أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - عبدالعظيم أنيس.. المفكر والأديب















المزيد.....


عبدالعظيم أنيس.. المفكر والأديب


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 12:03
المحور: سيرة ذاتية
    


الصفـة الأساسية الـتي تميـز بها عبدالعظـيم أنيس (1923-2009) هي صفة العالم. لكنه استطاع منذ وقت مبكر أن يمزج تلك الصيغة بصفتين أخريين هما المفكر والأديب. كان مهمومًا منذ بداية وعيه بقضايا الثقافة وبقضايا الإنسان في بلاده وفي العالم. لذلك كان من الطبيعي أن تتعدد وتتنوع القضايا التي شغلته على امتداد حياته. لكن هذين التعدد والتنوع لم يوزعا شخصيته إلى عدة شخصيات. بل هو استطاع أن يوحد بين تلك القضايا بما فيها تلك التي كانت تبدو ظاهرة متناقضة فيما بينها. فهو قد حوّلها إلى جوانب مترابطة في شخصية عبدالعظيم أنيس. ذلك أن الدكتور عبدالعظيم أنيس هو عالم رياضيات وناقد أدبي في التراث العلمي العربي ومفكر ماركسي وباحث اجتماعي في مادة التربية والتعليم. لكنه كان، إلى جانب تلك الاهتمامات العلمية والأدبية، مناضلًا سياسيًا يساريًا.
وللحديث عن هذه الشخصية الموسوعية، فلابد من الإشارة إلى ما كتبه المفكر والكاتب اللبناني الراحل كريم مروة عن عبدالعظيم أنيس الذي تربطه علاقة صداقة معه امتدت إلى ما يقارب من أربعين عامًا.
يذكر مروة، من حق المرء أن يتساءل كيف أمكن لعالم الرياضيات أن يكون إلى جانب علمه هذا ناقدًا أدبيًا يبحث في نظرية النقد ويناقش القضايا المرتبطة بتطور الرواية العربية ويناقش في شؤون الثقافة وفي مصيرها وفي دور المثقفين وفي دور الأدب والفن في علاقتهما بالحياة؟ ثم كيف أمكن لهذا العالم والأديب أن ينغمس في العمل السياسي وأن يصبح قائدًا في أكثر من حزب، وأن يقوده نشاطه الحزبي هذا إلى المعتقلات الكثيرة في مراحل متعددة من حياته، وأن يفصل من الجامعة أكثر من مرة، وأن يبقى واقفًا على قدميه منتصب القامة ثابت الخطى من دون وهن؟
ومن خلال حديثه عن ظروف نشأته يتضح أنه كان في مرحلة دراسته الثانوية يواظب على الذهاب إلى دار الكتب لقراءة الكتب فيها وإستعارة كتب أخرى لقراءتها في المنزل. كما كان يقرأ في كتب شقيقه الذي كان أستاذًا للأدب واللغة العربية. ومن جملة ما قرأ و استقر في ذاكرته وقي وعيه مقامات الحريري وديوان المتنبي وديوان الحماسة لأبي تمام. كما قرأ معظم كتب طه حسين وعباس محمود العقاد وإبراهيم المازني وأحمد أمين وتوفيق الحكيم وعبدالله عنان ودواوين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومحمود سامي البارودي. كما قرأ كتب سقراط وأفلاطون وأفكار المعتزلة في الفلسفة العربية الإسلامية. كل ذلك يشير بوضوح إلى أنه كان منذ بدايات شبابه على صلة بالأدب وبالفلسفة وبالثقافة عمومًا. وبهذا المعنى لم يكن يرى أي تعارض بين أن يكون عالم رياضيات وأديبًا. أما علاقته بالسياسة فقد بدأت من خلال ارتباط عائلته بحزب الوفد، منذ أيام سعد زغلول مرورًا بعهد مصطفي النحاس خليفة سعد زغلول في رئاسة حزب الوفد. وهكذا أصبح عبدالعظيم في كنف عائلة سياسية تناصر حزب الوفد الذي ارتبطت باسمه قضية المفاوضات من أجل الاستقلال. وهو الحزب الذي صار أكبر أحزاب مصر خلال عقود طويلة استمرت من عام 1919 حتى عام 1952، العام الذي قامت فيه ثورة يوليو التي ألغت الأحزاب كلها بما فيها حزب الوفد.
ولد عبدالعظيم في حي الأزهر في عائلة لها ثمانية أبناء، أربعة ذكور وأربع إناث. وكان هو أصغرهم جميعًا باستثناء واحدة من شقيقاته. وكان منزل العائلة يقع على بعد خطوات من جامع الأزهر. وكان أفراد عائلة والده جميعهم من الحرفيين.
انتقلت العائلة من حي الأزهر إلى حي العباسية الذي وجد فيه عبدالعظيم نفسه في منطقة أكثر رحابة وأكثر أناقة مقارنة بالحي الذي كان فيه عند الولادة. ودخل في إحدى مدارس ذلك الحي. إلا أن دراسته تعثرت بسبب الحادث الذي تعرض له عندما وقع على السلم. وأجريت له عملية شوهت فمه. وقد خلف له هذا الواقع صعوبات كثيرة في دراسته الأولية. وقادرة إلى الوقوع في حالة الانطواء والخجل في تلك المرحلة. كما قاده إلى الفشل في مرحلة دراسته الأولى. وهو الأمر الذي إستدركه شقيقه إبراهيم لإخراجه من الوضع الذي كان عليه باختياره مدرسة أخرى غير المدرسة التي لم ينجح في دراسته فيها. وصار بفعل هذا الاهتمام من الأوائل في تلك المدرسة وفي مراحل دراسته كلها. ثم توالى انتقاله من مرحلة إلى أخرى إلى أن أتم المرحلة الثانوية من دراسته في عام 1940. ويذكر عبدالعظيم أنه قد جرت في تلك المرحلة من دراسته (1936) مظاهرات ضد تصريح لوزير خارجية بريطانيا اعتبر إهانة لمصر. وشارك هو فى المظاهرة مع شقيقه. واصطدمت المظاهرة بقوى الأمن. وتم اعتقاله. وكانت تلك أولى مساهماته في العمل السياسي وهو في الثالثة عشرة من عمره.
تلك هي مرحلة التكوين كما يسميها عبدالعظيم أنيس. لكن، وكما يقول مروة، المهم في سيرة هذا المثقف الكبير هو أنه ما أن دخل المرحلة الجامعية كطالب أولًا ثم كأستاذ جامعي لتدريس الرياضيات حتى تحوّل إلى شخصية من طراز رفيع. وكانت مرحلة الدراسة الجامعية في القاهرة وفي لندن مرحلة بالغة الأهمية في الانتقال بشخصية من حال أولى كانت تعد بمستقبل باهر، إلى حال برزت فيها مواهبه وكفاءاته التي سرعان ما وحّدت بين جوانب عديدة من شخصيته، شخصية العالم والأديب والمفكر السياسي وصاحب الموقف العقلاني من شؤون بلاده وشؤون العالم المعاصر.
مع بداية دخوله المرحلة الجامعية من دراسته بدأت ميوله السياسية تتفتح. وبدأ يمارس نشاطه في الحركة الوطنية في المجالات والمناسبات كافة. لكن أول نشاط له في العمل السياسي كان في عام 1946. وقد قام بنشاطه المبكر ذاك في إطار اللجنة الوطنية للطلبة والعمال التي قادت مظاهرات واسعة ضد حكومة إسماعيل صدقي. وشارك عبدالعظيم في تلك المظاهرات وتم القبض عليه وأودع السجن. ويذكر أنه شارك في توزيع مناشير في عام 1945 تدعو إلى إسقاط الملكية وإقامة نظام ديمقراطي في مصر. وتكررت عمليات اعتقاله بما في ذلك في الفترة الناصرية في مرحلتها الأولى ثم الثانية التي انتهت بالمصالحة بين الشيوعيين وبين الرئيس عبدالناصر. وهي المرحلة التي تسلم فيها عبدالعظيم أنيس رئاسة مجلس إدارة الكتاب العربي للطباعة والنشر بدلًا من صديقه محمود أمين العالم الذي كان قد عيّن رئيسًا لمؤسسة المسرح الوطني. وجاء تعيين عبدالعظيم في ذلك المنصب بقرار من الرئيس عبدالناصر.
وكانت قد بدأت تربط عبدالعظيم بكبار مثقفي مصر، علاقات صداقة أو مودة على الأقل في مقدمتهم طه حسين ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وحسين فوزى وتوفيق الحكيم وثروت عكاشه وإحسان عبدالقدوس.
برزت شخصية عبدالعظيم في ممارسته الكتابة منذ وقت مبكر. وهي الكتابة التي تنوعت في مواضيعها بين البحث العلمي والنقد الأدبي والإعلان عن موقف سياسي في الشؤون العامة وللعالم العربي وللعالم. فضلًا عن كتابات ذات طابع فكري على قاعدة الماركسية.
وكانت من أولى كتاباته في الأدب وفي الثقافة تلك السجالات التي اشترك مع صديقه ورفيق دربه محمود أمين العالم فيها مع العقاد أولًا، ثم مع طه حسين خصوصًا حول وظيفة الأدب والفن. وكانت جريدة المصري، لسان حال حزب الوفد هي التي نشرت القسم الأساسي من تلك المقالات في صفحتها الثقافية التي كان يشرف على تحريرها مثقفو الطليعة الوفدية. وكان من أبرز هؤلاء في ذلك الحين محمد مندور. وصدرت تلك المقالات في كتاب في عام 1955 تحت عنوان «في الثقافة المصرية». وأثار هذا الكتاب ضجة في عالم الأدب. وكتب له مقدمة الطبعة الأولى حسين مروة. أما الطبعة الثانية التي صدرت في عام 1989، فقد قدم لها الكاتبان الصديقان.
كان هذا الكتاب أول دخول لعبدالعظيم أنيس عالم الأدب تجاوزًا لعالم الرياضيات وأبحاثه المحصورة في نطاق ضيق. وكانت جريدة «المساء» التي أنشئت في عام 1956 خلال مرحلة تأميم قناة السويس التي تولى مسؤوليتها الأساسية خالد محيي الدين بعد عودته من منفاه في جنيف هي المكان الذي مارس فيه عبدالعظيم كتاباته في شتى المجالات.
من مؤلفاته كتاب صدر في عام 1983 تحت عنوان «علماء وأدباء ومفكرون». وهو كتاب يجمع بين التعريف بعلماء عرب وغربيين وبين أدباء ومفكرين عرب وغربيين أيضًا. ويتخذ الكتاب طابعًا أدبيًا ومعرفيًا في آن. فهو يتحدث عن علماء عرب مثل إبن الهيثم والخوارزمي وعن علماء غربيين مثل غاليلو. كما يتحدث عن أدباء ومفكرين مثل جوته وبرخت.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فهل يحق لي أن أشتكي من انعدام التحرر؟
- العرب والدولة الحديثة والديمقراطية
- نعوم تشومسكي
- لماذا الأزمة البيئية كونية؟
- حديث عن الصحافة الثقافية
- الدكتور عادل العوا.. قامة فلسفية وفكرية
- العرب وأسئلة الهوية
- أمريكا: حدود الممكن إلى الانبعاث
- أكاديمي صيني: بريكس لا ينبغي أن تكون منظمة مواجهة.. بل خيارً ...
- المؤرخ والأديب أحمد أمين.. من رواد التنوير الإسلامي
- فوز ترامب.. انتصار للشعبوية الأمريكية
- وداعًا النقابي محمد المرباطي
- سيد درويش... رائد الأغنية الوطنية
- مأزق المشروع الحضاري العربي
- العرب والفكر النقدي
- قيم قابلة للتبديل بحسب الحاجة
- المنهج النقدي عند محمد مندور
- لماذا لا تزال أوروبا تدور في الفلك الأمريكي؟
- الكتابة والحرية
- هل تراجعت الهيمنة الأمريكية؟


المزيد.....




- مجلس النواب الليبي يجدد رفضه لمحاولات تهجير الفلسطينيين
- حفرة ضخمة تبتلع مدينة برازيلية في مشهد كارثي (فيديو)
- دراسة: أوروبا قادرة على تحقيق أمنها العسكري بعيداً من واشنطن ...
- رقعة مشيمية تعيد الأمل لرجل فقد بصره جزئياً بسبب هجوم بمادة ...
- البابا فرنسيس يغيب عن قداس الأحد للمرة الثانية في ظل استمرار ...
- في سابع عملية تبادل ـ حماس تطلق سراح ستة رهائن إسرائيليين
- مد أحمر يجتاح شواطئ الأرجنتين.. ظاهرة طبيعية أم إنذار بيئي؟ ...
- توتر واستقطاب في ألمانيا عشية انتخابات حاسمة لأوروبا!
- ترامب يمتدح ماسك ويحثه على العمل بنشاط أكبر
- وثيقة عربية جديدة للتحرك ضد إسرائيل


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - عبدالعظيم أنيس.. المفكر والأديب