ترامب زيلينسكي والاصرار الاوروبي علي مساعدة زيلينسكي

مجدي جورج

الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 20:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ترامب زيلينسكي والاصرار الاوروبي علي استمرار الحرب
اولا كلنا شاهدنا المهزلة التي حدثت بالبيت الابيض في لقاء ترامب زيلينسكي وسواء اتفقت مع ترامب ام اختلفت معه فان هذه حادثة نادرة وتداعياتها خطيرة علي المستوي الدولي عموما والاوروبي خصوصا .
ثانيا منذ بل وقبل وصول ترامب للسلطة فان معظم تصريحاته انه كان قادر علي ايقاف الحرب في بضعة ايام لو كان موجود بالسلطة وهذا ربما يكون صحيح الي حد كبير فلو لم يكن بالسلطة فانه لن يمد اوكرانيا بكل هذا العتاد الضخم ولن يضخ لها كل هذه الاموال للاستمرار في هكذا حرب عبثية وفي نفس الوقت لم يكن ليسمح للروس بالتهامها بل كان سيسمع ويستمع ويتفهم مخاوف روسيا ويحاول عقد صفقة ما معها لطمانتها والتوصل لاتفاق بينها وبين اوكرانيا.
ثالثا ترامب يتعامل في منصبه كتاجر وكرجل وطني حريص علي مصالح الامريكيين وترامب التاجر لا يهمه اذا كان من يريد مساعدة امريكا مسلم ام مسيحي ام بوذي المهم ان يدفع مقابل قضاء مصلحته فكما طالب السعودية بدفع الاموال نظير حمايتها طالب كذلك الاوروبيين بنفس الامر وهذا ما يريده من اوكرانيا .
رابعا ترامب يريد استرجاع الاموال التي ضخها بايدن كمساعدات لاوكرانيا والتي قدرت ب 350 مليار دولار (البعض يقول ان هذه المساعدات لم يرغم بايدن احدا عليها بل هو من فعل ذلك من نفسه ) واوكرانيا وان كانت في حالة حرب وخزينتها خاويه الا ان كنوزها الثمنية موجودة في باطن ارضها ويسيل لعاب الدول الكبري عليها لذا فان ترامب جهز اتفاق المعادن لتوقيعه مع زيلينسكي ودعاه للبيت الابيض لهذا الغرض ولكن زيلينسكي اللئيم او الحريص لم يكن يريد توقيع الاتفاق الا مقابل اتفاقية حماية امنيه لدولته من جانب الامريكان حتي لا يجتاحهم الروس مرة اخري بعد التوصل لاتفاق سلام .
خامسا شعر ترامب بنوايا زيلينسكي من علي بوابة البيت الابيض باصراره علي ارتداء زيه العسكري وعدم ارتداء بدلة رسمية ولذا عندما بدا الحديث امام الصحفيين ( وهذا خطا ما كان يجب ان يحدث فهذه الاحاديث والمناقشات اماكنها الغرف المغلقة ) وشعر ترامب ان زيلينسكي يريد توريط الامريكان اكثر في حربه وبطلباته الامنيه قال له انت تريد اشعال حرب عالمية ثالثة وهنا احتد النقاش وحدث ما حدث وخرج مطرودا من البيت الابيض.
سادسا ظهر زيلينسكي في وسائل الاعلام الامريكية ورفض تقديم اعتذار لترامب رغم امتنانه للامريكان ولمساعدتهم واعلن انه مستعد لتوقيع اتفاق المعادن الثمينة ، ووقف اركان الحزب الجمهوري وراء ترامب رغم عدم رضاء الديمقراطيين عن طريقته .
سادسا ذهب زيلينسكي بعدها سريعا في زيارة لبريطانيا الذي كان قد وقع مع رئيس وزرائها اليساري ستارمر اتفاقية امنيه لمدة مائه عام ( نكاية في الروس ) واعلن ماكرون الرئيس الفرنسي المازوم داخليا والمحاصر من اليمين واليسار وقوفه بشده مع اوكرانيا واعلن المستشار الالماني الحالي شولتز والقادم ميرتز وقوفهما مع اوكرانيا واعلنت اسبانيا نفس الموقف وطالبت ايطاليا ورئيسة حكومتها اليمينية بعقد لقاء اوروبي امريكي ، الوحيد الذي غرد خارج السرب ودعم ترامب هو رئيس الحكومة المجرية .
سابعا تستغرب هذا الدعم الاوروبي اللامتناهي لاوكرانيا والذي لم يسفر طوال السنوات الثلاث السابقة الا عن استمرار حرب عبثية اكلت الاخضر واليابس ودمرت اوكرانيا ولم تسفر هذه. المساعدات والامدادات العسكرية الضخمة عن ايقاف ولا ردع الروس عن التمدد في الاراضي الاوكرانية اطلاقا هي فقط قد تكون قد اخرته بعض الشئ لا اكثر .
ثامنا تستغرب هذا الدعم الاوروبي الذي لم يساعد الاوكرانيين ولا الاوربيين فهو لم يسفر الا عن زيادة معاناة الاوربيين فالتضخم والغلاء زاد في معظم الدول الاوروبية الكبري في فرنسا والمانيا وايطاليا وغيرها فاسعار السلع زادت واسعار الخدمات تضاعفت ولازال القادة الاوروبيون مصممين علي زيادة المساعدات العسكرية لاوكرانيا رغم انها لم تسفر عن شئ يذكر .
تاسعا تستغرب السلوك الامريكي العدائي من جانب الرئيس الامريكي السابق بايدن تجاه روسيا وعدم مراعاة مصالحها ولا مخاوفها الامنية رغم ان الامريكان في ستينات القرن الماضي كادوا ان يدخلوا العالم في حرب عالمية ثالثة بسبب وضع الروس لصواريخهم في كوبا ولم تهدا الامور الا بعد سحب الروس لهذه الصواريخ ومع ذلك الامريكان والاوربيين صنعوا ثورة اطلقوا عليها ثورة برتقالية في اوكرانيا للقضاء علي النفوذ الروسي داخها واتوا بدمي يتحكموا فيها لتحكم اوكرانيا.
عاشرا تستغرب من السلوك العدائي الاوروبي تجاه روسيا رغم ان روسيا انقذت اوروبا ودولها من ثلاث قوي استعمارية ضخمة علي مر القرون لو لم تتدخل روسيا لكانت اوروبا لازالت تعيش تحت احتلال احدي هذه الدول الاستعمارية الضخمة ولكن ما يفعله الاوروبيين الان هو جزاء سنمار .
احدي عشر احدي القوي الثلاثة كانت الامبراطورية العثمانية تسيطر وتهيمن علي معظم الدول الاوروبية من اوكرانيا والقرم في شرق اوروبا الي حدود النمسا في غربها ومن بولندا شمالا الي اليونان وبلغاريا ورومانيا جنوبا مرورًا لمولدافيا وصربيا والجبل الاسود والبوسنة والهرسك وغيرها وحتي ارمينيا وجورجيا وغيرها ، كانت امبراطورية خضراء وكان يمكن ان تمتد الي كل دول اوروبا بل وتجتاح العالم لولا الامبراطورة الروسية كاترين العظيمة التي استفزها خطاب السلطان العثماني مصطفي الثالث الذي ارسله لها بضرورة البعد عن التدخل في الشان البولندي فارسلت اسطولها الذي دخل المتوسط في سنة 1768 من مضيق جبل طارق حيث كان البحر الاسود بسواحله بدوله جميعا تحت السيطرة العثمانية ومن هنا بدات حروب ومناوشات كثيرة بين الامبراطورية الروسية والدولة العثمانية استمرت لعشرات السنوات حتي الحرب العالمية الاولي ربما اسفرت عن مساعدة الروس لدول البلقان واحدة تلو الاخري علي نيل استقلالها من الدولة العثمانية وكادت روسيا في احدي هذه المعارك ان تحرر القسطنطينية وكاتدرائية ايا صوفيا لولا تدخل انجلترا وفرنسا ضدها ومساعدة الدولة العثمانية .
ثاني عشر ناتي للقرم محور وبداية النزاع الروسي الاوكراني ، القرم اسمعا مستمد من اللغة التركية حيث تعني الحضن وحيث كانت خاضعة هي ومعظم دولة اوكرانيا تحت السيطرة العثمانية منذ 1475 تقريبا واستطاعت كاترين العظيمة امبراطورة روسيا ان تنتزعها منهم في العام 1787 تقريبا وظلت هكذا تحت سيادة روسيا الي ان جاء ستالين في اربعينات القرن العشرين تقريبا ونزعها من روسيا والحقها باوكرانيا (كما فعل نفس الشي في اقليم ناجورنو كارباح الارميني الذي انتزعه من ارمينيا والحقه باذربيجان والذي استعادته ارمينيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ولكن اذربيجان استعادته في حربها الاخيرة بمساعدة اردوغان )
اي ان بوتين وروسيا عندما استعادت القرم في 2014 كانت تستعيد جزء منها ولم تستولي علي اراضي اوكرانية حيث كان الروس ولازالوا هم الاغلبية في هذه الجزيرة .
ثالثا عشر اردوغان رغم صداقته مع بوتين الا انه يشعر ان له ثار بايت مع الروس الذي هزموا اجداده وقضوا علي املاك الدولة العثمانية في اوروبا التي لولا الروس لربما ساد الدواعش العالم كله الان ولذا كانت مسيراته من طراز بيرقدار تصل ولازالت لاوكرانيا بانتظام رغم ارتفاع ثمنها ورغم خلو خزانة اوكرانيا فهو يحلم بهزيمة الروس واستعادة القرم في يوم من الايام وبوتين الذكي الفطن يدرك ذلك لذا فان بوتين وضع تمثال ضخم لقاهرة العثمانيين العظيمة كاترين خلف الوفد التركي في زيارة اردوغان لموسكو سنة 2020 .
رابع عشر تاني القوي الاستعمارية التي احتلت معظم اوروبا ولم ينقذ دولها الا روسيا هي فرنسا نابليون بونابرت الذي احتل معظم دول اوروبا الغربية اسبانيا وهولندا وبلجيكا وبعض اجزاء النمسا وايطاليا والمانيا بل ومصر ايضا وارتكب خطا عمره بمحاولة احتلال روسيا التي وصل نابليون الي عاصمتها موسكو ووقف علي اطلالها بعد حرقه لها ولم يستطع الروس المقارنة في البداية ولكن مع الوقت تسلحوا جيدا واستعانوا بالشتاء القارص او الجنرال شتاء كما قالوا عنه ففقد نابليون ما يقرب من نصف مليون جندي وعاد الي باريس يجر اذيال الهزيمة بمائة الف جندي وبعد حرقه لموسكو بعشر سنوات تقريبا وصل قيصر روسيا الي باريس وخلع نابليون وتم نفيه الي جزيرة نائيه ليموت وحيدا فيها وبذلك انقذ الاوربيين من احتلال نابليون لهم .
خامس عشر انقد الاتحاد السوفيتي وتضحياته الضخمة بحوالي عشرين مليون مواطن روسي اوروبا كلها التي وقعت تحت احتلال هتلر من النازية المدمرة واول جيش وصل الي برلين عاصمة المانيا نفسها كان الجيش السوفيتي وبذلك انقذت كل دول اوروبا والذي لولاه لربما استمر احتلال المانيا لكل اوروبا والعالم ليومنا هذا .
كل هذا وياتي ماكرون المازوم ويقول لك نحن مصممين علي هزيمة روسيا الا تشعر انت ورفقائك من القادة الاوربيين بالعار عندما تصممون علي هزيمة دولة انقذتكم قديما ولا زالت للان تقف في وجه مد اخضر ياتي من جمهوريات ودول ارهابية لو انفردت بكم لابادتكم انتم وشعوبكم .
ساعدوا اوكرانيا وردوا الجميل لروسيا بمساعدة الاثنان علي التوصل لاتفاق لايقاف الحرب بدلا من العمل علي استمرار اشعالها لتاكل الاخضر واليابس ليس في روسيا واوكرانيا فقط بل في العالم اجمع .

#مجدي_جورج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات