|
رشيد غويلب والتجمع المدني الوطني العراقي
قاسم علي فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 19:43
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
نشر الأستاذ الفاضل رشيد غويلب على صفحته الشخصية مقالا مقتضبا-تبريريا- حول ما دار من لغط بشأن حضور سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي السيد رائد فهمي لاحتفالية تأسيس "التجمع المدني الوطني" بقيادة رئيس وزراء العراق السابق اياد علاوي، وطلب الأستاذ رشيد من القراء للمنشور ان يكون هناك حوار بناء لمناقشة قضية مثل هذه، ونحن نريد ان نشارك في هذا الحوار، لكن بدون كلمات "احسنت، عاشت ايدك، سلمت اناملك".
في البدء يجب ان يفهم القارئ قضية "التجمع المدني الوطني العراقي"، هو تجمع سياسي يقوده اياد علاوي وصالح المطلك وعدنان الدنبوس، وهم من اقطاب العملية السياسية الحالية، اياد علاوي بعثي "علماني"، صالح المطلك بعثي إسلامي، عدنان الدنبوس اقطاعي عشائري، هؤلاء أعلنوا عن تأسيس هذا التجمع، الذي يهدف كما يقولون للتغيير والإصلاح ضمن قوانين العملية السياسية ذاتها، لتأسيس "دولة المواطنة"!!!
دعا التجمع في حفل تأسيسه شخصيات سياسية واكاديمية وبرلمانية ومستقلة، كان من ضمن المدعوين السيد رائد فهمي، الى هنا القضية طبيعية جدا. اذن لماذا اللغط والكلام الكثير؟
في كلمة اياد علاوي بهذه المناسبة قال "انا بعثي، ولي الشرف ان أنتمي للبعث، لقد قاومنا الشيوعيين وغيرهم". هنا استشاط بعض الشيوعيين غضبا، وامتلأت صفحاتهم بالنقد للسيد رائد فهمي لحضوره هذا التجمع. وهذا من حقهم، فمناسبة الثامن من شباط لم يمض عليها غير بضعة أيام، ومناسبة "يوم الشهيد الشيوعي" لم يمض عليها غير يوم واحد، وهؤلاء "الشيوعيين" قد احتفلوا بالشوارع لإحياء هذا اليوم، وقد زاروا قبور قادة الصف الأول من الحزب، ثم ليأتي بعثي مثل اياد علاوي مشترك باحداث الثامن من شباط ليتفاخر بالقول انه "قاوم الشيوعيين"، ومعروف ان كلمة "قاوم" في قاموس البعث تعني "قتل، عذب، نفى".
لنعود الان للأستاذ رشيد غويلب ماذا يقول عن هذه الاحداث "الشيوعية-البعثية"، لكن قبل ذلك لنتذكر ان السيد رائد فهمي كان قد زار اياد علاوي قبل ثلاثة أيام من اعلان التجمع هذا، وهذا اللقاء يعطي ألف علامة استفهام ويمكن ان يرسل إشارة الى ان الحزب يريد ان يتحالف مع تلك القوى.
يقول الأستاذ رشيد في منشوره المقتضب ما نصه:
"لقد جدد التوضيح رغبة في إبداء الرأي بمسار السيد إياد علاوي، باعتباره، الى جانب قريبه الراحل احمد الجلبي نموذجين لشخصيات علمانية برؤى مختلفة، كان يمكن لهما ان يلعبا دورا أفضل وأكثر فائدة في العمل للوصول الى نموذج علماني، بمقاسات سلطة الاحتلال، ولكنهما فشلا لسقوطهما في فخ الاستقطاب الطائفي السائد، احمد الجلبي تورط في فكرة البيت الشيعي، ورحل تاركا مساحة للشك في سبب وفاته. وعلاوي قاد تحالفا طائفيا سنيا، استند الى القاعدة الاجتماعية لنظام البعث، ربما اراد ان يوظف فكرة النقيض النوعي. لقد نجح في التفوق على منافسيه بمقعديين نيابيين لا أكثر، ولكن التوافق الامريكي – الايراني، وتسيس القضاء، وخضوعه لقرار اصدقائه التاريخيين في واشنطن، جعله يذعن ويفضل التراجع. ومنذ عام 2009، والخط البياني لتأثيره السياسي، في انحدار. ومنذ ذلك الحين تحول الى ورقة سياسية محروقة. وظل يحاول الاستمرار على ما يعتقده ماضيا مجيدا. ولهذا عاد للحديث في حوار للعربية عن صداقته لصدام، وان الاخير كان شهما وجريئا. ولكنه تناسى الفرق الكبير بين شجاعة المناضل، وجرأة البلطجي التي جسدها صدام، فتسبب بخراب العراق، وفي تهيئة الظروف لنشوء دولة المحاصصة والفساد الفاشلة".
الى الان لم نعرف ما هي معايير علمانية اياد علاوي واحمد الجلبي، هل سنوا قوانين وتشريعات فصل الدين عن الدولة؟ هل طالبوا بفصل الدين عن التربية والتعليم؟ المشكلة ليست بعلمانية هؤلاء، المشكلة بمن يفهم انهم علمانيين. اياد علاوي حكم ستة اشهر فقط، اتسمت مرحلته بالحرب على مقتدى الصدر وتياره، ومعروف ان الذي دفع الى تلك الحرب هما قطبا الصراع في العراق أمريكا وايران، فالرجل-اياد علاوي- ليست لديه اية توجهات علمانية، هذه رؤى سهلة وعامية تفتقد للبحث والاستقصاء؛ وحتى الجلبي، رجل لا يهمه سوى أمواله التي في البنوك، وهو كان مطلوبا لعدة دول بقضايا اختلاس ونصب، ولا نعرف كيف تم تشخيصه على انه علماني؛ الأستاذ رشيد يعرف هذه الحقيقة اذ يقول " لسقوطهما في فخ الاستقطاب الطائفي السائد"، فعن اية علمانية نتحدث، انها العلمانية التي يراها فقط الحزب الشيوعي العراقي.
يقول الأستاذ رشيد:
"بالمناسبة يمكن الحديث عما هو معروف في تجربة السيد إياد علاوي في حزب البعث، والحرس القومي، وممارسته تعذيب المواطنين بعد انقلاب 8 شباط، لكن هذا التاريخ أصبح معروفا، وأهميته السياسية الراهنة محدودة".
هذه الكلمات مؤلمة لمن عاش تلك الحقبة المظلمة والقبيحة، لمن عاش في دهاليز قصر النهاية، لمن رأى العذابات وسمع انين المتألمين؛ انها حتى ليست براغماتية أمريكية؛ "أهميته السياسية الراهنة محدودة"، يا للهول، انها كلمات قاسية عزيزنا الأستاذ رشيد، "المهم حظ السيد اياد علاوي بالانتخابات القادمة"، هل صحيح ذلك؟ أهذا معقول؟
تصور ان السيد رائد فهمي جالس يستمع لكلمة "العلماني" اياد علاوي، وكله امل بأن يكون هذا التجمع الجديد أداة للتغيير والإصلاح، واياد علاوي البعثي بلا خجل او حياء يقول "لقد قاومنا الشيوعيين"، ترى ما هي العلامات التي ارتسمت على السيد رائد فهمي وبعض من القيادات الشيوعية؟
عندما يلتقيك شاب-ة ذو ميول يسارية، يبادرك بالسؤال "أنتم ليش تحالفتوا ويه مقتدى الصدر" او "أنتم ليش تحالفتوا ويه اياد علاوي"؟ وتبدأ تشرح له-ا، انكم تتكلمون عن الحزب الشيوعي العراقي، نحن نختلف عنهم، ذلك تيار وهذا تيار آخر، وتبدأ بالشرح والتفسير؛ صار الانتماء او القول إنك شيوعي متعبا جدا، يجب ان يحسد المرء الليبرالي او الديموقراطي الغربي او الديني "المتحرر"، فهؤلاء لا يعانون مثلما يعاني من يكون شيوعيا في زمن الحضارة الترامبوية، الأفضل الانتماء "لليسار الالكتروني" فهو أكثر راحة من ميدان محبط، او ينكفأ، ينطوي على نفسه مثلما فعل الكثير من قادة الأحزاب الشيوعية، الذين اصابهم اليأس والإحباط، فهجروا كل شيوعية وماركسية.
نتمنى ان نكون قد نفذنا ما يطلبه الأستاذ رشيد غويلب في ختام منشوره الذي يقول فيه " رائع جدا الالتزام بقواعد الحوار البناء". نتمنى أننا لم نخرج عن ادب النقاش.
#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلوى زكو والخجل من المصارحة - عن انقلاب الثامن من شباط
-
مثقفو السلطة والطائفة.... مؤيد ال صوينت نموذجا
-
مجرد ذكريات
-
النقابات العمالية و(الأوبلوموفية)
-
(المرأة والحرب)
-
بين جوليان أسانج واليكسي نافالني
-
دروس في الاخلاق الليبرالية.. مقتل طفلين
-
تساؤلات حول بعثة وفد المثقفين الى تونس
-
حول ذكرى التاسع من نيسان
-
عشرون عاما من البؤس - قطار الديموقراطية الأمريكي
-
ستون عاما من الاجرام الثامن من شباط وقطار الليبرالية الامريك
...
-
التمايز في اللغة او رسم الحدود بين المذكر والمؤنث
-
(الڨيروس الليبرالي)
-
(حق الشعوب الجيدة التنظيم في الحرب)
-
عبد اللطيف الراوي و (الفكر الاشتراكي في الادب العراقي)
-
مخاطر ازمة.... ومخاطر حرب
-
بصدد مؤتمر (الفلسفة والعيش المشترك) بحث قاسم جمعة نموذجا
-
الثامن من شباط و (الحقد الأسود)
-
توني بلير وانحطاط المثقفين
-
هل صحيح ان العنوان خاطئ؟ خواطر مستاء
المزيد.....
-
-مسحوا ذكرياتنا-.. شاهد الجيش الإسرائيلي يهدم منازلاً في مخي
...
-
الجيش الكويتي يعلن مقتل اثنين من عناصره خلال تمرين ليلي للرم
...
-
الدفاع المدني اللبناني: انتشال جثامين وأشلاء 11 قتيلا جراء ا
...
-
السيسي في مدريد لحشد الدعم لإعمار غزة
-
بن غفير يدعو لحرب شاملة على غزة
-
واشنطن: مناورات مروحية صينية هددت سلامة طائرة فلبينية قرب جز
...
-
نتنياهو يضع شروطا جديدة لمفاوضات المرحلة الثانية
-
المغرب يعلن إحباط -مخطط إرهابي بالغ الخطورة-
-
عون لمستشار الأمن القومي الأمريكي: ضرورة إنهاء الاحتلال الإس
...
-
هل ينهي مقترح مصر لإعمار غزة خطط ترامب؟
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|