أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد علي محيي الدين - كفاح الظاهر















المزيد.....


كفاح الظاهر


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 10:43
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


صدر عن دار الفرات في الحلة للدكتور عدنان الظاهر كتاب(كفاح الظاهر) تحدث فيه عن مسيرته الحياتية والعلمية والنضالية، وهو كتاب حافل بكثير من المحطات النضالية لعقود من السنين، والدكتور عدنان الظاهر غني عن التعريف فهو أحد الشخصيات البارزة في تاريخ الحركة الشيوعية العراقية، ويعد مثالًا للنضال المستمر من أجل قضايا الحرية والعدالة الاجتماعية في العراق، ولا تقتصر حياة الدكتور عدنان على عمله السياسي والنضالي فقط، بل تمتد إلى مجال التعليم الأكاديمي الذي ترك فيه بصمة واضحة في الجامعات العراقية والليبية والالمانية، فضلاً عن عمله في منظمة الطاقة الذرية العراقية حتى هجرته الى خارج العراق بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها الحزب الشيوعي العراقي ومناصريه بعد استيلاء صدام حسين على السلطة في العراق.
وُلد الدكتور عدنان الظاهر في العراق في عام1935م في مدينة الحلة وفيها أكمل دراسته الأولية والتحق بدار المعلمين العالية –جامعة بغداد وتخرج فيها عام 1959 ومارس التدريس في الثانويات، ثم أوفد -متمتعا بإحدى زمالات الوكالة الدولية للطاقة الذرية- ببعثة دراسية الى موسكو وحصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء عام 1968، وعمل مدرسا للكيمياء في كلية العلوم-جامعة بغداد، لتدريس الكيمياء لطلبة الدراسات الأولية والعليا(الماجستير) وعضو لجنة الدراسات العليا في قسم الكيمياء للسنوات 1970-1978، حيث غادر العرق للعمل في الجامعات العربية والعالمية.
عاش الظاهر في فترة كانت مليئة بالصراعات السياسية والاجتماعية، ونشأ في بيئة تشهد تغيرات اجتماعية سريعة وتطورات سياسية أثرت عليه بشكل كبير، وفي سن مبكرة، بدأ يلاحظ التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع العراقي، الأمر الذي جعله يطور وعيًا سياسيًا مبكرًا حول قضايا الطبقات الاجتماعية والعدالة.
وفي أواخر الخمسينيات، وبعد أن أكمل دراسته في العراق، انضم الدكتور عدنان الظاهر إلى الحزب الشيوعي العراقي، الذي كان في ذلك الوقت يشكل قوة معارضة بارزة للحكومة الملكية والنظام السياسي السائد. كانت تلك الفترة حافلة بالتحولات في العراق، حيث شهدت البلاد ثورة 14 تموز 1958، التي أطاحت بالنظام الملكي وأدت إلى تأسيس جمهورية عراقية بقيادة عبد الكريم قاسم. وعلى الرغم من التطورات السياسية التي شهدها العراق، لم يكن الحزب الشيوعي بعيدًا عن التحديات، فقد تعرض للملاحقات السياسية من قبل الحكومة العراقية في فترات متعددة. كان الدكتور عدنان الظاهر من الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في العمل السياسي والنضالي داخل الحزب، حيث شارك في تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة السياسية التي تهدف إلى رفع الوعي لدى الطبقات الفقيرة والمهمشة، وخاض نضالا مريراً في انتخابات نقابة المعلمين، وتعرض للاعتداء والضرب من قبل القوى المناهضة للثورة والحزب الشيوعي، ولكنه واجه العقبات الكبيرة بصلابة وقوة، وظل مدافعاً عنيداً عن المبادئ والقيم التي آمن بها، وعمل من أجلها، لذلك كان عرضة للملاحقة والمطارد، وأعتقل عدة مرات، وفي مذكراته وضع النقاط على الحروف واشار بشكل واضح الى مباذل القوميين والبعثيين وممارساتهم القمعية، ذاكراً أسماؤهم وما قاموا به من أفعال شائنة، وكان لمكانة أسرته الاجتماعية أثرها الكبير في نجاته من القتل أو التعرض لمحاكمات تودي به الى السجن لسنوات رغم دوره المحوري في النضال الحزبي، وموقعه المؤثر في الأحداث.
بعد تصاعد القمع ضد الشيوعيين في العراق وخاصة في فترة حكم صدام حسين واستيلائه على السلطة في العراق، وجد الدكتور عدنان الظاهر نفسه في مواجهة مباشرة مع النظام الحاكم، لأن نشاطه السياسي في تلك الفترة قد جذب انتباه السلطات، مما جعله عرضة للاعتقال والملاحقة. بسبب هذه الظروف، قرر الدكتور عدنان الظاهر الهروب إلى الخارج لتجنب الاعتقال، فغادر العراق في أواخر السبعينيات.
بعد هروبه من العراق، وما لاقاه في سفره من محن وصعوبات، يطول شرحها في هذا العرض، استقر الدكتور في ليبيا وتمكن من الحصول على عمل في مجال التعليم الأكاديمي، تدريسياً بجامعة الفاتح في طرابلس، حيث أصبح أستاذًا في إحدى الكليات التي تهتم بدراسة العلوم هناك، ولقد أسهم في تطوير المنهج الأكاديمي، وكان له دور كبير في تعليم وتوجيه الأجيال الشابة، وتحدث عن المصاعب التي رافقت عمله ومحاربته من قبل السفارة العراقية هناك ورفضها تجديد جواز سفره النافذ. وظل يعمل في ليبيا للفترة من 1978-1984

وفي ليبيا، استطاع الدكتور عدنان أن يكون له تأثير إيجابي على العديد من الطلاب الذين وجدوا في علمه ما يعينهم على تلمس طريقهم في حياتهم العلمية، فكانا مثالاً يحتذى في ايصال المادة العلمية، وكان يشجعهم على التفكير العلمي وتطوير معلوماتهم وعدم الركون الى الكسل، وقد شكلت هذه الفترة محطة مهمة في حياته رافقتها كثير من المنغصات التي واجهته في نضاله من أجل البقاء، فكان محارباً من سفارة بلاده التي وجدت فيه معارضاً لسياستها، ومزج بين النضال السياسي والعمل الأكاديمي في بيئة تعليمية كانت تشهد تغييرات وتحديات.
وفي وقت لاحق، قرر الدكتور عدنان الظاهر الانتقال إلى ألمانيا حيث عاش لعدة سنوات. في ألمانيا، واصل عمله الأكاديمي في بعض الجامعات، وركز على نشر آرائه العلمية في امهات المجلات المحكمة، فكان يجمع بين التدريس والتأليف، اضافة لانخراطه في الأنشطة الثقافية والسياسية في المهجر، حيث عمل على دعم قضايا العرب في أوروبا والترويج لفكرة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ورغم تواجده في المهجر، لم يتوقف عن دعم الحركة الشيوعية العراقية والمساهمة في نشر فكرها في مختلف أرجاء العالم. كان يحاول دائمًا نقل تجربته السياسية والنضالية إلى الأجيال الجديدة من خلال الندوات والمحاضرات والكتابات. كما كانت له اهتمامات خاصة بالأدب فقد أنتج كتباً أدبية لا يمكن صدورها إلا من أديب متمكن، سخر جهده وقلمه للدراسات الأدبية، رغم مهامه العلمية، وكان له مع المتنبي حواريات تعد في القمة بين ما كتب عن الشاعر الخالد.
وكتابه موضوع البحث الذي تضمن بعضاً مما اختزنته ذاكرته انماز بمواصفات كثيرة من أهمها دقة المعلومة، وذكر شخوصها ومن شهدها، رغم ما يرافق ذكر أسماء البعض من محاذير، فقد أصر على وضع النقاط على الحروف وبين حقيقة كثير من الشخصيات الحلية التي مارست العمل السياسي وكانت لها مواقف مشينة يندى لها الجبين، في الوقت الذي أمتنع عن ذكر الوقائع وأخفى أسماء القتلة والمجرمين أو المتعاملين مع الجهات الحكومية والمرتبطين بجهات لا تحمل الخير للعراق.
في النهاية يمكننا القول إن حياة الدكتور عدنان الظاهر هي قصة نضال طويل من أجل العدالة الاجتماعية والحرية في مواجهة الأنظمة القمعية، من خلال تجربته في الحزب الشيوعي العراقي، وهروبه إلى الخارج، وعمله الأكاديمي في ليبيا وألمانيا، وما ترك من آثار ايجابية أثراً في مجال السياسة والفكر والأدب في العالم العربي، رغم الصعوبات التي مر بها، وظل الدكتور عدنان شامخًا في مواجهته للظلم، وعاش حياته ملتزمًا بقيم العدالة والمساواة، ما جعله شخصية لا تُنسى في تاريخ الحركات السياسية العربية.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الرزاق كميل شاعــــرا ومنـــاضـــــلا
- وقفية مملكة أودة
- مطالعة لمرويات ذياب آل غلام
- نظرات في مذكرات الدكتور مكرم الطالباني الحياة لا تجري دوماً ...
- الاسكندر المقدوني في بابل عرض وتحليل
- قراءة في رواية (لقد قصدها يوما)
- قراءة في كتاب المعلم حازم سليمان الحلي
- عدنان الجزائري الواله الغارق بالحنين
- مشاهدات للدكتور عبد الرضا عوض
- نقد الفكر والممارسة الدينية لدى المسلمين
- باسم عبد الحميد حمودي وأثره في تدوين الموروث الشعبي العراقي
- الشيخ البهائي وكتابه الكشكول: بين الزهد والتناقضات الأدبية
- الشاعر عبد الحسين الحيدري ونزعته في التمرد والانطلاق
- الدكتور عبد العظيم السلطاني وآراؤه النقديةم
- كناية الديالكتيك نزهة ثانية في المعرفة
- لقد قصدها يوما
- قطف الثمر في التاريخ والتراث والفكر
- نبيل الربيعي باحثا ومقاليا
- دار الظالم خراب
- سجلت ضد مجهول


المزيد.....




- -هل أنت مدين باعتذار لترامب؟-.. شاهد كيف رد زيلينسكي على سؤا ...
- لماذا لا ترتدي بدلة؟.. شاهد كيف رد زيلينسكي على سؤال صحفي في ...
- اكتشاف نادر بموقع بومبي الأثري يُصوّر جموح نساء روما القديمة ...
- الجيش الإسرائيلي يكشف أسباب فشله في التصدي لهجوم حماس
- ماذا نعرف عن مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع في السودان؟ | ب ...
- مسؤول بالبيت الأبيض يكشف سبب الخلاف بين ترامب وزيلينسكي
- بوشكوف: واشنطن ستبحث عن مرشحين آخرين لرئاسة أوكرانيا
- غوتيريش يطالب بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في غزة
- بولندا تؤكد دعمها لأوكرانيا رغم التوتر بين ترامب وزيلينسكي
- بلومبيرغ: ترامب قرر بيع أوكرانيا


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد علي محيي الدين - كفاح الظاهر