أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - متاهة التوافق المدمر: تركيا، إسرائيل والرقص الدقيق للشرق الأوسط














المزيد.....


متاهة التوافق المدمر: تركيا، إسرائيل والرقص الدقيق للشرق الأوسط


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 18:49
المحور: القضية الكردية
    


في هذه المغامرة السياسية التركية المليئة بالإيحاءات، يمكن قراءة الانتقاد الصارخ الذي أطلقه أردوغان على المسرح كمحاولة لكبح مزاعم التواطؤ في السياسة الداخلية، وكتعريف للقلق العميق والخوف الذي ينتابه. هذا الخطاب، الذي يشبه قناعًا ذا وجهين، يعكس رغبة تركيا في تحديد موقعها في الشرق الأوسط حيث تتغير موازين القوى باستمرار، وفي الوقت نفسه يعبر عن حذرها.

على الرغم من أن أردوغان، من خلال خطابه الحاد والمتحدي تجاه إسرائيل، يبدو وكأنه يقوم بخطوة قد تدفع خصمه إلى الزاوية، إلا أنه لم يتمكن بعد من إظهار قوة كافية لزعزعة صبر وهدوء إسرائيل. في جوهر هذا الأمر، تكمن التبعية العميقة لأردوغان لأمريكا؛ هذا النهج الذي لا يتحمل هشاشة الإشارات الأمريكية، يشير إلى تقدمه المتوافق تمامًا مع السياسات الأمريكية على الرغم من تحركاته الخطابية. من ناحية أخرى، فإن دعمه لقضية فلسطين، ورغبته في قيادة العالم الإسلامي، تزينها جمالية رمزية لحمل العلم، في حين أن البحث عن قطيعة حادة مع إسرائيل في التجارة والتدفقات الاقتصادية والإمكانيات الاستراتيجية، يخلق في النهاية مجالًا للتوتر الشديد.

تصريحات نتنياهو التي تشير إلى عمليات إعادة تصميم القوة في المنطقة، تؤكد أن التاريخ الجديد سيُكتب، وأن الموازين وكتل القوة ستُعاد رسمها بشكل مثير، بينما يمكن رؤية آثار القلق الخفي لدى أردوغان في هذه الانتقادات، وقلقه من عدم اليقين المستقبلي. تظهر قضية لبنان كواحد من أكثر الأمثلة إثارة لهذه المخاوف؛ مثل ذكرى قادمة من أعماق التاريخ، في عام 1958 تم تقديم أول عرض لإرسال قوات بناءً على طلب أمريكا، بينما تجلب الخطابات المماثلة اليوم احتمال إرسال تركيا لقوات مرة أخرى. إذا تم طرح مشروع للقضاء على حزب الله، فإن طلب وجود الجنود الأتراك في تلك الجغرافيا، سيتسبب في إعادة النظر في الاستراتيجية الإقليمية وموازين القوى.

يفتح الستار على مشهد آخر، حيث يقوم بهاجيلي وبعض الشخصيات الأخرى، خاصة في سياساتهم تجاه إيران والعراق وسوريا وتركيا، بخطوة خطيرة في الساحة الاستراتيجية من خلال لعب "ورقة الكورد". هذا يعمق شعور أردوغان بعدم الأمان؛ وما يختبئ وراء ستار الضباب الاستخباراتي، وما هي المعلومات التي أثارت هذه الانتقادات، لا يزال موضوع نقاش، لكن كل شيء لا يتجاوز مستوى التكهنات. في المنطقة، النتائج التي تسعى إسرائيل لتحقيقها على الجبهة اللبنانية، قد تجلب معها احتمال إثارة الفتنة والفوضى مرة أخرى في سوريا؛ على الرغم من القوة العدوانية لإسرائيل، إلا أن تدخل إيران ولبنان قد زعزع، ولو بشكل طفيف، تلك الصورة "التي لا تقهر".

وسط كل هذه الديناميكيات المعقدة، كانت السياسة الخارجية التي تبنتها تركيا ونفذتها خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، في تعاون مستمر مع مهمة تأمين إسرائيل وحماية مصالح أمريكا في المنطقة. منذ عام 2002، تم عرض زعيم الحزب في البيت الأبيض، وتم تقديم عروض شراكة في صراعات مثل أفغانستان والعراق؛ في مناقشات البرلمان، تم التعبير عن وعود بأن تركيا ستكون اللاعب الأول في الاحتلال إذا تم تمرير المذكرة، كل ذلك كجزء من الموقف الاستراتيجي لتركيا الذي أخذ مكانه على مسرح التاريخ. هذه السياسات، بينما تخدم مصالح إسرائيل في المنطقة، تكشف أيضًا أن تركيا جزء من مواجهة طويلة الأمد.

في السويد، في الاجتماعات التي ضمت مستشارين رفيعي المستوى من الساحة الدولية، تم طرح رأي مفاده أن "أكبر عدو لنا هو سوريا"، مما يشبه سيناريو داخلي مثير للصدمة؛ سوريا، التي تكاد تنهار على ركبتيها دون حتى حفرة نار واحدة، يتم التعبير عنها باستعارة "القدر الذي يحترق من الداخل"، بينما تكشف الاستراتيجيات السياسية الكامنة وراء هذا الوضع صورة تواصل دفع ثمن السياسات التي يتبعها حزب العدالة والتنمية.

كل هذه المناقشات يتم متابعتها وتقييمها عن كثب من قبل النقاد والمراقبين في أنقرة. لكن السؤال الأساسي هو: ماذا تفعل تركيا في مواجهة التهديد الذي تمثله إسرائيل؟ باختصار، تلك الخطابات الشاقة والمتناقضة تتوافق مع الصمت في التطبيق؛ بينما يغذي الخطاب جو عدم الأمان والتكهنات في السياسة الداخلية، فإن غياب الخطوات الاستراتيجية الحقيقية يثير تساؤلات حول صدق هذا الخطاب.

في النهاية، يحتوي خطاب أردوغان على كل من قناع السياسة الداخلية والمناورات المعقدة للسياسة الخارجية. تركيا، لا يمكنها أن تكون قوة تتحدى خصومها بشكل كامل، ولا يمكنها أن تصبح مدافعة بشكل كامل. عندما يجتمع التأثير القوي لأمريكا في المنطقة مع القوة التي لا تقهر، بل والمخيفة أحيانًا، لإسرائيل، تشير المعضلات التي تواجهها تركيا إلى مدى هشاشة التوازنات في المنطقة. على الرغم من أن التاريخ يذكرنا بسيناريوهات تضيع في مياه النهر الجارية، إلا أن هذا السيناريو يكشف مرة أخرى عن البنية غير المتوقعة والمعقدة للشرق الأوسط اليوم؛ ويظل الدور الذي ستلعبه تركيا في المستقبل مخفيًا في أعماق المتاهة التي تخلقها كل هذه القوى المتعارضة.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد، القضية والوجود: بين حلم الدولة وواقع القمع
- الكورد والجغرافيا السياسية: لعبة الشطرنج بين أنقرة وطهران
- في مجاهل العقل وانحناءات التاريخ
- ملحمة الصمود الكردي: فلسفة النضال بين مطرقة القمع وسندان اله ...
- أنشودة التغيير في سماوات سوريا المتأرجحة
- من اللامركزية إلى وحدة الوجود: درس من دروب السياسة والحقوق
- كردستان حلم مؤجل
- الاتحاد بين الرياح: تأمل في دروب المعارضة السورية والكورد
- حصون التخلف: رحلة إلى فهم الثقافات المغلقة وفتح الأفق نحو ال ...
- الكورد بين لهيب التاريخ ونور الحرية: ملحمة إرادة لا تنكسر
- بناء الذات الثورية: فلسفة الانعتاق وصياغة المصير
- كوباني ذاكرة الصمود الكردي ورمز سوريا الجديدة
- الكورد في سوريا: جدلية الهوية والسلطة في متاهة التاريخ


المزيد.....




- محافظ طولكرم: الكتَّاب سيوثقون حجم مآسي النازحين جراء العدوا ...
- الهجوم على سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ يفاقم مشاعر العداء ت ...
- مراسل العالم يكشف تفاصيل تسليم جثامين الأسرى الفلسطينيين وال ...
- الصليب الأحمر يجدد دعوته لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل -سر ...
- الجزائر: وحدات الجيش تعلن إحباط تهريب مخدرات وتوقيف مهاجرين ...
- إنفوجراف | أحكام الإعدام في مصر لشهر يناير 2025
- رئيس الأونروا يحذر من انهيار عملياتها بسبب القوانين الإسرائي ...
- الأمم المتحدة تطلق خطة لجمع 370.9 مليون دولار لدعم عودة اللا ...
- إسرائيل تنهي علاقات العمل مع الأونروا
- للمرة الثانية.. اعتقال إسرائيليين حاولوا العبور إلى لبنان


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - متاهة التوافق المدمر: تركيا، إسرائيل والرقص الدقيق للشرق الأوسط