أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (31)















المزيد.....


عن الطوفان وأشياء أخرى (31)


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 8257 - 2025 / 2 / 18 - 00:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


-مصير حماس بين الحسم وعدم اليقين
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اليوم (16شباط 2025) أن الإدارة الأمريكية (اقرأها ترامب حصراً) لا ببقاء حماس كقوة سياسية أو عسكرية في "اليوم التالي" لما بعد الحرب. وذلك تأسيساً على كلام مجرم الحرب المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بنيامين نتنياهو بأن أهداف الحرب الإسرائيلية على القطاع القضاء على حركة حماس بشكل كامل.
ينطلق مستر روبيو في كلامه من ثلاث دوائر "معرفية" ذاتية وهي: رؤيته للعالم وطريقة تأمله له، ثم منصبه السياسي الذي يشغله كوزير خارجية أقوى دولة في العالم وأخيراً نشر وتنفيذ تعاليم مشغّله وهو هنا رئيس الولايات المتحدة. أما منطلقات مجرم الحرب نتنياهو فهي كثيرة وتحتاج لمساحات أوسع، سنأتي على ذكرها في مناسبة أخرى.
طيب... تعرف العلوم التجريبية (الفيزياء مثلاً) مفهوم "عدم اليقين" الذي يشير إلى التعامل مع المستقبل بمنطق الاحتمال، نظراً لنسبية الحقائق إزاء تعددية الوجود. والمثال على ذلك "قطة شرودنغر"* الحية والميتة بذات الوقت؛ أي لا وجود محدد لها قابل للرصد، وهذا يعني أن لا حقيقة مؤكدة يمكن تعيينها كواقع وجودي (عملية رصد القطة تمثل في الحقيقة تداخل وتدخل "العالم الخارجي"، وهذا أحد شروط التجربة). ويحيل عدم اليقين إلى حيث يمكن للنتائج الخروج عن التنبؤات عما هو مخطط لها في مرحلة سابقة (أي مرحلة ما قبل التجرية؛ أي أن الوصول إلى معرفة موت أو عدم موت القطة لن تحدث إلا بعد القياس "في حالة روبيو يكون القصد لحظة ما قبل اتخاذ القرار").
وبطريقة مشابهة لـ "تجربة" شرودنغر، تكمن المعضلة الفلسطينية حالياً؛ في أن أي قرار مصيري بشأن غزة (الآن) لا يمكن تأكيد نتائجه مسبقاً بما يشير إلى صعوبة، بل استحالة الحصول على نتائج بناءً على توقعات سابقة، وهذا يعني أن أي حديث عن "عوالم" أو "آفاق فلسطينية" كان مقرراً لها الحدوث وأتى طوفان السابع من تشرين فأوقفها، ليس سوى "سوالف حصيدة".
ولو تحدثنا كما يريد لنا البعض أن نتحدث؛ وقبلنا بخروج حماس من الحاضر الفلسطيني، هل ستلتزم حكومة المستعمَرة الأوروبية في فلسطين برفع الحصار وإعادة الإعمار؟ أم أنها ستطالب بالمزيد، مثل نزع سلاح أي فصيل مقاوم آخر، أو فرض قيادة فلسطينية متوافقة مع شروطها الأمنية؟ وهل سيؤدي تغيير المعادلة إلى تغيير جذري، أم أن الوضع سيبقى في حالة من الغموض، حيث يمكن للمستعمَرة -كلما طاب لها الأمر- إعادة تعريف شروط الحياة الفلسطينية وفقاً لمصالحها الوجودية والسياسية والانتخابية والحزبية الانتهازية... وما إلى ذلك، بما يعني ضمناً احتكارها حق تصنيف الفلسطيني في أن يكون "حيوان بشري" أو إرهابي" أو "مقاتل غير شرعي"؟
تقودنا هذه الأسئلة إلى جوهر المعضلة الفلسطينية الحالية، هل فعلاً كان احد مخرجات الطوفان رفع الحصار؟ وهل هناك برنامج سياسي فلسطيني (فصائلي أو شعبي أو مؤسساتي) يملك من القدرة والتأثير ما يجعله لأن يكون مقدمة فعلية وعملية لتحقيق مثل هذا الهدف -أي إنهاء حصار القطاع- في ظل موازين القوى الإقليمية والدولية القائمة؟
يمكن لكل سؤال أن يكون مادة مستقلة بذاتها وتحتاج إلى كثير عمل وكثير تأمل وفكر وجهد. لكن لنتحدث عن الطوفان باعتباره جوهر هذه الأسئلة... على صعيدي الشخصي، لم أنظر للموضوع، منذ اليوم الأول، على أنه خطوة نحو التحرير، فهذا حلم بعيد المنال، وليس وقته، وبالتالي لم أقف عند هذه النقطة الديماغوجية التي أطلقها الإعلام الحمساوي ورديفه الحزب اللاهي منذ البداية.
لكني كنت أرى-ومازلت على كل حال-أن الحصار مثّل أداة استراتيجية للمستعمَرة الإسرائيلية للسيطرة على غزة، بصرف النظر عن الحزب أو الائتلاف الحاكم هناك، كما أنه لم يكن مرتبطاً قطعاً بوجود حماس. وأي مراجع لسنوات الحصار سيدرك ذلك بسهولة وبساطة. ولذا، ينبغي لأي برنامج مقاوم (حماس أو غيرها) ألا يقتصر على موضوعة إنهاء الحصار، بل يرتبط هذا البرنامج أصلاً بمسألة التحرر الوطني. ولكن حسب المعطيات الموضوعية الراهنة، يمكن لنداء رفع الحصار التحول إلى أولوية "تكتيكية"، إن كان المقصود منه تحسين الظروف المعيشية في غزة. وطبعا مثل هذا التكتيك عليه الإجابة عن العديد من الأسئلة ذات الصلة، لعل أهمها: هل رفع الحصار سيتم بشروط تُبقي على الاحتلال بأشكال أخرى (كما حدث في أوسلو) أم سيكون جزءً من مسار مقاوم أوسع؟
إن الحديث عن سيناريو "غزة بلا حماس مقابل الإعمار" يشبه حالة عدم اليقين السابقة، فلا يمكن حسم حالة القطة إلا عبر "تدخل خارجي، أي الرصد الذي سيحدد مصيرها". وإذن، سيكون تطبيق مثل هذا الحل دون ضمانات حقيقية وملزمة، مجرد عملية رصد لحالة سياسية قابلة للتغير، لكنه لا يحدد بشكل قاطع أن الأمور ستتحول للأفضل.
واقع الحال يشير إلى أن الاحتلال لا يزال يحتفظ بزمام المبادرة عسكرياً وسياسياً، والدعم الدولي له لم يتراجع بالقدر الكافي لإجباره على تقديم تنازلات حقيقية. ورغم هذا يمكن للفلسطينيين تحقيق بعض المكاسب الجزئية باستثمار التغيرات الإقليمية والدولية التي حصلت بعد الطوفان. والعمل على تأكيد أن ما حدث ويحدث في غزة لم يكن بسبب وجود حماس، بل هو جزء عضوي من المنظومة الاستعمارية في فلسطين القائمة على التحكم بالأرض والسكان، ولا يمكن الحديث عن أي تغيير للموضوع دون النظر إلى الشروط التي ستُفرض مقابل ذلك. أما تحقيق أي شيء، فمرهون بقدرة الفلسطينيين على تغيير معادلات القوة، سواء عسكرياً، أو سياسياً، أو عبر خلق واقع دولي جديد يجبر الاحتلال على التراجع.
وإذا كان صحيح القول بأن ما قام به الطوفان قلب المعادلة الأمنية. فصحيح أيضا أنه لم يغير من واقع السيطرة الاستعمارية، بل لعله زاد من شراستها وتعقيدها. وإذا كان الهدف النهائي للاحتلال هو نزع قدرة المقاومة على التأثير، فرفع الحصار لن يكون مطروحاً إلا إذا تحقق هذا الهدف أو تغيرت موازين القوى بشكل جذري، وهو ما لم يحدث بعد. ولم يتحدد بشكل قاطع ولا يوجد ضمانات لتحقيقه. والحديث هنا عن هدف الحصار إسرائيلياً.
باختصار؛ ما مدى واقعية سيناريو "غزة بلا حماس مقابل الإعمار". ؟
أصل المشكلة التي يهرب الكثير من وجهها هي سلوك الاحتلال الإسرائيلي في إعادة تعريف الشروط متى شاء، مما يجعل أي حديث عن "اليوم التالي" مجرد افتراضات غير محسومة.
.....
*الفكرة الأساسية لتجربة شرودنغر هي أن الجسيمات الدقيقة مثل الإلكترونات والفوتونات يمكن لها التواجد في حالة عدم تعيين إلى أن يجري قياسها أو رصدها. في التجربة الأصلية، تخيل، العالم النمساوي إروين شرودنغر، قطة داخل صندوق مغلق مع مادة مشعة تحتاج إلى انبعاث إشعاع لتحطيم ذرة في الوقت ذاته. وبما أننا لا نعرف حالة الذرة حتى نقوم بفتح الصندوق لرؤية ما إذا كانت قد انبعثت الجسيمات المشعة أم لا، فإن القطة تكون في حالة عدم تعيين، فهي-إذن- حية وميتة في ذات الوقت.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الطوفان وأشياء أخرى (30)
- الجوانب الاجتماعية والسياسية لعلم الآثار الكتابي المعاصر في ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (29)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (28)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (25)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (24)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (23)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (26)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (27)
- استثمار الكارثة بين العقاب الإلهي والشخصنة والتأويل
- قتل الأب عند دوستويفسكي
- عن الطوفان وأشياء أخرى (22)
- مختبر فلسطين: تسويق وتصدير تقنيات الاحتلال
- الطوفان وأشياء أخر (21)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (20)
- علم الآثار الكتابي في إسرائيل: حين يغمّس -إسرائيل فنكلشتين- ...
- عن الطوفان وأشياء أخرى (19)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (18)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (17)
- عن الطوفان وأشياء أخرى (16)


المزيد.....




- فيديو استقبال أمير قطر خلال زيارته طهران ينشره الديوان الأمي ...
- طهران تجدد دعمها لجهود محادثات -3+3- في جنوب القوقاز
- أسيرة إسرائيلية مفرج عنها: عناصر -القسام- قدموا لنا كتاب صلا ...
- قاليباف: لا ينبغي للدول الأجنبية التدخل في قضايا المنطقة
- سوريا.. خمسة قتلى وعدد من المفقودين بانفجار شرقي إدلب (فيديو ...
- مسؤول مصري يعلق على -لعنة الفراعنة-
- ترامب: لو استمرت إدارة بايدن سنة أخرى لوقعت حرب عالمية ثالثة ...
- قتيلان بهبوط اضطراري لطائرة خفيفة في وسط روسيا
- العراق: تمثال -إله الشمس- وعشرات الآلاف من القطع الأثرية الم ...
- بالصور.. كيف تبدو القدس من جبل الزيتون؟


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - عن الطوفان وأشياء أخرى (31)