أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد السعيدي - رئيس الجمهورية والالتزام بالدستور















المزيد.....


رئيس الجمهورية والالتزام بالدستور


سعد السعيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8258 - 2025 / 2 / 19 - 15:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بعد نشرنا لمقالتنا السابقة حول التجاوزات الحكومية على الدستور ارتأينا كتابة هذه المقالة حول امكانية ردع السلطات عن مثل هذه التجاوزات وذلك بواسطة رئيس الجمهورية.

تقول المادة (67) من الدستور في الفصل المخصص لرئيس الجمهورية ومن ضمن امور اخرى بانه (يسهر على ضمان الالتزام بالدستور). وهذا السهر هو ليس شرفيا او مزاجيا كما يحلو لرؤوساء الجمهورية الاكراد اعتباره. بل انه واجب حيث يقع على عاتق الرئيس التحقق من قيام اعضاء الحكومة وغيرهم من سلطات ومؤسسات البلد من الالتزام بالدستور. فالمادة (61/ ثامنا) من الدستور تقول بان لرئيس الجمهورية تقديم طلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء. وفي حال تجاهل رئيس الجمهورية لواجباته الدستورية او استمرار تقاعسه بشأنها فلابد ان يحال هو ايضا الى القضاء مع احتمال تعرضه ربما الى الطرد من منصبه. إذ سيعتبر بانه قد اخل بالمادة (68) من الدستور بشأن شروط تبوئه الرئاسة والقائلة بوجوب كون المرشح للرئاسة مشهوداً له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن.

إن ما جرى في حقيقة الامر مع المادة (67) اعلاه هو منح العراقيين اداة لالزام السياسيين بالالتزام بالدستور، وضمان الديمقراطية بالتالي عن طريق رئيس الجمهورية. إذ صار بامكان اي فرد او افراد من الشعب العراقي تقديم طلب للرئيس حول اي امر يرونه مخالفا مثلا للدستور. وسيصبح الرئيس بهذا الوسيلة المباشرة للشعب للتأثير في القرارات الحكومية المتخذة التي لا يراها منسجمة مع ما يتطلع اليه. ويكون لافراد الشعب حتى طلب التذكير بالدستور إن رأى إن قرارات المحكمة الاتحادية قد خالفته او انها غير منسجمة معه او مع المنطق مثلما بدر منها احيانا. وقد حصل عدة مرات في السابق أن استجاب رئيس الجمهورية وإن مرغما لمطالب الناس بطريق وسائل التواصل الاجتماعي لدى تذكيره بواجباته الدستورية.

كذلك فإن من ضمن مهام رئيس الجمهورية حسب الدستور هو مصادقته على قرارات مجلس النواب. إذ لن يصبح اي تشريع نيابي قانونا ما لم يوقع رئيس الجمهورية عليه. فالمادة (73) من الدستور تقول بان الرئيس يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب. بهذا يستطيع رئيس الجمهورية ونزولا عند طلب الشعب منه حول على سبيل المثال عدم استيفاء اي قانون مشرع من مجلس النواب لشروط الدستور ان يمتنع عن التوقيع عليه وان يعيده الى المجلس مرفقا باسباب الرفض. ولضمان الحصول على الاجابة المبتغاة من الرئيس يجب ان يكون هناك وعيا طبعا ببنود الدستور عند تقديم المطالب له.

هناك من سيقول بان امر الالتزام بالدستور هو ما يمكن اللجوء بشأنه الى المحكمة الاتحادية. هذا الرأي ليس خاطئا، لكنه ينم عن جهل قائله بالدستور وما وضع فيه للالتزام ببنوده الضامنة للنظام الديمقراطي. لذلك سنضع هنا الفروق بين قرارات المحكمة الاتحادية وتلك التي تصدر عن رئيس الجمهورية. ففيما يتعلق بالمحكمة يمكن لشخص واحد او مجموعة اشخاص يشترط إلمامه(م) بالقانون من تقديم طلب لاطلاق قضية والحصول على قرار. بينما في حالة الرئيس لا يشترط بمقدمي الطلب إلا الالمام بالدستور لتقديمه اليه استنادا الى المادة (67) الآنفة. وكقرار الاتحادية الذي هو ملزم للجميع يكون كذلك قرار الرئيس لاستناده على الدستور. وثمة فرق آخر وهو انه على عكس رئيس الجمهورية فالمحكمة الاتحادية تستطيع في كل الاحوال اتخاذ قرارها دائما بنفسها. فالمادة (73) الآنفة من الدستور التي هي في جزء منها غريبة وغير ديمقراطية تقول اضافة الى مصادقة الرئيس على القوانين التي يسنها مجلس النواب، فان هذه الاخيرة يعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها. اي انها تصبح قانونا نافذا حتى مع غياب التوقيع الرئاسي الفعلي ! لكن في موضوعنا هنا ربما لا يعد هذا بالشيء المهم.

قد لا يكون من العجب تعتيم السياسيين على هذه النقاط. إذ يلاحظ تعمد كل رؤوساء الجمهورية تجاهلها وعدم اثارة الانتباه بشأنها. وهو ما يعتبر تآمرا وتعديا على الحقوق السياسية للشعب العراقي المذكورة في الدستور ويشير الى طبيعة نظرتهم الى هذا الشعب. هذا الانتهاك للدستور هو مما يمكن ان يؤدي الى طرد الرئيس من منصبه بسبب اخلاله بشروط المادة (68) الآنفة.

لكن العجيب هو ان نواب المجلس عدا منهم اولئك من ذوي النوايا السيئة والعمالة للاجنبي يبدو عليهم الجهل الشديد ببنود الدستور. فلم نرى اي منهم ولا لمرة واحدة يقوم باستخدام هذه الامكانية مع الرئيس قبل اعلانه عن النية لتقديم طلب الى المحكمة الاتحادية. فكما اسلفنا اعلاه فإن من مهام رئيس الجمهورية هو مصادقته على قرارات مجلس النواب. بالنتيجة فإن غياب مصادقته تصبح عائقا امام تحويل التشريع النيابي الى قانون، وان يصبح بعدها نافذا عند نشره في الجريدة الرسمية. فصرنا وبسبب هذا الجهل نرى هؤلاء النواب ينتظرون ظهور القانون في تلك الجريدة، اي بعد التوقيع الرئاسي لا قبله، قبل التوجه الى المحكمة.

إن تطبيق الديمقراطية في العراق كان مطلبا شعبيا عراقيا محضا. لذلك لا يكون من الغرابة تعرض العراقيين للتجهيل بقواعدها وادواتها، وهو ما كان عليهم الانتباه له. لقد وضع مشرعو الدستور بيد العراقيين هذه الوسيلة الديمقراطية للتصدي للقرارات غير الدستورية وتصويبها. وبسبب هذا التجهيل لم يتمكن العراقيون مما نرى من الانتباه الى كل العلاقة بين المؤسسات المختلفة التي اوجدها المشرع في الدستور. فكان يجب عليهم وعلينا الاعتماد على الذات. إن السياسيين هم من ابقى العراقيين في الظلام مع التصور بان المحكمة الاتحادية هي الجهة الوحيدة التي يمكن بواسطتها التعامل مع القرارات غير الدستورية. وذلك بسبب امكانية التأثير على قضاتها وهو امر واضح. ومع هذا التصور جرى دفع دور رئيس الجمهورية الى خانة النسيان. وهذا الاخير وككل من سبقه وبسبب من حصوله على المنصب بطريق المحاصصة قد اوتي به من جهة لا تريد للعراقيين من فهم والانتباه الى كيفية عمل المؤسسات الدستورية منها مؤسسته الرئاسية. وهذا هو تفسير سبب ندرة الطلبات الموجهة الى رئيس الجمهورية للتدخل في الامور الواقعة ضمن اختصاصه الدستوري.

ولما كان مطلب تطبيق الديمقراطية في العراق هو بارادة عراقية محضة، كان لابد ولكي يجد هذا المطلب طريقه للتطبيق الحقيقي والفعلي ان يضغط العراقيون لاجل تحقيقه. وإلا فإهماله ونسيانه لن يؤديا الى هذا التطبيق. فطلب تطبيق شيء في بلدنا وكما اثبتته الايام لا يمكن ان يتحقق فعليا إلا بالضغط الشعبي. والاداة الرئاسية من اعلاه هي إحدى ادوات هذا الضغط.



#سعد_السعيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نطالب باحالة وزير النفط ورئيسه الى القضاء لحنثهم باليمين وخر ...
- لخرقه الدستور واستغلاله لبلدنا بالضد من مصلحته نطالب بحل الح ...
- لابد من طرد السوداني ورهطه الاسلامي الفاسد المتخلف
- عقد الطائرات الكورية يمهد للتطبيع مع الكيان الصهيوني
- ما حقيقة مزاعم الغالبية الشيعية في العراق ؟
- واجبات مظلوم عبدي العراقي الجنسية
- نطالب بعدم التعامل مع المجرم الارهابي اسعد الشيباني
- لكيلها بمكيالين نطالب حكومتنا بالتوقف عن الالتزام بقرارات ال ...
- مثل بايدن ونتنياهو ترامب هو ايضا مجرم حرب
- التذكير بمؤامرتي الهجوم الكيمياوي في سوريا
- حول وضع الامريكيين مكافأة على رأس الارهابي الشرع وإلغائها لا ...
- ماذا يكشف لنا تنقل الشرع من مجموعة ارهابية الى اخرى ؟
- تركيا الغادرة... هل تعمدت تركيا افشال الوساطات مع النظام الس ...
- نطالب بطرد القوات التركية المحتلة من بلدنا حفاظا على امنه
- ما هي اهداف اردوغان في سوريا ؟
- الدعاوى القضائية الدولية ضد سوريا وايران لتورطهما بتهريب الم ...
- لماذا يحرص الارهابي الشرع على اظهار وجها متسامحا للسوريين ؟
- الروس وسوريا بعد سقوط الاسد
- راية الارهاب والارهابيين
- لماذا كان هذا المجرم طليقا طوال الوقت؟


المزيد.....




- تحليل لـCNN: لماذ تخشى الصين من تقارب ترامب نحو بوتين؟
- السعودية.. عادل الجبير وفيديو ما قاله عن طبق -الكبسة- يثير ت ...
- السعودية.. لقطاء الأميرة ريما بنت بندر بجانب ماسك تثير تفاعل ...
- السعودية.. ضبط مقيم سوري في جدة والشرطة تكشف ما فعله
- ويتكوف عن خطة تهجير أهالي غزة: ترامب أراد حث الدول على خطة ب ...
- ترامب ليس الشخص الذي يسامح على ذلك
- روسيا سوف تقيم منطقة أمنية عازلة
- الديوان الملكي يعلن وفاة أميرة سعودية
- ترامب يحدد الكلمات الأربع الأحب إلى قلبه
- ماكرون يكشف عما سيقوله لترامب عن بوتين خلال لقائهما المرتقب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعد السعيدي - رئيس الجمهورية والالتزام بالدستور