أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - الإمبريالية تؤجج الصراعات ثم تستثمرها: أوكرانيا واليمن نموذجان!















المزيد.....


الإمبريالية تؤجج الصراعات ثم تستثمرها: أوكرانيا واليمن نموذجان!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 8269 - 2025 / 3 / 2 - 02:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن السياسة غير المدروسة التي انتهجتها النخبة الحاكمة في أوكرانيا، ولا سيما في عهد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، قد أدت إلى إدخال الدولة الأوكرانية في ورطة عميقة. فقد قبلت أوكرانيا أن تكون مجرد أداة في يد الإمبريالية الغربية، بفعل الدور التخريبي الذي لعبته السيدة فيكتوريا نولاند، التي هندست الانقلاب الفاشي في كييف سنة 2014، وأفصحت صراحة في وقت لاحق بأن الهدف هو "تحقيق هزيمة استراتيجية ضد روسيا". وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأزمات الداخلية، بين المكونات الأوكرانية، والخارجية مع روسيا الاتحادية، على حد سواء.
وفي المقابل، فإن السياسة غير الرشيدة للنخب الحاكمة في اليمن، ولا سيما ما يُعرف شعبيًا بـ "عصابة الثمانية"، المعينة من قبل السُّعُودية والإمارات، قد أسفرت عن وقوع اليمن في مأزِق مماثل يظهر الفشل في إدارة شؤون البلاد.

لقد دفعت الإمبريالية الأمريكية والأوروبية الرئيس الأوكراني نحو إحياء النزعة النازية الأوكرانية، مما أدى إلى اضطهاد القومية الروسية التي تكون نحو 25% من سكان أوكرانيا، وهي دولة متعددة الأعراق. وقد سعت أوكرانيا إلى التقارب مع الغرب، حتى وصلت إلى حد مشارف الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتطلع إلى تفكيك روسيا، مما شكل تهديدًا مباشرًا لروسيا الاتحادية. وقد شعرت روسيا بهذا الخطر، فبادرت إلى التصدي للمؤامرة في فبراير 2022، مما أدى إلى اندلاع حرب دامت قرابة ثلاث سنوات.
قبل الحرب الأوكرانية، وأثناءها، اتخذ الغرب إجراءات اقتصادية غير مسبوقة ضد روسيا، في حين قدّم الغرب لأوكرانيا مئات المليارات من الدولارات بصفة مساعدات اقتصادية، وأرسل الخبراء والمستشارين العسكريين للمشاركة في العمليات الحربية. ورغم الدعم العسكري الذي شمل مختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والطائرات من طراز إف-16، لم تنجح هذه المساعدات في تحقيق النصر على روسيا. فقد تمكنت الأخيرة من إحباط المؤامرة النازية والإمبريالية على الرَغم من التكلفة الباهظة، واستطاعت السيطرة على نحو مئتي ألف كيلومتر مربع في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وخصوصًا في الدونباس ذات الأغلبية السكانية الروسية.

في الأيام القليلة الماضية، اقترحت الإدارة الأمريكية، التي شجعت وتورطت في الحرب ضد روسيا، أن تتوسط بين روسيا وأوكرانيا، مدعيةً رغبتها في "تحقيق السلام والحفاظ على الأرواح البشرية!". وقد طلبت من أوكرانيا أن تكون واقعية، وأن تقبل بالشروط الروسية القديمة، مما دفع أوكرانيا المنهكة إلى الموافقة على الفور، بشرط أن تضمن أمريكا أمنها. وفي المقابل، طلبت الولايات المتحدة من أوكرانيا صراحة "نقل ملكية المعادن الأوكرانية لأمريكا مقابل المساعدات التي قدمتها واشنطن سابقًا إلى كييف"!.
أما في اليمن، فقد شهدت الساحة السياسية صراعًا بين قوى متخلفة تسعى للسيطرة على السلطة، وهي قُوَى عمياء، مرتبطة بشكل وثيق بالقوى الإقليمية مثل السُّعُودية والإمارات وإيران. فتم الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح سنة 2012، الذي تآكلت قاعدته القبلية، لمصلحة الأحزاب الدينية، ولاسيما حزبي الإصلاح الإخواني السني، وجماعة أنصار الله الشيعي الزيدي. ثم تمت الإطاحة بالرئيس المنتخب، عبد ربه منصور هادي سنة 2014، ومن جهة أخرى، جرى تصعيد عبد الملك الحوثي، الموالي عقائديًا لإيران.
الرئيس عبد ربه منصور، الذي كان يؤمن بسذاجة بـ "الأخوة العربية"، التي انقضى عهدها منذ زمن بعيد، وحلت محلها الروابط المصلحية مع الإمبريالية، اختار اللجوء إلى السُّعُودية طلبًا للعون، وكانت هذه الخطوة الغبية هي التي انتظرها الذئب السعودي، مما أدى إلى انطلاق "عاصفة الحزم" ضد اليمن. خلال هذه العاصفة، فشلت السُّعُودية والإمارات في كسر شوكة أنصار الله، مما دفعهما إلى احتلال أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية في مناطق بعيدة عن نفوذ أنصار الله.
وقد حاول منصور هادي، خلال سبع سنوات من وجوده في الرياض، الاعتراض على بعض الإجراءات السُّعُودية والإماراتية، لكن موقفه الوطني المعارض، اعتُبر تجاوزًا غير مقبول من قبل السُّعُودية والإمارات، مما أدى إلى تجريده من مناصبه في 7 أبريل 2022، وتعيين "عصابة الثمانية" بدلًا منه.
أعضاء عصابة الثمانية، الذين استوطنوا الرياض وأبو ظبي، ويبدو أنهم انشغلوا بالتجارة ومتابعة الأحداث الرياضية الأوروبية في مدريد وبرشلونة، لم ينجحوا في خدمة من عيَّنهم في مناصبهم، فضلًا عن خدمة مصالح الشعب اليمني، الذي يعاني من البؤس. وفي المقابل، صمدت السلطة التي تقودها جماعة أنصار الله في صنعاء بشكل لم يكن متوقعًا، في حين فشلت عصابة الثمانية ومن يقف ورائها كما كان متوقعًا.
لقد أنفقت السُّعُودية والإمارات، اللتان اعتديتا على اليمن تحت غطاء "الأخوة العربية" وسعتا ظاهريًا لاستعادة السلطة الشرعية، عشرات المليارات على مرتزقتها وعلى تدمير اليمن، ولكنهما لم تتمكنا، حتى الآن، من تحقيق أهدافهما كاملة.
وقد سعت الدولتان، كما فعلت أمريكا في أوكرانيا، للتوسط بين السلطة الانقلابية في صنعاء وعصابة الثمانية في الرياض وأبو ظبي، ولكن الوساطة لم تكن دون مقابل. فقد قامت الإمارات باحتلال جزيرة سقطرى، التي تقدر مساحتها بأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، دون الحاجة للتشاور مع عصابة الثمانية، التي تعاملها باحتقار شديد.
ومن المرجح أن تطلب السعودية من عصابة الثمانية دفع تكاليف الحرب، كما فعلت أمريكا مع أوكرانيا، ولن تكتفي بامتلاك المعادن والثروات النفطية في حضرموت والجوف، بل ستسعى مع الإمارات للسيطرة على المهرة وحضرموت وشبوة وسقطرى وميناء عدن والمخا، وباب المندب، والتحكم عن بعد بالدولة اليمنية عبر أتباعها الذين فرضتهم على الشعب اليمني. هذه هي حصيلة السياسة غير المدروسة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: من يا تُرى سيُخرج اليمن من هذه الورطة؟
على صعيد آخر، التقى يوم أمسِ، الجمعة 28 فبراير، الرئيس الأمريكي، ترامب، بالرئيس الأوكراني، زيلينسكي، في البيت الأبيض، بهدف التوقيع على اتفاقية الاستثمار الأمريكي للمعادن، أو بالأحرى النهب الأمريكي للمعادن الأوكرانية النفيسة، وبالمقابل الحصول على ضمانات أمريكية لأوكرانيا.
وخلال المؤتمر الصحفي المفتوح، وقع حدث درامي غير مسبوق، حيث قام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتوبيخ الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، واتهمه بأنه يدمر أوكرانيا ويسعى لإشعال حرب عالمية ثالثة، ثم طرده من البيت الأبيض، عقب مشادة حادة دارت بينهما حول الموارد والسلام مع روسيا. خرج زيلينسكي من هذا اللقاء خاسئًا وذليلًا، مما أثار مشاعر الإذلال في قلوب الشعب الأوكراني، الذي شهد هذا الانكسار في العلاقات الدبلوماسية. إن هذا المصير لم يكن مفاجئًا لمن يختار خيانة شعبه، ويرتمي في أحضان القُوَى المعادية لوطنه.
من جهة أخرى، فإن الحكام اليمنيين، أو ما يطلق عليهم بـ "عصابة الثمانية" من قبل قطاعات واسعة من الشعب اليمني، لم يزوروا السعودية والإمارات، ولكنهم مُقيمون بشكل دائم في هاتين الدولتين، ويقومون بين وقت وآخر، ولفترات قصيرة، بزيارة اليمن. اليمنيون لا يريدون أن يتكرر السيناريو الأمريكي الأوكراني مع عصابة الثمانية في اليمن. لا يريدون لهم أن ينتظروا حتى تطردهم السعودية والإمارات من الرياض وأبو ظبي، كما حدث مع زيلينسكي. يجب عليهم أن يدركوا أن التذلل لهاتين الدولتين الشقيقتين، اللتين تتصرفان باحتقار تجاه اليمن، لن يجلب لهم سوى المزيد من الإذلال. فهما ليستا فقط معاديتين لليمن، بل تحتلان أراضيه وتستغلان ثرواته.

إن على عصابة الثمانية أن تتواصل مع أشقائهم في صنعاء، وأن ترتقي من الحضيض الذي انزلقت إليه. يجب أن يتحاوروا مع الأطراف السياسية الأخرى حول السبل الممكنة لتجاوز المحنة السياسية التي تعصف بالشعب اليمني. وعليهم أن يسعوا لإنقاذ وطنهم من التمزق، وأن يجنّبوا أنفسهم المزيد من الإذلال. إذا ما فعلوا ذلك، فإن الشعب سيحترمهم، وربما يعفيهم من المحاسبة القاسية على ما اقترفوه من خيانة وتفريط في الشأن الوطني خلال السنوات الماضية.
إن اللحظة الراهنة تتطلب منهم شجاعة ووضوح رؤية، فهل سيتحلون بهذه الشجاعة، أم سيظلون أسرى للذل والتبعية؟ إن الخِيار بيدهم، وعليهم أن يختاروا بحكمة، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.



#منذر_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما معنى أن يكون المرء يساريًا ؟
- إسقاط الأسد وتنصيب الذئب!
- سوريا في قلب العاصفة: هل فقد العالم بوصلته؟
- هل يتعلم العرب مما يجري في اليمن و سوريا؟
- التحديات الداخلية والخارجية أمام الدولة السورية!
- العرب بين المساوم والمقاوم!
- لبنان انتصر على الألم، فهل سينتصر محور المقاومة؟
- الصهاينة اليهود والصهاينة العرب متوافقون!
- شهادة السنوار ليس نهاية المشوار!
- كيف يجب أنْ نفهم الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران؟
- هؤلاء بلا شرف يا ولدي!
- الرجعيون العرب يتقنون المكر، و-الشرعية اليمنية- تستأثر بالجه ...
- الأحلام المتضاربة قبيل الحرب المرتقبة!
- الحرب وشيكة لا تقلقوا على أبناء عمومتكم!
- المعلوم والمجهول عقب الجريمة الصهيونية
- الانتخابات البريطانية المرتقبة والتناوب الآثم على السلطة!
- الذكرى ال 76 لقيام دولة إسرائيل ونكبة فلسطين!
- تجنبوا مكر الحاخام القاتل والإمبريالي السافل و الشيخ الغافل!
- طوفان مانديلا التحرري وانغلاق الموقف اليمني الرَجعي!
- اليمن كبير أيها الصغار!


المزيد.....




- مزاد السيجار الكوبي يحطم الأرقام القياسية: 18.6 مليون دولار ...
- مظاهرات حاشدة في أوكرانيا تطالب بالإفراج عن أسرى الحرب المحت ...
- ما وراء التحشيد الأوروبي لدعم أوكرانيا؟
- نتنياهو: -حماس- عارضت الخطة الأمريكية لتمديد وقف النار ووضعت ...
- -من سيحمي أراضي كندا-.. زاخاروفا ترد على تصريحات ترودو بشأن ...
- ترودو: سنواصل دعم أوكرانيا ونناقش مسألة إرسال قوات لحفظ السل ...
- ليبيا.. السيطرة على تسرب نفطي في حقل -بحر السلام-
- الأردن يدين القرار الإسرائيلي بوقف إدخال المساعدات إلى غزة
- بيان عربي شديد اللهجة ضد إسرائيل بعد وقف إدخال المساعدات لغز ...
- فيدان: سياسة واشنطن الأخيرة أثارت علامات استفهام لدى قادة أو ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - الإمبريالية تؤجج الصراعات ثم تستثمرها: أوكرانيا واليمن نموذجان!