خطاء المديرين في الإدارة

أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 00:33
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

خطاء المديرين في الإدارة وأهمية منهجية “جمبا كايزون”

الإدارة المكتبية وانفصال المدير عن الواقع

من أكبر الأخطاء التي يقع فيها المديرون هو إدارة العمل من مكاتبهم، معتمدين بشكل كامل على التقارير المكتوبة، دون النزول إلى مواقع التنفيذ لرؤية الواقع الفعلي. هذا النمط من الإدارة يخلق فجوة بين القيادة والموظفين، حيث يصبح المدير معزولًا عن المشكلات الحقيقية التي تواجه فريقه. والأسوأ من ذلك، قد يؤدي الاعتماد المفرط على التقارير إلى اتخاذ قرارات غير دقيقة، حيث تكون هذه التقارير إما متحيزة أو غير شاملة لجميع الجوانب.

هذا النهج الإداري غالبًا ما ينتهي بكارثة، حيث يكتشف المدير المشكلات بعد فوات الأوان، ليصبح هو الضحية الأولى لتلك الفجوات. الحل هنا يكمن في تبني نهج الإدارة الميدانية الفعالة، وهو ما تجسده فلسفة “جمبا كايزون”، والتي تقوم على التواجد الفعلي في مواقع العمل ومتابعة العمليات عن كثب، إضافة إلى التطوير المستمر للعمليات لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف.

“جمبا كايزون” – فلسفة الإدارة الفعالة

تنقسم هذه الفلسفة إلى مفهومين رئيسيين:
• “جمبا”: وتعني الإدارة من موقع الأحداث، بحيث يكون المدير قريبًا من العمليات اليومية، يشاهد المشكلات مباشرة، ويتخذ قرارات مستنيرة بناءً على الواقع وليس على تقارير قد لا تعكس الصورة كاملة.
• “كايزون”: وهي ثقافة التطوير المستمر، حيث يتم تحسين العمليات تدريجيًا بشكل دائم، وليس فقط عند وقوع المشكلات.

المبادئ الأساسية لمنهج “جمبا كايزون”

1- التواجد الميداني لحل المشكلات فور وقوعها

عند حدوث أي مشكلة، يجب على المدير أن يكون حاضرًا في موقع الحدث فورًا. هذا التواجد السريع يساهم في حل المشكلة بنسبة كبيرة، حيث يمكن للمدير رؤية جميع الأبعاد دون وسيط، واتخاذ قرار مبني على الواقع. الاعتماد على التقارير وحدها يجعل المدير عرضة للانحياز، إذ أنها عادةً ما تميل إلى أحد أطراف النزاع، مما يؤدي إلى قرارات غير عادلة أو غير دقيقة.

2- دورة العمل الناجح: التخطيط – التنفيذ – المراجعة – التطوير

أي عمل إداري ناجح يمر بأربع مراحل أساسية:
1. التخطيط: تحديد الأهداف ووضع القواعد والإجراءات التي تسهل سير العمل وتحل المشكلات المحتملة.
2. التنفيذ: تطبيق الخطط بحزم، مع التأكد من أن جميع الأفراد على دراية كاملة بالأدوار المطلوبة منهم.
3. المراجعة والمراقبة: متابعة الأداء وتقييم مدى التزام الفريق بالخطة الموضوعة، مع التدخل السريع عند حدوث أي خلل.
4. التطوير المستمر: بعد التقييم، يتم العمل على تحسين الأداء من خلال استخلاص الدروس المستفادة وتطبيقها على المراحل القادمة.

ثمان وصايا لتطبيق “جمبا كايزون” بفعالية
1. التركيز على جوهر الاقتراحات وليس على أصحابها
لا تحكم على الاقتراح بناءً على من قدمه، بل قيمه وفقًا لفائدته الفعلية. قد يأتي الابتكار من موظف بسيط، ولذلك يجب أن يكون المدير منفتحًا على الأفكار الجديدة وعدم رفضها بناءً على مصادرها.
2. السعي الدائم للتطوير
لا تكتفِ بالوصول إلى مستوى معين من الأداء، بل اعمل دائمًا على تحقيق الأفضل. أي توقف عن التحسين يعني بداية التراجع.
3. تنفيذ الاقتراحات حتى لو لم تكن مثالية
لا تنتظر الاقتراح المثالي بنسبة 100%، فالكمال غير ممكن. طبق الفكرة ولو بنسبة نجاح 50%، ثم قم بتحسينها بمرور الوقت.
4. التدخل الفوري لتصحيح الأخطاء
لا تترك الأخطاء تتفاقم، بل قم بمعالجتها فور وقوعها. كلما تأخرت في التصحيح، زادت صعوبة السيطرة على المشكلة.
5. تبسيط الإجراءات وعدم تحويل التطوير إلى تعقيد إداري
الهدف من “كايزون” هو تحسين العمليات وليس إغراقها بالبيروقراطية. تجنب إضافة إجراءات معقدة تعيق التنفيذ بدلاً من تسهيله.
6. المرونة في التفكير والتكيف مع التغيرات
التمسك الصارم بطريقة عمل واحدة يمنع التطوير. كن منفتحًا على الأساليب الجديدة، لكن ضمن إطار الخطة العامة.
7. عدم تجاهل الشكاوى والاعتراضات
ليست كل الشكاوى كيدية، وليست كل الاعتراضات نوعًا من التمرد. التحقيق في الشكاوى المتكررة قد يكشف مشكلات جوهرية تحتاج إلى إصلاح.
8. تحقيق التوازن بين الإنتاجية ورعاية الموظفين
المدير مسؤول عن تحقيق الأهداف، لكنه أيضًا مسؤول عن فريقه. يجب تحقيق التوازن بين تحقيق الإنجازات ورعاية الأفراد، لأن تجاهل أحد الجانبين سيؤدي إلى فشل في الإدارة.

الخلاصة

الإدارة الفعالة لا تتم من المكاتب المغلقة، بل تتطلب حضورًا ميدانيًا مستمرًا، وتفاعلًا مباشرًا مع الواقع. الاعتماد على التقارير وحدها يعزل المدير عن المشكلات الحقيقية، ويضعف ثقته في فريق العمل. منهج “جمبا كايزون” يقدم حلاً عمليًا لهذه المشكلات، عبر الجمع بين الحضور الميداني والتطوير المستمر، مما يضمن تحسين الأداء وتقليل التكاليف وتحقيق بيئة عمل أكثر كفاءة وفعالية.

#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات