أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - خطة ترامب الامبريالية لإعادة تقسيم العالم















المزيد.....


خطة ترامب الامبريالية لإعادة تقسيم العالم


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 21:59
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نقلت كاميرات التلفزيون من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض الأمريكي مشهدا حيا للقاء بين ترامب ونائبه جي دي فانس (JD Vance) يوبخان فولوديمير زيلينسكي، رئيس وزراء أوكرانيا الذى تتعرض بلاده للغزو من روسيا منذ العام 2014. هاجم الرئيس الأمريكي ونائبة قائلين لزيلينسكي إنه ”ناكر للجميل“ و ”غير محترم“ و ”يراهن بملايين الأرواح“ و” ان موقفه الرافض للسلام سيتسبب في الحرب العالمية الثالثة“.

ان التبادلات المتوترة بين قادة الدول ليست مسألة غريبة فهي تحدث في كثير من الأحيان، ولكن على انفراد في الغرف المغلقة وليس بالشكل المفتوح امام العالم كما حدث في اللقاء المذكور.

كان الهدف الرئيس من اللقاء يدور هو صفقة اقتصادية بين أمريكا واوكرانيا لاستغلال الثروات المعدنية الثمينة الموجودة في آرض الأخيرة؛ والصفقة هي الخطوة الأولى قبل الاتفاق على انهاء الحرب وتوقيع اتفاقية سلام بين البلدين المتحاربين. لكن وبشكل مفاجئ أقحم زيلينسكي قضية الضمانات الأمنية التي ستحصل عليها أوكرانيا في حالة الوصول لاتفاق السلام.

وبما ان انهاء الحرب الروسية – الأوكرانية امرا مهما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لإدارته، ادرك ترامب أن زيلينسكي، بأثارته لموضوع الضمانات السابق لأوانه ليس لديه الرغبة في تسوية النزاع مع روسيا، مما زاد من حدة التوتر بين الطرفين وحدوث المشادة غير المسبوقة التي انتهت بطرد زيلينسكي من البيت الأمريكي.

ان سعى ترامب الحثيث لإنهاء الحرب على أوكرانيا مبعثه رغبة ترامب في التفرغ لإعادة تحديد موقع أمريكا من التمدد الإمبريالي للقوى العظمى في العالم. فان ترامب لا يريد إنفاق المزيد من الأموال على النزاع في أوكرانيا وحسب (بلغت حتى الآن 350 بليون دولار)، بل يعمل على تأسيس استراتيجية كبرى للسياسة الخارجية لأمريكا تختلف تماما عن استراتيجية القادة الأوربيون، في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الذين يعتقدون ضرورة مواصلة الضغط العسكري على روسيا لتحقيق السلام المستدام وردعها من القيام بأي مغامرات لتهديد دول الناتو.

ان أمريكا تحاول التعاون أولا مع روسيا ثم مع الصين من أجل الهيمنة على العالم من خلال إعادة تقسيم مناطق النفوذ؛ فالهدف الاستراتيجي الجديد من التعاون هو إعادة اقتسام العالم بالكلية بين الدول الامبريالية الكبرى : أمريكا والصين وروسيا. وهذا يعنى بزوغ نظام عالمي جديد (new world order) في نهاية المطاف.

ان ترامب ينظر الى ان المسألة الاوكرانية تمثل جزءا صغيرا في خطته الكبرى؛ كما انه مال لتجاوز استراتيجية الدول الاوربية، كما مر ذكره، لمحدوديتها وتقليديتها.

والادلة على سعى ترامب تحقيق تصوره لنظام عالمي جديد هي تصريحاته المتعددة حول سياسته الخارجية وعلاقته بالدول الكبرى. فقد درج ترامب في حملته الانتخابية للرئاسة وبعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية في 2024 على انه سيسعى لمنع حدوث الحرب العالمي الثالثة ارتكازا على نفوذ بلاده، كما انه ليس سرا بان ترامب ما فتئ يكرر في احاديث ومقابلات إعلامية كثيرة بانه سيسعى لتشجيع الاستثمار المتبادل بين أمريكا من جهة والصين ورسيا من جهة أخرى.

وبالطبع فان نجاح خطة ترامب يعتمد على حلول لبعض الخلافات الجوهرية بين لدول الثلاث. فمثلا، يتوقع ان يؤدى سعى ترامب فرض زيادة في التعريفة الجمركية على البضائع الصينية الى ارتفاع أسعار السلع المستوردة لأمريكا من الصين. لكن، ان الحجم الكبير للسلع الصينية المصدرة لأمريكا مقارنة بالسلع الامريكية المصدرة للصين سوف يؤثر سلبا على الاقتصاد الصيني. كما أن الدخل القومي الصيني ظل يعانى من الانخفاض نتيجة مغادرة الكثير من الشركات الامريكية الصين والعودة الى بلادها اثر تخفيض الضرائب على الشركات الذى ادخله ترامب في فترة رئاسته الأولى (ظل ساريا حتى الان). لكن ايجابيات وسلبيات الحمائية (protectionism) وتخفيض الضرائب على البلدين تجعل وصولهما لنهج ينتج مكاسب متبادلة للبلدين أمرا ممكنا عبر التفاوض.

ان خطة ترامب تأتى في اجواء يسودها اليقين السائد في كل من أمريكا والصين بان كليهما ينظر الى الاخر بأنه يمثل منافسه الإستراتيجي واعتباره مُهدِّده الرئيس سياسيا واقتصاديا وأمنيا.

لكن من الواضح ان قيادة الحزب الجمهوري الحاكمة التي يمثلها ترامب تسعى لتقوية أمريكا وإيقاف تدهورها الاقتصادي الذى يتمثل في تراجع الإنتاج الصناعي والارتفاع الكبير في المديونية الخارجية للبلاد التي تجاوزت 36 تريليون دولار (120% للدخل القومي). كما يظهر هدف ترامب في انشاء وضع عسكري وامنى قوى من تصريحه عن عزمه إعطاء الاوامر للبدء بإنشاء نظام دفاع جوي للولايات المتحدة على غرار نظام "القبة الحديدية" بأحدث التكنولوجيا لحماية نفسها. كما أن رغبة ترامب في حيازة امريكا على جزيرة غرينلاند مسألة جادة اذ تقع ضمن اهداف التوسع الإمبريالي لأمريكا وتتعلق باستعداد البلاد في حالة اشتعال حرب كونية. فالجزيرة ذات الحكم الذاتي والتابعة للدنمارك تتمتع بموقع استراتيجي في القطب الشمالي وسط تنافس حاد بين القوى العالمية (الصين وروسيا وامريكا) على النفوذ بتلك المنطقة، ولهذا فحيازتها أمر ضروري للأمن القومي الأميركي. هذا بجانب ما تجنيه أمريكا من استغلال الموارد الطبيعية والمعدنية التي تملكها الجزيرة. ونفس الشيء (حماية الامن القومي) ينطبق على قناة بنما الممر المائي الحيوي بين المحيطين الأطلسي والهادي، التي بنتها امريكا وتملكتها لفترة. فان ترامب يسعى على استعادة الاشراف عليها بحجة انهاء الوجود الصيني الكثيف بمنطقتها.

وهكذا، فان أي هدنة تتضمنها خطة ترامب بغرض تحقيق الهيمنة الدولية، لا تنفى زوال التناقض بين القوى الدولية المتصارعة. ان التناقض بين الدول الاستعمارية مطلق بمعنى استمراريته بحكم طبيعتها الرأسمالية وان التعايش نسبى.

ان التعايش المرحلي بين الدول الاستعمارية الثلاث، أمريكا والصين وروسيا، قد يهدف لمنع اشتعال الحروب المشتعلة في انحاء العالم حاليا الى حرب كونية شاملة. لكن خطر الحرب الكونية الشاملة يظل ماثلا بفعل التناقض الأساس بين الدول الرأسمالية الذى يتمثل في ان الدولة القومية "الرأسمالية" الواحدة في سعيها لضمان أقصى الأرباح لرؤوس الأموال المتدفقة منها للاستثمار في الخارج لا تلبث أن تجد نفسها في تناقض عدائي بينها وبين النظام الاقتصادي العالمي.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادوارد سعيد : افلاس تفسير الامبريالية بأدوات ثقافية
- الجيش يدمر السودان والمقاومة الشعبية تنقذه
- السودان: جدوى استدعاء ثورة 1924 في ذكراها المئوية(2-2)
- السودان: جدوى استدعاء ثورة 1924 في ذكراها المئوية(1-2)
- حدود العولمة وظاهرة ترامب (2-2)
- حدود العولمة وظاهرة ترامب (1-2)
- في ذكرى أول مايو وواقع حال الثورة في الدول الفقيرة
- مؤتمر باريس لدعم السودان والمقاصد الشريرة للإمارات
- جرائم الجنرال البرهان حاليا وما قبل 23 و21 و19
- ما زال عقل وزير المالية السوداني الأسبق في أذنيه (2-2)
- السودان: غندور وجريمة تدمير العمل النقابي
- الديناميكية السياسية وصعود الجيش للسلطة السياسية واحتكارها ( ...
- السودان: الديناميكية السياسية وصعود الجيش للسلطة السياسية وا ...
- السودان: ما زال عقل وزير المالية الأسبق في أذنيه
- السودان: خطاب البرهان الديماغوجي في الخامس من يناير
- الجيش والحرب ضد أشقياء الجنجويد-مقدمة-(4-4)
- الجيش السوداني والحرب ضد أشقياء الجنجويد-مقدمة-(3-4)
- الجيش والحرب ضد أشقياء الجنجويد-مقدمة-(2-4)
- الجيش السودانى والحرب ضد أشقياء الجنجويد-مقدمة-(1-4)
- الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي من منظور الماركسيين السودانيين


المزيد.....




- ألمانيا.. عدد أعضاء حزب شولتس الاشتراكي يواصل تراجعه في عام ...
- سلاح الجماعات في الشرق الأوسط.. من التالي بعد حزب العمال ال ...
- وزير الدفاع البولندي: سئمنا من منظر الشباب الأوكرانيين الأغن ...
- الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية تطالب القمة العربية في ا ...
- مداخلة الرفيق جمال براجع مهرجان الحزب الاشتراكي الموحد
- كلمة الرفيق جمال براجع في الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني ال ...
- الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية تطالب القمة العربية في ...
- ترمب يعقد صفقات مع بوتين لنهب أوكرانيا لمصلحة الولايات المتح ...
- وفاة البطل الأولمبي في المصارعة الحرة بوفايسار سايتييف
- ناجون كرد متفائلون بوقف إطلاق نار حزب العمال الكردستاني: نري ...


المزيد.....

- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - خطة ترامب الامبريالية لإعادة تقسيم العالم