أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 12:02
المحور:
القضية الفلسطينية
كاتب فلسطيني
السبت 1 آذار هو تاريخ استحقاق الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا، لكن أبلغت إسرائيل الوسطاء أنها لن تنسحب من محور فيلادلفيا، وأن الجيش الإسرائيلي سيبقي على تواجده هناك، واشترطت أربعة أمور للانسحاب: «إعادة الرهائن، طرد حركة حماس من قطاع غزة، نزع سلاح غزة، والسيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة»، ومن أجل ذلك تضغط باتجاه التهديد بالعودة إلى القتال، وقد دخلت الهدنة الهشة منعطفاً خطيراً بانتهاء المرحلة الأولى من الـ«42» يوماً. وشهد التوصل إلى تحقيق الاتفاق صعوبات، كما شهد الالتزام به انتهاكات وخلافات على تبادل الأسرى والسجناء والمساعدات الانسانية، كان من الممكن أن تطيح بالاتفاق، وكل هذا في المرحلة الأولى أصبح أكثر تعقيداً وصعوبة في المرحلة الثانية.
في حين تشترط إسرائيل نزع سلاح حماس مقابل الانسحاب من محور فيلادلفيا، تشير تصريحات المقاومة أنها متمسكة بما تم التوقيع عليه في اتفاق 19 كانون الثاني/ يناير، وأنها التزمت بكامل بنود المرحلة الأولى من الاتفاق، وعلى الطرف الآخر الالتزام به أيضاً، وتعتبر المقاومة قرار جعل محور فيلادلفيا منطقة عازلة هو خرق كبير وخطير لاتفاق وقف إطلاق النار، يضع كامل القطاع تحت رحمة الاحتلال بمحاصرته من جديد، وتفرض على مدينة رفح رقابة أمنية وتدخلات عسكرية وإطلاق نار على أي تحرك بجوار المحور، كما حصل في الفترة السابقة وأدى إلى استشهاد عدد من المدنيين الفلسطينيين، هذه الخروقات والاشتراطات تشير إلى رغبة إسرائيلية في تغيير الاتفاق، كما تعبر عن عدم مبالاة، وعدم احترام، لدور الوسطاء في رعاية وضمان تنفيذ الاتفاق، بما يؤثر مستقبلاً على إلزام إسرائيل بأي اتفاق يتم التوصل إليه.
من جانبها أوضحت قيادة حماس معارضتها الشديدة لمناقشة قضية نزع سلاح المقاومة، لكن فقط في إطار شامل يحدد جدولاً زمنياً واضحاً لإقامة دولة فلسطينية بحدود تعترف بها حركة حماس، وبعد ذلك فقط يمكن إجراء مناقشة حول دمج عناصرها في غزة في أجهزة الأمن الفلسطينية الرسمية.
بما يتعلق بسلاح المقاومة وهذا المطلب الإسرائيلي، مضافاً إليه الضغوط الدولية بشأن نزع السلاح، غير مقبول لدى حماس، لأنه في النهاية يهدف إلى القضاء على خيار المقاومة، بنزع سلاحها، قبل أن يستعيد شعب فلسطين حقوقه الوطنية، وقال مسؤول في المقاومة: «السلاح ليس محل تفاوض، وسيبقى حتى زوال الاحتلال بالكامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». وسلاح المقاومة هو الضمانة الحقيقية لحقوق الشعب الفلسطيني.
ويوم الاثنين 24/2 نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقابلة مع موسى أبو مرزوق، تحدث فيها عن إمكانية مناقشة قضية نزع السلاح، إلا أن قادة آخرين من حماس نفوا ما جاء في الصحيفة، ونقلت «واشنطن بوست» عن سهيل الهندي، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، قوله إن: «سلاح المقاومة ليس محلاً للنقاش أو التفاوض، فهو مقدس ولا يمكن التنازل عنه».
ورفضت المقاومة الفلسطينية تمديد المرحلة الأولى، وتبادل أسرى خلال فترة التمديد الذي يهدف إلى نزع ورقة الأسرى كورقة قوة من يد المقاومة، وطالبت حركة حماس بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وإنهاء الحرب بالتزام دولي، وإعادة إعمار القطاع. وقالت حركة حماس يوم الخميس 27/2 بعد تسليم الرهائن الأربعة القتلى ليس لدى إسرائيل خيار سوى البدء بالمفاوضات بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة.
تطرح فكرة ترامب بترحيل سكان غزة حلاً غريباً تم رفضه فلسطينياً وعربياً، ومن قبل معظم دول العالم، حوّلها ترامب من خطة إلى مجرد توصية، ثم تحولت في مرحلة أخرى إلى تهديد بتطبيقها بمعزل عن أي اتفاق، وأصبحت إحدى الضغوط من قبل وزير الخارجية الأميركي، والذي تبنى الشروط الإسرائيلية، ويساوم مع حكومة نتنياهو أن واشنطن على استعداد للانسحاب من خطة إخلاء القطاع من سكانه إذا تم التوصل إلى صيغة تتضمن إبعاد حماس عن حكم غزة، ونزع السلاح من أيدي المقاومة في قطاع غزة. إن واشنطن بوصفها وسيطاً في المفاوضات، وضامناً لتطبيق الاتفاق، يتوجب عليها بدل أن تضع شروطاً على الفلسطينيين، وتمارس ضغوطاً عليهم، أن تمارس دورها ومسؤوليتها أمام محاولة إسرائيل التملص من الاستحقاقات المقرة في الاتفاق.
مازالت قضية تهجير الفلسطينيين ومحاولات توطينهم في دول مجاورة تفتح على ما يحدث في اليوم التالي لوقف الحرب على غزة، وإنهاء الصراع والوصول لحل الدولتين وبحسب تقارير عربية، تجري مناقشات بين مصر والاتحاد الأوروبي بشأن تشكيل لجنة فلسطينية مؤقتة لإدارة قطاع غزة، تحت إشراف مسؤولين مصريين وأوروبيين.
ومن المقرر أن تطرح قمة طارئة للدول العربية «وثيقة» تتضمن خطة لليوم التالي وإعادة إعمار قطاع غزة،
وسيكون هدفها، عند تقديمها للإدارة الأميركية، محاولة دفع الرئيس ترامب إلى التراجع عن خطته لطرد سكان غزة.
يطرح الشرط الرابع سؤلاً حول: ماذا تعني السيطرة الأمنية الكاملة؟. هذا الشرط يتطلب وعي الفلسطينيين لما وراءه، والحفاظ على السلاح لحماية الذات من توغلات محتملة كما يحدث في الضفة الغربية، اقتحامات مستمرة للمناطق السكنية الفلسطينية، وارتكاب جرائم إعدامات ميدانية، واعتقالات يومية، وتدمير للبنية التحتية..
ثمة صلة بين الإقناع وممارسة الضغط، لقد جرى الحديث أن قيادة حركة حماس تعرضت في الأيام الأخيرة لضغوط عربية بهدف إقناعها بقبول شرط التخلي عن سلاحها في قطاع غزة، والانسحاب من الساحة السياسية في القطاع، تمهيداً لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ويبدو أن الوسطاء لم يتوصلوا بعد إلى اتفاق لبدء المرحلة الثانية إذ تطالب إسرائيل بتمديد المرحلة الأولى بينما ترفض حركة حماس فكرة التمديد.
ينبغي للقمة العربية أن تكون عوناً للفلسطينيين في مواجهة الضغوط الأمريكية والشروط الإسرائيلية التي تهدد مستقبل القضية الوطنية الفلسطينية، فإعلان مصر أن التهجير خط أحمر، وأن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه كان رداً حاسماً على الضغوط والشروط.
وعليه فإن الخطة المصرية العربية يجب أن ترتقي إلى درجة من الوحدة العربية، وأن يكون يوم 4 آذار /مارس عودة إلى الموقف العربي الموحد والحاسم، يظهر القوة، ويوجه رسالة واضحة للرئيس ترامب ولنتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف برفض التهجير والاحتلال.
يوم الجمعة 21 شباط/فبراير 2025 عُقدت في مدينة الرياض قمة عربية مصغرة لبحث خطة عربية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة رداً على خطة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب. وستوضع قرارات الرياض على جدول أعمال القمة العربية الطارئة، والمتوقع أن تتضمن الخطة العربية ضرورة وقف مستدام للحرب، وانسحاب إسرائيلي شامل من القطاع، وحكم قطاع غزة بفترة انتقالية من خلال لجنة الإسناد المجتمعي المشكلة من تكنوقراط فلسطينيين، وإدخال مساعدات إنسانية كافية تسهم في تحسن حياة الشعب الفلسطيني، ثم بدء عملية إعادة إعمار غزة على مدى فترة تتراوح بين 3 و5 سنوات، يتم خلالها تقسيم قطاع غزة إلى 3 مناطق إنسانية، يتبعها بدء عملية سياسية وفق حل الدولتين.
لم يتضح بعد ردود الفعل الإسرائيلية على الخطة العربية، لكن من المتوقع أن لا تتجاوب معها وتتجاهلها مثلما فعلت في مبادرة الملك عبد الله في قمة بيروت، ويعلق نتنياهو آماله على الضغوط الأميركية التي تتبنى شروطه، لكن إذا لم تتحقق شروط رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لوقف الحرب، فهل ينفذ تهديداته باستئناف الحرب إذا لم تمدد المرحلة الأولى، يواجه نتنياهو ضغوطاً من اليمين المتطرف للعودة للحرب، فهم يهددون بالانسحاب من الحكومة إذا تم التوصل لاتفاق المرحلة الثانية، فهل تنهار حكومته، أم تنفذ شروطه؟.
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟