بوتان زيباري
الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 09:20
المحور:
القضية الكردية
في صحراء النسيان، حيث يتلاشى الصوت في رمال السياسة المتحركة، وحيث ينبت التاريخ أشواكًا في خاصرة العدالة، تعزف أوتار الحرية لحنًا لا يسمعه إلا قلب المقهور. الكورد في سوريا ليسوا حكايةً عابرة، بل قصيدة مكتوبةٌ بمداد الجرح، وممهورةٌ بختم التهميش، كأنما الزمن يتواطأ ليبقى صدى أقدامهم معلقًا بين أرضٍ ترفض احتضانهم وسماءٍ لا تمنحهم غيث الاعتراف.
ألم يكن الوطن موطنًا للجميع؟ أم أن الأوطان تصير مقابر مفتوحة حين تنغلق في وجه أهلها؟ في زوايا الخرائط المسوّرة بالمؤامرات، يعبر الكوردي حدوده وهو يحمل حقيبةً من الحرمان، ينثر في طريقه حروف الهوية المسروقة، ويجمع من هواء الغربة ما يُبقي ذاكرته متقدةً على نار الفقد. أما حين يتحدث عن حقوقه، فإنه كمن ينادي في سوقٍ باع ضميره للأقوى، أو كمن يرسم حدوده بألوانٍ لا يراها إلا من امتلك ضوء العدل في روحه.
وحين ثارت الأرض مطالبةً بالحرية، كان الكورد في الصفوف الأولى، لكنهم ظلوا على الهامش حين قُسمت الغنائم السياسية، كأنما الحرية عُملة لا تصرف في أسواقهم، أو كأن العدالة ثوبٌ يفصل على مقاس القاهرين وحدهم. لم يكن هذا جديدًا، فمنذ أمدٍ بعيد، دُوِّنت فصولٌ من الإنكار بحبرٍ عربيٍ كثيف، نُقشت على جدران الخراب كأنها وصايا لا تُمحى، وترددت في صالات الحكم كتعويذة تمنع الاعتراف بمَن شربوا من نهر الفرات وناموا في ظلال جبالهم منذ الأزل.
لكن، هل يبقى الإنسان مأسورًا لقدرٍ لم يكتبه؟ أليس في طيات النسيان نفقٌ يقود إلى نور الوجود؟ إن قضية الكورد ليست صرخةً في الفراغ، ولا قصيدةً تنتهي عند حدود الورق، بل هي ميثاقٌ بين الأرض وساكنيها، حيث تعزف الأوتار لحنًا لا ينقطع، وإن كان الصوت مبحوحًا، فصداه في الروح لا يخفت. فإما أن تتصالح الأرض مع أهلها، وإما أن يظل النسيان هو الحاكم بأمره، في وطنٍ يدّعي احتضان الجميع، لكنه يضيق بأبنائه حتى الاختناق.
#بوتان_زيباري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟