أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - محمد العامري - محنة العراقيين مع اليسار العربي















المزيد.....

محنة العراقيين مع اليسار العربي


محمد العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 07:53
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


ماذا عساي أن أكتب أنا العراقي ، بعد المشاهد المخزية والمخجلة لبعض اليسار العربي الذي أزاح اليمين وتصدر البكاء واللطم والنياح على مجرم وطاغية وخائن لشعبه ووطنه هو صدام حسين الذي لا يستحق حتى كلمة " إنسان " أن تطلق عليه . ماذا عسانا ان نقول او نكتب ما يعتمل في نفوسنا ونحن مازلنا لوحدنا نلملم ما تبقّى منّا ، وما تبقّى من عراقنا كوطن . وماذا عسانا ان نكتب ونقول لهكذا " يسار " سمح لنفسه ان يبصق بوجه الآلاف من شهدائنا والآلاف من الضحايا والآلاف من الأرامل والأيتام ، وسمح لنفسه ان يقبّـل أقدام المجرم والجلاد ويذرف الدموع عليه .
ماذا عساي أن أكتب وأنا اليساري العراقي عن " اليسار " العربي الذي انزلق الى يمين المنحدرات القومية الزائفة ، وأركن نفسه في زوايا التذبذب والتراجع الى الدرك السفلي من قاع المجتمع - هذا ليس تجنى وإنما الواقع الملموس يدلنا على ذلك . فبيانات الإستنكار والشجب ومأتم العزاء ولبس السواد للكثير من الأحزاب والتنظيمات اليسارية في البلدان العربية وخاصة الفلسطينية ، لهو دليل واضح على ما نقول . أو رسائل بعض الأحزاب الشيوعية والماركسية تطالب بها الحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الوطنية الأخرى التخلي عن سياستها ومد يد التصالح مع حزب البعث الذي يعتبرونه " قائداً للمقاومة " لهو دليل على المنحدر الخطير الذي وصل اليه اليسار العربي . اليس بالأحرى لأصحاب هذه الرسائل ان يسألوا أنفسهم أين كان البعث وأين كان صدام من هذه" الوطنية " خلال 35 عاماً من حكمهم في العراق ؟ وياليتكم تدلوني على الطريقة التي أوصلتكم وأنتم كما تدعون أصحاب التحليل العلمي الى قناعة أن صدام حسين تحول برمشة عين من دكتاتور مستبد طامس حتى أذنيه بالجريمة والإجرام ، الى " رمز الوطنية والشرف " وبإعدامه " أعدمت الإنسانية " و " إهانة للأمة العربية " وما الى ذلك من الدجل والتخريف ؟ ألا تعلمون أن من يصفق ويطبل ويزمر للدكتاتورية والإستبداد ،" ليس له الحق في أن يطالب بالحرية حين تنتهك حريته" .
من هنا أريد أن أقول ان موقف " اليسار " العربي من القضية العراقية منذ الحرب العراقية الإيرانية والى يومنا هذا ، هو موقف متذبذب غير مستقر على منهج علمي ثابت . يومها كانت بعض الأحزاب الشيوعية والماركسية في البلدان العربية تطالب أحزاب المعارضة العراقية آنذاك بتجميد نضالها ضد الدكتاتورية فترة الحرب مع إيران بحجة ان العراق مهدد بإجتياح خارجي و " على جميع العراقيين ان يقاتلوا مع الجيش العراقي ضد إيران دفاعاً عن وطنهم " . لكن الأحزاب العراقية رفضت ذلك ، مؤكدين ان الحرب قد أشعلها صدام حسين ونظامه الدكتاتوري ، وهي حرب عبثية كارثية وغير عادلة ولا مبرر لها ، ويجب السعي لإيقافها ومحاكمة مرتكبيها . واعتبر العراقيون ان الدكتاتورية تشكل خطراً على العراق وعلى المنطقة بكاملها ويجب إزاحتها .
تكرر المشهد نفسه أثناء حرب الخليج الثانية عندما قرر صدام حسين أحتلال الكويت ، وقررت الأمم المتحدة تحريرها ، بعد إن رفض صدام الإنسحاب منها . ولا أريد هنا أن أسرد التداعيات المأساوية التي رافقت الحرب وما بعدها على الشعب العراقي ، وخاصة الحصار الإقتصادي ،لأن الغالبية على إطلاع عليها .
ما بعد تحرير الكويت وقفت غالبية أحزاب اليسار في البلدان العربية مع الدكتاتورية في العراق بحجة ان صدام حسين وقف بوجه الأمبريالية الأمريكية ، فألبسوه وسام شرف الوطنية والقومية ، متناسين كل ما أقدم عليه من حروب عبثية لا مبرر لها ، واستبداد وطغيان وإعدامات وأسلحة كيماوية وبايولوجية ، وتحويل العراق الى سجن لأبنائه . ناهيك عن الخراب والدمار والنهب والمتاجرة بقضية الحصار وأطفال العراق . كل هذا غير مهم بالنسبة لهم ، إنما المهم هو من يتحدى الولايات المتحدة ، وإن كان هذا التحدي من رئيس أحمق وغبي مثل صدام حسين ، وإن كان التحدي سيدمر العراق ويبيد شعبه ، بل سيدمر المنطقة وشعوبها.
نعم ، هذا هو المقياس عند غالبية اليسار العربي ، وهو نفس الموقف الذي تتبناه الأحزاب القومية العربية ، بالرغم من أن هذا المقياس بعيد كل البعد عن العقل والمنطق والتحليل العلمي . فالعقلاء يقولون أن الدكتاتور المستبد والطاغية مثل المجرم صدام حسين لا يمكن تزكيته وطنياً وقومياُ وإن رفع سيفه بوجه الولايات المتحدة . ونحن نفهم أن الوطنية تقاس في الحفاظ على مصالح الشعب والوطن ، تقاس في إحترام إرادة الشعب وحريته ، تقاس في بناء الوطن لا تخريبه ، تقاس في الحفاظ على ثروات البلاد لا نهبها وتبذيرها لشراء الذمم من المطبلين والمصفقين ، تقاس بإبعاد الوطن والشعب عن الحروب ، تقاس برفاهية المواطن وإحترام حقوق الإنسان .
إذاً ما معنى هذا التباكي والمزايدات والنياح ولطم الخدود وشق الصدور . وماذا تدعى المناظر المخجلة لمضارب وخيام تعازي يسار بني يعرب في فلسطين والأردن والجزائر ومصر والمغرب وسوريا ، وصخام الوجه حزناً على مخلوق نزق ومجرم قذر هو صدام حسين الذي وصفه الدكتور خالد منتصر " القتل عنده مثل تحية الصباح " . ولا أعتقد أن هذا اليسار غافل عن البطش والمجازر والعسف والقتل اليومي الذي كان يمارسه صدام حسين وحزبه البعثفاشي ضد أبناء الشعب العراقي طيلة خمس وثلاثين عاماً ، أو إن هذا اليسار ليس على إطلاع على قوائم آلاف الشهداء اليساريين الذين سقطوا ضحايا من يتباكون عليه اليوم .. فإذا كان صدام حسين شهيداً ، ماذا نسمي هؤلاء الضحايا ؟
المشكلة تكمن في أن اليسار العربي ما زال أسير العقلية العربية التي مازالت تعشعش جرثومة البطل القومي في عقولها ، البطل الأسطوري المنتظر صاحب الخوارق والمعجزات الذي سيحرر فلسطين والجولان والإسكندرونة وعربستان وهندستان وكل شبر من الوطن العربي الممتد الى سواحل نيويورك لا سمح الله . ولا أعتقد أن هناك أفضل من صدام حسين من إستغل هذه الجرثومة ونخر بها العقول ، وأجاد هذه اللعبة بمكر ودهاء كبيرين مسخراً كل إمكانيات العراق المالية كعطاءات وشراء ذمم ومكارم سخية لمعظم وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ، وشراء الكثير من الأحزاب والتنظيمات السياسية العربية ، وخاصة الفلسطينية والأردنية ، حتى وصلت يده الى بعض الحكام العرب ، وكوبونات النفط تدلكم عليهم .
وإذا أراد هذا اليسار أن يأخذ بيد الشعوب العربية نحو التحرر والتطور والرقي ،عليه أن يتخلص من وباء البحث عن البطل القومي اللصيقة دائماً بالحكام المستبدين والطغاة أمثال حافظ الأسد ومعمر القذافي وعصارتهم المقبور صدام حسين .



#محمد_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشريعة الإسلامية حقيقة أم وهم 3
- الشريعة الإسلامية حقيقة أم وهم 2
- الشريعة الإسلامية حقيقة أم وهم
- 2(خرافة (حكومة وحدة وطنية
- -خرافة -حكومة وحدة وطنية
- لا ترجموا هذا الشيطان
- محجبات بني عبس
- ورطة النظام السوري في قضية شاكر الدجيلي
- لايمكن تطبيق -الشريعة الإسلامية- في العراق 1-2


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - محمد العامري - محنة العراقيين مع اليسار العربي