أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر سلمان - النظام المحرَّم














المزيد.....


النظام المحرَّم


جعفر سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8264 - 2025 / 2 / 25 - 13:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثيرة هي المرات التي ختمت فيها القرآن الكريم، وكثيرة هي المرات التي بحثت فيها في الكتاب عن أثر لأي شكل من أشكال النُظم السياسية التي يريد لنا الله إقامتها، ولم أفلح، وكان التساؤل المُلح والمزمن الذي لا ينفك عن عقلي وأنا أقرأ هو: إذا كان هناك نظام سياسي إسلامي محدد يريد لنا الله إقامته في الأرض، فلم لا نجد له أثرًا في كتابه الذي وصفه الله بأن فيه تبيان كل شيء؟

ومع ذلك فهناك الكثير من النظم السياسية المرتبطة شكلًا وفعلًا برجال دين يدّعون (ولو بطريقة غير مباشرة أحيانًا) أنهم ينفذون إرادة الله على الأرض، وأن النظام المؤسس من قبلهم هو تحقيق لإرادة الله الخالق الذي استأمنهم على البشر والحجر، والأخطر هو ادعاء بعضهم أن النظم السياسية المخالفة لنظريتهم، هي نظم مخالفة للدين ولا يجوز بالتالي اتباعها.

أحد هذه الادعاءات موجود في كتاب الحكومة الإسلامية للسيد الخميني، حين ادعى أن الإسلام أبطل الملكية وولاية العهد، وأن الملكية وولاية العهد مخالفة لما يريد الله ومخالفة لنظرية الحكم التي يريدها لنا الله، والتي هي بالتأكيد نفس نظرية النظام المقترح من قبل السيد الخميني، وبالتالي فإن الإسلام لابد أن يكون مناقضًا لكل نظام ملكي في العالم، بما فيها نظامنا السياسي في البحرين، بينما وفي الحقيقة، هو قول أبعد ما يكون الإسلام وعن كتاب الله تعالى.

فلو تأملنا قليلًا في كتاب الله، فسنجد مثالًا واضحًا للملكية وولاية العهد عند نبيين من أنبياء الله، هما داوود وسليمان عليهما السلام، فالأول ملك، والثاني كان ولي عهده وأصبح ملكًا من بعده، فكيف بعد ذلك يمكن أن نصدق أن الإسلام قد أبطل الملكية وولاية العهد؟

ولا يتوقف الأمر حتمًا عند عدم انتقاد القرآن لهذه الظاهرة الملكية وولاية عهدها فقط، بل تعداها إلى أنه أخبرنا أن الله تعالى قد وضع نبوته في هذين الملكين، فكيف بعد ذلك يمكن لأحد أن يدعي أن الإسلام يبطل الملكية وولاية العهد؟ فهل يضع الله رسالته ونبوته فيما هو باطل؟

هناك مثال آخر وقد ذكرته سابقًا في أحد المقالات، وهو مثال نبي الله يوسف عليه السلام، الذي عمل تحت ملك، بل الذي جلب أباه وهو نبي ليعيش معه تحت حكم ملك، ومن دون أن نرى انتقادًا من القرآن الكريم لتلك الملكية، بل لو تتبعنا القرآن أكثر، فسنجد أن الله تعالى قد ذكر لنا أنه يعطي المُلك من يشاء، فهل سيعطي الله الباطل والعياذ بالله؟

هناك من يحتج بأن عدم ذكر لأي نظام سياسي في القرآن لا يعني عدم وجود نظام سياسي إلهي، فتفاصيل الصلاة مثلًا لم تذكر في القرآن وهي فرض فرضه الله علينا، وللحق، لم أجد لدى القوم إشكالًا على الأمر غير إشكال الصلاة هذا، والذي هو في حقيقته إشكال لا يصح، فالصلاة من جهة مذكورة في القرآن الكريم عدة مرات، بينما لا يوجد ذكر لأي نظام سياسي، ومن جهة ثانية هناك سنة (عملية) توارثناها أبًا عن جد تعلمنا فيها الصلاة، ووصولاً إلى النبي محمد (ص)، بينما لا يوجد نظام سياسي متوارث، بل المفارقة هنا أن الخلفاء الراشدين الأربعة لم يستلم أحدهم الحكم بطريقة مشابة للآخر.

لن أذيع سرًا عندما أقول إنه يوجد هنا في بلدنا من لايزال يؤمن بما جاء في كتاب السيد الخميني، ولن أذيع سرًا وأنا أقول إن بعض أولئك المؤمنين لايزالون يروجون لفكر السيد الخميني عند اليافعين، ولن أذيع سرًا أيضًا، وأنا أقول أن الإيمان بتلك الفكرة يعني الكفر بناظمنا السياسي، وذلك لسبب بسيط وهو استحالة الجمع بين الأمرين.

المشكلة الأكبر هي أن تلك القناعة بالنسبة لهم هي قناعة دينية ومقدسة، وبالتالي يرون الخروج عليها كالخروج على الدين نفسه، وهذا تحديدًا ما يصعّب الأمر، حتى لو اقتنع هذا أو ذاك ببطلان الفكرة، فليس من السهل الخروج من الجماعة وليس من السهل مواجهة المجتمع بالتغيير الفكري.

عمومًا كنت ولا أزال أتمنى أن أرى أصحاب الفكر والقلم في مجتمعنا وهم يواجهون هذا الفكر بلا خوف أو تردد، وكم كنت أتمنى أن أرى برامجًا ونشاطًا فكريًا مضادًا على المستوى الرسمي، فترك الأمور على عواهنها لن ينتج إلا مزيد من محاولات غسل أدمغة شبابنا، والمزيد من محاولة تثبيت فكرة أن نظامنا السياسي محرم دينيًا، بينما الواقع أن أنواع النظم السياسية لا تخضع لمنظومة الحلال والحرام، وإن كان هناك نظام سياسي محرم دينيًا، فسيكون ذلك النظام الذي يدعي أصحابه زورًا أن الله تعالى قد أمرهم بإقامته.



#جعفر_سلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من آثار تصدير الثورة
- سوريا والمليون سؤال
- لا ناقة لنا فيها ولا جمل
- التغيير الثقافي والفكري لم يعد ترفًا
- النهر لا يسير إلى منبعه
- هل حان وقت الدبلوماسية؟
- الردع الاستراتيجي
- ولاية الفقيه سُلطة الله في الأرض
- الثورة البحرينية ( غياب اليسار )


المزيد.....




- عملية سليمان أكبر جسر جوي لنقل يهود إثيوبيا إلى إسرائيل
- بيان جديد من الفاتيكان بشأن حالة البابا فرانسيس
- الاتحاد المسيحي يفوز في انتخابات ألمانيا
- السعودية تحتضن مؤتمر -بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية- الث ...
- أجدد الأغاني والمنوعات على تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأ ...
- الفاتيكان: حال البابا فرنسيس لا تزال حرجة لكنه في وعيه
- قائد حرس الثورة الاسلامية: إسرائيل لديها هلع من تشييع قادة ا ...
- قوات الاحتلال تهدم منزلاً غرب سلفيت
- استهداف المسجد الأقصى.. اعتداء على أمة بأكملها
- لأول مرة منذ بدء محاكمته... التونسي المتهم بقتل ثلاثة أشخاص ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر سلمان - النظام المحرَّم