محمد حسين الموسوي
كاتب وشاعر
(Mohammed Hussein Al-mosswi)
الحوار المتمدن-العدد: 8263 - 2025 / 2 / 24 - 08:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
النظام الإيراني ومشروع نقل العاصمة بين فرضيتي الحرب والبقاء...
ماذا يتطلب حُلم البقاء وخيار المهادنة من أجل استمرار نظام الملالي في السلطة!!! هل الحرب خيارا يضمن البقاء؟ أم الانضباط في إطار ما يُملى عليه من قبل الغرب؟ هل يأتي سعي وتخطيط نظام الملالي في إيران لنقل العاصمة الإيرانية التاريخية طهران إلى أراضٍ واقعة ضمن إقليم سيستان وبلوجستان امتدادا لسياسة المهادنة والاسترضاء القائمة بينه وبين الغرب؟ وماذا وراء سعي الملالي لنقل العاصمة من طهران إلى هذا الموقع؟ وهل ستكون عاصمة لدولة إيران فعلا أم أنها مناورة من مناورات الملالي؟
تحت مظلة سيناريو الرئاسة الجديدة لجمهورية نظام الملالي.. السيناريو الذي جاء بـ مسعود بزشكيان كرئيس لهذه الجمهورية جيء من خلاله أيضاً بـ محمد جواد ظريف وزير الخارجية الأسبق ليس ليكون نائبا لرئيس الجمهورية فحسب بل وكمقرب من الغرب وأفضل من يجيد سياسة المناورة والمراوغة في إطار نهج المهادنة والاسترضاء القائم بين الغرب والملالي.. في ظل التوتر "المُعلن" بين الغرب والملالي بشأن البرنامج النووي؛ يقول ظريف مُلمعا صورة النظام في أعين الغرب بأحد لقاءاته الإعلامية على هامش لقاءات منتدى دافوس" ليس لنا قوامة على محور المقاومة، ولم نكن نعلم بعملية طوفان الأقصى.. لا بل أضرت بنا هذه العملية حيث كان من المقرر أن نجري محادثات هامة بشأن البرنامج النووي" وفي أحاديث أخرى يناقض نفسه بقوله "إن محور المقاومة يقوم بأنشطته على نفقاتنا لكنهم هم أصحاب القرار" وهنا يريد تبرئة نظامه وتبييض صورته المشوهة للمضي قدما في سياسة التحايل التي يتبعها نظامه.. ثم يستطرد قائلا بأن "نظامهم نظاماً فكريا عقائديا يستطيع تحريك نبض الشارع في دول العالم بأي" ويقوله هذا يريد إرسال رسالة مفادها أن نظام هذا قادر على إثارة القلاقل في أي بقعة من العالم وقتما يشاء؛ في حين أن نظامه كعادته يسرق جهود وتضحيات الآخرين كعادته ويقفز عليها وما ذلك بجديدِ عليهم فهم على ذلك منذ سرقته لثورة شباط فبراير سنة 1979، ويُفترض بحسب قول ظريف أن مئات الملايين التي خرجت في جميع أنحاء العالم غير الإسلامي والإسلامي نصرة لأهل غزة والقضية الفلسطينية بدافع إنساني قد خرجت تعبويا خلف شعارات ونداءات نظام الملالي الذي فشل في تعبئة عشرات الأشخاص لينطلقوا من صلاة الجمعة لالتقاط صورٍ للإعلام في مسير دقائق يهتفون فيها ويرفعون اللافتات للتسويق الإعلامي فقط.. كذلك يُفترض أن نصدق نحن وسائر شعوب العالم ما يدعيه هو ونظامه من أكاذيب أخفى ورائها دمار غزة والعراق وسوريا واليمن وفلسطين، وحقق لسلطات الاحتلال في فلسطين وللغرب ما لم يكونوا يحلمون به، وكذلك يُخفون وراء كذبهم ومناوراتهم مخططاتهم التسليحية والنووية التي يسعوا من خلالها إلى تركيع المنطقة بتوجيه من الغرب.
يعلم أهل الفكر والمهتمين بالتاريخ بأن من جاء بالشاه في حينه ليكون شرطياً على المنطقة هو ذاته الذي جاء بالملالي على سدة الحكم في إيران كشرطي يخلف الشاه بعد خلعه وبنفس الدور الذي كان مناطا بالشاه لا لشيء سوى أن لا تسقط مخططاتهم بالمنطقة إذ لا علاقة للغرب بالمسيحية التي ينتمون إليها كوسيلة من أجل بلوغ الغايات لذا فلن يكونوا حريصين على الإسلام بدرجة أعلى أو أقل من المسلمين؛ لكن الحقيقة هي أن الغرب كان بحاجة إلى مسلمين ميكيافيليين يستخدمون الإسلام كوسيلة من أجل بلوغ الغاية خاصة عندما أدركوا أن الشاهنشاهية صنيعتهم على وشك الزوال، وبما أن الغرب ليس معنياً بقيام الديمقراطية في الشرق الأوسط خاصة وأنها أي الديمقراطية الشرق أوسطية تهدد مصالح الغرب، ومن هنا ليس جرما إن حافظوا على مصالحهم في إيران والمنطقة، ومن داموا يسعون نحو تحقيق أهدافهم وإنجاح مخططاتهم فلن يكون ضرب الديمقراطية في إيران وإهداء منجزات ثورة فبراير 1979 الوطنية الإيرانية إلى قوى شوفينية شمولية مستعدة لاستخدام كشعار ميكيافيلي من أجل بلوغ الغاية ملبية لمطالب الغرب مقابل اعتلاء السلطة في إيران والهيمنة على المنطقة باستعادة دور ووظيفة الشرطي الإقليمي وبرؤية وتخطيط أكثر عمقاً ودقة عما كان مُعداً للحقبة الشاهنشاهية...
فرضيتي الحرب والبقاء ومشروع نقل العاصمة الإيرانية
وفقاً لتصريحات ظريف وتياره المكلف بالتصدر والتصدي في هذه المرحلة لاحتواء الأزمات بالخداع والمناورة فإن نظام الملالي مستعدا للحرب والدمار لكنه أبعد ما يكون عنها في هذه المرحلة، وسيكتفي بالشعارات والرسائل التي دأب عليها منذ قيامه، وحراك ظريف وتياره بخطابهم هذا ما هو إلا دليل على مضي الملالي في سياسة المهادنة والاسترضاء اليوم إلى أبعد مدى في سبيل البقاء بامتلاك الوقت الذي سيمكنهم من امتلاك السلاح النووي، والمهادنة التي ستمكنهم غض بصر الغرب عما يفعله بالأقليات داخل إيران.. فبسحق الأقليات والمعارضين الوطنيين الحقيقيين يستتب للملالي الأمر في إيران حتى حين.
نقل العاصمة الإيرانية التاريخية من طهران.. وهل ستكون عاصمة لدولة إيران فعلا أم أنها مناورة من مناورات الملالي؟
مناورة جديدة لقتل حقوق الأقليات في إيران فعلها الشاه من قبل ويفعلها الملالي اليوم.. حيث سعى ويسعى نظام ولاية الفقيه في إيران إلى قمع الأقليات وكافة من يعارض وجوده وتوجهه ولم يسلم حتى الشيعة من ذلك النهج القمعي الفاشي، واعتقادا من ولي الفقيه أنه بتنصيب شخص محسوب على الأتراك والأكراد كرئيسٍ لجمهوريته يكون قد شارك الأتراك والأكراد في السلطة وقطع عليهم دابر الخروج على السلطان خليفة الشاهنشاهية، وأنه بنقل العاصمة التاريخية الإيرانية من طهران إلى أراضي سيستان بلوشستان ونقل كل السلطات ومراكز القمع في هذه العاصمة الجديدة وحولها ليسهل قمع المواطنين البلوش الإيرانيين وفرض هيمنة أوسع وأشمل على منطقة الخليج وحسم كل النزاعات القائمة، وأنه من الممكن ترويض العرب بالعصى والجزرة والشعارات الدينية والعنصرية وبذلك سيستتب الأمر له ونظامه بالبقاء والاستقرار خاصة بعد تركيع المنطقة بترسانته الصاروخية والنووية.
مثل نظام الملالي لا يُدرك معنى وقيمة الموروث والتراث الثقافي والفكري، ومستعدٌ للتنازل عن القيم التاريخية والدينية، والتضحية بكل ما يمكن التضحية به نظير البقاء في السلطة، وقد رأينا ذلك عندما ضحوا بغزة وجنوب لبنان وحزب الله وقادته ومن قبلهم محمد باقر الحكيم قاسم سليماني وأبومهدي المهندس وعماد مغنية وعباس الموسوي ومحمد باقر الصدر وموسى الصدر.
مساع محمومة وتضحيات جسام للملالي كل ذلك من أجل البقاء في السلطة متناسين أن الشعب الإيراني برمته يرفضهم جملة وتفصيلاً ومستعدا لقبرهم في مواقعهم إن تراجع الغرب عن دعمه للملالي والاعتراف بحق الشعب الإيراني في الكفاح المسلح دفاعا عن نفسه ووصولا إلى قيام جمهورية ديمقراطية حقيقية تتعايش بسلام مع محيطها، وتلبي مطالب جميع مكونات وفئات المجتمع الإيراني بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية والفكرية، وجميع الإيرانيين متعطشين لحمل السلاح من أجل إسقاط نظام الملالي وصياغة مستقبل أفضل لهم؛ لكن المقاومة الإيرانية تريد اعترافا دوليا بهذا الحق قبل الشروع في تنفيذه، وقد يكون في رأيهم هذا الصواب ذلك لأننا نعرف الغرب الذي يفسر ويُعرف الإرهاب وفق انتقائية عالية فتارة يقولون أن نظام الملالي يدعم الإرهاب وتارة أخرى يعتبرون أن نظام الملالي شريكا لهم في محاربة الإرهاب.. الإرهاب الذي تشاركا في صنعه معا في العراق وسوريا والمنطقة، ولا نستبعد أن يُلصق الغرب تهمة الإرهاب بأبناء الشعب الإيراني المنتفض من أجل حريته بتوجيه من الملالي.. ولذلك لا يؤتمن جانب الغرب الذي لا يعرف ولا يستمع إلا لغة الأمر الواقع.
ما يخطط ويسعى له نظام الملالي من أجل امتلاك السلاح النووي، وترسانة صاروخية عملاقة مجهزة بالوقود والرؤوس اللازمة لها إلى جانب مساعيه تجاه الأقليات في إيران، ومشروع نقله للعاصمة الإيرانية إلى منطقة مكران الواقعة على ساحل خليج عمان لا يوحي كل ذلك بالخير والسلام للشعب الإيراني والمنطقة برمتها؛ كذلك تفرض مساعي النظام وسياسة المهادنة والاسترضاء المتبعة معه بشكل مباشر وغير مباشر بأن أفضل الخيارات المتاحة لمستقبل إيران والمنطقة هو برنامج المواد العشر الذي تتبناه المقاومة الإيرانية حيث يلبي حقوق الأقليات وكافة مكونات وفئات المجتمع الإيراني متماشيا مع القيم والأعراف الإنسانية، وفي الوقت ذاته يعد هذا البرنامج أقرب الطرق وأقلها كلفة لخلاص الشعب الإيراني وشعوب المنطقة من جحيم الطغيان والإرهاب المفروض على المنطقة مهددا وجودها وأمنها واستقرارها.
لا وجود للحرب في خيارات نظام الملالي إلا إن كانت حرباً إقليمية ضد دول وشعوب المنطقة، وليس أمام هذا النظام من خيار سوى الانضباط في إطار ما يُملى عليهم من قبل الغرب والاستمرار في مشروعهم النووي ضماناً لبقائهم في الحكم.
د. محمد حسين الموسوي/ كاتب عراقي
#محمد_حسين_الموسوي (هاشتاغ)
Mohammed_Hussein_Al-mosswi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟