شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 23:54
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 894 ، 24 فيفري 2025
www.revcom.us
هناك علامات متزايدة عن أنّ حكّام إسرائيل يعدّون لهجوم متجدّد على غزّة بمستوى أكبر حتّى من الفظائع الكبرى و التطهير العرقي من ال16 شهرا الماضية للذبح و التدمير .
" الهجوم التالي على غزّة سيكون أسوأ – نداء ترامب للتطهير العرقي كبير دعوة لحرب أكثر وحشيّة حتّى " تحذير هام من ناشر Jewish Currents و CUNY الأستاذ بيتر بينارت . من الخطاب الراهن في صفوف حكّام إسرائيل ، يستخلص بينارت : " ... أعتقد أنّنا نحتاج إلى مواجهة الإمكانيّة الواقعيّة بأنّه في الأسابيع القادمة ، ستجدّد إسرائيل هجومها العسكريّ على غزّة ، و أنّ وقف إطلاق النار سينتهى ، و ليس فقط أنّ إسرائيل ستجدّد هجومها العسكريّ ، لكن أنّ الهجوم العسكريّ سيكون أشرس و أكثر وحشيّة من أيّ شيء رأيناه إلى حدّ الآن ." (1) [ التشديد مضاف ]
و يوضّح هذا التقرير و غيره من التقارير أنّ تهديدات دونالد ترامب الفاشيّة لتهجير كافة الفلسطينيّين و الإستيلاء على غزّة ، و كذلك دعمه الشامل لإسرائيل و حكومة نتنياهو ، هي قوى محرّكة كبيرة في هذه المخطّطات . و ينظر قادة إسرائيل إلى " مخطّطات ترامب " كدعم تام من الولايات المتّحدة للتصعيد في إبادتهم الجماعيّة ( و الهجمات في الضفّة الغربيّة ) إلى مستوى آخر تماما . (2) و الصحفيّ الإسرائيلي البارز نداف أيال يشير إلى أنّ إسرائيل هي القوّة الوحيدة التي يمكن أن تنجز طردا كبيرا للفلسطينيّين من غزّة الذى يدعو إليه ترامب .
و تتّخذ هذه التقارير موقفا ضد خلفيّة إيقاف إطلاق نار مشحون بالتوتّرات بين إسرائيل و حماس .
في 7 أكتوبر 2023 ، هاجمت حماس ، قوّة إسلاميّة رجعيّة ، داخل إسرائيل ، قاتلة أكثر من ألف إسرائيلي ، أساسا من المدنيّين ، و أخذت حوالي 250 أسيرا .
و إغتنمت إسرائيل هذا الهجوم الرجعيّ لإطلاق العنان لهجوم إبادي جماعي بلا قيود لم يركّز على حماس و حسب و إنّما أساسا على السكّان المدنيّين الفلسطينيّين في غزّة . و قد قصفت إسرائيل عشوائيّا و بكثافة المناطق الكثيفة السكّان ، قاتلة أكثر من 48 ألف إنسان ( ربّما أضعاف ذلك ) (3) ، بما في ذلك حوالي 18 ألف طفل . المنازل و المدارس و المستشفيات و البنية التحتيّة للمياه و مياه الصرف الصحّي ، و المساجد و الكنائس و المزارع و المغازات وقع تدميرها تدميرا متعمّدا ، مخلّفة مشهرا جهنّميّا من الأنقاض و الدمار .
و توقّفت المذابح الإسرائيليّة في الوقت الحاضر . و كجزء من إيقاف إطلاق النار ، كانت حماس تطلق سراح ، على مراحل، الأسرى الباقين و جثامين من ماتوا في الأسر .
طوال سنوات كانت إسرائيل تعتقل و تسجن – غالبا دون محاكمة – آلاف الفلسطينيّين ، بمن فيهم الأطفال . و الآن تطلق إسرائيل سراح المئات ، مجرّد قسم منهم . ( و نحن نصوغ هذا المقال ، أخّرت إسرائيل إلى حدّ الآن – و يمكن أن ترفض – تفي بوعدها بإطلاق سراح 620 سجين فلسطيني في 22 فيفري كجزء من إتّفاق إطلاق النار ).
وقعت برمجة المزيد من المفاوضات لوضع نهاية للهجوم الإسرائيلي القائم على غزّة ، و إنسحاب القوات الإسرائيليّة و إدخال المساعدات الإنسانيّة إلى غزّة . إلاّ أنّ إسرائيل و الولايات المتّحدة يطالبان بأن لا يكون أيّ وجود لحماس بغزّة وهو ما رفضته حماس . لذا يمكن أن لا يطبّق إتّفاق إيقاف إطلاق نار ممتدّ زمنيّا – أو حتّى المزيد من المفاوضات .
و في الأثناء ، يغتنم قادة إسرائيل عودة الأسرى و الأخطاء في السيرورة ليصبّوا المزيد من الحقد على حماس و الفلسطينيّين، من الممكن كتعلّة للتخلّى عن إيقاف إطلاق النار و مواصلة المقتلة الكبيرة في غزّة . (4)
" إن كان الأمر يعود إلى نتنياهو و معاونيه في تحالف اليمين المتطرّف ، ففي الأسبوع القادم – إثر إنهاء المرحلة الأولى من إتّفاقيّة الأسرى [ مع نهاية فيفري ] مع عودة أربعة جثامين أخرى للأسرى – سيحدّد طريق تجديد الحرب في غزّة . و هذه المرّة ، يعدون ، " بلا قيود " حسب ما كتبه المراسل العسكري لجريدة هآرتز ن آموس رائيل . " لا الأمم المتّحدة و لا محكمة لاهاي سيتقول لنا ما الذى علينا فعله ، عندما يقف الرئيس ترامب مساندا لإسرائيل ، و سامحا بإنهاء الأشياء كما يرغب في ذلك ".
إستراتيجيا التدمير الشامل و التهجير الإجباري :
وقت كتابة هذا المقال ، لم يتّضح بعدُ بالضبط كيف ستسير الأمور ، لكن ترامب و مسؤولين أمريكيّين آخرين يواصلون تهديدهم بخبث للناس في غزّة و يدفعون إلى التطهير العرقيّ .
في الأسبوع الماضي ، عندما تمّت إعادة جثامين أطفال بيبس و أمّهم إلى إسرائيل ( أنظروا الملاحظات النهائيّة 2 أدناه )، هدّدت بعثة لترامب حماس ب " السحق التام " . و نعت ترامب عمليّات حماس بأنّها " وحشيّة جدّا " و قال إنّه سيوافق على كلّ ما يقرّر فعله نتنياهو الآن – سواء كان مواصلة إيقاف إطلاق النار أم العودة إلى الحرب .
هذا ضوء أخضر كبير لإسرائيل لتعود من جديد إلى مذابحها في غزّة بقدر أكبر من الوحشيّة و العنف أنكى حتّى من المقتلة الكبيرة و التدمير الهائل في الأشهر التالية ل 7 أكتوبر 2023 . بالنسبة إلى كلّ من شاهد أشرطة الفيديو طوال 15 شهرا لخيم تلتهمها النيران ، و أطفال رؤوسهم مفجّرة إلى أشلاء ، و مستشفيات و منازل مهدّمة ، و صحفيّين و عمّال إغاثة مستهدفين ، سيكون من العسير عليه تصوّر " ما هو أنكى ". لكن ، مجاملة من الولايات المتّحدة و إسرائيل ، يمكن لهذا أن يحدث قريبا.
و الآن ، بدعم كامل من نظام ترامب ، جاء في تقارير أنّ السياسيّين الإسرائيليّين و المسؤولين الحكوميّين من المستويات العليا يشعرون بأنّ لديهم فرصة واحدة في الحياة لإحداث تغيير جوهريّ للوضع بتهجير الفلسطينيّين من غزّة . و مع إيقاف إطلاق النار في لبنان ، يمكن لإسرائيل أن تنشر المزيد و المزيد من الجنود في غزّة ، وفق الصحفيّ الإسرائيلي آيال ، و تهاجم في شمال غزّة و جنوبها و وسطها في الآن نفسه . و سيُقيمون حصارا للمناطق التي يهاجمونها ليحاولوا و يجبروا السكّان على المغادرة ( كما فعلوا ذلك في هذه الأشهر الأخيرة) و لا يسمحوا بدخول أيّة مساعدة إنسانيّة إلى" مناطق القتال" هذه . (5)
" العنصر الأكثر دلالة للمخطّ" القادم يُتوقّع أن يتضمّن تدميرا كبيرا ، إن لم يكن تدميرا كلّيا ، للمناطق التي ستتحرّك فيها قوّات الدفاع الإسرائيليّة " ، كما ورد في تقرير هارال .
و بعدُ تقوم إسرائيل بإستعدادات لإمكانيّة مثل هذا الهجوم الإبادي . و قد صرّح وزير الإتّصالات اليمني المتطرّف في الأسبوع الفارط بأنّ إسرائيل ستهجّر الفلسطينيّين من غزّة بالقوّة ، و ليس بما يسمّى بالهجرة الطوعيّة . (6)
في 20 فيفري 2025 ، أسقط الجيش الإسرائيلي منشورات عبر غزّة . و المنشورات المكتوبة بالعربيّة تحيل على مخطّط التطهير العرقي لترامب و هدّدت ب " فرض التهجير القسريّ عليكم سواء أردتم ذلك أم أبيتم " (7)
لا يجب أن يستسلم الناس – يجب أن ننهض و نرفع الصراع ضد الإبادة الجماعيّة الأمريكيّة – الإسرائيليّة إلى مستوى أكثر جماهيريّة و تصميما
من العسير تصوّر أيّ شيء أسوأ من ما عاناه بعد ُ الشعب الفلسطيني في غزّة منذ 7 أكتوبر 2023 .
و مع ذلك يواجهون الآن ليس نظاما شبيها بالنازيّة فحسب و إنّما أيضا نظاما فاشيّا تماما في الولايات المتّحدة ، و ما يلوح في الأفق من إبادة جماعيّة أعنف حتّى تهدف إلى التدمير الكامل لغزّة و إفراغها من سكّانها ! و هذا مع تصعيد إسرائيل لتهجيرها القسري و تطهيرها العرقي في الضفّة الغربيّة الفلسطينيّة .
و هذه الجرائم المدوّية – و جرائم بصدد الإعداد – تحتاج أن تقابل بأكثر مقاومة جماهيريّة و بأكثر تصميم من أيّ زمن مضى . لكن لكن ما يُدهش جدّا الآن هو الإنهيار التام تقريبا للحركة ضد الإبادة الجماعيّة الأمريكيّة – الإسرائيليّة في فلسطين !
أجل ، النظام - و الجامعات ، بوجه خاص – رفضوا الإستماع إلى أصوات الطلبة و الكلّيات و غيرها الجريئة و المعبّرة عن الحقيقة . و بدلا من ذلك صعّدوا من قمعهم الصارم . و أجل ، الآن نواجه المزيد من الوحشيّة مع فاشيّة ترامب / الماغا في السلطة !
لكن هذا يدعو إلى المزيد من المثابرة و التصميم . إذا كنت أحد العديدين الذين يشعرون بكره ذلك و لا يعرفون ما عليهم القيام به ، تحتاجون حقّا لهذا المقطع من الحوار الصحفي الحديث مع بوب أفاكيان في برنامج على اليوتيوب هو " الثورة لا شيء أقلّ من ذلك " RNL- Revolution, Nothing Less ! Show on Youtube ، " The Bob Avakian Interviews,2025, part 1 , On Fascism, Capitalism, and the way Out of the madness
هذا ما ندعو إليه بشكل إستعجالي في الوقت الحالي ، بما في ذلك ربط النضال ضد الفظائع الخاصة بالحاجة الوجوديّة الإستعجالية لإلحاق الهزيمة بفاشيّة ترامب / الماغا عامة .
هوامش المقال :
1- بيتر بينارت ،, The Next Assault on Gaza Will Be Worse - Trump’s Call for Mass Ethnic Cleansing Is an Invitation for an Even More Savage War, February 17, 2025.
بينارت ، ليبرالي يساري و ناقد يهودي للهجوم الإسرائيلي على غزّة ، يبنى على الحوار مع اليمني دان سنيور الذى أجراه معه الصحفي الإسرائيلي نداف آيال للكثير من تحليله .
2- أنظروا ، Gaza Ceasefire Holds for Now… But Trump Threats Continue … Escalation of U.S.-Israel Genocide Looms, revcom.us, February 17, 2025.
3- US medics who volunteered in Gaza demand arms embargo over ‘unbearable cruelty’ inflicted by Israel, Guardian, July 25, 2024.
4- على سبيل المثال ، يوم الخميس 20 فيفري 2025 ، أعادت حماس ما قالت إنّه بقايا آريال ذات الأربع سنوات و كفير بيباس ذي العشرة أشهر من العمر ، و أمّهما شيري و أسير آخر وقع أخذهم في 7 أكتوبر 2023 . و مع ذلك ، أحد الجثامين المعادة لم يكن جثمان شيري بيباس .
و تزعم حماس أنّ الأم و أطفالها قتلوا خلال قصف إسرائيلي بالقنابل و بقايا شيري إختلطت مع بقايا آخرين إستخرجوا من تحت الركام . و في اليوم التالى ، أعادت حماس بقايا السيّدة بيباس .
و زعمت إسرائيل كذلك ( دون تقديم أدلّة علنيّة ) أنّ أطفال بيبس لم يقتلوا بفعل قنابل إسرائيليّة ، و إنّما تعرّضوا للضرب حدّ الموت باليد . و إستغلّت الولايات المتّحدة و إسرائيل الوضع ليندّدا بحماس و يطالبا بالثأر .
و مهما كانت حقيقة هذه التهم المتنوّعة ، فإنّ خطف حماس لمدنيّين – بمن فيهم أطفال – في 7 أكتوبر 2023 ، يمثّل جريمة حرب تعكس نظرتها و برنامجها الرجعيّين الثأريّين الأصوليّين الإسلاميّين .
و حتّى و الأمر كذلك فإنّ جرائمها لا تساوى شمعة نسبة لجرائم الولايات المتّحدة و إسرائيل . فهجومهما المطلق العنان على غزّة أدّى إلى قتل أكثر من 18 ألف طفل فلسطيني ، مع آلاف لا تحصى من المصدومين و الواقعين تحت الأنقاض أو الذين باتوا أيتاما . هذه جرائم حرب مدوّية و جرائم ضد الإنسانيّة ، و الآن تهدّد الولايات المتّحدة و إسرائيل بجرائم أخطر حتّى .
5- As Gaza Cease-fire s First Stage Nears End, Netanyahu Seeks to Resume War, Haaretz, February 21, 2025.
6- Dan Senor interview with Israeli journalist Nadav Eyal.
7- Israel Drops Leaflets on Gaza Threatening to “Impose Forced Displacement Upon You,” Democracy Now!, February 21, 2025.
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟