أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسلام حافظ - معاوية مؤسس الاستبداد الأول في تاريخ الإسلام














المزيد.....


معاوية مؤسس الاستبداد الأول في تاريخ الإسلام


إسلام حافظ
كاتب وباحث مصري

(Eslam Hafez)


الحوار المتمدن-العدد: 8267 - 2025 / 2 / 28 - 23:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ اللحظة التي بدأ فيها معاوية بن أبي سفيان تمرده على الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب، كان واضحًا أن هذا الرجل لا يسعى إلا وراء السلطة بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو دماء المسلمين ووحدة الأمة. لم يكن معاوية رجل دين ولا صاحب تقوى، بل كان سياسيًا داهية لا يتورع عن استخدام أي وسيلة للوصول إلى غايته، حتى لو كانت بالخداع والمكر والانقلاب على مبادئ الإسلام التي جاء بها النبي محمد. والنتيجة كانت كارثية: انقسام المسلمين، شرعنة الظلم، وإرساء نظام ملكي استبدادي استمر قرونًا طويلة تحت عباءة الخلافة.

أول أخطاء معاوية الكبرى كانت فتنة صفين، حين رفض مبايعة علي بحجة المطالبة بدم عثمان، رغم أن عليًا لم يكن مسؤولًا عن مقتله، بل سعى لإقامة العدل وفق الشريعة. معاوية لم يكن يريد القصاص، بل كان يستغل دم عثمان كذريعة لإضعاف علي والتمهيد لحكمه الشخصي. ولو كان صادقًا في مطلبه، لكان انضم إلى علي لمحاربة الفئة التي قتلت عثمان بدلًا من أن يشق صف المسلمين. لكنه اختار الحرب، وجرّ الأمة إلى معركة صفين التي أزهقت فيها آلاف الأرواح بلا سبب سوى طموح معاوية الشخصي.

ولما رأى أن الحرب لن تحسم له الأمر، لجأ إلى الخديعة، فرفع المصاحف على أسنة الرماح ليخدع جيش علي، ثم دبر مؤامرة التحكيم التي انتهت بعزل علي عمليًا من الحكم بينما بقي هو في منصبه. وبهذا أثبت أن هدفه لم يكن أبدًا تحقيق العدل، بل الوصول إلى السلطة بأي طريقة، حتى لو كان بالغدر والخيانة.

لكن الخطأ الأفدح الذي ارتكبه معاوية، والذي جعل منه أول مستبد في تاريخ الإسلام، هو إلغاء مبدأ الشورى تمامًا وتوريث الحكم لابنه يزيد، في خيانة واضحة للمنهج الإسلامي الذي جعل الحكم قائمًا على اختيار الأمة لأفضل من يحكمها. ما فعله معاوية كان انقلابًا صريحًا على أسس الحكم التي وضعها النبي والصحابة، حيث حول الخلافة إلى ملك عضوض كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه المشهور: "أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية." وقد تحقق هذا التحذير بشكل واضح في شخص معاوية، الذي لم يكتفِ باغتصاب الحكم بل جعل منه نظامًا وراثيًا.

لم يكن يزيد بن معاوية شخصًا صالحًا ولا كفؤًا للحكم، بل كان معروفًا بفسقه ومجونه وانحلاله، ومع ذلك فرضه معاوية بالقوة على رقاب المسلمين، مستخدمًا الترهيب والرشاوى والخداع، حتى أنه أجبر كبار الصحابة على مبايعة يزيد تحت تهديد السلاح. وكانت النتيجة كارثية، إذ ما إن تولى يزيد الحكم حتى وقعت مذبحة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي، حفيد النبي، وأُهين آل بيته الكرام في مشهد من أبشع مشاهد التاريخ الإسلامي، ثم وقعت مذبحة الحرة التي انتهكت فيها حرمة المدينة المنورة وقتل فيها آلاف الصحابة وأبناؤهم.

لم يكن هذا سوى نتيجة طبيعية لجريمة معاوية الكبرى في تحويل الإسلام من حكم عادل قائم على الشورى إلى حكم استبدادي قائم على القهر والقوة. لقد فتح الباب أمام الطغيان السياسي في الإسلام، ووضع الأساس لحكم بني أمية الدموي، ثم بني العباس من بعدهم، حتى صار التاريخ الإسلامي سلسلة من الانقلابات والاغتيالات والمؤامرات، بدلاً من أن يكون نموذجًا للعدل والحرية كما أراده النبي.

إن من يدافع عن معاوية اليوم إما يجهل التاريخ أو يتعمد تزويره. لا يمكن لرجل تسبب في شق صف المسلمين، وتآمر على الإمام الشرعي، وأسس حكمًا استبداديًا أن يُعتبر "خليفة راشدًا" أو قدوة يُحتذى بها. معاوية لم يكن أكثر من سياسي انتهازي، وضع مصالحه الشخصية فوق مصلحة الأمة، وترك إرثًا من الظلم والانقسام لا يزال العالم الإسلامي يعاني منه حتى اليوم.



#إسلام_حافظ (هاشتاغ)       Eslam_Hafez#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رمضان في السجون المصرية: آلاف المعتقلين بين القهر والحرمان-
- مجزرة الدفاع الجوي: عشر سنوات على الجريمة والعدالة الغائبة
- مذبحة بورسعيد.. جريمة العسكر التي لن يغفرها التاريخ
- -المنفى وطنٌ من رماد-
- إضراب ليلي سويف: صرخة أمٍّ في وجه الظلم
- 25 يناير: أنشودة الحرية التي لا تموت
- -عصر السيسي الذهبي للنساء: أكذوبة تُخفي القمع والاستغلال-
- -القمع خلف ستار التحرر: معتقلات المنازل ومعاناة المرأة السعو ...
- -نظام السيسي: شعارات للبرمجة وقمع للحرية... مصر تحتضر في ظل ...
- إحنا بتوع التحرير..!
- -الظلم لا يدوم... وصوت الحق أقوى من السجون-
- نظام السيسي: استغلال الضرائب لتكريس الفشل الاقتصادي
- -2024: عام القمع والإخفاء القسري في مصر-
- رسالة الي الوالي..
- ثورة يناير: الحلم الذي لن يموت
- خطر الجولاني على سوريا: هل ينتظر السوريون نفس مصير المصريين ...
- القصور الفاخرة مقابل العيش الكريم.. كيف يرسخ النظام فجوة الط ...
- -حين ينكر الواقع نفسه: عن الدم والمال... والأيدي البيضاء-
- شوارع المحروسة
- مصر السجن الكبير


المزيد.....




- لماذا اتهموا الكواكبي بالعلمانية؟
- ترميم وإصلاح المساجد لاستقبال رمضان في غزة
- قائد بحرية حرس الثورة الاسلامية في ايران :سنرد بقوة على أي ت ...
- دعوة حماس لحشد الطاقات في رمضان لدعم المسجد الأقصى
- تصعيد الاحتلال في الضفة يصل الي القدس والمسجد الاقصي
- مجمع الكرادلة الهيئة التي تنتخب بابا الفاتيكان
- تحديث من الفاتيكان بشأن صحة البابا فرانسيس
- أول صلاة تراويح في المسجد الأقصى بالقدس وسط قيود مشددة وتوتر ...
- مصر.. عضو لجنة الفتوى بالأزهر يعلق على إنتاج مسلسل -معاوية- ...
- مع استقبال رمضان.. شيخ الأزهر يوجه طلبا إلى المسلمين خاصا بف ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إسلام حافظ - معاوية مؤسس الاستبداد الأول في تاريخ الإسلام