المختار من كتاب (علم الأديان) للسيد خزعل الماجدي (3)

محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 14:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

2-2- المكونات الثانوية للدين :
المكونات الثانوية للدين ليست طارئة على الدين؛ بل ربّما شكلت الجانب الواقعي المعاش الاجتماعي من الدين، فهي تمثل الدين وهو يخوض بين الناس في حياتهم اليومية، فقد أخذت دوراً مهماً واقعياً، وتشكلت وفق ظروف اجتماعية وسياسية متشابكة وهي التي تمثل حقيقة كلّ دين، وهو في حالة التطبيق على الأرض.
1) الأخلاق والشرائع :
الحضارات والعلوم والفلسفات تفرزُ منظوماتها الأخلاقية، لكن ما يميز أخلاق الأديان أنها تتمتع بشعبية هائلة؛ فالدين من أوّل أشكاله السحرية إلى أرقى أشكاله السماوية، يضع مجموعة من الأوامر والنواهي، والأعراف الاجتماعية التي تنظم الحياة الاجتماعية، ويربطها بالمقدس سلباً أو إيجاباً، ولذلك أخذت الأخلاق طابع الإلزام والقوة.
أما الشرائع، التي هي قوانين الأخلاق الاجتماعية والدينية، فقد كان ارتباطها بالدين واضحاً. ويتمثل ذلك في ارتباط أقدم الشرائع المدوّنة بالآلهة فالإله شمش هو الذي سلّم حمورابي شريعته المستندة على موازنة بين حقوق الإنسان وواجباته تجاه الإله والمجتمع. ومن المؤكد أن الشرائع كانت شفاهية في المجتمعات البدائية، ومجتمعات ما قبل التاريخ، وكانت على شكل أعراف متوارثة. كان الدين هو الذي يحتويها، وينظمها، وربما كانت الشرائع للأخلاق، ولذلك تدرّج ظهورها وارتباطها بالدين بصورة لاحقة أيضاً، للأخلاق، ومن ناحية أخرى، ارتبطت الأخلاق تقليدياً بالتشريع ؛ فالشرائع ليست إلا جزءاً من الأخلاق العامة، وقد تم تأييده بالعقوبات التي تفرضها السلطة السياسية، وأوّل القواعد التشريعية لم تكن سوى قواعد أخلاقية بدت ذات قيمة استثنائية لنظام الجماعة، فجرى دعمها بالقوانين، التي تضمن إلزام الأفراد بها. فالسرقة مثلاً، تبقى مسألة من مسائل الأخلاق العامة، التي تجد مؤيداتها في الروادع الذاتية، إلى أن تؤيّد بعقوبة تفرضها الجماعة، عندما تتحوّل إلى قضية تشريعية على الرغم من استمرار انتمائها إلى المجال الأخلاقي (السواح : 1994م : 80).

2) السير المقدسة :
تؤدي السير المقدسة لمؤسسي الأديان من أنبياء، وكهنة، ورجال دين كبار، ومن أولياء، وقديسين، دوراً مهماً يعادل أو يقابل ما تؤديه الأسطورة في المكونات الرئيسة لكل دين، حيث تكون هذه السير مصدر إلهام للمؤمنين.
وقد أصبحت السير المقدسة أقوى متناً وتأثيراً من الأساطير مع الأديان التوحيدية بشكل خاص، حيث انحسرت الأساطير، نسبياً، عن الله الواحد، وذهبت نحو العالم الآخر، وعالم ما بعد الموت والملائكة من جهة السماء، أما على الأرض، فقد مست شحنة الأساطير السير المقدسة، وصرنا نتعرف معجزات الأنبياء والقديسين.
وكان هناك أحياناً، تماس بين السماء والأرض في هذه السير؛ مثل قصص صعود الأنبياء إلى السماء صلباً، أو معرفةً، أو انتخاباً لهم. وهناك تماسات أخرى تتعلق بالأمكنة والأزمنة القدسية لها سيرها هي الأخرى.
ما نريد قوله أن السير المقدسة كانت غذاء المؤمنين الفكري والروحي، ولاسيما عند البسطاء منهم، حيث توضح هذه السير المعجزات، وتكاد بعض الكتب المقدسة تكون سيراً لمؤسسيها ؛ مثل سيرة المسيح في الأناجيل، فالأناجيل في أغلبها، سيرة وأقوال المسيح. وحتى العهد القديم (التناخ) هو عبارة عن سيرة مقدسة لـ : (بني إسرائيل)، وأنبيائهم، وكتبتهم. وكذلك سيرة بوذا، وغيرها.
ولذلك نرى أن السير المقدسة هي الركن الأول من أركان المكوّنات الثانوية لأي دين؛ لأنها قدر تسجيلها لسيرة أشخاص محددين ؛ ترفع منهم إلى المستوى القدسي. وتكون السيرة، عادةً، أهم من البحث في صدقها، أو كذبها عند المؤمنين، لأنها عماد تقواهم؛ بل إن السير هي مركز أي دين، وهو داخل المجتمع والتاريخ مع تلامسات قدسية، هنا وهناك، تستوجب إعادة صياغة الحقيقة، أو انتحال أخرى من شعوب أخرى، وإعادة سردها،
المقدسة ووضعها في متن ذلك الدين.

3 الجماعة الدينية (Religion Community) :
الجماعة الدينية هي المجتمع، أو المجتمعات، التي تنضوي تحت راية هذا الدين، أو المسحنة (الكنيسة)، وتسمى في الإسلام الأمة)، أو (الملة)، أو (العالم الإسلامي)، والجماعة مصطلح واسع بمبناه العلمي، وليس الديني فحسب، فهو يجمع معتنقي الدين بما تجمعهم من عوامل التاريخ، والثقافة المشتركة.
وفي الأديان الكبيرة، وذات التاريخ الطويل، لا توجد جماعة دينية واحدة متجانسة؛ بل توجد فيها عادة الطوائف والمذاهب والجماعات الدينية، ويمكن أن تكون هذه الجماعات قد ظهرت بفعل عوامل سياسية أو اجتماعية، أو ثقافية.
الطائفة (Sect) هي الجماعة السياسية، أو الدينية، التي تتكوّن بخصوصيتها المختلفة عن الجماعة الكبيرة، التي نشأت منذ ظهور الجماعة الدينية. وهي جماعة دينية صغيرة مستقلة العقائد الأساسية للجماعة الكبيرة، وتتجه
النحلة (Cult) ، نحو نوع من الانفصال عنها.
المذهب (Doctrine)، وهو اجتهاد خاص في العقيدة أو الفقه تتبعه جماعة معينة، دون أن تنفصل عن الجماعة الكبيرة.
ولأنّ الأديان حالة في مجتمعات تخضع للتغيير والتطور، وتتأثر بالعوائل الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، بشكل متواصل، يجعلها هذا الأمر حاوية الطوائف، والنحل،
والمذاهب، فهي مظاهر تطوّر الدين وليس مظاهر اختلافات وتناحرات. عانت الأديان من ظاهرة الانقسام والتشظي وربما الاندثار، بسبب عدم قدرتها على استيعاب التنوع الطائفي، والنحلي، والمذهبي داخلها.

4) الباطنية (Esotericism) :
تشير الباطنية (الروحانيات) إلى الآراء والمعتقدات الباطنية، التي تنفّذها وتفهمها مجموعات صغيرة من العارفين بها، وهم قلة نادرة لكنّ هناك الكثير من الأتباع لها؛ والكلمة مشتقة من
(Esoteros)
وهي كلمة إغريقية تعني (داخل، باطن).
ومن الحركات، التي توضع ضمن الباطنية :
1 - الخيمياء (Alchemy).
2- أنثربوصوفيا (الحكمة (الإنسانية) (Anthroposophy).
3- علم التنجيم (Astrology).
4- التصوف (Mysticism).
5- الطريق الرابع (The fourth way).
6- التانترا (Tantra).
7- الماسونية (Freemasonry).
8 - الغنوصية (Gnosticism).
فاما شارا (Vamachara)
10 ماها فيدا (Manavida)
11- الهرمسية (Hermetism).
12 الكبالا (Kabbalah)
13 السحر (Magic).
14 المسمرية (Mesmerism).
15 الأفلاطونية الحديثة (Neoplatonism).
16 علم الأرقام (Numerology).
17 البرنالية (Perennialism).
18 الصليب الوردي (Rosicrucianism).
19- العلموية (سنتالوجي/ Scientology).
20 - السويد نبرغية (Swedenborgianism).
21 - الروحانية (Spiritualism).
22 التاوية (Taoism).
23 الثيوصوفيا (الحكمة (الإلهية) (Theosophy)
ما يجمع الباطنية أنّها تحاول اكتشاف المعاني الخفية في الظواهر الروحية، وتسعى لتفسير رمزي للنصوص المقدسة، وفهم فلسفي ديني للعالم يعتمد على التأويل.
ومثلما يفرّق الدين بين المجالين (المقدس) و(المدنس، تفرق الباطنية بين المجالين (الباطن) و(الظاهر)؛ حيث الباطن هو المقدّس . أما الظاهر، فهو المدنّس الذي يجب تجاوزه.

#محمد_بركات (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات