أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسن مدبولى - التنمية الإقتصادية لاتتحقق قسرا !؟















المزيد.....


التنمية الإقتصادية لاتتحقق قسرا !؟


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 09:50
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


فى الدول الرأسمالية يؤمنون بأن التحرير الشامل لآليات إدارة الإقتصاد الوطنى يعتبر المدخل الرئيسى للتنمية وتحقيق الرفاهية ،
وبالتالى فهم يستبعدون أى تدخل للدولة فى الشأن الاقتصادى، سواء كان ذلك التدخل متمثلا فى دعم بعض السلع، أو فى ممارسة أية أنشطة إقتصادية تكون مملوكة للدولة، أو تحديد لأسعار السلع والخدمات ، أو وضع تقييم لسعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية ، إلخ ،ومن وجهة نظر النظم السياسية الغربية فإنه لكى ينهض العالم ويتقدم ، ينبغى على الدول الأخرى التى لا تنتمى للمنظومة الغربية، أن تعمل على تعديل الأنماط الحالية السائدة فى أنشطتها الإقتصادية والإجتماعية ، وأن تلتزم بتطبيق وإتباع سياسات إقتصاد السوق الحر،وبالتالى التخلى عن السياسات السائدة الغير (حرة ) كمدخل ضرورى لتبادل المصالح التجارية بين تلك الدول والعالم الغربى !!
وطبقا لهذه الرؤية الأحادية التى يتبناها أيضا صندوق النقد الدولى، فإنه ينبغى على الدول الأخرى غير الرأسمالية أن تقوم بإلغاء تحملها لقيمة الفارق بين التكلفة الفعليةالمرتفعة، وسعر البيع المنخفض، لبعض السلع والخدمات الحيوية (كرغيف الخبز )(إلغاء الدعم )وكذلك التخلص من الشركات العامةالمملوكةللدولة(الخصخصة) وأيضا القيام بتسريح وتشريد العمالةفى الأجهزة والمؤسسات الحكومية(المعاش المبكر) وتحرير أسعار الصرف للعملات الوطنية (التعويم)وترك تحديد أسعار السلع والبضائع لآليات العرض والطلب(أسعار السوق) وتبعا لما تسفر عنه المنافسة بين شركات القطاع الخاص بعضها البعض، وطبقا للمقدرة الشرائية المتوافرة فى المجتمع(حرية التداول) ،،،
كما يتطلب الأمر كذلك منح القطاع الخاص وحده حق توفير فرص العمل والسلع والخدمات والتعليم والعلاج والإسكان والنقل ولقمة العيش إلخ،وأن تتخلى الدولة عن أى دور أو نشاط إقتصادى أو خدمى الا فيما يتعلق بالنظم المالية والنقدية،
بل إنه حتى فيما يخص النظم المالية لتلك الدول، يكون فرض الضرائب فى أضيق قدر ممكن على رجال الاعمال ، بحجة تشجيع الاستثمار، بينما تزيد تلك الضرائب بشكل دائم على المستهلك وحده، عبر التفنن فى فرض أنواع متتالية تشمل المساكن الخاصة والعقارات الصغيرة والسيارات الخاصة، تحت غطاء مصطلحات يراد بها باطل ، مثل تنمية موارد الدولة ،افساح المجال للتصدير والحد من الواردات، إلخ
وبالتالى فإن القوى الغربية الرأسمالية تلزم أى دولة نامية ترغب فى الحصول على شهادة صلاحية تتيح لها الإنخراط فى جنات ونعيم سوق التجارة الغربى، أن تسارع بتعديل نظمها الإقتصادية لتتطابق مع آليات إقتصاد السوق الحر ، ووفقا لشروط صندوق النقد الدولى، وبعد نيل الرضا من مسئوليه،من خلال تعديل متسارع لكافة السياسات والنظم الإقتصاديةوتحويلها الى النظام الرأسمالى،والمسماة بعملية إعادةالتكييف الهيكلى والمالى للاقتصاديات الوطنية ؟

الغريب هنا والمثير،أن تلك السياسات لم تثبت أى نجاح يذكر فى أى دولة نامية تتشابه مع واقع و ظروف الدولة المصرية ،بل أن تطبيق تلك السياسات أدى إلى كوارث متعددة وصلت لحد إعلان إفلاس بعض الدول مثل اليونان والأرجنتين وشيلى وغيرها ، كما تسبب الالتزام بتطبيق تلك السياسات إلى وقوع غالبية الدول الأفريقية والعربية وبعض دول العالم الثالث فى شراك التبعية المطلقة للدول الغربية، مع إستمرار التخلف والتدهور المعيشى وتفشى الفساد والبطالة والمرض وتراجع قيمة العملات الوطنية ،وإنهيار الخدمات الرئيسية كالصحة والتعليم وغيرها ؟
فنجاح تلك السياسات الرأسمالية فى بعض الدول الاستعمارية الكبرى لايعنى أبدا حتمية التقدم والنمو والإزدهار فور تطبيق تلك السياسات الرأسمالية فى البلدان الأقل تقدما ، فهذا الأمر إتضح زيفه وثبت عدم صلاحيته منذ زمن بعيد، وبالتالى تم طرح نظريات وسياسات متعددة أخرى، ترى أن تطبيق النظم الرأسماليةعلى عمليات إدارة الإقتصاديات الوطنية فى العالم الثالث
سيؤدى حتما إلى نتائج غير محمودة العواقب على كافة المستويات الأقتصادية والاجتماعية والوطنية،و أن تحقيق التنمية الحقيقية خاصة فى الدول النامية ينبغى أن يكون متوازنا ويعتمد بشكل أكبر على نهج تخطيطى شامل تقوم من خلاله الدولة بدور اقتصادى رئيسى واضح بكافة المجالات الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية مثل العلاج والتعليم والثقافة والفنون والإسكان ،وكذلك الإعتماد على الصناعات الاستراتيجية الكبرى كإنتاج الحديد والصلب وغيرها ،لضمان تحقيق التقدم والتنمية فى إطار من العدالة الاجتماعية، مع الحفاظ على الإستقلال الاقتصادى والسياسى والثقافى لكل دولة ، وهناك أمثلة عالمية متعددة يمكن إعتبارها نماذج ناجحة لتطبيق تلك السياسات المتوازنة، كالبرازيل والأرجنتين والصين والهند وماليزيا وفنزويلا وسنغافورة وإيران وكوريا الشمالية وفيتنام ورواندا وجنوب أفريقيا وغيرها من الدول؟
بمعنى أبسط فانه يمكن القول أن تحرير الاقتصاد بشكل مطلق ليس هو الطريق الأوحد أو الأمثل لإنجاز وتحقيق التنمية الإقتصادية،و لكن هناك طرق أخرى أكثر تناسبا مع ظروف الدول النامية ( غير البترولية ) تعتمد على دور فعال للدولة فى تخطيط وإدارة الإقتصاد الوطنى ، فحتى الدول الكبرى لم تعد تترك أسواقها حرة بالمعنى الرأسمالى البحت ، لكنها تتدخل من آن لآخر لحماية الدولة كماحدث أثناء
الأزمةالماليةالعقارية فى أمريكا في أغسطس من عام 2008 وغيرها ،
كما ينبغى الإشارة هنا إلى أن النجاح الذى حققته بعض تلك الدول الغربية الرأسمالية لم يأت فقط بسبب سياسات الباب المفتوح والمنافسة المطلقة، لكن هذا النجاح يعود أيضا الى سياسات الهيمنة الاقتصادية التى مارستها و لا تزال تمارسها تلك الدول الاستعمارية ضد البلدان الأخرى الأقل نموا بكافة الأشكال، وعلى سبيل المثال ما فعله الرئيس الأميركى دونالد ترامب فى فترة رئاسته الأولى
(2016-2020) من إستنزاف لموارد بعض الدول الخليجية وارغامها على عقد صفقات أسلحة بالمليارات وإعتبار ذلك نجاحا لنموذجه اليمينى الفاشى ،
ومن الجدير بالذكر أيضا التنويه بأن الحرية السياسية المتاحة للشعوب الغربية تتيح لتلك الشعوب امكانية التخلص من أى حكومة تتبع سياسة اقتصادية تحقق فشلاأو نتائج غير مقبولة ، أو من أى رئيس يتضح غبائه وعدم قدرته على الإبداع والإبتكار، ناهيك عن محاكمة من تتضح نواياهم المعاكسة لتطلعات الشعوب ؟ كما أن هناك العديد من الأحزاب السياسية الوطنية فى الدول الغربية تتبنى نهجا إقتصاديا رافضا للسياسات الرأسمالية ولها حرية كاملة لعرض برامجها المناوئة للبرامج الرأسمالية ، أى انهم فى الدول المتقدمة غير مجبرين(نظريا على الأقل) على تقبل سياسة واحدة يتم تطبيقها عنوة وجبرا وقسرا وبالتهديد باستخدام الحديد والنار؟

فالحرية الاقتصادية مرهونة بتوافر حرية سياسية تتيح للشعوب وحدها اختيار الطريقة المناسبة لإدارة عمليات التنمية، بواسطة حكومة يمينية رأسمالية، أوحكومة يسارية إشتراكية، أو حكومة وسط بين هذا وذاك ، وذلك فى إطار من الرقابة والمحاسبة الوطنية المستقلة،

فالتنمية الإقتصادية والإجتماعية الحقة لن تتحقق أبدا فى أى بلد من بلدان العالم الثالث أو الثانى بمجرد طرد العمالة ،وإغلاق المصانع ،وإهدار قيمةالعملة الوطنية، وفرض الضرائب على الفقراء ومنع إنتاج رغيف الخبز المخصص للفقراء،وسحل الناس إن هم إعترضوا ؟



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدسات الملونة!!
- المسكوت عنه فى حرب غزة،،
- جلطة سراي التركى !؟
- سذاجة المعارضة المصرية،
- مجزرة حماة
- أين الأشاوس!؟
- الإصطفاف !!
- الهند أم العجايب ،،
- الجنوب لن ينكسر ،،،
- التجربة الصومالية
- ذبح مواطن بالأقصر ،،
- الفنون والرياضة المستغلة،
- جماعات العنف المسلح ( الإسلاموى )
- مذبحة عيد القديس بارثليميو !
- وفاة مستر إكس !!
- لروحه السلام ،،
- التحولات الفكرية لهيئة تحرير الشام
- الوجه الآخر للمبادئ !؟
- قرية الباغوز !!
- الفارق بين المرشد والمخبر فى الدراما المصرية!


المزيد.....




- -الدوما-: قصر نظر الشركات الأجنبية واستعجالها بمغادرة روسيا ...
- ما تأثير إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية على اقتصاد الأردن؟ ...
- جامعة القدس والنقد وبنك فلسطين يوقعون اتفاقية برنامج -إصرار- ...
- صافي أرباح كارفور تهوي أكثر من النصف متأثرة بالمقاطعة لأجل غ ...
- العلاقات الاقتصادية بين قطر وإيران.. آفاق وتحديات
- احتمال اصطدام كويكب بالأرض يثير انقساما بين مغردين فماذا قال ...
- أرباح إيرباص تنمو بـ 12% خلال 2024 بدعم من الطلب القوي
- 6.5 مليار دولار قيمة صفقات -آيدكس ونافدكس 2025- في 4 أيام
- لن يتمكن من توزيع الأرباح.. المركزي الأوروبي يسجل أكبر خسارة ...
- إسرائيل تُسجل أبطأ وتيرة نمو اقتصادي بسبب حرب غزة


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حسن مدبولى - التنمية الإقتصادية لاتتحقق قسرا !؟