رواء الجصاني
الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 03:22
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
"نجفيّــات" و"نجفيّــون" في ذاكرة حميمة...
والجواهري واسطـة العقــد (القسم الثالث والاخير)
• رواء الجصاني
----------------------------------------------------
نشرنا قسمين سابقين من هذه المادة التوثيقية، بذات العنوان اعلاه، وجاء في المقدمة انها تحوم عبر فضاءات ونوافذ الحياة العامة والخاصة، واشرعتها، عبق ذكريات تتدفق من تلقاء ذاتها احيانا لتزدحم، وتتشابك، تبحث عن سبيل بوح نابض.. وفي ذات المسار الباحث عن دوافع وغايات هذه الكتابة ايضا، المرتجاة ان تكون على سليقتها، بعيدا عن التصنع، أزيدُ فأقول ان من بين تلكم الغايات ايضا استلهام من بعض عودة للجـذور "النجفيـة" المفعمة بالتاريخ والجغرافية، والادب الاصول، والقيّـم.. وكذلك – ولم لا ؟! - بعض تبـاهٍ بعلاقات وصداقات وطيدة، او غيرها، مع اسماء وشخصيات "نافذة" تعددت مواهبها اللافتة وعطاءاتها في رحاب وعلياء المعرفة والثقافة والسياسة، وقبل ذلك وهذا: الاجتماعية والانسانية، وكما قيل ويقال فان المرء يعرف باصدقائه..
وشمل القسمان السابقان من هذا التوثيق والسرد عناوين فرعية من بينها: "بعيدا عن العائلتين الجصانية والجواهرية" و" استثناءات" و "شعراء ومثقفون" و" سياسيون ووطنيون" و" رسميون ومسؤولون" و" صداقات قديمة – جديدة" و" في بيت الجواهري ومجالسه" و" تعارف وصداقات".. وفي التالي القسم الثالث والاخير:
* طلبـة وشبــاب
اذ انسى بعض تعارف وعلاقات وطيدة، هنا وهناك، مع جمع من "اهل الولاية" ذوي المكانات والجذور النجفية الاصيلة، فلا يجوز ان انسى، لاوثق ولو سريعا عن شخصيات نافذة، جمعتنا معاً منذ سنوات بل وعقود، وبعضها الى الان "دروب" وشؤون النشاطات الطلابية والسياسية، وبعدها- وربما قبلها - الاجتماعية، في بغداد، والعديد من عواصم العالم مثل بـراغ ودمشق ولندن وباريس، وهم الذوات: أزهر، ابن الشاعر النجفي القدير صالح الجعفري، الذي اختطف وغيّـب، فشهيدا، اواخر الستينات، والناشط الوطني علي محمد حسين الشبيبي الذي نجا من حكم اعدام شبه محسـوم اواخر الستينات ليقيم في باريس، وكذلك زميل الدراسة الجامعية ببغداد، في اواخر الستينات محمد ملا سلمان ..
اما عن الاحبة: الاكاديمي الزراعي د. جبار عبد الرضا سعيد، المقيم اليوم في سلوفاكيا، والمهندس "السيد" قيس هاشم الصراف، المقيم اليوم في الدانمارك، والقانوني محمد عبد الامير عنوز، النائب في مجلس النواب العراقي الحالي، فهناك شؤون وتفاصيل واسعة عن العلاقات معهم كتبتها ونشرتها في سنوات قريبة ماضية ضمن تأرخة توثيقية.. (1)
* كتـب ومؤلفــات
لا فكاك، وان بافتعال، في هذا السرد التاريخي، بين الذكريات عن مكتبات النجف العامرة، من جهة، ومؤلفات واصدارات اعلامها وشعرائها وكتابها، من جهة اخرى.. وهكذا هي حالنا في التعرف على نخب واسماء نجفية، والتعارف معهم، ومسارات العلاقات مع عديد منهم، وقد راحت باحتواء وازدهاء المكتبة الشخصية، او العامة التي أعنى بهما في براغ : الشخصية، ومكتبة مركز الجواهري ..
ومع ان هذه الكتابة ليست فهرسة او استقصاء للكتب والكتاب والمؤلفين النجفيين، ولكن ساوثق في وقفة سريعة عند بعض مؤشرات جديرة - ربما- بان تضمها هذه الذكريات والاستذكارات، واعني بها الاهداءات المعبـرة وغيرها، للمكتبتين سالفتي الذكر، من اعلام واصدقاء، تم التطرق لعدد منها في فقرات سابقة من هذه الكتابة، وابرزها- طبعا- ما اهدانياه الخال الاكبر عبد العزيز الجواهري في طهران عام 1968 حين زرته هناك مع اخته - والدتي "نبيهة" للجزء من موسوعة "جواهر الاثــار" وهي ترجمة شعرية، لقصائد محمد جلال الدين الرومي من الفارسية، الى العربية.. وكذلك اهداء الخال الاقرب، محمد مهدي الجواهري عام 1988 لمؤلفه ذي الجزأين الموسوم بـ "ذكرياتي".. كما اشيـر بهذا الشأن الى اهداءات النجفييـن: باقر ابراهيم، لكتاب ضم جوانب من تاريخه والحركة الوطنية العراقية، واطروحة "هجائيات الجواهري" للباحث د. عادل ناجح البصيصي، و" نشيد اوروك" الشاعر الكوفي – النجفي، عدنان الصائغ، و د. محمد حسين الاعرجي لمؤلفه الموسوم "الجواهري دراسات ووثائق" وعدد من اصدارات د. عبد الحسين شعبان ومنها "سعد صالح الضوء والظل - الوسطية والفرصة الضائعة" ومؤلف عبد الغني الخليلي بعنوان "سلاما ايها الغريب" ..
اما مؤلفات وكتب النجفيين التي تضمها تينك المكتبتان العامرتان فمنها الى جانب كل – جميـع - ماصدر للجواهري الخالد، بمختلف الطبعات، من دواين شعـر وغيرها، هناك عديد غـزير اخر لنجفيين افاضل واعلام، وعنهم، من بينهم، ومرة اخرى مع حفظ المكانات والالقاب: باقر الكرباسي، حسين سلطان صبي، حميد المطبعي، جعفر الشيخ باقر آل محبوبة، ثمينة ناجي يوسف، رحيم عجينة، زهير الجزائري، سعيد عدنان، محمد حسين كاشف الغطاء، محمد رضا المظفر، محمد سعيد الحبوبي، وسام الخالدي، عباس الترجمان.. وغيرها عديد، دعوا عنكم ما احتوته مكتبتي الاولى، الاحب والاغنى، ببغداد التي "تفرهدت" وتشتت بعد الهروب / الاغتراب الاضطراري من البلاد العراقية اواخر العام 1978 حين بدأت السلطة البعثية تنزع لبوساتها لتؤكد حقيقتها، ويكتوي بنار غـدرها وجحيم "نخبتها" اولاً، الاف الوطنيين العراقيين..
* نجفيّـات باهرات
ونصل في السرد لمحور تباه جديد، اجمل واكثر.. وكما اختطت الفقرات السابقات تأجيل وترحيل الحديث الى كتابة قادمة عن الاستذكار والتوثيق عن "النجفيين" من الاعمام والاخوال، من اسرتي الجصاني والجواهري، وابنائهم وابائهم واحفادهم، نكرر هنا ايضا تلك الحال بشأن "النجفيّات" من الاسرتين، مع استثناء واحد لا يجوز الا اعتماده، وذلك هو ما يخص الوالدة "نبيهة" الجواهري، زوجة السيد جواد الجصاني، ام: كاظم ورجاء ولواء، ونداء،وصفاء... وآخرهم رواء، كاتب هذه التوثيق..
و"نبيهة" هي الابنة الوحيدة للفقيه - الشاعر عبد الحسين، حفيد المرجع الاعلى في زمانه، اية الله، الامام، صاحب الجواهر، التي سميت الاسرة باسمه افتخارا، وعن حق، كما يؤرخ ذوي المعرفة.. وهي الوحيدة بين اربعة اخوة، اشهرهم محمد مهدي الجواهري، وهو ثاني الابناء بعد العلامة والشاعر، عبد العزيز، ويكبر "نبيهة" بنحو عشرة اعوام.. ثم الاديب عبد الهادي الذي يكبرها بستة اعوام، وبعده جعفر، شهيد وثبة كانون العراقية عام 1948.. ويوجز شقيقها الجواهري الخالد وصف شقيقته "الوحيدة بحسب ما يكرر" بـاربعة ابيات معبرة ومؤثرة عام 1977 مهداة لها بعنوان "يا فرحة العمر" ثم يرثيها بأحد عشر بيتا عند رحيلها عام 1987 في الشام معنونة بـ "حبيبيتي نبيهة".. (2)
وفي عودة لاستذكار "نجفيات" زاهيات اخريات، والتعارف والعلاقة معهن، اشير للوطنية ثمينة ناجي يوسف، ام ايمان، زوجة الشهيد سلام عادل "حسين الرضي" وقد كان اول التعرف عليها في بغداد خلال زيارات عائلية في الخمسينات الماضية، وبعد ذلك في موسكو اوائل السبعينات، حين كنت هناك لدراسة اللغة نحو عام كامل ..
كما اوثق للعلاقات الجميلة، والتعرف والتعارف مع ايمان سلام عادل، في موسكو ثم في دمشق، وكذلك الصداقية والاجتماعية، والسياسية والثقافية، على مدى اعوام، بل وعقود وثيقة ومديدة في عدد من الحالات، مع "النجفيات" الباهرات: سعاد الجزائري، ورجاء كمال الدين، وسناء الطالقاني، كما مها كمال الدين، وذلك في بغداد وبراغ، وبودابست عواصم اخرى ولعقود وعقود حافلات بالكثير من الذكريات والمواقف، والمودة المديدة.. ولو كان الهدف هو التعريف الاوسع بالشخصيات الواردة في هذه الكتابة، لكان من المتاح الحديث عن سمات وتفاصيل، وشؤون كثيرة اخرى، سبق ان اشرت ووثقت عنها في كتابة سابقة نشرت في العديد من وسائل الاعلام عام 2023 تحت عنوان "نساء عراقيات، زاهيّـات، في ذاكرة سياسي، واعلامي، مخضرم" وما زالت منشورة على شبكة الانترنيت الى اليوم (3)..
* واخيـــرا: استدراك، وخاتمـة
.. والاستدراك يأتي لاضافة ولو سريعة عن اسماء نجفيـة اخرى جديرة بالتوثيق كان معها تعارف وعلاقات ذات دلالات وهي عن الاكاديمية د. عاملة، ابنة المحامي النجفي محسن ال ناجي، الذي اقترن بوالدتها التدريسية، مديحة كامل محمد عارف، البياتي، وتلك اول مصاهرة مميزة لتلك العائلة البغدادية العريقة، مع "نجفييــن" حدثت عام 1948 تلتها ثانية – ربما مميّزة ايضا!- حين صار كاتب هذه السطور نسيبـا "نجفيا" آخر لتلك العائلة البياتية عام 1973 حين اقترن- وما برح- بالباهرة "نسرين" ابنة الشهيد، العميـد، وصفي طاهر..
واما خاتمة هذه السطور الاخيرة عن "النجفيات" و"النجفيين" فهي اضافات توضيحية و"احترازية" ومنها تجديد التأكيد بان هذه الكتابة سرد ذكريات عجول، متشابكة مع خواطر سريعة، اقرب منها الى التوثيق، تنوعت فيهاالانتقالات التي اردتها دون تكلف، وهكذا ربما جاء فيها بعض اسهاب هنا، اوايجاز هناك.. كما ثمة تقصد في التوسع بالاستذكار للراحلين الاعزاء، عن غيرهم من الاحباء الذين جاءت اسماؤهم والعلاقة والتعارف معهم .. واطمح الى تأرخة تفاصيل لاحقة، فبحسبي ان المكتوب الان هو "على ضفاف الذكريات" وليس في غمارها..
واضيف لمزيد من "الاحتراز" ايضا حول ما قد يحصل من اشتباه متوقع، فأقول بأن تسلسل الاسماء في الفقرات السابقة كان بحسب الحروف الابجدية، مع عدد من الاستثناءات، واجدد التأكيد مرة اخرى ودائما على حفظ المكانات والالقاب، والوشائج، وهو شأن لا بد منه، واكرر ذلك، برغم فوارق وتبايّن في الرأي، والمواقف احيانا، وعلى درب ومسعى " وخلاف الرأي لا يفسد في الود قضية" وان راحت هذه المقولة صعبة، او "منتهية الصلاحية" في زماننا كما ازعم، والعهدة عليّ طبعا..
واخيرا، حقا، لا بـد من القول بان لطيب العلاقات الانسانية، ومدى وسعها، حصاد عمر يفتخر به، ويتباهى به، ولم لا ؟ كما أعيد دائما .. وبفرح غامر سأنتظر كل تصحيح او اضافة او تدقيق ممن عنت بهم، او حولهم، هذه الكتابة ..
احالات --------------------------------------------------------------------
1/ بدءا من عام 2018 نشرت نحو ثلاثين حلقة تحت عنوان "عراقيون من هذا الزمان" حاولت ان تلقي اضواء غير متداولة، أو خلاصات وأنطباعات شخصية، تراكمت على مدى اعوام، بل وعقود عديدة، وبشكل رئيس عن شخصيات عراقية لم تأخذ حقها في التأرخة المناسبة، حسبما اشهد، ومن بينها عن النجفيين: جبار عبد الرضا سعيد، محمد عنوز، ناظم الجواهري.. وقيس الصراف، وجميعها كُتبت دون معرفة اصحابها، ولم يكن لهم اي اطلاع مسبق على ما أحتوته من تفاصيل، وقد نشرت كلها في العديد من وسائل الاعلام، وما برحت على شبكة الانترنيت..
2/ مطلع ابيات الجواهري الاربعة لاخته الجواهري " نبيهة "عام 1977: سلمتِ اختي اذا لم يبقي لي زمني، اخا سواها، ولا اختا تناغيني".. اما مطلع قصيدته في رثائها عام 1987 فكان: " نبيهة ان الحياة ملعبة، ونحن فيها طابة ومضربة" ..
3/ في كتابي الموسوم " مع الجواهري ، بعيون حميمة" الصادر عام 2016 .. والاخر الصادر عام 2019 بعنوان" "تاريخ وشهادات ورؤى".. وكذلك في سلسلة لقطات ومحطات عن الجواهري "بعيدا عن السياسة و"الادب !" وردت ذكريات و اسماء عن اكثر من خمسين راحلا عزيزا، ذوات واصدقاء ومعارف نجفيين من بينهم: العلامة مهدي المخزمي، الشهيد نزار ناجي يوسف، الفقيد د.محمد حسين الاعرجي ..
#رواء_الجصاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟