهذا ايضا ما قامت عليه حبكة الرواية وموضوعها الرئيس.

وهذا التركيز على قيمة المرويات التراثية والتاريخية والدينية والشعبية نجده حاضرا في معظم صفحات الرواية؛ فمثلا نجده يشير الى اهميته في ص 485 يقول:" كانت امي تروي حكاياتها لي من واقع حياتها الجديدة، وكأن حكايات القدس، وناسها وملوكها وانبيائها انتهت او تبخرت...".

وكذلك الامر في ص 149 و 150 :"قلت له: يا ابي، اراك تعيد الحكايات عن هذه المواقع، وتخلط بعضها ببعض، وتحيرني"، فقال:" هذه طبيعة حكايات بلادنا، في كل مرة، ربما ترويها بطريقة مختلفة، تعدد الرواة والفاتحون والغزاة والمحتلون، وكل له روايته، وكل ترك نتفا من روايته، ورحل، وانت سيكون لك روايتك، ربما ترويها لابن او لحفيد".

هذا عداك عن احتمال كثير من نصوص العيسة لافكار شائكة تستحق ان تكون مثار للنقاش الصحي والموضوعي خاصة عندما يقول ص 498 :" اخذنا نميز بين يهودي طيب وآخر اقل طيبة، بين المجند الذي قتل واحتل، وهو نفسه الذي يمكن ان نكون عمالا لديه او تحت امرته، هو نفسه ايضا الذي يخدم فترة من الزمن كل عام في جيشه الذي يقمعنا ويحتلنا.

هل اصبنا بالانفصام؟ وهل كان لدينا اي خيار؟ص 499.
فصاحبنا العيسة بهذه الرواية المقدسية عمل ككاتب وكمنقب اثاري بارع كمؤرخ لا يشق له غبار وهو يزيح اطنانا من الغبار العالقة على سيرة القدس والجاثية فوق تاريخها الطويل.

صاحبنا العيسة حكاء من طراز رفيع؛ فهو يلتقط حكايا البلاد من افواه اصحابه ومن الناس البسطاء و الغلابا اصحاب المرويات الاكثر ارتباطا بتاريخ البلاد..ليس هذا وحسب بل ان صاحبنا يلعب في المضمار الاحب اليه والينا ويطرز الحكايات كثوب كنعاني جميل، وهذا الثوب يختصر تاريخ شعب باكمله الذي يجتهد الطغاة والسارقون والطامعون لسلبه وطمسه وتحريفه بغية شطبه، بينما يناضل صاحبنا وامثاله لمواجهة هذا الطمس والتحريف متسلحا بالوعي والمعرفة ...

هذا الوعي المنفتح لدى العيسة المستمد من بيئته والمستند الى الثقافة الوطنية المنفتحة تحسبه في احيان كثيرة يغالي في انفتاحه ؛ فمثلا في سرده لتاريخ المدينة المقدسة تحسبه ميالا للتأريخ المسيحي لبلادنا على حساب تاريخ المدينة الحقيقي ... وهويتها العربية والاسلامية، وقد نبرر له ذلك حبا في كل تاريخنا المقدسي بعجره وبجره والذي ال الينا كاصحاب هذه الارض الاصلانيين ..
وقد نجد له التبرير ايضا استنادا لما ذكره في ص 149 و 150 :"قلت له: يا ابي، اراك تعيد الحكايات عن هذه المواقع، وتخلط بعضها ببعض، وتحيرني"، فقال:" هذه طبيعة حكايات بلادنا، في كل مرة، ربما ترويها بطريقة مختلفة، تعدد الرواة والفاتحون والغزاة والمحتلون، وكل له روايته، وكل ترك نتفا من روايته، ورحل، وانت سيكون لك روايتك، ربما ترويها لابن او لحفيد".

العيسة في هذه الرواية الضخمة تحول الى دليل سياحي مختص بالتراث المسيحي حتى تظنه مسيحيا متعصبا...

العيسة سادن للحكايات والمرويات والفلكلور ص 212 لكنه ايضا صاحب وجهة نظر سياسية ومواقف شائكة اودعها لسان شخوص روايته في اكثر من موضع كالذي قالته لورا مثلا ص 623 مثلا حيث تقول:" اعتقد انك تريد ان تعرف بأنني انضممت لاتحاد الطلبة السري، وهو تنظيم يساري...".
واتبعتها بقولها:" كانت القدس في تلك الايام ممتلئة بالفخر والحب والايثار وايضا بتسلل الافساد اليها من زعماء الفصائل الذين خرجوا من لبنان الى تونس لبسط نفوذ لهم فبدؤوا بتخريب الجيل المنتفض، اغدقوا الاموال واستقبلوا الشخصيات الجاهزة لمنح الولاء، ومنها ما كان محسوبا على الملك او على الاحتلال...ص 428.
واكثرها زخما ماورد على ظهر الصفحة 633 من اسئلة على لسان الوالد:" اين هي النظرية؟ اين هو الفكر". ماهي الافكار النوروثة؟ وماهي الافكار الجديدة؟
ص 636 "...ففي النهاية من ارتكب الجريمة معتقلون لدى الاعداء، وسيواجهون احكاما طويلة بالسجن، ليس بسبب موت امي، ولكن لمحاولتهم قتل رامي، الذي نجا مما سماه عمي :" النضال العبثي، الذي يقتل الاقرباء، ويفشل في قتل الاعداء".
ص 658 فيما ورد على لسان لورا في رسالتها الثالثة لكافل... "ماذا تريد ان تعرف ايضا من حكايات معارفك، الشيخ نعيم استقر في مدينة بيت لحم...وتعرض الشيخ للاعتقال من قبل اجهزة الامن في السلطة الفلسطينية" ...
وص 658 ايضا "...ولم يكن من من النادر ان يعذب مناضل سابق مناضلا حاليا، واصبح الحديث عن اساليب التعذيب القاسية مادة متداولة لدى منظمات حقوق الانسان...".

بقي ان نقول بان العيسة في روايته سماء القدس السابعة تجسيد حي لما قاله درويش :"مَنْ يكتُبْ حكايته يَرِثْ أَرضَ الكلام، ويمْلُكِ المعنى تماما".

#مهند_طلال_الاخرس



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا الوردة ؛ امجد ناصر
- سياج الغزالة ؛ ناصر رباح
- سافوي 28
- سافوي 27
- سلسلة اليوميات الفلسطينية
- الى فتح في عيد ميلادها 60
- الاعمال المقدسية الكاملة؛ عارف العارف
- في شباك العصافير؛ وليد الهودلي ]2[
- الفلسطينيون من حرب إلى حرب ؛ ايريك رولو
- امرأة الموساد، قصة موردخاي فعنونو ، بيتر هونام
- سافوي 26
- رشاد ابو شاور؛ سيرة من الزمن الفدائي الجميل
- تحت ظل الخيمة
- سافوي 25
- سافوي 24
- #دروس_وتجارب؛ فتح وجدت لتبقى ولتنتصر..
- دروس وتجارب ثورية؛ -فتح مرت من هنا-
- دروس وتجارب ثورية؛ نحن والآخر وأدوات التغيير
- في شباك العصافير؛ وليد الهودلي
- القدس؛ صورة اخرى للحنين ...


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يقر نظام رقابة آليا على حدوده الخارجية بديل ...
- إسرائيل تريد إبقاء القواعد الروسية في سوريا
- روبيو: النزاع في أوكرانيا هو حرب بالوكالة بين الولايات المتح ...
- تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا يُفاقِم الصراعا ...
- السيناتور غراهام: زيلينسكي كان جيدا في الحرب لكنه يحتاج إلى ...
- روبيو يحذر -حماس-: خذوا تهديدات ترامب على محمل الجد
- كوريا الجنوبية.. إصابة مدنيين وتدمير عدة مبان إثر إلقاء طائر ...
- السودان.. تحركات في 3 مسارات لوقف الحرب المتصاعدة
- 700 دبلوماسي أميركي يحتجون على تفكيك وكالة التنمية
- خطاب ترامب أمام الكونغرس جذب 36.6 مليون مشاهد


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مهند طلال الاخرس - سماء القدس السابعة؛ اسامة العيسة