أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد علي الشبيبي - خطاب الشهيد حسين الشبيبي في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946















المزيد.....


خطاب الشهيد حسين الشبيبي في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946


محمد علي الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 8256 - 2025 / 2 / 17 - 03:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مقدمة:
بعد وزارة أرشد العمري تشكلت وزارة نوري السعيد التاسعة بتاريخ 21/11/1946. وكانت المهمة المكلف بها هي محاولته لسحب بعض الاحزاب الوطنية في العمل ضمن حكومته، والهدف من ذلك هو ضرب ما تحقق من اتفاقات وعمل وطني بين مختلف الاحزاب بالرغم من بعض الخلافات. فأعلن أنه قادم للحكم من أجل تشكيل حكومة محايدة تشارك فيها الأحزاب لتشرف على الانتخابات. وهكذا نجح في إقناع الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاحرار للمشاركة في وزارته. وأثار هذا الموقف للحزب الوطني الديمقراطي انتقادات حزب الشعب وحزب الاتحاد الوطني، مما سبب في أزمة في جبهة قوى اليسار العراقية [1]. ومن أجل تنبيه الراحل كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي بمكر نوري السعيد وعدم مصداقيته في إدعائه أنه قدم لتشكيل حكومة محايدة ....، تحرك الحزب الشيوعي لتدارك هذا الانقسام بالصف الوطني، ولكن الجادرجي كان مصرا على المشاركة.
كان واضحا للحزب الشيوعي ولحزب التحرر الوطني هدف نوري السعيد في شق الصف الوطني ومنح الشرعية لانتخاباته المزعومة. على أثر ذلك كتب الشهيد حسين الشبيبي خطابه، المعروف بخطاب قاعة الفارابي. وقد حصل الشهيد على موافقة وزارة الداخلية لإلقاء هذا الخطاب في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946، أي بعد ثلاثة أسابيع من تشكيل وزارة نوري السعيد. ولكن السلطات السعيدية تراجعت عن موقفها في إجازة إلقاء الخطاب، فصادرت الخطاب من المطبعة، وأغلقت قاعة الفارابي بوجه المواطنين ومنعتهم من الاجتماع للاستماع لخطاب الشهيد حسين الشبيبي. وتحول هذا التجمع لمظاهرة احتجاج على موقف الحكومة ذات الوجهين، فمن ناحية تجيز الخطاب ومن ناحية أخرى تصادره من المطبعة وتغلق القاعة بوجه المواطنين القادمين لحضور الخطاب. وكان في مقدمة هذه التظاهرة الاحتجاجية الشهيد حسين الشبيبي وبعض رفاقة من الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني، وقمعت الشرطة التظاهرة واعتقلت الشهيد حسين الشبيبي وبعض رفاقه.
ومن المعتقل واصل الشهيد نشاطه في فضح الاساليب القمعية التي تمارسها وزارة نوري السعيد، فقدم لذلك مذكرة الى وزير الداخلية بتاريخ 21/12/1946[2]عن الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني. أوضح أن هذه الإجراءات استمرار للخطط المرسومة لمقاومة حركة الشعب الوطنية ومصادرة حرياته الديمقراطية لحمله على السكوت تجاه ما يراد به.
مما تقدم يتبين لنا أهمية هذا الخطاب، وما سببه من قلق لحكومة نوري السعيد، لأنه كشف كذب وخبث رئيس الوزراء للعمل على شق الصف الوطني، لذلك أرى من الضروري الاطلاع على هذا الخطاب.

أدناه نص خطاب الشهيد حسين الشبيبي المقرر إلقاءه في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946 ومنعته الشرطة:
موقف حزب التحرر الوطني ودعوته للجبهة
الوطنية في ظل وزارة نوري السعيد [3] والانتخابات

عندما وضعت الحرب أوزارها بدت لجماهير شعبنا ولهيئاته الوطنية ما كانت عليه أوضاع البلاد من ترد وانحطاط في كافة الميادين. إذ أن الحرب العالمية الثانية كانت قد أوصلت حالة بلادنا الى أبعد حدود التردي فباسم المجهود الحربي حشد الاستعمار الانكليزي جيوشا جرارة في العراق، وبنى له تحصينات ومعسكرات جديدة واستغل ظروف الحرب لزيادة تغلغله في شؤون الدولة ولزيادة سيطرته الاقتصادية واحتكاراته لأهم مواردنا وحبسه تجارتنا الخارجية ضمن منطقة الاسترليني. وباسم الدعاية للحرب نشر شبكة واسعة من الجاسوسية تحت ستار ضباط ارتباط، ومكتبات ارشاد، ومعاهد تثقيف وعلاقات عامة وإخوان وأخوات الحرية. والخلاصة ان الاستعمار الانكليزي استغل ظروف الحرب وفرض سيطرته التامة على حياة الشعب العراقي في كافة الميادين واستطاع الاستعمار حماية وتقوية نفوذه وسيطرته بفضل مساعدات الفئات الحاكمة المحلية التي تعاونت وإياه على وضع الشعب في جحيم الاحكام العرفية والقوانين الاستثنائية وسيطرة التموين الاجنبية حتى وصل جهاز الحكم الى أوطأ درك من التفسخ، وحرم الشعب حرية التنظيم والاجتماع والتعبير عن الرأي وحتى أصبح الفرد العراقي لا يأمن على حريته الشخصية وعلى حرمة مسكنه من الاعتداء، وفقد وسائل الصحة. وانحطت أجور الكادحين الحقيقية الى نصفها وحتى الى ربعها.
لقد تحمل شعبنا، أثناء الحرب، شتى الصعوبات والحرمانات بأمل أن يتخلص بانتهاء الحرب ضد الفاشية المجرمة فيستفيد من انتصار قوى الحرية لتحقيق أهدافه الوطنية في استكمال استقلاله وتعزيز سيادته الوطنية وفتح المجال أمامه لممارسة الحريات الديمقراطية كوسيلة لا بد منها لمعالجة مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكوسيلة لسيره مع قافلة الأمم المتحضرة السائرة في التقدم والنور.
إن شعبنا العراقي الذي تحمل الحرمان والذل خلال الحرب لم يعد يستطيع تحملها أو الرضا بها بعد الحرب، ولم يعد بإمكان المستعمر وأعوانه خدعه وحمله على الصبر والخنوع إذ أصبح أمام أمرين لا ثالث لهما، أما النهوض والكفاح ضد المستعمر وضد الأوضاع التي خلفها، وإما الخنوع وهذا معناه الانحطاط أكثر فأكثر والفناء.
في مثل هذه الظروف تقدمنا، نحن الهيئة المؤسسة لحزب التحرر الوطني، في مثل هذه الظروف زججنا بأنفسنا في غمرة النضال معبرين عن مطالب شعبنا وأهدافه ونادينا كما نادى غيرنا من الجماعات السياسية بما كانت تشعر جماهير شعبنا وتطلبه. نادينا بالجلاء وبإقصاء التدخل الاستعماري في شؤون دولتنا. نادينا بتحرر اقتصادنا الوطني من السيطرة الاستعمارية، وتنظيف قطرنا من أرجاس المستعمرين، وطالبنا بإلغاء القوانين الاستثنائية والمؤسسات التابعة وإبطال الرقابات، طالبنا بإشاعة الحريات الديمقراطية وفي مقدمتها التنظيم السياسي والنقابي الحر، ونشرنا مناهج للإصلاح الاجتماعي والعمراني التي يفتقر إليها شعبنا.
وكنتيجة لسخط الشعب وعزمه على تبديل الأوضاع التي سادت على عهد وزارة الباجه جي. وكنتيجة لليقظة وروح التحرر التي غمرت البلاد العربية وأقطار العالم، اضطرت حتى أشد العناصر الرجعية الموالية للاستعمار في العراق على المناداة بوجوب الاصلاح واضطر المستعمرون الانكليز على تبديل سياستهم الدكتاتورية الارهابية المكشوفة بسياسة غيرها تضمن إخفات اصوات الجماهير الشعبية والجماعات السياسية عن طريق التنازل للشعب عن بعض الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين الاستثنائية التي شرعت خلال الحرب، فاضطرت وزارة الباجه جي الى الاستقالة والانسحاب من الميدان لكي تفسح المجال لغيرها. فجاءت وزارة السويدي على هذا الأساس أي على أساس إلغاء القوانين الاستثنائية والترخيص لبعض الجماعات بتأليف أحزاب سياسية دون أن تمس المصالح الاستعمارية الجوهرية بأذى، أي دون التفات الى المطالب الوطنية الأساسية كإجلاء الجيوش الاجنبية والتخلص من المعاهدة، وتحرير الاقتصاد الوطني من السيطرة الأجنبية وتنظيف جهاز الدولة من التدخل الاستعماري ...
كان يخيل للمستعمرين ولأذنابهم أن باستطاعتهم إرشاء الشعب ببعض الاصلاحات الظاهرية كترخيص بضعة أحزاب من طبقات معينة وإلغاء القوانين الاستثنائية مع بقاء الجهاز الحكومي الفاسد الذي مارس وتعود على الحكم بتلك الأساليب، فيلهونه بهذه الاصلاحات الشكلية، ويصرفونه عن مطاليبه الأساسية، لكنهم اصطدموا بالحقيقة الواقعة، اصطدموا بنضال شعبي جماهيري أشد عنفا من ذي قبل، فراحوا يتآمرون ويرسمون الخطط لأسترجاع ما تنازلوا به للشعب، فأسقطوا الوزارة السويدية بتلك المؤامرة الصامتة المعلومة، وجاؤا بالوزارة العمرية (نسبة الى رئيس الوزراء أرشد العمري/ الناشر محمد الشبيبي) لهذا الغرض: اخفات صوت الشعب بالحديد والنار وتصفية الاحزاب المعارضة والنقابات، وحكم البلاد بالإرهاب لكي تخفت الاصوات المطالبة بالجلاء، ولكي تبقى الامتيازات الأجنبية الاقتصادية والسياسية ولكي يؤتى بجيوش جديدة لتعزيز قوى الاستعمار في العراق والبلاد العربية، والضغط على الديمقراطية الايرانية الناهضة. وقد جيء بوزارة العمري لكي تضمن بوسائل الارهاب انتخابا صوريا لمجلس النواب، ولكي تحقق إنجاز المشاريع الاستعمارية، كمشروع الكتلة الشرقية، والاتحاد الاردني العراقي، ومشروع سوريا الكبرى، ولكي تحول دون مساعدة الشعب العراقي للشعب الفلسطيني الشقيق، وتصرفه عن المطالبة بعرض قضية فلسطين على مجلس الأمن.
جاءت وزارة العمري الى الحكم تصحبها حملة رجعية سوداء أثارها أعوانها ضد الحريات الديمقراطية وضد الحياة الحزبية، ومع ذلك فقد أدعت أنها وزارة "حيادية انقالية" مهمتها إجراء انتخابات "حرة" وقد تبين ما كانت تنطوي عليه تلك النعرات، انها كانت تنوي إجراء انتخابات حرة بعد تصفية الأحزاب والمنظمات الشعبية، وكانت تقصد بالانتقالية نقل العراق الى عهد ارهاب أسود والى استكمال السيطرة الاستعمارية. إنها جاءت الى الحكم وسيفها مشهر بوجه الاحزاب والنقابات وبوجه الشعب العراقي جماعات وأفرادا، تريد القضاء على مقاومة الشعب ومنظماته الجماهيرية، لكنها اصطدمت بمقاومة جبارة ولم ينفعها اطلاقها النار على المتظاهرين وعلى العمال المضربين في بغداد وكركوك ولم ينفعها تعطيل جميع الصحف الحزبية الحرة ولم ينفعها مضايقتها للأحزاب وحبسها المئات من المواطنين، ولم ينفعها تقديم الأحرار الى المحاكم بالمئات في جميع أنحاء القطر، ولم تنفعها إجراءاتها الارهابية والانتقامية ضد العمال ونقاباتهم وطردها مئات المواطنين من العمل وحرمانهم من موارد رزقهم الخ ...
انها حولت شوارع بغداد الى ثكنات وميادين حرب لقوات الشرطة، استخدمت الوف الشرطة السريين لملاحقة ومضايقة الاحرار و العمال. وسخرت أحط الناس وأجهزة الدعاية وحتى المحاكم لإثارة النعرات الطائفية لصرف الناس عن أعمالها.
انها رحبت بإنزال جيوش استعمارية جديدة في القطر وساهمت في إثارة الفتن والقلاقل في جنوب إيران. وارتضت أن توفد ممثليها الى مؤتمر لندن للتفاوض مع بريطانيا حول مشروع تقسيم فلسطين ضد رغبة شعب فلسطين والشعب العراقي والشعوب العربية.
ان سلوك وزارة العمري عرى السياسة المفضوحة التي تتبعها بريطانيا في العراق والبلاد العربية وأظهر مدى تدخلها واستعدادها لخدمة الاستعمار البريطاني والدفاع عن مصالحه.
ان سلوك وزارة العمري فضح الاستعمار البريطاني لا في العراق وحده، بل بمقياس عالمي، وعرض المصالح الاستعمارية -في نظر الانكليز انفسهم- الى خطر حقيقي جراء نقمة الشعب وفورانه لذلك اضطر الانكليز تحت تأثير هذه العوامل، وتحت تأثير المعارضة في داخل بلادهم وفي مجلسهم ضد هذه السياسة الرعناء وتحت تأثير الضغط الدولي في المؤتمرات العالمية التي جوبهت فيها بريطانيا كمتهمة وكمعتدية على حرية الشعوب الضعيفة، تحت هذه العوامل جميعها اضطرت وزارة العمري على الانسحاب من الميدان وكان ذلك نصرا شعبيا لامعا أحرزه شعبنا بفضل صمود منظماته الديمقراطية والعمالية، وبفضل تضحياتها الكبيرة. لكن المستعمر، بأساليبه الخادعة، استطاع أن يتخلص من هذه الأزمة، فتألفت وزارة انتقالية أيضا غرضها إجراء انتخابات حرة أيضا، أي وزارة لها نفس اهداف وغايات الوزارة المستقيلة ومن نفس الطبيعة مع فرق واحد هو أن هذه الوزارة (وزارة نوري السعيد/ الناشر محمد الشبيبي) استطاعت أن تضم إليها وزيرين من حزبين معارضين.
ومن الواضح أن هذه الوزارة تريد أن تكمل ما عجزت عنه الوزارة المستقيلة وهو جمع مجلس يضمن أكثرية من المؤيدين للخطط والمشاريع المبيتة لكي تتسم تلك المشاريع بصفة مشروعة، ولكي يظهر ذلك المجلس والحكومة التي سيؤتى بها أمام الشعب والرأي العام العالمي بمظهر الديمقراطية، ونتيجة للانتخاب الحر التي أشرفت عليه وزارة ممثلة فيها أحزاب معارضة.
لقد حاولت الحكومة السعيدية أن تخفي طبيعتها بشعارات الحريات الدستورية "والحياد" "والانتقال" "وإجراءات انتخابات حرة"، ولو جاز لنا ان نتجاهل طبيعة هذه الوزارة أو ماضي ومبادئ رجالها وتأييدهم لوزارة أرشد وتمهيد الطريق لمجيئها، ولو جاز لنا أن نتجاهل الاهداف البعيدة التي يرمون إليها، أي جمع مجلس يصدق على المشاريع المبيتة فإننا مع ذلك لا نستطيع أن نصدق مدعياتها حول الحريات الدستورية وحول حيادها وانتقاليتها وحول انتخاباتها الحرة، فلدينا مقاييس للحريات الدستورية نستطيع أن نمتحن بها صدق هذه المدعيات سيما وقد مر على تسلمها الحكم عشرون يوما، فهل ألغت القرارات الكيفية التي اتخذتها وزارة العمري بحق الصحف الحرة وبحق عصبة مكافحة الصهيونية وبحق نقابة عمال البرق والبريد؟ وهل اعترفت بحزبنا، حزب التحرر الوطني، الحزب الذي تؤيده الجماهير العراقية وتتبنى شعاراته؟ وهل أعادت النقابات المعطلة للعمال؟ وهل أعفت الأحرار من ملاحقات الشرطة السرية لهم؟ وهل ألغت الدعاوى التي أقامتها وزارة العمري ضد المئات من أحرار القطر وعماله؟ وهل أوقفت التدخل الاستعماري في شؤون دولتنا وطهرت البلاد من الشبكة الجاسوسية الاستعمارية؟ وهل عاقبت الذين اعتدوا على حرية الناس وأرواحهم؟ وهل فسحت المجال للتنظيم النقابي وسمحت للأحزاب بتأسيس فروع لها في الألوية؟ وهل أبدت رأيها بصراحة حول جلاء الجيوش البريطانية وإقصاء التدخل الاستعماري في شؤون الدولة العراقية؟
إذا لم تكن هذه الأمور هي المقياس الحقيقي للحريات الدستورية فأي حريات إذن تريد منا وزارة السعيد أن ننتظرها؟ وكيف تريد أن نصدق بإجراء انتخابات حرة وأهم مستلزماتها مفقودة؟
اننا لعلى يقين من بطلان دعوى الحريات الدستورية، وعلى يقين من أن الانتخابات المقبلة سوف لا تكون إلا انتخابات صورية لا أثر للحرية فيها في ظل هذه الظروف؟ وكيف يمكن أن تجري انتخابات حرة والمشرف عليها هو الجهاز الذي أشرف على جميع الانتخابات السابقة الصورية دون أن يكون للمنظمات الشعبية حق الاشراف على الانتخابات؟ ودون أن تكون لها وسائل الدعاية ودون أن يسمح لها بتأليف الأحزاب والفروع؟
وكيف يمكن أن تجري انتخابات حرة تحت اشراف الجهاز الحكومي الذي استخدمته وزارة العمري في ارهابها ضد الشعب وضد منظماته؟ وكيف يمكن أن تكون الانتخابات حرة وقد صدرت ص13 الأوامر والتعليمات الى المتصرفين (المحافظين/الناشر) ومرؤوسيهم وأفهموا بإتباع الخطط في تجنيد الناخبين وحملهم على انتخاب مؤيدي الحكومة؟
اننا لا يمكن أن نصدق بهذه الانتخابات الحرة إلا إذا كنا قد فقدنا عقولنا وكنا قد تعامينا عن الحق، وهذا ما لا نفعله ولا نرتضيه لا لأنفسنا ولا لأية منظمة ديمقراطية.
ونحن إذ نحكم الان على صورية الانتخابات المقبلة انما نفعل ذلك مدفوعين بالمصلحة الوطنية دون المصلحة الحزبية، وعلى أساس الشواهد الملموسة حاليا، وعلى الاستنتاجات المنطقية.
فنحن إذن ننبه مواطنينا الى خطر الأخذ بزعم انتخابات حرة، والى خطر الاشتراك في مثل هذه الانتخابات التي يراد بها الاتيان بمجلس وبوزارة مكلفة بتبرير بقاء النفوذ والامتيازات الاجنبية، بقاء الجيش الاجنبي والتدخل الاستعماري في بلادنا، بقاء السيطرة والاحتكارات الاستعمارية على موارد قطرنا، مكلفة بالتصديق على المشاريع والخطط الاستعمارية التي يراد اعطاؤها الصفة الشرعية.
اننا أمام وضع تاريخي دقيق بالنسبة لحركتنا الوطنية، تمتحن فيه الطبقات ومنظماتها، فالقبول بالاشتراك في هذه "الانتخابات الحرة" معناه السير نحو المهادنة مع المستعمر، فنحن نؤكد لكم ان الطبقة العاملة وجميع الكادحين والمثقفين الشعبيين وجميع الشرفاء من أبناء شعبنا لن يرتضوا المهادنة مع المستعمر، ونحن نؤكد لكم أن حزبنا الذي يعبر عن شعور ومصالح هذه الطبقات لن يرضى دخول هذه الانتخابات، لن يرضى أن يكون جسرا يمر من فوقه المستعمر نحو تحقيق أهدافه الاستعمارية.
اننا أضفينا على هذه الكيفية الموجزة صورة صادقة لطبيعة هذه الوزارة (المقصود وزارة نوري السعيد التاسعة/ الناشر مدمر علي الشبيبي) وللأهداف والخطط التي سيؤدي وجودها الى تحقيقها وبينا بشكل جازم بطلان تحقيق الحريات الدستورية في ظل حكمها وبطلان مزاعم الانتخابات الحرة وقد لا نكون وحدنا الذين نقف هذا الموقف ونبدي وجهة النظر هذه ولكن علينا وعلى كل منظمة شعبية لا تريد المهادنة مع المستعمر والتفريط بحقوق الشعب ان تبدي موقفها الصريح من الوضع الناتج عن وجود هذه الوزارة وأن تبدي استعدادها للعمل وتعمل فعلا ولو كلفها ذلك تضحيات من أجل انقاذ الموقف بالعمل لإتيان وزارة ديمقراطية تطمئن اليها جماهير شعبنا ومنظماته الديمقراطية.
اننا ندعو المنظمات الوطنية جميعها، تلك التي تأخذ بوجهة نظرنا هذه وتلك التي لها نفس الاهداف الوطنية الرئيسية التي تدين بها الى الاتحاد في جبهة وطنية موحدة على أساس ميثاق الجبهة الذي عرضناه على المنظمات الوطنية وإليكم نصه...

محمد علي الشبيبي
السويد/ لوند في 16/02/2025
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي/الجزء الأول، ص 313.
[2]- نفس المصدر أعلاه ص 313.
[3]- في كراس لكتابات الشهيد حسين الشبيبي طبعه الحزب الشيوعي العراقي في سبعينات القرن الماضي وضع الخطاب تحت عنوان (موقف حزب التحرر الوطني ودعوته للجبهة الوطنية في ظل وزارة أرشد العمري والانتخابات) والصحيح كما هو مثبت أعلاه أي في ظل وزارة نوري السعيد ووعوده بانتخابات حيادية. فالخطاب جاء بعد ثلاثة أسابيع من تشكيل وزارة نوري السعيد التاسعة (21/11/1946- 11/03/1947).



#محمد_علي_الشبيبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتقال الأخير ومحاكمات الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صار ...
- الاعتقال الأخير ومحاكمات الشهيد حسين الشيخ محمد الشبيبي (صار ...
- انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! الحلقة الثالثة
- انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! (الحلقة الثانية)
- انقلاب 8 شباط 1963 الدامي! (الحلقة الأولى)
- رحيل الروائي والقاص عبد الرحمن مجيد الربيعي
- يوم المعلم
- مقدمة (كشكول سجين)
- المخبر السري!؟
- على القبر في يوم الشهيد الشيوعي
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ قلوب تحترق!
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ الحلقة الثالثة
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي/ الحلقة الثانية
- انقلاب 8 شباط 1963 الدموي
- الصدر وحكومة الأغلبية!؟
- تساميت أيار
- الشهيد الخالد حسين الشيخ محمد الشبيبي ثائراً وشاعراً
- الفلسفة المادية والتطوّر الاجتماعي (كيف يسير التطور وماذا تح ...
- 14 شباط يوم الشهيد الشيوعي يوم شهداء الشعب!
- التغيير والدولة العميقة‪!‬


المزيد.....




- ترامب: الحرب العالمية الثالثة ليست بعيدة لكني سأمنعها لأنني ...
- السيناتور تيد كروز يدعو زيلينسكي لوقف -الهجمات- على ترامب
- ميلوني تكشف عن حالة البابا الصحية بعد زيارتها له
- -حماس- تنعي ثلاثة فلسطينيين قتلوا خلال اشتباك مع الجيش الإسر ...
- القبض على مثيري النزاع العشائري في البصرة
- سيناتور أمريكي: ترامب يستطيع إنهاء النزاع في أوكرانيا في الن ...
- بالفيديو.. سقوط نائب حاكم ولاية ميسيسيبي على الأرض داخل القا ...
- ترامب يدعو إلى منع الحرب النووية ويعتزم الحديث مع روسيا والص ...
- البنتاغون يعتزم تقليص نفقاته بنسبة 8% في العام المقبل
- ترامب يعرب عن رغبته في -إضافة عامين آخرين- إلى فترته الرئاسي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد علي الشبيبي - خطاب الشهيد حسين الشبيبي في قاعة الفارابي يوم 10/12/1946