سامي خاطر
الحوار المتمدن-العدد: 8265 - 2025 / 2 / 26 - 17:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لطالما لعبت المرأة الإيرانية دورًا حاسمًا في مسيرة النضال من أجل الحرية والديمقراطية، ورغم القمع الوحشي الذي تمارسه السلطات الإيرانية، لم تتراجع المرأة عن دورها الريادي في المقاومة. من داخل إيران إلى المنفى، تقف النساء في الصفوف الأمامية لحركة المقاومة الإيرانية، حيث يجسدن الشجاعة والتضحية في مواجهة الاستبداد؛ ففي خضم التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجهها إيران منذ عقود، برزت المقاومة الإيرانية كقوة فاعلة تسعى إلى تغيير النظام القائم وإقامة دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن الحريات الأساسية لجميع مواطنيها. وفي قلب هذه المقاومة، لعبت النساء الإيرانيات دورًا محوريًا، حيث كنّ في طليعة النضال من أجل إيران حرة وعادلة.
لقد دأبت المقاومة الإيرانية كحركة تقدمية عالمية على إحياء يوم المرأة العالمي بمؤتمر دولي سنوي يتناول كافة قضايا المرأة عالميا، ونضال المرأة الإيرانية، ومسيرة نضال النساء في منظمة مجاهدي خلق وكيف أصبحن رموزا يقتدي بهن وبتضحياتهن القاصي والداني بعد أن قدمن أُنموذجاً نضاليا فريدا على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، وعلى الصعيد الوطني تقتدي الحركة النسوية المناضلة في إيران اليوم بنساء مجاهدي خلق ويسرن خلف السيدة مريم رجوي كمناضلة آثرت الوطن والحق والعدل على كل شيء مضحية بكل ما تملك ومستعدة للتضحية بالنفس ولا نشهد لها بشيء فالتاريخ خير شاهد على تضحياتها وصمودها وكل امرأة في مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية ووحدات المقاومة داخل إيران هي مريم رجوي، ومسيرة كهذه التي تقودها السيدة رجوي مسيرة تستحق الثناء والتقدير لذلك يتضامن معها.
دور المرأة في المقاومة الإيرانية
كانت المرأة الإيرانية على مر التاريخ شريكًا أساسيًا في النضال من أجل التحرر والتغيير. منذ الثورة الدستورية في أوائل القرن العشرين، وحتى الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979 الثورة التي سُلِبت وأسموها بـ الإسلامية، وصولًا إلى الاحتجاجات الشعبية الأخيرة حيث كانت النساء دائمًا في الصفوف الأمامية، ومع ذلك فإن الدور الذي تلعبه المرأة في المقاومة الإيرانية اليوم يتجاوز مجرد المشاركة في الاحتجاجات؛ فهنّ يقفن كقائدات ومنظِّمات وناشطات يدفعن بعجلة التغيير نحو الأمام حيث شاركت المرأة في الانتفاضات الشعبية والحركات الاحتجاجية ضد نظام الملالي، وشكلت جزءًا رئيسيًا من النضالات الطلابية، وحملات العصيان المدني، والمظاهرات الجماهيرية التي تهدف إلى إسقاط الدكتاتورية الدينية، وقد دفعت المرأة الإيرانية ثمنًا باهظًا في هذا الطريق حيث تعرضت للاعتقال والتعذيب والإعدام، ولكن ذلك لم يثنِها عن الاستمرار في النضال، وتواجه المرأة الإيرانية في ظل النظام الحالي تمييزًا منهجيًا وقمعًا شديدًا. بدءًا من قوانين الحجاب الإجباري وصولاً إلى التمييز في الحقوق القانونية والاجتماعية؛ لتصبح المرأة اليوم رمزًا للمقاومة ضد الظلم، وقد تحولت هذه المقاومة إلى حركة نسوية قوية لا تسعى إلى تحرير المرأة فحسب بل إلى تحرير المجتمع الإيراني بأكمله أيضًا من قبضة النظام الاستبدادي، تُعتبر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة من أبرز القوى السياسية الثورية التي تتميز بفكرها وقيمها وبقيادة نسائية بارزة حيث تتبوأ المرأة فيها مناصب قيادية، وقد ساهمت هذه القيادة في تحويل المقاومة الإيرانية إلى قوة منظمة تتمتع برؤية واضحة لمستقبل إيران، مستقبلٍ يقوم على الديمقراطية والمساواة بين الجنسين.
مريم رجوي: نموذجا للقيادة النسائية في المقاومة
تُعد السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ واحدة من أبرز الرموز النسائية في النضال ضد النظام الإيراني. من خلال قيادتها، قدمت نموذجًا ملهمًا للمرأة الإيرانية، حيث دافعت عن حقوق الإنسان، وحرية المرأة، ودعت إلى إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على فصل الدين عن الدولة، وتؤمن السيدة رجوي بأن تحرير إيران لا يمكن أن يتحقق دون دور فعال للمرأة، ولهذا أكدت في برامجها على ضرورة مشاركة النساء في جميع المستويات السياسية والاجتماعية مؤكدةً على أهمية دور المرأة في قيادة التغيير، وتدعو إلى إقامة نظام سياسي في إيران يضمن حقوقًا متساوية للجميع، وقد حظيت بدعم دولي واسع، حيث التقت بزعماء وسياسيين بارزين حول العالم، ونالت إشادة واسعة بجهودها واعجابا بحشد الدعم الدولي لقضية الحرية في إيران.
التحديات التي تواجهها المرأة في المقاومة
تواجه المرأة الإيرانية في المقاومة تحديات جسيمة، بدءًا من الاعتقالات التعسفية والتعذيب، وصولًا إلى التهديدات بالقتل. يستخدم النظام الإيراني كل الأدوات القمعية المتاحة له لإسكات أصوات المعارضين الحقيقيين، وخاصة النساء اللواتي يُعتبرن تهديدًا مضاعفًا؛ ليس فقط لأنهن يطالبن بالتغيير السياسي، ولكن أيضًا لأنهن يتحدين النظام ووجوده ويرفضنه رفضا كليا قاطعا.
قبل 40 عامًا شهدت منظمة مجاهدي خلق تحولًا تحرريًا داخليًا تمحور حول قضايا المرأة والقيادة، في مواجهة أيديولوجية خميني الذكورية. كان هذا تحولًا ثقافيًا حرّر طاقات هائلة من النساء والرجال على حد سواء، ووسع نطاق المعركة لإسقاط الفاشية الدينية، وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن النساء الإيرانيات يظهرن إصرارًا غير مسبوق حيث أظهرت الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في جميع أنحاء إيران، وخاصة بعد مقتل مهسا أميني في سبتمبر 2022؛ أن النساء الإيرانيات لم يعدن مستعدات للصمت، وقد تحولن إلى قوة دافعة للتغيير لا يطالبن فقط بإسقاط النظام ولكن أيضًا ببناء مستقبل جديد لإيران.
إيران الحرة: رؤية تقودها المرأة
إن دور المرأة في المقاومة الإيرانية ليس مجرد مشاركة في الاحتجاجات، بل هو دور قيادي وتنظيمي وفكري. النساء الإيرانيات يقدن حركة شعبية تهدف إلى إسقاط النظام الحالي وإقامة دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن المساواة بين الجنسين. إنهن يقدن النضال من أجل إيران حرة، حيث يمكن لكل مواطن أن يعيش بكرامة وحرية، ومن هنا فإن المرأة الإيرانية ليست مجرد عنصر في المقاومة، بل هي قوة محورية فيها. وتؤكد المقاومة الإيرانية أن إيران الحرة والديمقراطية لن تتحقق إلا بمشاركة المرأة في صناعة القرار، وهو ما يتجسد في سياسات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، التي تمنح المرأة دورًا مركزيًا في قيادة البلاد المستقبلية.
يوم المرأة العالمي من كل عام هو فرصة لإعادة التفكير في الطريق الذي سلكناه حتى الآن، وتجديد الالتزامات تجاه المستقبل الذي ينبغي أن يضمن تحرير البشرية وبناء عالم أفضل، وإن مشاركة النساء ودورهن القيادي والحاسم في النضال ضد الاستبداد الديني لهو شرط أساسي لإسقاط هذا النظام.. وكما أطاح الشعب الإيراني بمن كان يصف نفسه بـ "الإله"، يسعى اليوم جاهدا للإطاحة بالولي الفقيه أي خامنئي الذي يُقدَّم نفسه رسميًا في دستوره كـ "ولي أمر المسلمين جميعًا" وحاكم مطلق، يُنصَّب كـ”ممثل الله على الأرض".
خلاصة القول
لقد أثبتت المرأة الإيرانية أنها قادرة على التغيير، وأنها لن تتراجع حتى تحقق الحرية لشعبها. ومع تصاعد دور النساء في المقاومة، يتعزز الأمل في مستقبل تكون فيه إيران دولة حرة، ديمقراطية، تُحترم فيها حقوق الإنسان، وتسود فيها العدالة والمساواة بين الجميع، وإن المقاومة الإيرانية بقيادة المرأة ليست فقط نضالًا من أجل التحرر السياسي، بل هي أيضًا نضال من أجل تحرير المجتمع من القيود الرجعية التي تكبل تقدمه. إنها رسالة قوية إلى العالم بأن النساء الإيرانيات هنّ قوة لا يمكن إيقافها، وأن مستقبل إيران سيكون بيد من يستحقه ويؤتمن عليه، ومستقبل الشعب الإيراني الحر يُصاغ على النحو الرشيد بقيادة نساء رائدات يقدن الطريق نحو الحرية والعدالة.
إن قوة الإنسان تكمن في أنه، عندما يحيط الظلم والاستبداد بكل مكان، ينهض للنضال، ولا ينتظر قوى خارجية أو الحظوظ والصدف لإحداث التغيير. ويجب أن يمتلك كل شخص هويته الفريدة. فكل إنسان كيانٌ لا مثيل له في هذا الكون، وهذه الهوية الفريدة يجب أن تتحرر من العناصر التي تقيّدها.
الحديث عن دور المرأة الإيرانية المناضلة ومدرسة مجاهدي خلق لا ينتهي.. كما لا تنتهي مسيرة التضحيات؛ فهناك آلاف الناشطات المجهولات اللواتي يخاطرن بحياتهن يوميًا من أجل نشر الوعي وتنظيم الاحتجاجات وتوثيق انتهاكات النظام. هؤلاء النساء، سواء كنّ طالبات أو عاملات أو أمهات، يقدن حركة شعبية واسعة ترفض الاستسلام للقمع وتطالب بالحرية.
إن الانتفاضة قادمة لا محالة، والحلم الثوري الذي سرقه خميني في عام 1979 (الثورة ضد الشاه) سيصل حتمًا إلى النصر، والفرق هذه المرة هو أنه مُنظم ومُعد للتغيير وصناعة مستقبله بيده.
#سامي_خاطر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟