أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - بالإرادة الصلبة المتماسكة تُفشل مخططات التهجير ويدحر الاحتلال















المزيد.....


بالإرادة الصلبة المتماسكة تُفشل مخططات التهجير ويدحر الاحتلال


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8255 - 2025 / 2 / 16 - 13:46
المحور: القضية الفلسطينية
    



لم تتخلف الامبريالية الأميركية عن دعم ومساندة المساعي التوسعية للحركة الصهيونية وحروبها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، والدول المجاورة، لكن بقدر من الهدوء وبصمت. لكن الولايات المتحدة أسفرت بجلاء بعد 7 أكتوبر 2023، عن التمادي المطلق مع الحرب الإسرائيلية الهمجية ضد المدنيين الفلسطينيين. أشهر بايدن التحريض على حرب الإبادة ودافع عنها وامدها علانية بأدوات التدمير والقتل الجماعي، كما أمر برفض قرار مجلس الأمن بوقف القتال، متحديا بقية أعضاء المجلس. واليوم يندفع ترامب بالدعوة لتهجير الفلسطينيين من غزة تأييدا لليمين المتطرف في إسرائيل.
عراب الفاشية بالولايات المتحدة والعالم
انبرى ترامب يكمل جريمة بايدن بأسلوب غير جديد على قادة الدولة الامبريالية وموظفيها المعروف بالغطرسة والفوقية وإصدار الأوامر والخروج على اللياقة السياسية وحتى على القوانين الدولية. أبدى ترامب في مطالبه من الدول العربية ومن دول أخرى انه يمارس الدبلوماسية بالبلطجة، انعكاس لسلوكه داخل الولايات المتحدة. فقد نشرت الصحافة الأميركية انه هدد بالتصفية الجسدية كل عضو جمهوري بالكونغرس إن هو صوت لمحاسبته على التحريض بأقتحام الجمهور لمبنى الكونغرس 6 يناير2021.
القاعدة الانتخابية لترامب داخل الولايات المتحدة هي الكنيسة الأنغليكانية التي تضم سبعين مليون ناخب من المسيحيين الأصوليين، ويطلقون على أنفسهم المسيحيين الصهاينة، أو المسيحيين من أجل إسرائيل، ويطلق عليهم اسم المسيحيين الفاشيين نظرا لنشاط منظمات في أوساطهم تنتهك القوانين، وتمارس العنف المسلح بتشجيع ترامب وحفاوته، تتلقى المنظمات الفاشية التي تزيد على الثلاثمائة منظمة، التبرعات الجزيلة. من بين الإنجيليين الصّهاينة الذين عيّنهم دونالد ترامب "لإدارة مِلَفّ الشرق الأوسط" يتبين انه اوكل بدعم جميع مطالب إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية: السفير الأميركي لدى الكيان الصهيوني مايك هاكابي ، الذي اشتهر بإنكار وجود شعب فلسطيني، أو حتى أشخاص فلسطينيين، واقترح تهجير الفلسطينيين إلى البلدان العربية مثل مصر والسعودية؛ ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الحرب، بيت هيغسيث اللذان شاركا في العدوان على العراق وأفغانستان؛ ومايكل والتز، وزير الأمن القومي الذي يدعو إلى تدمير غزة وأهلها بالكامل؛ كذلك ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إيليز ستيفانيك التي اشتهرت بإطلاق وقيادة الحملة ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين ( أنروا) في إطار دعمها المُطلق للكيان الصهيوني؛ ووزيرة الأمن الدّاخلي كريستي نويم، التي اشتهرت بإلصاق تهمة مُعاداة السّامية بأي شخص ينتقد أي جانب من السياسات الصهيونية. وعَيّن دونالد ترامب ستيفن ويتكوف مبعوثًا خاصّا للشرق الأوسط، الداعم الكبير (ماليا وسياسيا) للكيان الصهيوني؛ كذلك نائبته "مورغان أورتاغوس" التي كانت إنجيلية مسيحية متطرفة (مثل أفراد أُسْرتها) قبل اعتناق اليهودية اعتقادًا منها إن الصهيوني الحقيقي يجب أن يُصبح يهوديّا.
اشتهر ترامب في رئاسته الأولى بقلب الحقائق رأسا على عقب، لدرجة ان استحق لقب " الجهول صاحب السلطة"؛ احتفى بالفاشيين واعتبرهم ابطالا؛ بينما ا هاجم حركة "حياة السود ذات قيمة" بانها ماركسية حديثة، وأجزل الثناء علانية على جميع من هاجم مظاهراتها دفاعا عن حق السود في الحياة.
في مقالة نشرها باول ستريت على موقع كاونتر بانش -الجمعة 14 شباط – تحت العنوان "هذه فاشية ويجب ايقافها "، نقتطف العبارات التالية، الكاشفة للجوهر الفاشي لهذا المتوعد بجهنم جديدة على غزة وداعية تهجير المواطنين الفلسطينيين:
"الفصول الثلاثة الأولى من كتابي الصادر عام 2021 بعنوان "هذا ما حدث هنا: الأميركيون، والليبراليون الجدد، وترامب أمريكا" تطرقتُ الى الجوهر الفاشي الأساسي ومضمون ترامب، والترامبية، وإدارة ترامب الأولى، ووثقت ذلك بدقة بالغة. وكان عنوان الفصل الرابع من الكتاب ’ تشريح إنكار الفاشية‘... ودعوة ترامب للجيش لإطلاق النار على أرجل المتظاهرين احتجاجا على خنق جورج فلويد تحت ركبة ضابط بوليس.... وبالطبع السادس من يناير [2021] "
يضيف باول ستريت:"من بين كل الأدلة التي جمعتها ضد هذا الإنكار، ربما كانت الحلقة الأكثر استخفافًا هي رد فعل ترامب في إدارته الأولى على مقتل مايكل رينوهل ...أفادت وكالة أسوشيتد برس أن ترامب هتف لمطاردة رينوهل، حيث غرد قبل مقتله مباشرة، داعيًا الشرطة إلى "القيام بعملك، والقيام به بسرعة"، حيث استند الى فرية زعمت ان "راينوهل أطلق النار على آرون دانييلسون، عضو جماعة باتريوت براير المسيحية الفاشية وعنصرية القومية المسيحية البيضاء، بينما كان دانييلسون يعتدي على المتظاهرين من حركة حياة السود في بورتلاند بولاية أوريغون، في 29 أغسطس/آب 2020."
أورد باول ستريت ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز بعد ستة أسابيع من القتل: "هتف الرئيس ترامب يوم الخميس لأفعال فرقة العمل الفيدرالية التي قتلت مايكل رينوهل، وهو ناشط مناهض للفاشية من بورتلاند، في محاولة لقتله. انتقاما لقتل الفاشي نصير ترامب... النقطة الرئيسية هنا هي أن ترامب أشار إلى الإعدام الفيدرالي السريع خارج نطاق القضاء لناشط مناهض للفاشية قتل فاشيًا محاربًا في الشوارع - إما جنائيًا أو مبررًا (لن تُعرف الحقيقة أبدًا) - باعتباره "انتقامًا". وبذلك، تحالف ترامب والشرطة مع البلطجة الفاشية على مستوى الشارع بطريقة مباشرة للغاية".
أضاف باول ستريت في مقاله: " لاحقًا، في ثاني أكثر علامة استخفاف بجوهره الفاشي، سافر ترامب في الليلة الأخيرة من الحملة الانتخاببة لعام 2020 لعقد تجمع كراهية في كينوشا بولاية ويسكونسن، قتل الفاشي المراهق (دون العشرين)، كايل ريتنهاوس شخصين من المتظاهرين ببندقيته خلال مظاهرات حياة السود ذات قيمة في 25 أغسطس 2020 . كان ذلك بمثابة إشارة أخرى إلى أشياء مروعة قادمة. (لاحقًا، احتفى ترامب بالقاتل الفاشي ريتنهاوس في مار إيه لاغو، وحاول تشارلي كيرك، أحد الناشطين الفاشيين في مجال التعليم تحويل القاتل المراهق إلى بطل شعبي."
يدعم ترامب المتطرفين بالداخل ويتحالف مع المتطرفين بالخارج، من امثال سموتريتش وبن غفير ونتنياهو في أسرائيل، ويستلهم مثال ديكتاتور المجر ورئيس الأرجنتين وسائر المتطرفين في أوروبا ممن عبروا بصراحة عن تأييد حرب الإبادة الجماعية. في هذا الصدد نجد ترامب وكبار موظفيه يحرجون الأنظمة الليبرالية في أوروبا، إذ يعاملونهم بفوقية وازدراء ويفرضون عليهم الشروط القاسية، رغم مساهمتهم النشطة في دعم حرب الإبادة الجماعية وإمداد إسرائيل بالمساعدات ؛ يسهل ترامب وصول المتطرفين الى الحكم في ألمانيا وفرنسا وسويسرا والنمسا وغيرها من بلدان الاتحاد الأوروبي.
الصوت والصدى
لم تحظ دولة في العالم بما حظيت به إسرائيل من رعاية حادبة متواصلة على مدى تاريخها كله. لم تتخلف الدبلوماسية الأميركية ولا اتخذت مرة موقف الحياد اثناء صدامات إسرائيل العدوانية مع الشعب الفلسطيني او أي دولة عربية بالمحيط؛ الأمر الذي يكشف عن علاقة أعمق من تحالف استراتيجي بين الدولتين. وإلا كيف نفسر وجود لوبي إسرائيلي قويّ الفاعلية في السياسات الأميركية الداخلية والدولية، خاصة في الشرق الأوسط؟ هل من دولة غير الولايات المتحدة الأميركية ينظم اللوبي الإسرائيلي داخلها دورات تدريبية لنخب من خريجي أفضل الجامعات الأميركية ويعدّهم كنواب في المجالس التشريعية وأجهزة السلطة التنفيذية؟ هكذا تنشط في الكونغرس الأميركي وبين الدولة العميقة أغلبية صهيونية تتحكم في صنع القرارات المتعلقة بالسياستين الداخلية والخارجية. يشرْعن الكونغرس قوانين تنقض القانون الأساس بصدد حرية التعبير، فيحظر انتقاد الصهيونية او سياسات دولة إسرائيل!
ضمن هذه العلاقة يفهم تصريح بلينكين، وزير خارجية الولايات المتحدة السابق، إذ قال لدى اول زيارة قام بها الى المنطقة بعد 7 أكتوبر 2023، " جئت هنا كيهودي." واليهودي صهيوني بالضرورة، وإلا يعتبر كارها لنفسه. وحين توصلت الوساطة لوقف الحرب لقرار اقترحه مدير المخابرات المركزية الأميركية، في أيار 2024، وقبلته حماس رفضه نتنياهو بتحريض بلينكين. طوال عهد إدارة بايدن كان بلينكين هو المقرر للسياسات الأميركية بالشرق الأوسط.
بامتنان للوبي الإسرائيلي أشار رؤساء الولايات المتحدة، جون كندي، ريغان، بيل كلينتون، باراك أوباما الى فضل إيباك في وصول كل منهم الى سدة الرئاسة، مع تعهد برد الجميل.
"خيار شمشون" عنوان كتاب أصدره عام 1991سيمور هيرش، صحفي الاستقصاء الأبرز، يهودي الديانة، تناول الإذعان الأميركي لقرار إسرائيل بامتلاك السلاح النووي وتصنيعه: "كانت لدي آمال عريضة بمبيعات الكتاب في أميركا، حيث أن ما كشفه حول حجم ترسانة إسرائيل النووية أصبح القصة الرئيسة في صحيفة التايمز منذ أن نزل الكتاب الى الأسواق خريف 1991. لكنه سرعان ما أصبح واضحا اننا نواجه قوة إسرائيل ونجابهها، لأن نظرة تحليلية للدور الأميركي منذ رئاسة أيزنهاور ومن جاء بعده من الرؤساء هو الإذعان وتحاشي مجابهة إسرائيل بخصوص سلاحها النووي السري...".
يفك تحليل هيرش لغز مجابهة بين شارون والسفير الأميركي بلبنان: قال السفير الأميركي بعد انكشاف مجزرة صبرا وشاتيلا "لم نعتقد انه كان يجب عليهم الدخول الى هناك الى بيروت الغربية"؛ فرد عليه شارون بجفاء: "سواء لم تعتقدوا او اعتقدتم فعندما يتعلق الأمر بالأمن لم نسأل من قبل ولن نسأل من بعد. عندما يتعلق الأمر بوجودنا وامننا مسئوليتنا، ولن نعطي أي أحد الحق في اتخاذ القرار عنا". اتهم شارون السفير الأميركي ب "الصفاقة" لأنه عارضه. ورد هذا في تحقيقات لجنة كاهانا بمجزرة صبرا وشاتيلا.
إزاء هذه الوقائع يحق التساؤل: من هو الصوت ومن هو الصدى؟! من الذي تجاسر اولا على انتهاك اتفاقيات جنيف بصدد أمن المدنيين أثناء الحرب باعتبار ذلك جريمة حرب. وفي السطور التالية يتجلى إدمان جرائم الحرب بما يلقي الضوء الكاشف لحقيقة العلاقة بين الدولتين:
يكتب هيرش في "مذكرات صحفي استقصاء"(ص،218): " علمت، وانا أعد تحقيقي الصحفي عن مذبحة ماي لاي ـ أواخر 1969بأن قتل المدنيين (الفييتناميين) الغاشم قد بدأ في وقت مبكر، بالضبط خلال أيام من وصول قوات مشاة البحرية الأميركية لشواطئ دانانغ ، مارس 1965. آنذاك حدثت مذابح جماعية لم يخبر عنها في حينه. "إن نشر قصة من موقع الحدث عن قتل المدنيين غير المبرر أواسط عام 1965 نُظِر إليه وكأنه إشارة لعدم الإخلاص للبلد، وتجاهلته بشكل مباشر العديد من الصحف الكبرى".
ما دوّنه هيرش في استقصاءاته حول جرائم الامبريالية الأميركية في فييتنام يتماهى مع جرائم الحرب الإسرائيلية 1947-1949، وفي الحروب التالية. فرضت نفسها مهنة صحفي الاستقصاء لكشف ما تتستر عليه الميديا الرئيسة، تستعصي على الإغراء أو الترهيب، تخترق الحواجز المانعة وتكشف ما يحرص المسئولون على إخفائه. في هذا الصدد كتب سيمورهيرش:
"الضابط الوحيد الذي حوكم عسكريا [بسبب مذبحة ماي لاي] وحكم عليه وفق قرار محلفين من أقرانه وقضى وقتا خلف القضبان هو الملازم وليم كالي. حكم على كالي بالسجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة لقتله عمدا 22 مواطنا مدنيا من الفيتناميين. صدر الحكم في يوليو/ تموز 1971. امر الرئيس نيكسون بنقله في اليوم التالي من السجن العسكري في لفننوت بولاية كانزاس الى الإقامة الجبرية في قاعدة بننغ. أطلق سراحه في فبراير1974 من الإقامة الإجبارية خلال النظر في استئناف الحكم. قررت محكمة الاستئناف تثبيت الحكم، فأعيد كالي الى السجن العسكري ذاته بتاريخ 13 يوليو1974، وأطلق سراحه بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول1974، بموجب أمر العفو الصادر من الرئيس نيكسون. هكذا أمضي كالي خلف القضبان ثلاثة أشهر و13 يوما فقط جزاء قتل 22 مدنيا بدم بارد. [هامش 233]. لقد فشل نظام العدالة العسكرية، لأن عددا من الجنرالات الذين أصابتهم شرور الفضيحة استمروا في الخدمة واستمرت حرب فييتنام بعنفها الذي استهدف المدنيين. استمر إحصاء اعداد القتلى من الجانبين كمؤشر على نجاحها ".
كذلك في إسرائيل، أورد بابه على صفحة220 من كتابه "التطهير العرقي في فلسطين": "شموئيل لاهيس أعدم خمسة وثلاثين شخصا؛ أحيل الى المحاكمة، وأصبح لاحقا المدير العام للوكالة. القائد العسكري دوف برمياهو، الذي شارك في التطهير العرقي ما بين أيار ويوليو 1948، كان واحدا من الذين راعهم ما أدركوه لاحقا من عمليات أدت الى التطهير. شرع في الاحتجاج بشدة على الأعمال الوحشية التي كان يشاهدها او يسمع عنها؛ كان هو من قدّم لاهيس الى المحاكمة، وحكم على لاهيس بالسجن سبعة أعوام؛ لكن رئيس الدولة عفا عنه على الفور تقريبا وأعتقه، وارتقى لاحقا الى مناصب عليا في الحكومة". أخضعت مراكز الاعتقال (لفلسطينيين أثناء الحرب وبعدها) لحراسة جماعة الأرغون وشتيرن(بقيادة الفاشيين بيغن وأتباعه). كانوا لا يتورعون عن أعمال القتل لأتفه الأسباب."... أدين ضابط سابق في الهاغاناه يدعى بيسكا شدمي يقتل سجينين فلسطينيين، بقي بالجيش لتوكل اليه مهمة إرهابية في كفر قاسم عام1956، حيث أمر بقتل تسعة وأربعين من سكانها، وأدين بدفع قرش غرامة!!.... تكشفت جرائمه عن سمتين ما زالتا موجودتين حتى الآن: من يدانون بارتكاب جرائم ضد العرب من الأرجح ان يستمروا في شغل مناصب ذات تأثير كبير في حياة الفلسطينيين؛ والثانية ان لا يحاكمون على جرائمهم... كتب ضابط في الجيش أقلقه ما شاهده في معسكرات الاعتقال، ‘ان السلوك البربري الوحشي الذي تكشف عنه هذه الحالات ‘يقوض الانضباط العسكري’."[230]. يشغله فقط الغيرة على الانضباط العسكري وليس قتل المدنيين الفلسطينيين! تطرق بابه الى حالات الاغتصاب في القرى والمدن المحتلة، وكتب: "كان بن غوريون يسمع ويكتفي بتسجيلها، نشرت صحيفة هآرتس في 29 تشرين اول 2003 أن اثنين وعشرين جنديا شاركوا في عملية اغتصاب بربرية لفتاة اختتمت بالقتل، وكان أقسى حكم أنزل بالمعتدين سنتا سجن لمن قتل الفتاة. سجلت الحادثة في مذكرات بن غوريون.[238]
وكتب هيرش: "من بين الشهود كان القس كارل إي كروسوَل من الكنيسة الأسقفية، عمل مع الفرقة الأميركية وقت مذبحة ماي لاي، واستقال إثر المذبحة. قال أمام هيئة التحقيق:" لقد اصبحت على قناعة ان القضية قدر تعلق الأمر بالجيش الأميركي، لا يوجد شيء حول قتل مدنيين فييتناميين. انا آسف لأن هذا الادعاء مثار للسخرية؛ ولكن هذه هي الطريقة التي يجري عليها النظام". ... التقينا في ابرشيته في مدينة إمبوريا بولاية كانزاس. أخبرني أنه نقل أواخر عام 1967 للعمل مع كتيبة مشاة كانت في طريقها الى ساحة الحرب في فييتنام على ظهر سفينة حربية. اضطرت السفينة ان تخفف من سرعتها بسبب الأمطار الغزيرة والرياح العاتية. نادى العقيد المسئول عن الرحلة القس كروسوَل وقال: ‘ابانا ، لماذا لا تطلب من صاحبك ان يفعل شيئا حول هذا الطقس؟ ضحك الضباط الذين كانوا حوله؛ تذكر القس ما قاله في حينه، ‘لا أعتقد ان الرب في عجلة ليساعدنا ان نسرع في الوصول الى فيتنام كي نقتل البشر’. أطبق الصمت على الحاضرين، وفي ذلك المساء رفعوا اسم كروسوَل من قائمة الحضور الى مائدة العقيد القائد لتناول العشاء".[247]
استثناء
في جميع هذه الجرائم وغيرها الكثير تستثني الولايات المتحدة وإسرائيل نفسيهما من الالتزام بالقانون الدولي ومعايير العلاقات الدولية السليمة. يورد سواريز في مؤلفه "إسرائيل دولة إرهاب كيف قامت إسرائيل على الإرهاب" أن بن غوريون فرض للحركة الصهيونية حق الاستثناء من معايير القانون الدولي."ما ينطبق على الدول الأخرى لا يندرج على إسرائيل". شمل تشدد بن غوريون في هذا المجال منحى الشمولية المنفتحة على الديكتاتورية والفاشية، حين أمر "بطرد كل أعضاء الوكالة اليهودية ممن كانت لهم آراء مخالفة، لاسيما أي شخص صوت لمصلحة هاشومير هتصعير الاشتراكي واعترافه بالحقوق الوطنية للفلسطينيين". [سواريز95] شغل بن غوريون منصب سكرتير عام منظمة الهستدروت، وأقر مبدأ ان "تشغيل عمال عرب في مشاريع يهودية بمثابة خيانة".
حصل الاندماج العضوي بين الحركة الصهيونية والامبريالية الأميركية في مؤتمر بالتيمور بنيويورك عام 1942. جاء المؤتمر نقطة تحول في مساعي الصهيونية: أشهر مشروع إقامة دولة تشمل جميع فلسطين؛ حصر الرابطة الامبريالية بالولايات المتحدة؛ تحول طبيعي في ظروف نمو أعداد اليهود وقدراتهم الاقتصادية داخل الولايات المتحدة ؛ أما التطور الثالث في قرارات مؤتمر بلتيمور فتجلى في طابع شمولي للحركة الصهيونية – ممثلا اوحد ليهود العالم.
حقيقة يجب ان يدركها جميع المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني والمتضامنين مع عدالة قضيته: أحد عشر عاما 1937-1947لم توقف المنظمات الإرهابية الصهيونية، إرغون ، إيتسل و الهاغاناه هجماتها الدموية القاتلة ضد العرب الفلسطيين، وذلك كي ترغمها على الدخول في صدام مسلح غير متكافئ. خلال هذه الحقبة الممتدة قتلت الميليشيات الصهيونية الفلسطينيين، فرادى ومجموعات. بقي الإرهابيون يبدون علامات القلق، إذ فسروا "غياب القلاقل الفلسطينية يعني تحكم الزعماء العرب بالجماهير".. [سواريز263]. أخيرا نجحت الميليشيات الصهيونية عام 1947 في استدراج أطراف فلسطينية للرد المسلح لتعلن بعد ذلك وعلى مدى عقود ثمانية لاحقة انها ضحية عدوان فلسطيني. خاضت الدولة الصهيونية جميع حروبها بلا استثناء "دفاعا عن النفس"، تساند ادعائها، وبدون تحفظ، الولايات المتحدة ودول الامبريالية الماضية في ركابها.
منذ قيام الحركة الصهيونية وقبل صدور وعد بلفور ساندت الدبلوماسية الأميركية مشروع الحركة الصهيونية في فلسطين. حتى ان الرئيس الأميركي، ويلسون، أرسل بعثة كريغ كراين لتقصي الوقائع في فلسطين. جاء تقرير اللجنة معارضا لرغبة بلفور وقوى الامبريالية المنتصرة في مؤتمر فرسايل. رفض التقرير حجة الصهاينة بقيام دولة لليهود في غابر الأزمان كمبرر لإقامة دولة إسرائيل، وحذر من أن إقامة دولة صهيونية بالمنطقة يستدعي توريط الولايات المتحدة في حروب بالمنطقة. ولهذا تم حجب التقرير ولم يقدم الى مؤتمر فرساي. ولدى حصول صحيفة نيويورك تايمز على التقرير نشرته يومي 3و4 ديسمبر 1922، وقدمت للتقرير " مما يؤسف له ان العالم لم يطلع عليه قبل ثلاث سنوات، قبل ان تتخذ الأحداث المجرى الذي اتخذته في الشرق الأوسط، ولم يعد بالإمكان تغييره."
وحدة الإرادة وصلابتها ضرورة
نخرج مما تقدم بخلاصة تؤكد ان ألولايات المتحدة وإسرائيل كيان سياسي مندمج رغم المحيطات الفاصلة، وان مخططات الامبريالية الأميركية تنطوي على مشروع إسرائيل في فلسطين والمنطقة. وحيث تضع الإدارة الأميركية ثقلها بجانب إسرائيل فإن الحفاظ على الكيانات العربية تستدعي موقف صلبا ومتماسكا بوجه الضغوط اللاحقة لتمرير التهجير وتوسيع دولة إسرائيل.
الولايات المتحدة تقود عملية تفكيك الإجماع الدولي بشأن حل القضية الفلسطينية؛ خطة ترامب قد تقطع الطريق على استمرار صفقة التبادل، وأمريكا وإسرائيل تريدان ممارسة أكبر قدر من الابتزاز لتنفيذها. في مسعى التهجير، ابعد أيام قليلة من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، أصدرت وزارة المخابرات الإسرائيلية وثيقة تقترح نقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية. وفي بيان عسكري طالب جماهير غزة بالتوجه الى سيناء، حيث عارضت مصر بحزم تهجير الفلسطينيين الى سيناء.
بعد ذلك بأسبوع، نشر مركز أبحاث إسرائيلي يُدعى معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجيا الصهيونية ورقة بحثية تقول إن "هناك في الوقت الحالي فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله بالتنسيق مع الحكومة المصرية".
ومنذ ذلك الوقت، تلاشى الى حد كبير خجل الحكومة الإسرائيلية ووسائل الإعلام الإسرائيلية في للتصريح أن التطهير العرقي هو مخطط لقطاع غزة.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون بما لا يحتمل اللبس، أن إسرائيل كانت بالفعل بصدد القيام بتطهير عرقي في غزة.
إحدى الروايات التي تحب إسرائيل والمدافعون عنها الترويج لها تزعم ان هذا التهجير الجماعي القسري سيكون بمثابة "هجرة طوعية"، وهذا هراء ومغالطة وقحة. فالهجرة تحت ضغط الجوع وتدمير البيئة كالتهجير تحت إرهاب السلاح.
هكذا نزلت تصريحات ترامب داعمة لبرنامج التطهير الإسرائيلي، ومحاولة مكشوفة لاستعمال الهراوة الغليظة الأميركية لحمل دول المنطقة على الإذعان لمشروع التهجير الجماعي من غزة. وفي العادة لا تطرح إسرائيل بنود مشروعها التوسعي دفعة واحدة؛ لهذا لم يصدر شيئ بصدد الضفة الغربية. خطة ترامب قد تقطع الطريق على استمرار صفقة التبادل، وأمريكا وإسرائيل تريدان ممارسة أكبر قدر من الابتزاز لتنفيذها، غير ان ترامب تراجع عن مطالب مماثلة امام المواقف الحازمة للمسئولين في تلك البلدان. تبين في الأسابيع القليلة الماضية ان ترامب، إذ يبني مواقفه على الصفقات والتهديد، شان العلاقة الدارجة بين الاحتكارات، يتراجع أمام المواقف الحازمة للدول دفاعا عن السيادة الوطنية. فقد استبدل تهديد المكسيك بإلغاء مؤقت للضرائب الجمركية؛ تراجع عن ضم كندا .
أعلنت رفضها لخطة ترامب دول عديدة وكذلك سكرتير عام الأمم المتحدة ووزير خارجية الفاتيكان. لكن مواجهة المشروع الامريكي لا تقتصر على الرفض الفلسطيني والعربي والدولي فقط، وانما بالإصرار على تحقيق الحل الفعلي للقضية الفلسطينية بإنهاء الاحتلال وتحرير إسرائيل وسياسات المنطقة من النفوذ الصهيوني -الامبريالي. تفرض الأوضاع الحرجة بلورة استراتيجية فلسطينية للتعامل مع ما يجري في الضفة الغربية، تعلي شأن المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، المقاومة التي بقيت مجمدة منذ اجتماع أمناء الفصائل عام 2019. صمتت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية طوال هذه الفترة الحرجة، وتخلفت عن القيام بواجبها في الدعوة الى لقاء يتمخض رعن خطة مواجهة ناجعة وفعالة. خطورة التهديدات توجب المبادرة في الحال لتدارك القصور وتفعيل جميع هيئات المقاومة الشعبية لمشروع التهجير في غزة والمتبوع حتما بالضفة.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسات سوقية تنتهجها إدارة ترامب
- ثقافة استسلمت لأسوأ غرائزها في مجتمع يعول على النسيان
- الميديا الرئيسة في عالم الرأسمال تزيف الوقائع وتحتفي بقتل ال ...
- الاستعمار الاستيطاني سينتهي في فلسطين وإسرائيل
- نظام يمارس الخداع بمهارة وعلة الدوام
- ذئاب ترامب شرعت العواء على فلسطين
- تنديد بتجار الموت – التحذير النبوئي للدكتور مارتن لوثر كينغ
- ألكابوس لن ينتهي، حتى لو توقف قصف القنابل.
- الدروب تنتهي بالوساطة الأميركية
- خطر حرب إقليمية ماثل بعد الانقلاب بسوريا
- الصهيوينة والامبريالية كيان واحد يفيض كتلة وينحسر ويزول كتلة
- تاريخ من العذابات المتواصلة
- عقم الخطاب المدني مع سلطوية المصالح والامتيازات
- في ذكرى رفعت العرير.. قلسطين خالدة في قصائد شعرائها
- ليزلي أنجيلين: نفاق حكومتنا يفطر القلب
- هل كان 7 أكتوبر شركا للإيقاع بغزة في حرب الإبادة؟
- آلية دولية للعلاقات العامة تشجع على الإبادة الجماعية
- المخابرات المركزية الأميركية مولت التنظيمات الجهادية وسلحتها ...
- ادمان اللاشرعية ..البدايات
- كيف أدمنت الصهيونية انتهاك الشرعية-7


المزيد.....




- شاهد كيف تخطى آيساب روكي مقاعد المحكمة لعناق ريانا لحظة الحك ...
- ألقى بنفسه بين ذراعيها في المحكمة.. ريانا تعبر عن سعادتها بت ...
- حزب البديل من أجل ألمانيا مهدد بغرامات ضخمة بسبب تبرعات غير ...
- زعيمة حزب المحافظين البريطاني ترد على وصف ترامب لزيلينسكي بـ ...
- من نجم على السوشيال ميديا إلى متهم بتصنيع المخدرات.. قرار قض ...
- إفريقيا قارة المستقبل
- خامنئي: نعتبر قطر دولة صديقة وشقيقة لنا رغم بعض -القضايا الم ...
- روسيا تحذر من مخاطر تفكك ليبيا وتؤكد ضرورة دعم جهود توحيد ال ...
- ترامب يقول إن زيلينسكي -ديكتاتور من دون انتخابات- وينتقد شرع ...
- لماذا ترفض إسرائيل الانسحاب الكامل من جنوب لبنان وما الأهمية ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - بالإرادة الصلبة المتماسكة تُفشل مخططات التهجير ويدحر الاحتلال