أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طاهر مرزوق - الحرية للفتاة القبطية















المزيد.....

الحرية للفتاة القبطية


طاهر مرزوق

الحوار المتمدن-العدد: 542 - 2003 / 7 / 13 - 02:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



الجمعة 11 يوليو 2003 17:41 

 
 
"إن الفتاة القبطية المصرية إن أرادت اعتناق الإسلام – وكانت ضمن السن القانوني المنصوص عليه بالقانون – لا يستطيع أحد من أهلها أن يمنعها من ذلك، بحكم تربيتها والحرية التي نشأت عليها، فهي تملك الجرأة والحماية الكافية لأن تعلن على رؤوس الأشهاد رغبتها في ذلك دون خوف أو وجل وأمام القاضي وأهلها وجميع الناس..."
هذه الفقرة وردت فى مقال الأستاذ على عيسى المنشور فى إيلاف يوم الأحد 6 يوليو 2003 بعنوان هل هذا يحدث فى مصر؟ أستوقفتنى لتعبيرها الصادق عن الواقع الأليم الذى يعيشه المواطن المصرى من جراء تلك الأفكار البالية ذات الصبغة الدينية التى تبيح الحرية للمسيحيين فى ترك دينهم وهى حرية محمودة ويحميها ويدافع عنها القانون وكل مسلم غيور، لكنها لا تبيح نفس الحق للمسلمين فى ترك دينهم وأعتناق دين المسيحيين لأنه دين كفار! أقول الواقع الأليم لأن نفس الفكر ونفس الصيغة المتسامحة القانونية الدفاعية فى طريقة عرضها لتلك الحرية والحق المشروع للفتاة القبطية المصرية هو تعبير واقعى لنفس الفكر الذى ينتشر فى أذهان الملايين، أما بخصوص الفتاة المسلمة المصرية فالنبرة المتسامحة تتغير لتصبح نبرة عنيفة غاضبة تقيد حريتها وتلغى إرادتها فلا يحميها الدين أو الدولة ويتم تجاهلها تماماً.
من الواضح للعين المجردة أن القانون المصرى لا يعطى الحرية لمواطنيه بمختلف أديانه أن يغيروا دينهم، فالأستاذ على عيسى فى الفقرة السابقة لا يتحدث ولا يوجه خطابه إلى الفتاة المصرية عامة بغض النظر عن دينها حتى يفهم القارئ عمومية وحيادية وعدالة القانون وجوهر المعنى الذى يتكلم ويدافع عنه، لكنه يتحدث عن الفتاة القبطية المصرية فقط، فهى بالتحديد الوحيدة التى تملك تلك الحرية أما غيرها أى الفتاة المسلمة المصرية فلا حرية لها فى هذا، لأن المجتمع المسلم بتربيته الدينية القائمة على كراهية النصارى الكفار الذين ينتظرهم عذاب الله فى الدنيا على أيدى المسلمين بالقتال وفرض الجزية وفى الآخرة بعذاب جهنم، فإنه لا يسمح بتلك الحرية.
بالطبع أتفق مع كلام الأستاذ على عيسى تماماً فى هذه الفقرة من مقاله فهى تعبر عن الواقع المصرى الخاص والواقع العربى العام الذى يصرخ بأعلى صوته ويقول بأن العنصرية الدينية ما زالت قائمة على صدر القانون وعلى صدور الناس، لأن الأنحياز والأستعلاء الدينى لن تزيله الخطب والمواعظ الدينية فى الوحدة الوطنية، بل يزيله من الوجود وضع الخطاب الدينى على الطريق الصحيح والأبتعاد عن تخدير العقول بإثارة العصبيات الطائفية الدينية.
 نحن لا نعيش فى العصور الجاهلية أو العصور الوسطى حتى نترك الحق يمتزج بالباطل، إن حقوق الإنسان تهدر بأسم الدين وبدون حساسية لأن ما يبيحه المجتمع والقانون للإنسان المسيحى لا يبيحه للمسلم والعكس صحيح، لا جدال فى أن دساتير البلاد العربية لا بد لها أن تأخذ بالقيم والشرائع الدينية الإيجابية فى كافة الأديان وليس دين واحد فقط دون سائر الأديان، لكن حرية الإنسان عند الله لها معنى واحد ولا تفرق بين البشر حسب عقائدهم.
ينبغى على الجميع أن لا يفسروا الحقوق والحريات الأنسانية فى ضوء أفكار دينية تلغى الآخر من الوجود، بل يتم صياغة الحقوق والواجبات والحريات على ضوء المواطن الذى يعيش فى هذا الوطن، ويجب على الجميع محاربة كل الذين يهدمون القيم الدينية الحقيقية ويستغلون مواقعهم بخطبهم الرنانة التى يرسخونها فى نفوس المسلمين بأحاديث تهدر كرامة الآخر وتحد من حريته ومواطنته وتخلق العداوة الدائمة، هؤلاء الذين يستخدمون الأحاديث والآيات القرآنية لتحقيق أهدافهم لتدمير فكر الأنسان وسجنه فى دائرة من الأمثلة المشهورة التى تكاد أن تكون قاسم مشترك فى الخطاب الدينى بكافة تياراته : " من بدل دينه فأقتلوه "  " روى في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام. " قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِا للَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (سورة التوبة 29) وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، إذا لقيتم أحدهم فى الطريق فاضطروه إلى أضيقه " لمسلم وأبى داوود والترمذى.
إن أمتلاء الساحة الدينية ومنابر المساجد بتلك الأفكار والمعانى التى يعيشها الصغير والكبير ما زال مستمراً لغياب الفكر الدينى الحقيقى والمرجعية الدينية التى غيبت نفسها بأفكارها القديمة التى تتفق فى المضمون مع هؤلاء االمسلمين لكنها تختلف معهم فى الأسلوب، لأن المرجعية الدينية لا تستطيع أن تنكر أو أن تأتى بتفاسير مناقضة لما جاء بأمهات كتب التفسير الإسلامية لتلك الأحاديث والآيات القرآنية وغيرها والتى يستخدمها دعاة التفرقة والعنصرية فى المجتمع العربى الإسلامى لنشر سلطانهم على عقول البسطاء لأن الشجاعة فى قول الحق مفقودة نظراً للخوف المسيطر على عقول الجميع أو لأتفاقهم الخفى المستتر على شرعية تلك الأفكار، لأن القيادات الدينية فى كل العصور أرست قواعد القدسية على كل الفكر دينى ومن يملكونه ولا يمكن المساس به بنقده أو الخروج على قواعد اللعبة الفقهية التى أباحت لنفسها إتهام من تشاء بالكفر والزندقة حتى يتم التخلص من الذين يخرجون على قوانينهم وفتاويهم البشرية.
الحرية إذن فى مفهوم العرب هو مصطلح يمكن التلاعب بمعناه وتطويعه وفقاً للعقيدة الدينية وكما يقولون : الأختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية! لكن السؤال الذى يفرض نفسه بالرغم من كل هذا : هل حانت اللحظة المناسبة لكبح جماح الإستعلاء الدينى الذى يحاصر الشخصية العربية ويفصلها فصلاً تاماً عن حاضرها؟ إن استمرار فكر الإستعلاء الدينى والأنكار المستميت للآخر هو تهديد حقيقى للوجود الإنسانى، وقد أستوعبت تلك الحقيقة كل شعوب الأرض، لكن الشعب العربى يرفض ذلك ويصر على أنه خير أمة أخرجت للناس!
خاص بأصداء

 



#طاهر_مرزوق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طاهر مرزوق - الحرية للفتاة القبطية