فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 08:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
مترجم
Pratap Chatterjee, CorpWatch
شركات Abt
كانت أولويات السلطة المؤقتة في العراق لعقود العمل في المجال الصحي : دفعت 8 ملايين دولار لليونيسيف و10 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية اما الجزء الأكبر من الأموال فقد تم تقديمه الى شركات أمريكية خاصة مثل شركات Abt ويقع مركزها في ماسوسيتش التي كسبت عقداً ب 43 مليون دولار في نيسان 2003 لتحديث وزارة الصحة العراقية وتزويدها بما يلزمها .
ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار عمل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية في العراق سابقاً وامتلاكها لطاقم جاهز للعمل لقد تم تنحيتهم جانباً اما منظمة الصليب الأحمر والهلال الاحمر ذات الخبرة لعشرات السنين في العراق فقد تم عزلها بشكل تام .
ادّعت شركات Abt انها ذات خبرة كافية ولها عقود بمبلغ 908 مليون دولار في السنوات ال 12 الأخيرة ويسلط الموقع الالكتروني لها الضوء على انشطتها التي تتراوح من معالجة الايدز في جنوب افريقية ، دعم وإعادة بناء الرعاية الصحية في آسيا الى ادارة مراكز للايدز في الولايات المتحدة لكن رغم تاريخها واتصالاتها الجيدة فإنها واجهت صعوبات في العراق .كانت قائدة فريق الشركة ماري باترسون قد عملت في الشرق الاوسط في السابق وقد واجهت مشاكل مع هايمان بعد وضع خطة الرعاية الصحية في العراق الداعية الى توجيه أموال الوزارة نحو مراكز صحية جديدة .
"إن تاكيد السلطة المؤقتة كان على مشاريع إعادة الاعمار مع الافتراض أنه لا توجد بنية تحتية صحية في العراق ، وان النظام الصحي الموجود غير مهم حيث سيتم استبدال كل شيء " هذا ما قالته ماري للجنة في الكونغرس في صيف 2006
وأضافت ان هايمان قال لأحد قادة الفريق الذي يعمل معي :نحن نعمل مع الحكومة الفاسدة لصدام حسين لماذا علينا ان ندرس ماذا فعلوا في الماضي ؟ هذه الايدولوجية أدّت الى عزل الخبراء في المجال الصحي حيث انهم يمثلون العهد القديم "
باترسون اخبرت CorpWatch ان 16 الف دولار كافية لتشغيل 25 مركزاً صحياً في الكرخ- بغداد .وان تحديد الاحتياجات الضرورية لدعم الخدمات الأساسية المتوفرة كان أولوية واضحة وسيقود لتحسّن الخدمات بشكل سريع وبفعالية اكبر من خطط إعادة الاعمار ، كانت الحاجة ماسّة لتجهيزات بسيطة مثل أجهزة قياس الضغط في معظم المناطق وكان بالامكان الحصول عليها من المراكز القديمة أو من المانحين .
طلب هايمان من شركات Abt سحب ماري باترسون من العراق حيث عادت إلى الولايات المتحدة في آب 2003 وتم تجميد عملها في الشركات ثم أجبرت على الاستقالة وعاد ثلاثة من فريقها إلى أمريكا في الشهور الأربعة التالية مما جعل عمل الشركات اقل فعالية في التخطيط وإكمال المهمة .
وخلال تسعة اشهر من عقدها تنقلت الشركات من مشروع لآخر :تدريب طاقم الوزارة ، تجهيز الممرضات في احد المستشفيات بالزي وتصميم مسح لم يكتمل في تحديد الاستراتيجيات الملائمة للرعاية الصحية الأولية.
ثم رقّعت الشركات مشروعها الأهم تزويد المراكز الصحية الموجودة بمعدات الطوارىء بعد تاريخ انهاء العقد بثمانية اشهر ، وصلت المعدات وقد فقد جزء منها وتلف آخر وكمثال تم طلب أجهزة للتعقيم (autoclaves) من شركة في الهند لم تقم بصناعة مثل هذه الاجهزة مطلقاً.
مدققي ( USAID) كتبوا في التقرير :كل شحنة جاءت كان فيها نوع من المشاكل :لا يوجد قائمة نقل ، لا يوجد علامة تجارية ، عدم توافق بين الأعداد في القائمة والاجهزة التي تم تسليمها ..... الخ .
أحد الموظفين ممن عملوا على العقد اخبر مدققي ( USAID) بعد ذلك أنه خلال عمله في الوكالة لمدة عشرين عام لم يشاهد مثل تلك الكارثة .
مشروع رئيس آخر للشركات كان بناء نظام مراقبة محوسب مركزي للاستجابات السريعة في البصرة وجزء من بغداد يعتمد على الشبكة الهاتفية هذا العمل لم ينجح بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر أنظمة هواتف في المستشفيات حيث تم تزويد مديري المستشفيات بأجهزة خلوية تمكنهم من الاتصال بالجيش لكنها غير متصلة بشبكة الهواتف العراقية .أحد الاطباء أخبر CorpWatch أن الطريقة الوحيدة للاتصال بينهم وحتى في الحالات الطارئة كانت المشي أو الركض في الممرات .ومن الواضح أن الشركات لم تسّلم قاعدة بيانات لدعم نظام المراقبة فقاعدة البيانات التي تم إنزالها على حاسوب الوزارة أصيبت بفيروس أغلق برنامج ( access) والأقراص التي تم تزويد الوزارة بها كانت للقراءة فقط ولا تستطيع الوزارة إدخال البيانات عليها : نظام قاعدة البيانات على الرف الآن
وقد غادرت الشركة العراق في نيسان 2004 عندما ازداد العنف والغت ( USAID) العقد بعد دفع 20.7 مليون دولار .
أحد مدققي ( USAID) اجمل الوضع : الأنشطة التي تمت قدمت القليل من الفائدة لوزارة الصحة العراقية .
الناطق الإعلامي للشركات بعث ايميلاً ل CorpWatch : نحن فخورون بما أنجزناه في العراق ومشاركتنا في النظام الصحي العراقي كانت مميزة رغم الصعوبات والظروف الخطيرة .
قررت ( USAID) متابعة العمل في المجال الصحي وطلبت مقترحات مشاريع بموازنة 100 مليون دولار ومثل الآخرين قدّمت Abt مقترحاً للعقد الجديد وفجأة تم تخفيض المبلغ إلى 15 مليون دولار ثم تم إلغاؤه .
وماذا تفعل ال ( USAID) في العراق الآن ؟
أجاب هاري ادواردز في رد بالايميل ل CorpWatch
أنهينا جميع المشاريع المتعلقة بالعمل الصحي وتم تسليم المسؤولية عنها للشركة الهندسية التابعة للجيش الأمريكي ونقوم الآن بمشروع لبناء القدرات في جميع الوزارات العراقية ومن ضمنها وزارة الصحة ( تدريب المدربين ).
إبعاد المنظمات الأهلية
منذ 1999 وحتى منتصف 2002 قام الصليب والهلال الأحمر بالتعاون مع وزارة الصحة بإعادة تأهيل 34 مركزاً صحياً وقامت المنظمات الأهلية بتأثيث وتجهيز 72 مركزاً صحياً لكن الأمور تغيرت بعد الاحتلال وتولي السلطة المؤقتة الحكم .
حسن راوي مهندس معماري عمل كمدير لبرامج التأهيل في بغداد وساعد في تصميم عشرات المراكز الصحية أخبر CorpWatch أنه توقف عن العمل مع الوزارة بعد أصبح واضحاً أن موظفي الوزارة غير منظمين لقد عقدنا عدة اجتماعات معهم في أيلول وتشرين أول 2003 لكن كل شيء تغير لقد يئسنا وتوقفنا
محمد الزاوي مدير فرع بغداد لمنظمة الحياة (منظمة أهلية أمريكية – عراقية مقرها ميتشغان من كبريات المنظمات الأهلية ) كان محبطاً ايضاً عندما حاول التعاون مع الوزارة "سمعنا أن بكتيل ستصلح المستشفيات لكنهم أوكلوا العمل لشركات محلية فاسدة وغير خبيرة "
وعندما سالت CorpWatch عبد الودود التالبي مدير عام كيماديا لماذا لا تتعاون الوزارة مع المنظمات الاهلية أجاب : نحن الحكومة الجديدة وكل شيء يجب ان يتم بموافقتنا أنت تقول ان الدول الاخرى عندها عدة منظمات لبناء المراكز الصحية حسناً نحن لن نشجع المبادرات الفردية مثلما كان أثناء حكم الطاغية .
بعد ذلك فسّر المستشار الأمريكي ذلك بطريقة مختلفة " نحن نخطط دائماً مع الصليب الأحمر " هكذا أخبر هايمان CorpWatch في يناير 2007 .
وقد قام الصليب الأحمر وبنجاح ببناء مراكز صحية عبر البلاد من القادسية في البصرة إلى جبال زيرجل في الشمال ، الحياة ايضاً استمرت في تشغيل مراكز في بغداد ، البصرة ومقدادية وتخطط لأخرى في مسيّب .
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟